شهدت عدة مدن مغربية خلال الأيام الأخيرة موجة احتجاجات واسعة قادها شباب ما يسمى بجيل Z، جيل يعيش في فضاء رقمي مفتوح ويملك قدرة هائلة على التعبئة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ورغم حدة الشعارات المرفوعة، فإن اللافت هذه المرة كانت الرسائل المباشرة التي وجّهها المحتجون إلى رجال الأمن الوطني، حيث عبروا عن شكرهم وتقديرهم لأسلوب تعاملهم مع الوقفات. احتجاجات شبابية رقمية تعبئة سريعة عبر منصات "تيك توك" و"إنستغرام" قادت إلى خروج آلاف الشباب في الدارالبيضاء، الرباط، طنجة ومراكش، في مشهد غير مسبوق، امتزجت الهواتف المحمولة باللافتات، وتم توثيق كل لحظة بالصور والفيديوهات التي اجتاحت الفضاء الرقمي. غضب ممزوج بالاعتراف مطالب جيل Z تركزت حول تحسين التعليم، النهوض بالقطاع الصحي، وتوفير فرص عمل. لكن العديد من الشباب أكدوا في تصريحاتهم ومقاطع الفيديو التي نشروها أنهم يقدّرون الأمن الوطني على ما أسموه "التحلي بروح المسؤولية" و"ضبط النفس". وفي العاصمةالرباط، وثّقت الكاميرات لحظات تصفيق جماعي لرجال الشرطة، في رسالة واضحة بأن الاحتجاج السلمي لا يلغي الاحترام للمؤسسات. صورة جديدة في علاقة الشباب بالأمن لم يخلُ المشهد من توترات وأعمال شغب معزولة، غير أن المحتجين حرصوا على التمييز بينها وبين الوقفات السلمية. هذا الموقف عبّر عنه كثيرون بعبارة متكررة على مواقع التواصل: "نحتج على أوضاعنا، لكننا نشكر الأمن الوطني لأنه معنا وليس ضدنا". أفق جديد للحوار والإصلاح الاحتجاجات الأخيرة لم تكشف فقط عن غضب اجتماعي عارم، بل قدّمت نموذجاً جديداً في علاقة الشارع بجهاز الأمن الوطني. شباب غاضبون من الواقع، لكنهم في الوقت نفسه ممتنون لتعامل السلطات الأمنية معهم. هذه الرسائل الإيجابية تفتح الباب أمام فرصة نادرة: تحويل الشكر إلى أرضية لبناء ثقة متبادلة، وإطلاق حوار وطني صادق يقود إلى إصلاحات اجتماعية واقتصادية تُعيد الأمل لجيل كامل يبحث عن مكانه في المستقبل.