كشفت المعطيات الرسمية الصادرة اليوم الاثنين عن واقع الوضعية المائية بالمملكة، حيث بلغت نسبة الملء الإجمالية للسدود الكبرى 31.1 في المائة، بما يعادل 5212 مليون متر مكعب من المياه المخزنة. ورغم أن هذا المستوى يمنح قدرا من الاطمئنان مقارنة بفترات سابقة من الخصاص، إلا أنه يبرز أيضا تفاوتا حادا بين مختلف الأحواض المائية، خاصة بين شمال ووسط البلاد من جهة، والجنوب والشرق من جهة أخرى، حيث ما تزال الضغوط كبيرة على الموارد المائية. ويواصل حوض سبو التموقع كأكبر خزان للمياه السطحية بالمغرب، بعد أن بلغت حقينته 2231 مليون متر مكعب بنسبة ملء وصلت إلى 40.1 في المائة. وسجل سد الوحدة نسبة 41 في المائة من طاقته الاستيعابية، بينما حقق سد علال الفاسي نسبة شبه كاملة بلغت 98 في المائة، إضافة إلى نسب تراوحت بين 33 و40 في المائة بكل من سد إدريس الأول وسد سيدي الشاهد، وهو ما يؤكد الدور الاستراتيجي للحوض في تعزيز الأمن المائي الوطني. أما حوض أبي رقراق، الذي يؤمن تزويد الرباط والدار البيضاء وباقي مدن المحور الحضري الحيوي، فقد سجل أعلى نسبة ملء على المستوى الوطني ب66.1 في المائة، وبحجم مائي ناهز 716 مليون متر مكعب. واستفاد سد سيدي محمد بن عبد الله بشكل ملحوظ من التساقطات الأخيرة، بعدما بلغت حقينته 70 في المائة، في حين تراوحت نسب ملء باقي سدود الحوض بين 23 و32 في المائة. وفي شمال المملكة، عرف حوض اللوكوس تحسنا بارزا، إذ وصلت نسبة الملء إلى 45.4 في المائة، وسجلت سدود واد المخازن وشفشاون والشريف الإدريسي نسبا مرتفعة تجاوزت 73 في المائة، مقابل انخفاض كبير في سد "9 أبريل 1947" الذي لم يتجاوز 16 في المائة. وفي المنطقة الوسطى، بلغ مستوى الملء بحوض تانسيفت 42.7 في المائة، مستفيدا من الارتفاع الكبير في حقينة سد سيدي محمد بن سليمان الجزولي الذي بلغ 88 في المائة، وسد أبي العباس السبتي بنسبة 61 في المائة، فيما ظل سد لالة تاكركوست في وضع مقلق لم يتجاوز 21 في المائة. وفي الجنوب الشرقي، سجّل حوض كير–زيز–غريس نسبة ملء بلغت 46.9 في المائة، بدعم من سد حسن الداخل الذي وصل إلى 57 في المائة، مقابل 32 في المائة فقط في سد قدوسة. وفي المقابل، تواجه ثلاثة أحواض رئيسية أوضاعا مائية حرجة، إذ يأتي حوض أم الربيع في مقدمة المناطق المتضررة بنسبة ملء لم تتجاوز 8.6 في المائة، وبحجم مائي لا يتعدى 427 مليون متر مكعب. وسجل سد المسيرة، ثاني أكبر السدود الوطنية، وضعا مقلقا للغاية بنسبة 3 في المائة، فيما بلغت حقينة سد بين الويدان 13 في المائة وسد الحنصالي 11 في المائة فقط. ويعرف حوض سوس ماسة بدوره استمرار الضغط المائي، إذ لم تتجاوز نسبة الملء فيه 18.7 في المائة، حيث تراوحت نسب ملء سدود يوسف بن تاشفين وعبد المومن وأهل سوس بين 8 و12 في المائة، باستثناء سد الدخيلة الذي سجل 84 في المائة. أما حوض ملوية فسجل نسبة ملء بلغت 26.4 في المائة، مع استمرار التراجع في سدي محمد الخامس والحسن الثاني، مقابل امتلاء شبه كامل بسد واد زا. وتبدو الوضعية أكثر تعقيدا في حوض درعة–واد نون الذي لم تتعد نسبة الملء فيه 28.1 في المائة، حيث بلغ سد المنصور الذهبي 38 في المائة فقط، بينما لم يتجاوز سد السلطان مولاي علي الشريف 15 في المائة، وهو ما يؤكد استمرار الضغط على موارد الجنوب في ظل ارتفاع الطلب على مياه السقي والماء الصالح للشرب. وتعكس هذه المؤشرات، وفق عدد من المهتمين بالشأن المائي، أن الإشكال لا يرتبط بالتساقطات وحدها، بل يتداخل مع عوامل هيكلية تتعلق بالتغير المناخي والاستغلال المكثف للموارد. وتبرز هذه الوضعية التفاوت الكبير بين الأحواض، حيث استطاعت سدود الشمال وأبي رقراق ضمان الأمن المائي للمراكز الحضرية الكبرى، في حين تواجه أحواض أخرى مخاطر متصاعدة تهدد الموسم الفلاحي، وتفرض تعبئة وطنية شاملة لترشيد استعمال كل قطرة متاحة.