كان يوم الجمعة، فاتح يوليوز 2011، يوما مجيدا في تاريخ المغرب، بصورة خاصة، والعرب بصورة عامة، إذ خرجت جموع الشعب المغربي عن بكرة أبيها، شيبا وشبابا، رجالا ونساء، يبدون رأيهم في التعديلات الدستورية.. (*) كاتب بريطاني من أصل أردني. التي تفتح الباب أمام مرحلة جديدة ومتقدمة في البناء الديمقراطي، دشنها ملك البلاد، وساندها الشعب بإرادته الحرة ووعيه السليم، فكانت مناسبة جديدة أثبتت العلاقة المتميزة بين العرش والشعب، بين القائد والجنود، وحق للمغاربة أن يفخروا بمشاركتهم المتجددة في إدارة شؤون بلادهم، وصنع حاضرها الآمن، وبناء مستقبلها الزاهر. الواقع أن إجماع الشعب المغربي على تأييد التعديلات الدستورية كان تجديدا مؤكدا للعهد بين الشعب وملكه، بل مبايعة كبرى على استكمال المسيرة، ومشروع النهضة الشاملة، وإعلانا من المغاربة عن ثقتهم الكاملة في قيادتهم المخلصة الحكيمة، وستواصل سفينة المغرب رحلتها المظفرة نحو المجد، بقيادة ربانها الملك محمد السادس، وبسواعد ملاحيها، أبناء الشعب المغربي العظيم. لا نبالغ إذا أكدنا تفرد المغرب بصمام أمان تفتقده سائر بلدان المنطقة، فإذا نظرنا حولنا، لجيراننا وأشقائنا على امتداد العالم العربي، الذي باتت أرجاؤه تموج بالفورات والانتفاضات، تحولت بعضها إلى ما يشبه الحرب بين أبناء الوطن الواحد، تجد أن أهم أسباب هذه المحن، في المقام الأول، هو انعدام الثقة بين الحكام والمحكومين، أي بين الشعوب وقياداتها. وما زاد الطين بلة، أن المسؤولين في بعض الأماكن عزلوا أنفسهم عن شعوبهم، وانقطعت الاتصالات بينهم، ما أدى إلى عدم مواكبتهم لمطالب شعوبهم واحتياجاتها. حمى الله هذا البلد الطيب من هذا المأزق بأن وهبه ملكا محبا لشعبه، ساهرا على رعاية مصالحه، حريصا على التواصل المباشر والمستمر معه، وعلى تقدمه ورخائه، فلا غرو إذن أن نرى هذه الثقة الكاملة من جانب الشعب، وهذه الاستجابة غير المسبوقة للبرنامج الإصلاحي الجديد. إن هذه الثقة ليست حديثة أو مستحدثة، بل هي أصيلة ومتجذرة، ازدادت رسوخا بالتجربة والممارسة، فمنذ اعتلى جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، العرش العلوي المجيد، وهو يدعم البناء السياسي، والكيان الاقتصادي للمملكة المغربية، بإصلاحات جادة ومدروسة، تدعم الحريات، وترعى حقوق الإنسان المغربي، وتؤمن له العيش الكريم، بحل مشكلات البلاد، من بطالة، وغلاء، ونقص الخدمات، ورأى الشعب أن الأفعال تسبق الأقوال، وتحقق بالتجربة من أن البلاد يديرها رجل صادق، إذا وعد أوفى، وإذا عاهد صدق. إن التجربة المغربية جديرة بالدراسة والتحليل، بل بالاقتداء والمحاكاة، ويعد استفتاء الشعب المغربي على الدستور الجديد، وتأييد المشروع بنسبة عالية جدا، ناهزت 98 في المائة، أكبر برهان على أن التفاهم والثقة بين الشعب وقيادته مفتاح النجاح، الذي يجني الشعب ثماره، أمنا، واستقرارا، وتقدما، ورخاء.