تشهد عدة دول حول العالم، خلال الأسابيع الأخيرة، ارتفاعا غير مسبوق في حالات الإصابة بما يُعرف إعلاميا ب"الإنفلونزا الخارقة"، ما تسبب في زيادة الضغط على المستشفيات والعيادات وأقسام الطوارئ، وفق معطيات صحية دولية. ودفعت هذه الزيادة منظمة الصحة العالمية إلى التحذير من سرعة انتشار المتحور، خصوصا في أوروبا وأميركا وآسيا، مؤكدة أن الأمر يتعلق بسلالة من فيروس الإنفلونزا الموسمية، وليس بفيروس جديد. وأوضحت المنظمة أن هذا المتحور لا يسبب أعراضا أشد خطورة مقارنة بالإنفلونزا الموسمية المعتادة، غير أنه يتميز بسرعة انتقاله وانتشاره داخل المجتمعات، ما يفسر الارتفاع الكبير في عدد الحالات المسجلة. ويشير خبراء الصحة إلى أن هذه الموجة مرتبطة بسلالة H3N2 من فيروس الإنفلونزا A، وهي سلالة تهيمن عادة على مواسم الإنفلونزا. وفي الولاياتالمتحدة، كانت H3N2 مسؤولة عن أكثر من نصف حالات الإنفلونزا المسجلة حتى منتصف نونبر. وقالت الدكتورة أماندا كرافتز إن "عدد حالات الإنفلونزا أكبر من المتوقع في هذا الوقت من السنة"، موضحة أن الأعراض تظهر بسرعة وتتميز بحدة نسبية، ما يساهم في تسارع انتقال العدوى. وحذرت كرافتز من أن هذه السلالة قد تؤدي، في بعض الحالات، إلى مضاعفات خطيرة مثل التهابات الأذن والجيوب الأنفية والشعب الهوائية والرئة، وقد تصل إلى الوفاة في حال غياب العلاج المناسب. وسجل المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها نحو 4.6 مليون إصابة بالإنفلونزا حتى الآن، مع تسجيل 1,900 وفاة مرتبطة بالمرض حتى منتصف دجنبر. وفي أوروبا، أعلنت هيئة الخدمات الصحية البريطانية استعدادها لمواجهة موسم شتاء صعب، في ظل الضغط المتزايد على المستشفيات نتيجة بداية موسم الإنفلونزا قبل موعده المعتاد. كما سجلت فرنسا ارتفاعا ملحوظا في عدد الإصابات، فيما أعلنت إسبانيا تضاعف حالات الدخول إلى المستشفيات خلال أسبوع واحد، إلى جانب ارتفاع كبير في الحالات المسجلة بكل من رومانيا والمجر. ورغم هذا الانتشار السريع، شددت منظمة الصحة العالمية على أن لقاح الإنفلونزا يظل فعالا في الحد من الأعراض الشديدة المرتبطة بسلالة H3N2، حتى وإن لم يمنع الإصابة بشكل كامل، مؤكدة أهمية التطعيم واحترام إجراءات الوقاية للحد من انتشار الفيروس.