خلصت أشغال المنتدى الدولي حول الانتقال الديمقراطي والمسارات الدستورية في العالم العربي، مساء أول أمس السبت، بالرباط.. إلى التأكيد على ضرورة المصاحبة الدولية للتحولات التي يشهدها العالم العربي، وأن يراعي الدعم الدولي الأوضاع والخصوصيات الذاتية لكل دولة، ويأخذ بعين الاعتبار الحاجيات الخاصة والمرتبطة بكل مرحلة. وأشاد المشاركون في المنتدى بالتقدم الذي حققه المغرب على مستوى الإصلاحات، معتبرين أن هذا المسار سيجعل منه مرجعا للدول في المنطقة. وأوضح الطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، في كلمة بمناسبة اختتام أشغال المنتدى، أن المغرب اقترح انضمام ليبيا لمبادرة أكادير إلى جانب تونس ومصر والأردن، من أجل بلوغ مستوى تجاري واستثماري مهم، مبرزا أنه يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك، والتطرق إلى قضايا ذات طابع سياسي. وأضاف الفاسي الفهري في هذه الجلسة الختامية، التي عرفت مشاركة وزير العدل الليبي الجديد، محمد العلكي، أن المغرب سيكون حاضرا في اللقاء المزمع عقده الثلاثاء المقبل في نيويورك، في سياق متابعة الملف الليبي. وهنأ، بالمناسبة، الشعب الليبي، على قرار مجلس الأمن الدولي، الذي فتح الباب لرجوع أموال الشعب الليبي، مؤكدا الحاجة إلى عودة المناخ الطبيعي لليبيا، من أجل تعزيز الاندماج على المستويين العربي والإفريقي. وفي تصريح ل "المغربية" على هامش اختتام أشغال المنتدى، أكد محمد العلكي، وزير العدل الليبي، أنه سيكون هناك تعاون واسع بين المغرب وليبيا، وأن العلاقات ستكون متميزة بين البلدين في المستقبل. وبخصوص اتحاد المغرب العربي، قال العلكي "نتمنى أن يكون هذا الاتحاد في المستوى المطلوب مستقبلا"، مبرزا أن ذلك قد يتحقق بعبور معظم الدول نحو الديمقراطية، في إطار حكم القانون واستقلال القضاء وتعدد السلطة. وعرضت خلال هذا المنتدى، الذي نظمه النادي الدبلوماسي المغربي، والجمعية المغربية للقانون الدستوري، بتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، على مدى يومين، تجارب البلدان العربية المشاركة، في ما يخص المسارات الدستورية، بما في ذلك التجربة المغربية، مع تحليل للأحداث التي عرفتها المنطقة منذ مطلع السنة الجارية. وبخصوص التجربة المغربية، أكد الفاسي الفهري، في كلمة في الجلسة الافتتاحية للمنتدى أن الميثاق الدستوري الجديد كرس ثوابت الأمة المغربية، وروافدها الوطنية الموحدة وانتماءاتها الجيوسياسية، وثبت الفصل والتوازن بين السلطات، مع تكريس المكانة الدستورية للمؤسسة الملكية المواطنة على رأس الدولة وكأمير للمؤمنين، كما عمل على تقوية سلطة القضاء كسلطة مستقلة، وتخويل صلاحيات دستورية لرئيس الحكومة، الذي أصبح تعيينه من الحزب المتصدر لانتخابات مجلس النواب. وأشار الطيب الفاسي إلى أنه أسندت لمجلس النواب، إلى جانب مهمته الرقابية للعمل الحكومي، اختصاصات تشريعية غير مسبوقة في الممارسات الدستورية المغربية. وأبرز الفاسي الفهري أن الدستور الجديد نص على تعزيز دور الأحزاب والنقابات المهنية وهيئات المجتمع المدني، والالتزام بقواعد الحكامة، وإعمال مبادئ الشفافية والمحاسبة ومراقبة المال العام، وكذا احترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، بما فيها تجريم التعذيب والاختفاء القسري، وكل أشكال التمييز والممارسات المهينة للكرامة البشرية. وأشار إلى أن هذا الدستور نص على توزيع السلطات والموارد بين الدولة والجهات في نطاق جهوية ترابية متقدمة، وتنمية بشرية مندمجة بروح من التلاحم الوطني والتضامن والتوازن في جهات المملكة. من جهة ثانية، أبرز الوزير أن المغرب، الذي عبر عن تضامنه الكامل مع تطلعات الشعوب العربية، بادر لاقتراح وضع ميثاق أورو متوسطي للديمقراطية والتنمية المشتركة، مثيرا انتباه كل الشركاء في المنطقة إلى أن سياسة الجوار الأوربية، أمام التطورات الراهنة في جنوب المتوسط، استنفذت أغراضها إلى حد كبير. وأضاف، في هذا الصدد، أن المغرب يؤكد ضرورة تنشيط الاتحاد من أجل المتوسط، واستلهام الأهداف الكبرى لمسلسل برشلونة، متطلعا إلى تحقيق نقلة نوعية للشراكة الأورو متوسطية عبر البحث عن أنجع السبل لتطوير سياسة الجوار، بكل مجالاتها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والأمنية والبشرية والثقافية. وأردف قائلا إن "المغرب، الذي أطلق مبادرة أكادير منذ سنة 2001 بين الدول الأربع (تونس ومصر والأردن والمغرب) والمفتوحة في وجع باقي الدول العربية المتوسطية، يؤكد الحاجة الماسة لتطوير هذه المبادرة والارتقاء بها من مجرد فضاء تجاري، والتبادل الحر إلى إطار تشاركي اندماجي وموسع، يشمل القضايا الاستراتيجية والسياسية والحقوقية". من جهته، قال برناردو ليون، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي عن منطقة جنوب المتوسط، في مداخلة له، في الجلسة الافتتاحية، إن "المغرب شهد إصلاحات متميزة". وأضاف برناردو ليون أن الاتحاد الأوروبي معجب بالمسار الإصلاحي الذي يسير فيه المغرب، وأن هذا المسار سيُأتي ثماره، مبرزا أن المغرب سيكون مرجعا لدول المنطقة، وأن أوروبا ستدعم البلدان التي تشهد الانتقال الديمقراطي.