أكد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، أن الأغلبية منسجمة ومنخرطة بشكل مسؤول في دعم الإصلاحات ومساندة الحكومة وإبداء الملاحظات وتقديم الاقتراحات، منوها بعمل فرقها في البرلمان، التي تحملت مسؤوليتها "في تثمين الحصيلة المرحلية (كرتوش) وذلك رغم المحاولات المستميتة للبعض في الترويج لتوتر متوهم بين مكوناتها والتحريض على الصراع بينها"، بحسب قول بنكيران. ورد بنكيران في إطار مناقشة عرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، أمس الأربعاء بمجلس النواب، على انتقادات المعارضة لحصيلته الحكومية خلال نصف الولاية الأولى، بعدما شدد على أهمية مناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، في إطار تنزيل أحكام الفصل 101 من الدستور، في تعزيز علاقات التعاون بين الحكومة والبرلمان، وإشاعة ثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة. وأقر بنكيران بعمل الحكومة السابقة في تحقيق الاستقرار ومكاسب وإنجازات اقتصادية واجتماعية، مبرزا أن الحكومة الحالية لا تدعي الفضل كله لها في ذلك، واعتبر أن الاستقرار مكسب كبير لا يجادل أحد في تعزيزه لتميز النموذج المغربي، وهو "مكسب تحقق بفضل المبادرة الاستباقية والشجاعة لجلالة الملك، ودعم القوى الوطنية المسؤولة، ورصيد الإصلاحات الإيجابية التي تعرفها بلادنا". وتساءل بنكيران عن السبب وراء انشغال بعض أحزاب المعارضة بالعلاقات بين مكونات الأغلبية، ومصادر الادعاءات حول صراعات داخل الأغلبية ودوافع الترويج لها. وقال "أدعو أحزاب المعارضة أن تهتم بتفعيل دورها الدستوري في القيام بمعارضة فعالة وبناءة ترعى شؤون العباد وتساهم في تقدم البلاد، بدل إضاعة الوقت في مناورات فاشلة، وتعطي الأولوية قبل هذا وذاك لتعزيز ديمقراطيتها الداخلية وتقوية تماسكها والحد من الصراعات القائمة". وأضاف بنكيران "أريد أن أتوجه بالسؤال لمن يروج لوجود خلافات، وتشنجات، وتضارب في المواقف والرؤى داخل مكونات الأغلبية، هل اشتكت إليكم إحدى هذه المكونات، هل وكلكم أحد للدفاع عنه أو إيصال مظلمته؟ لماذا كل هذا التحامل المقيت"؟ واعتبر بنكيران أن المعارضة أخلفت موعدها في الاجتهاد في التفكير والتحليل لإغناء النقاش حول الحصيلة الحكومية، وتوجه لفرق المعارضة وقال إن "الحكومة تتعامل بحسن نية، في إطار التعاون والوفاء بالالتزامات، من أجل المصلحة العامة"، مبرزا أنه كان من المنتظر أن ينصب نقاش فرق المعارضة حول التأخير الحاصل في بعض الملفات والمشاريع، "غير أن النقاش انصرف إلى أمور جانبية لا تهم المواطن، مخافة أن يعتبر مثل هذا النقاش دعما للتوجه الحكومي الذي يصب في هذا الاتجاه، وهو حسب ما يبدو ما لا ترغب فيه المعارضة"، يقول بنكيران. وبخصوص انتقاد المعارضة لعدول الحكومة عن محاربة الفساد، اعترف بنكيران بتعرض الحكومة للتشهير بسبب قول "عفا الله عما سلف"، وقال إن "التصريح واضح ولا يمكن التعامل معه بانتقائية، عفا الله عما سلف، ومن عاد فينتقم الله منه"، موضحا أن ذلك التصريح، جاء بعد أن شنت ضد الحكومة حملات "زرع البلبلة في الإدارة" على حد وصف بنكيران، الذي أضاف "كان من اللازم إعادة الثقة، إذ أن النبش في ملفات الماضي سيشغلنا عن بناء المستقبل، الذي يجب أن نتوجه إليه بإرادة جماعية، بدل الانغماس في متاهات الماضي التي لا تنتهي وإحداث التمزقات في الحاضر، وفي الوقت نفسه يجب أن يضطلع القضاء بمسؤوليته في محاربة الفساد، وهو ما يتحقق بإحالة عدد من ملفات المجلس الأعلى للحسابات على القضاء، التي بلغت 57 ملفا". وبخصوص الانتخابات، أوضح بنكيران أنه خلافا لما اعتبرته المعارضة تأخيرا في الإعلان عن أجندة الانتخابات المقبلة، فإن الحكومة كشفت ولأول مرة، قبل سنة كاملة من الموعد المقرر، عن أجندتها لإجراء الانتخابات، وأطلقت مسلسل المشاورات مع الأحزاب السياسية بخصوص المنظومة القانونية المؤطرة لهذه الانتخابات، بما يمكن الفاعلين السياسيين من الاستعداد اللازم لها، مشددا على حرص الحكومة على محاسبة كل المسؤولين الذين ثبت في حقهم المس بشفافية ونزاهة الانتخابات. وفي الجانب الاقتصادي والاجتماعي، رد رئيس الحكومة على المعارضة بأنها اعتمدت في مناقشتها للشق الاقتصادي على تقديم معطيات وأرقام مغلوطة، وبعيدة عن الأرقام الحقيقية. ودعاها إلى "نهج خطاب الصراحة والمسؤولية والشفافية"، حسب قوله. واستغرب رئيس الحكومة لما اعتبره "تبخيس حصيلة الحكومة في الجانب الاجتماعي"، مبرزا أنه في عهد الحكومة الحالية شهدت الإحصائيات المتعلقة بالأمية تقليصا بنسبة من 30 في المائة سنة 2011 إلى 28 في المائة سنة 2012، وبزيادة عدد المستفيدين من برامج محو الأمية، ليصل برسم موسم 2012-2013 736.000 مستفيد، وتمثل النساء أكثر من 88 في المائة من مجموع المستفيدين، والعالم القروي 48 في المائة من هذا المجموع، كما تمكنت الحكومة من تفعيل إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، وتوفير الإمكانات اللازمة لها، إذ خصص لها أكثر من 130 مليون درهم في 2014. وبخصوص مواصلة الإصلاحات الهيكلية، جدد رئيس الحكومة التأكيد على إصرار الحكومة على مواصلة تلك الإصلاحات، وقال إن "الكلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتأجيل هذه الإصلاحات ستكون باهظة بكل تأكيد، وهذا لعمري هو التحقير الحقيقي للمواطن، الذي لا يتجلى في تنفيذ إصلاحات قد يكون مدعوا إلى تحمل جزء من كلفتها، بل في تهرب أصحاب القرار السياسي من مصارحة المواطن بحتمية واستعجالية هذه الإصلاحات الهيكلية وتقديمهم لمصالح انتخابية وسياسية ضيقة على مصلحة الوطن، وهو ما من شأنه أن يشيع بالفعل شعور اليأس والإحباط في نفوس المواطنين، ويخلق حالة من التوجس إزاء المستقبل".