قالت بجاوي في لقاء مع "المغربية" على هامش أشغال المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، إن المغرب يمثل نموذجا يحتذى في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، بما فيها حقوق الأجانب والمهاجرين، موضحة أن حقوق الإنسان أصبحت مهددة بالانتهاكات في الدول العربية التي تمر بكثير من المراحل الانتقالية والتغيرات، مؤكدة على ضرورة تفعيل التوصيات المنبثقة عن أشغال المنتدى العالمي لحقوق الإنسان. ما هو تقييمك للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمدينة مراكش؟ المنتدى العالمي شكل فرصة للعديد من المراقبين والخبراء الدوليين وممثلي المنظمات الدولية ونشطاء المجتمع المدني، لملامسة التطورات وتقييم الإنجازات والوقوف عند الانتكاسات. والمشاركة المهمة في هذا المنتدى العالمي تعكس، أيضا، الأهمية الخاصة التي يوليها مدافعو حقوق الإنسان وممثلو الحكومات للحماية والنهوض بحقوق الطفل والمرأة والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وأعتقد أن اختيار المغرب لاستضافة النسخة الثانية من المنتدى اختيار في محله ومنصف بالنسبة للقيمة الحقيقية للمملكة المغربية، التي راكمت تجارب في مجال حقوق الإنسان، وأبانت في السنوات الأخيرة عن تقدم فعلي هائل في جوانب عدة، سواء من الناحية الاقتصادية، أو على المستوى الإنساني بشكل عام، بما في ذلك موقع المرأة في مسلسل المشاركة السياسية. ماهي الرسالة التي حملها تنظيم هذا المنتدى بالمغرب؟ تنظيم هذه التظاهرة ببلد إفريقي من قبيل المغرب، بعد الدورة الأولى التي أقيمت بالبرازيل بأمريكا اللاتينية، جسد إرادة شعوب وبلدان الجنوب في التأكيد على التزامها بقيم حقوق الإنسان والمشاركة، على قدم المساواة، في النقاشات الدولية الكبرى، فالمغرب يمثل اليوم نموذجا يحتذى في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، بما فيها حقوق الأجانب والمهاجرين، خصوصا بعد إقدام المملكة على تسوية وضعية طالبي اللجوء والأجانب في وضعية غير شرعية، والعمل بجدية وعزم على إيجاد حلول ناجعة للإشكاليات ذات الصلة. كيف تنظرين إلى التجربة المغربية في مجال حقوق الإنسان؟ تعد المملكة المغربية أحد النماذج على مستوى التعامل مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، واستطاعت أن تراكم على المستوى التشريعي والمؤسساتي والعملي عددا من الإنجازات المعتبرة في مجال حقوق الإنسان، إذ اكتسب المغرب على مدى سنوات قليلة قاعدة صلبة، يواصل تطويرها من أجل حماية أفضل لحقوق الإنسان واحترام أكبر لهذه الثقافة العالمية، وهذا الالتزام لفائدة حكامة محترمة لحقوق الإنسان يتضح عبر انفتاح البلد على مختلف الفاعلين المعنيين خلال المراحل المختلفة للتحضير لهذا الحدث الكبير بمراكش. هل يمكن أن تقيمي المنظومة الحقوقية في البلدان العربية والعالم بصفة عامة؟ حقوق الإنسان قضية مجتمعية، تلامس مختلف انتظارات الأفراد والجماعات في شتى بقاع العالم من أجل ضمان العيش الكريم، لكنها تتسم في الوقت الراهن بالتعقيد، بسبب غياب الإرادة السياسية، سواء على المستوى الدولي أو الوطني. إلا أن الخروج من هذا المأزق رهين بتحرير قدرات المجتمع المدني وتطوير التشريعات ذات الصلة بحقوق الإنسان، فالدول الأكثر نفوذا في العالم تتحمل مسؤوليات كبرى لضمان وحماية حقوق الإنسان على الصعيد الدولي. الدول العربية تمر بكثير من المراحل الانتقالية والتغيرات، وفي خضم هذه التغيرات، أصبحت حقوق الإنسان مهددة بالانتهاكات، إذ لابد من تفعيل التوصيات المنبثقة عن أشغال المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، والعمل على وضعها ضمن استراتيجيات عمل الحكومات، والعمل على دعم وتطوير نظام إقليمي فعال لحماية حقوق الإنسان في المنطقة العربية. إن قيم حقوق الإنسان شهدت حركية متواصلة من أجل ترسيخ كونيتها، كما أضحت عنصرا محوريا في العلاقات الدولية، في وقت انضافت معاهدات جديدة من أجل تعزيز الحق الدولي لحقوق الإنسان، ذلك أن نظام الأممالمتحدة، تعزز بشكل ملحوظ في مجال حماية الحقوق الأساسية، وأدخلت عليه تجديدات، خاصة من خلال إحداث مجلس حقوق الإنسان، وتبني الاستعراض الدوري الشامل، ودخول تسع آليات دولية حيز التنفيذ. ومنذ مؤتمر فيينا سنة 1993، رأت النور هيئات إقليمية جديدة تعنى بالنهوض وحماية حقوق الإنسان، فيما عززت المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان مكانتها كفاعل حيوي يضطلع بدور مهم جدا، كما أن العديد من المنظمات غير الحكومية الوطنية والإقليمية، أو الدولية المهنية والمتخصصة، أضحت، في الوقت ذاته، من الفاعلين البارزين، تعمل على إسماع صوت المجتمعات، وتدعو الدول إلى احترام التزاماتها الدولية، كما برزت، خلال عشرين سنة، إشكاليات لم تكن معروفة في السابق، تسائل الضمير العالمي، وتنوعت وتشعبت أساليب الاحتجاج من أجل كونية حقوق الإنسان.