مجلس الحكومة يطلع على اتفاق بشأن الخدمات الجوية بين المغرب وكوت ديفوار    بعيوي يقدم روايته عن فيلا كاليفورنيا وعلاقته ب"إسكوبار الصحراء" وزوجته السابقة    بيت الشعر في المغرب يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر    ‪حريق غابوي ضواحي تطوان يلتهم هكتارات.. و"كنادير" تواصل الطلعات    الريال يعلن نقل مبابي إلى المستشفى    الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يؤكد على التحديات وجهود المملكة المغربية في مكافحة الجريمة المنظمة        الحكومة تصادق على إحداث المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي    نشرة إنذارية.. طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح يومي الخميس والجمعة بعدد من مناطق المملكة    تفكيك شبكة مغربية-إسبانية لتهريب البشر والمخدرات تستعمل قوارب الفانتوم    هشام بلاوي: الجريمة المنظمة تهديد متصاعد يتطلب تعاونًا قضائيًا دوليًا فعالًا    بنيله شهادة البكالوريا من خلف أسوار السجن، نزيل يخطو أولى خطواته على سكة إعادة الاندماج (بورتريه)        نشرة إنذارية..طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح بعدد من مناطق المملكة    معرض بكين للكتاب: اتفاقية لترجمة مؤلفات حول التراث المغربي اللامادي إلى اللغة الصينية    الدوزي يُطلق العدّ التنازلي ل"ديما لباس"    كتل هوائية صحراوية ترفع الحرارة إلى مستويات غير معتادة في المغرب    الشعب المغربي يحتفل غدا الجمعة بالذكرى ال55 لميلاد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد    دلالات ‬تجديد ‬مجلس ‬حقوق ‬الإنسان ‬دعمه ‬لمغربية ‬الصحراء    الذهب يصعد وسط التوتر في الشرق الأوسط    التصعيد بين إسرائيل وإيران يعيد للواجهة مطالب إحياء مصفاة "سامير" لتعزيز الأمن الطاقي    مجموعة "فيسين" تطلق طرحا عاما أوليا في بورصة الدار البيضاء    طنجاوة يتظاهرون تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة وإيران    رائحة دخان تجبر طائرة على الهبوط في ميونخ    "حزب الله" يدين التهديد بقتل خامنئي    العيون ‬تحتضن ‬منتدى ‬إفريقيا ‬لبحث ‬الآفاق ‬الاقتصادية ‬والتجارية ‬بالقارة    جوفنتوس يكتسح العين الإماراتي بخماسية    إصابة حكم ومشجعين في فوضى بالدوري الليبي    ميداليات تحفز "بارا ألعاب القوى"    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    فرحات مهني يكتب: الجزائر الإيرانية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    بنهاشم بعد مواجهة مانشستر سيتي: لعبنا بشجاعة وخرجنا بدروس ثمينة رغم الخسارة    لقجع: المغرب ملتزم بجعل كأس العالم 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية    رحيمي وحركاس وبنعبيد ضمن قائمة أغلى اللاعبين العرب في مونديال الأندية    بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية يوقعان شراكة لتعزيز الشمول المالي الفلاحي بالمغرب    الصين تدفع نحو مزيد من الانفتاح السياحي على المغرب: سفارتها بالرباط تتحرك لتعزيز توافد السياح الصينيين    ندوة علمية تناقش موضوع النخبة المغربية في زمن التغيير    بيب غوارديولا في تصريح أعقب مواجهة الوداد الرياضي المغربي، إن "المباراة الأولى في دور المجموعات دائما ما تكون صعبة    إيران تستهدف مستشفى بجنوب إسرائيل ونتانياهو يتوعدها بدفع "ثمن باهظ"    برلمان أمريكا الوسطى يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب ردا على المناورات    مجموعة العمل من أجل فلسطين تعقد ندوة صحفية تحضيرا لمسيرة وطنية الأحد بالرباط    برلمان أمريكا الوسطى يُجدد دعمه الكامل للوحدة الترابية للمغرب ويرد على مناورات خصوم المملكة    مربو الدجاج يثمنون توجه الحكومة لإعفاء الفلاحين الصغار ويدعون لإدماجهم الفعلي في برامج الدعم    كارثة صامتة .. ملايين الهكتارات العربية على وشك الضياع    إطلاق الهوية الجديدة ل "سهام بنك" خلفًا ل "الشركة العامة المغربية للأبناك"    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرأي‮ والرأي‮ الآخر‮
نشر في المساء يوم 16 - 03 - 2011

مررت،‮ كعادتي،‮ زوال‮ الأحد‮ الماضي‮ وسط‮ مدينة‮ الدار‮ البيضاء،‮ فأثار‮ استغرابي‮ وجود‮ عناصر‮ من‮ قوات‮ التدخل‮ السريع‮ ترتدي‮ قمصانا‮ واقية‮ من‮ الرصاص‮. راجعت‮ برنامج‮ الاحتجاجات‮ التي‮ أعلنت‮ عنها‮ الهيئات‮ المكونة‮ لحركة‮ 20‮ فبراير،‮ فلم‮ أعثر‮ سوى‮ على‮ برنامج‮ لوقفة‮ احتجاجية‮ للتعبير‮ السلمي‮ عن‮ مطالب‮ الحركة‮.
مرت‮ ساعة،‮ فبدأت‮ أتوصل‮ بصور‮ التدخل‮ العنيف‮ الذي‮ قامت‮ به‮ عناصر‮ الأمن‮ ضد‮ المحتجين‮ والصحافيين،‮ وهو‮ التدخل‮ المجاني‮ والعبثي‮ الذي‮ لم‮ يكن‮ ليحدث‮ بدون‮ صدور‮ أوامر‮ من‮ وزير‮ الداخلية‮ شخصيا‮.‬
وزير‮ الداخلية‮ هذا‮ إما‮ أنه‮ لم‮ يستمع‮ إلى‮ الخطاب‮ الملكي‮ وإما‮ أنه‮ استمع‮ إليه‮ وفهمه‮ بالمقلوب‮. فعندما‮ تحدث‮ الملك‮ عن‮ تضمين‮ الدستور‮ الجديد‮ حماية‮ الحقوق‮ الفردية‮ والجماعية،‮ فإنه‮ أعطى‮ إشارة‮ قوية‮ إلى‮ دستورية‮ الحق‮ في‮ الاحتجاج‮ والتعبير‮ عن‮ الرأي‮.‬
وما‮ قام‮ به‮ المتظاهرون‮ يوم‮ الأحد‮ يدخل‮ ضمن‮ الأساليب‮ الديمقراطية‮ المتعارف‮ عليها‮ عالميا‮ في‮ التعبير‮ عن‮ الرأي،‮ طالما‮ أن‮ هذا‮ التعبير‮ كان‮ سلميا‮ وحضاريا‮ ولا‮ يشكل‮ أي‮ تهديد‮ للأمن‮ العام‮.‬
هناك‮ إذن،‮ وعلى‮ مستوى‮ وزارة‮ الداخلية،‮ صعوبة‮ في‮ فهم‮ مضامين‮ الخطاب‮ الملكي،‮ جعلت‮ سعادة‮ الوزير‮ يعتبر‮ احتجاج‮ المواطنين‮ بعد‮ الخطاب‮ الملكي‮ شكلا‮ من‮ أشكال‮ تقليل‮ الأدب‮ على‮ الملك‮.
إن‮ هذا‮ الفهم‮ المخزني‮ العتيق‮ للعلاقة‮ التي‮ يجب‮ أن‮ تكون‮ بين‮ الملك‮ والمواطنين‮ لم‮ يعد‮ له‮ مكان‮ في‮ مغرب‮ ما‮ بعد‮ خطاب‮ التاسع‮ من‮ مارس‮. ويبدو‮ أن‮ هناك‮ أشخاصا‮ داخل‮ الدولة‮ لازالوا‮ يعتقدون‮ أن‮ كل‮ من‮ عارض‮ الملك‮ يجب‮ أن‮ يتم‮ تكسير‮ أسنانه‮ وضلوعه‮.
لا‮ يا‮ سادة،‮ أولئك‮ الذين‮ لديهم‮ رأي‮ مخالف‮ لما‮ جاء‮ في‮ الخطاب‮ الملكي،‮ لديهم‮ كامل‮ الحق‮ في‮ التعبير‮ عن‮ هذا‮ الرأي،‮ بدون‮ أن‮ ينتهوا‮ إلى‮ مخافر‮ الأمن‮ أو‮ غرف‮ المستعجلات‮ مثلما‮ حدث‮ يوم‮ الأحد‮.‬
إن‮ الديمقراطية‮ الحقيقية‮ هي‮ تلك‮ التي‮ تسمح‮ للجميع‮ بالتعبير‮ داخلها‮ بحرية،‮ وتعطي‮ الكلمة‮ الفصل‮ في‮ الأخير‮ للشعب،‮ بدون‮ وصاية‮ من‮ أحد‮.‬
إذا‮ كانت‮ حركة‮ 20‮ فبراير‮ والهيئات‮ السياسية‮ والنقابية‮ والشبابية‮ المشكلة‮ لها‮ قد‮ رأت‮ في‮ ما‮ أتى‮ به‮ الملك‮ شيئا‮ إيجابيا،‮ لكنه‮ لا‮ يستجيب‮ لمطالب‮ الحركة‮ التي‮ تطالب‮ بحل‮ الحكومة‮ والبرلمان‮ وتشكيل‮ حكومة‮ تصريف‮ أعمال‮ والإعداد‮ لانتخابات‮ سابقة‮ لأوانها،‮ فمن‮ حقها‮ أن‮ تقرر‮ الاستمرار‮ في‮ الاحتجاج‮ المنتظم‮ والسلمي‮ في‮ الشارع،‮ لأن‮ الحق‮ في‮ الاختلاف‮ هو‮ أحد‮ الحقوق‮ الفردية‮ والجماعية‮ الأساسية‮ التي‮ تنص‮ عليها‮ جميع‮ الدساتير‮ الديمقراطية‮.
فهذه‮ الحركة‮ قبل‮ كل‮ شيء‮ تمثل‮ 0.1‮ في‮ المائة‮ من‮ المغاربة‮ إذا‮ أخذنا‮ نسبة‮ ال37‮ ألفا‮ التي‮ أعلنت‮ عنها‮ الداخلية‮ للمشاركين‮ الذين‮ خرجوا‮ في‮ كل‮ مدن‮ المغرب‮ يوم‮ 20‮ فبراير‮ وقسمناها‮ على‮ 30‮ مليون‮ مغربي‮ الذين‮ يشكلون‮ سكان‮ المغرب‮. وإذا‮ خرج‮ مليون‮ مغربي‮ يوم‮ 20‮ مارس،‮ فإن‮ هذه‮ الحركة‮ ستصبح‮ معبرة‮ عن‮ رأي‮ 3‮ في‮ المائة‮ من‮ المغاربة،‮ وهذه‮ الفئة‮ من‮ الشعب‮ من‮ حقها‮ أن‮ تعبر‮ عن‮ رأيها،‮ سواء‮ في‮ الشارع‮ أو‮ في‮ وسائل‮ الإعلام‮ العمومية،‮ بطريقة‮ سلمية‮ ومنظمة‮ بدون‮ أن‮ تتعرض‮ للتعنيف‮ أو‮ التضييق‮ أو‮ الاعتقال‮.‬
وفي‮ مقابل‮ ذلك،‮ يجب‮ على‮ قياديي‮ حركة‮ 20‮ فبراير‮ أن‮ يقبلوا،‮ في‮ إطار‮ الديمقراطية،‮ بوجود‮ فئات‮ أخرى‮ من‮ المغاربة‮ لديها‮ رأي‮ آخر‮ في‮ الموضوع‮ لا‮ يساير‮ بالضرورة‮ توجهاتهم‮ السياسية‮ ومواقفهم‮ الإيديولوجية‮.‬
هذه‮ الفئات‮ الأخرى‮ تعتقد‮ أن‮ مطلب‮ حل‮ الحكومة‮ والبرلمان‮ الذي‮ تنادي‮ به‮ حركة‮ 20‮ فبراير‮ هو‮ تحصيل‮ حاصل،‮ فعمر‮ حكومة‮ عباس‮ الفاسي‮ لن‮ يتجاوز‮ الخريف‮ المقبل‮ من‮ هذه‮ السنة،‮ ومن‮ يرجع‮ إلى‮ الخطاب‮ الملكي‮ سيعثر‮ على‮ جملة‮ تفيد‮ بأن‮ الحكومة،‮ التي‮ ستحكم‮ المغاربة‮ بعد‮ طرح‮ الدستور‮ الجديد‮ للاستفتاء‮ والتصويت‮ عليه‮ من‮ طرف‮ الشعب‮ بالموافقة،‮ يجب‮ أن‮ تكون‮ حكومة‮ منتخبة‮.‬
والحال‮ أن‮ حكومة‮ عباس‮ الفاسي‮ ليست‮ كلها‮ حكومة‮ منتخبة،‮ فداخلها‮ يوجد‮ عشرة‮ وزراء‮ غير‮ منتخبين،‮ بمعنى‮ أن‮ عباس‮ الفاسي‮ بمجرد‮ ما‮ ستنتهي‮ اللجنة‮ من‮ إعداد‮ الدستور‮ في‮ نهاية‮ جوان‮ وتطرحه‮ للاستفتاء‮ لكي‮ سيصوت‮ عليه‮ المغاربة،‮ سيكون‮ مضطرا،‮ في‮ حالة‮ قبول‮ الدستور‮ الجديد،‮ إلى‮ تقديم‮ استقالته‮ على‮ الملك‮ وحل‮ حكومته‮ وإجراء‮ انتخابات‮ سابقة‮ لأوانها‮ من‮ أجل‮ تشكيل‮ حكومة‮ منتخبة‮ لا‮ تتناقض‮ مع‮ روح‮ الدستور‮ الجديد،‮ بمعنى‮ أن‮ الأمور‮ إذا‮ سارت‮ في‮ هذا‮ الاتجاه‮ فإن‮ حكومة‮ عباس‮ الفاسي‮ ستسقط‮ أوراقها‮ مع‮ بداية‮ الخريف‮ المقبل،‮ وسيتم‮ الإعلان‮ عن‮ انتخابات‮ سابقة‮ لأوانها‮ بتزامن‮ مع‮ الدخول‮ السياسي‮ في‮ سبتمبر‮ المقبل‮. هكذا‮ سيكون‮ المغاربة‮ في‮ أكتوبر‮ أمام‮ خريطة‮ سياسية‮ جديدة‮ ستفرز‮ حكومة‮ جديدة‮ خارجة‮ من‮ صناديق‮ الاقتراع‮.‬
أما‮ في‮ حالة‮ حدوث‮ السيناريو‮ الأسوأ،‮ وهو‮ بقاء‮ حكومة‮ عباس‮ الفاسي،‮ لا‮ قدر‮ الله،‮ بعد‮ تبني‮ الدستور‮ الجديد،‮ فإن‮ هذه‮ الحكومة‮ ستكون‮ معرضة‮ لتلقي‮ ملتمسات‮ الرقابة‮ بسبب‮ لا‮ دستوريتها‮. وهذا‮ سيعمق‮ الأزمة‮ السياسية‮ في‮ المغرب‮ ويزيد‮ من‮ الاحتقان‮ الشعبي‮ بسبب‮ وصول‮ شعبية‮ عباس‮ وحكومته‮ إلى‮ الحضيض‮.
هذا‮ في‮ ما‮ يتعلق‮ بحل‮ الحكومة‮ والبرلمان،‮ وهو‮ أحد‮ المطالب‮ الأساسية‮ الذي‮ تتشبث‮ به‮ حركة‮ 20‮ فبراير‮ وقررت‮ من‮ أجله‮ الاستمرار‮ في‮ النزول‮ إلى‮ الشارع‮. أما‮ في‮ ما‮ تعلق‮ بمطلب‮ الملكية‮ البرلمانية‮ فهو‮ مطلب‮ تشترك‮ فيه‮ الحركة‮ مع‮ القوى‮ السياسية‮ التي‮ قدمت‮ بعض‮ أحزابها‮ مذكرات‮ بهذا‮ الخصوص‮ حتى‮ قبل‮ أن‮ يولد‮ أغلب‮ شباب‮ الحركة،‮ وأيام‮ كان‮ التعبير‮ عن‮ الرأي‮ المخالف‮ يقود‮ صاحبه‮ إلى‮ مخافر‮ التعذيب‮ وأقبية‮ الاعتقال‮.‬
أما‮ مطلب‮ محاسبة‮ المفسدين‮ والتوزيع‮ العادل‮ للثروة‮ والحق‮ في‮ السكن‮ والشغل‮ والصحة‮ والعدالة،‮ فكلها‮ مطالب‮ تشترك‮ فيها‮ الحركة‮ مع‮ الأغلبية‮ الساحقة‮ للمغاربة‮. ولذلك،‮ فمن‮ حقها‮ أن‮ تعبر‮ عن‮ مطالبها،‮ سواء‮ تلك‮ التي‮ تعنيها‮ وتعني‮ الفئة‮ التي‮ تمثلها‮ أو‮ تلك‮ التي‮ تعني‮ أغلبية‮ الشعب‮ المغربي،‮ بطريقة‮ حضارية‮ وسلمية‮ بدون‮ أن‮ تتعرض‮ للتعنيف‮ والتضييق‮ والاستفزاز‮.‬
هناك‮ اليوم‮ موقفان‮ يقسمان‮ الرأي‮ العام‮ المغربي‮: موقف‮ يقول‮ بعدم‮ وجود‮ ضمانات‮ لإخراج‮ دستور‮ ديمقراطي‮ يفضي‮ إلى‮ الملكية‮ البرلمانية‮ بسبب‮ وجود‮ أشخاص‮ محافظين‮ في‮ اللجنة‮ المكلفة‮ بإعداد‮ الدستور،‮ وموقف‮ آخر‮ يقول‮ بضرورة‮ إعطاء‮ الوقت‮ لهذه‮ اللجنة‮ لتقديم‮ اقتراحها‮ إلى‮ الشعب‮ لكي‮ يناقشه‮ ويعطي‮ رأيه‮ فيه‮ بدون‮ وصاية‮ من‮ أحد‮.‬
أولا،‮ عندما‮ نقول‮ إن‮ هناك‮ أعضاء‮ محافظين‮ داخل‮ اللجنة‮ ولديهم‮ «‬سوابق‮» في‮ الاشتغال‮ مع‮ الدولة،‮ علما‮ بأن‮ الدولة‮ المغربية‮ ليست‮ هي‮ إسرائيل‮ والاشتغال‮ معها‮ ليس‮ جريمة،‮ فهذا‮ يشكل‮ حكما‮ مسبقا‮ على‮ بقية‮ أفراد‮ اللجنة‮ المشهود‮ لهم،‮ حسب‮ القائلين‮ بهذا‮ الرأي،‮ بالاستقلالية،‮ ويضعهم‮ في‮ خانة‮ الأعضاء‮ الذين‮ سيسهل‮ استعمالهم‮ وقيادتهم‮.‬
هل‮ سيقبل‮ الأستاذ‮ عبد‮ الله‮ ساعف‮ أن‮ يتم‮ استعماله،‮ مثلا؟‮ إنني‮ مقتنع‮ بأن‮ ساعف‮ سيقدم‮ استقالته‮ من‮ اللجنة‮ بمجرد‮ ما‮ سيشعر‮ بأنه‮ يشتغل‮ مع‮ أشخاص‮ مسيرين‮ عن‮ بعد‮. والواقع‮ أن‮ كل‮ من‮ شعر‮ بهذا‮ الإحساس‮ داخل‮ اللجنة‮ يجب‮ أن‮ تكون‮ لديه‮ الجرأة‮ السياسية‮ والأخلاقية‮ لكي‮ يصفق‮ الباب‮ خلفه‮ ويغادر‮ اللجنة‮ بلا‮ ندم،‮ لأن‮ الأمر‮ لا‮ يتعلق‮ بالتفكير‮ في‮ مخرج‮ من‮ مأزق‮ سياسي‮ ظرفي‮ وإنما‮ يتعلق‮ بكتابة‮ دستور‮ سيحدد‮ العلاقة‮ بين‮ الحاكم‮ والمحكوم‮ ويضع‮ لكل‮ واحد‮ منهما‮ حدودا‮ لسلطاته‮ واختصاصاته‮.
إن‮ الديمقراطية‮ تقتضي‮ أن‮ تكون‮ لهذين‮ الرأيين‮ إمكانيات‮ التعبير‮ عن‮ نفسهما‮ بكل‮ حرية،‮ دون‮ مصادرة‮ أي‮ واحد‮ منهما‮ لحق‮ الآخر‮ في‮ الوجود‮ والتعبير‮. لذلك،‮ فاللجوء‮ إلى‮ الهراوات‮ واستعراض‮ العضلات‮ ضد‮ المحتجين‮ والصحافيين‮ وارتداء‮ القمصان‮ الواقية‮ من‮ الرصاص،‮ للتصدي‮ لمجرد‮ رأي،‮ يعكس‮ في‮ الواقع‮ تخلف‮ العقل‮ الأمني‮ وعدم‮ قدرته‮ على‮ مسايرة‮ الإيقاع‮ الذي‮ وضعه‮ الخطاب‮ الملكي‮ الأخير‮.‬
كما‮ أن‮ هذا‮ اللجوء‮ العبثي‮ إلى‮ القوة،‮ ضد‮ حرية‮ التعبير‮ عن‮ الرأي‮ المخالف،‮ يعكس‮ وجود‮ قوى‮ خفية‮ داخل‮ أجهزة‮ الدولة‮ تتعهد‮ بالرعاية‮ عقلية‮ عتيقة‮ تريد‮ أن‮ تستمر‮ في‮ ممارسة‮ الترهيب‮ على‮ المواطنين‮ الذين‮ يخالفونها‮ الرأي‮ من‮ أجل‮ ثنيهم‮ عن‮ الجهر‮ بآرائهم‮.
هذه‮ العقليات‮ الأمنية‮ المتجاوزة،‮ التي‮ تعشش‮ في‮ وزارة‮ الداخلية‮ والتي‮ ورثتها‮ الدولة‮ من‮ عهد‮ إدريس‮ البصري،‮ يجب‮ أن‮ تفهم‮ أن‮ مغرب‮ ما‮ بعد‮ التاسع‮ من‮ مارس‮ لم‮ يعد‮ يقبل‮ بإشهار‮ الهراوة‮ في‮ وجه‮ الرأي‮ حتى‮ ولو‮ كان‮ مخالفا‮ لرأي‮ الملك‮.
ولذلك،‮ فإن‮ الهراوة‮ لم‮ تعد‮ هي‮ الحل‮ لمحاورة‮ أصحاب‮ الرأي‮ المخالف‮. الحل‮ يبدأ‮ بتحرير‮ وسائل‮ الإعلام‮ العمومية‮ من‮ سلاسل‮ الجهل‮ والخوف‮ والتعتيم،‮ وإعطاء‮ الكلمة‮ للجميع‮ بالتساوي‮ لكي‮ يتحدثوا‮ أمام‮ المغاربة‮ ويقارعوا‮ أفكار‮ بعضهم‮ البعض،‮ حتى‮ يستطيع‮ الشعب‮ أن‮ يختار‮ أي‮ الأفكار‮ أقرب‮ إليه‮ وأي‮ المواقف‮ أنسب‮ للتبني‮.
عندما‮ سيتحرر‮ الإعلام‮ العمومي‮ من‮ قيوده‮ الثقيلة‮ ويفتح‮ أبوابه‮ لاستقبال‮ الفاعلين‮ السياسيين‮ والحقوقيين‮ والشباب،‮ بيسارييهم‮ وإسلامييهم‮ ويمينييهم،‮ لمناقشة‮ أفكارهم‮ ومواقفهم‮ بحرية‮ أمام‮ المغاربة،‮ سيفهم‮ هؤلاء‮ أن‮ هناك‮ مكانا‮ غير‮ الشارع‮ للتعبير‮ عن‮ الرأي‮.
أما‮ عندما‮ يصم‮ هذا‮ الإعلام‮ العمومي‮ آذانه‮ عن‮ سماع‮ شعارات‮ ومطالب‮ المحتجين،‮ فلا‮ يجب‮ أن‮ نلوم‮ هؤلاء‮ المحتجين‮ على‮ اختيارهم‮ الشارع‮ مكانا‮ للتعبير‮.
‮«‬اللي‮ عندو‮ باب‮ واحد‮ الله‮ يسدو‮ عليه‮».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.