برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب يخصص استقبالا خاصا لوفد مجلس المستشارين        "الفيفا" تعتزم اعتماد تقنيات مبتكرة جديدة خلال منافسات كأس العالم للأندية    هولندا.. إغلاق مجزرة سرية وحجز عشرات الخراف خلال عيد الأضحى    اطلاق مشروع لغرس 110 هكتار من اشجار الزيتون باقليم الحسيمة    حليب الناقة ينعش آمال مناطق مهمشة في تونس    الصراع مع ترامب يزيد خسائر ماسك    غارات تقتل عشرات الفلسطينيين بغزة    الدبيبة يحقق في اشتباك مسلح بليبيا    الملك يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد الحسن الثاني بتطوان ويتقبل التهاني بهذه المناسبة السعيدة    أداء "بورصة البيضاء" يواصل التقدم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    ترميم "سور المعكازين" يثير الاستياء    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    تونس مصيرها الجلوس    سجل يا تاريخ !    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من خادم الحرمين الشريفين بمناسبة عيد الأضحى المبارك    اليوم العالمي لسلامة الأغذية نحو غذاء آمن وصحة أفضل    وليد الركراكي يرسم ملامح منتخب متجدد ويقترب من رقم تاريخي    السفينة "مادلين" تقترب من غزة والساعات القادمة حرجة    برشلونة تدعم مغربية الصحراء وتبرز جدية مقترح الحكم الذاتي    متفوقاً على لامين ومبابي.. رافينيا أفضل لاعب في الدوري الإسباني        1526 شخصا يستفيدون من عفو ملكي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    نجاح مسؤولة أمنية مغربية.. يصيب هشام جيراندو بالسعار    قتلى وجرحى في حادثة سير ضواحي أزمور        في أجواء روحانية بالمصلى.. هكذا عبّر المواطنون عن فرحتهم بعيد الأضحى (فيديو)    زلزال بقوة 6,4 درجات يضرب شمال الشيلي    عيد الأضحى في إندونيسيا: مظاهر احتفالية روحانية في أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان    المنتخب المغربي لكرة القدم يتوفر على دكة احتياط حاسمة (وليد الركراكي)    جوكوفيتش يلمح أنه ربما خاض آخر مباراة له في رولان غاروس    وزارة التربية تمدد آجال طلب المنح    أول أيام التشريق.. الحجاج يواصلون رمي الجمرات الثلاث    الإصابة تُغيّب ديمبيليه وباركولا عن مواجهة ألمانيا في الأمم الأوروبية    الملك محمد السادس يهنئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    اكتشاف مومياوات نادرة في البيرو تعود لحضارات ما قبل الإنكا    كارثة عمرانية بسور المعكازين بطنجة.. ومطالب بمحاسبة الشركة المشرفة على الفضيحة!    باريس ومونتريال ونيويورك تحتضن فعاليات يوم الأمة القبائلية: دعوة مفتوحة من الحكومة المنفية لإحياء الذاكرة وتأكيد خيار الاستقلال    الأسود تزأر مرتين ضد تونس في فاس    قناة إيطالية تشيد بالوثائقي المغربي "إشعاع مملكة" الذي تنتجه شركة "Monafrique Prodcom"    على هامش غياب الكاتب حسونة المصباحي    أطباء مغاربة يحذرون من تزايد حالات الاجتفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة    محمد حماقي ينضم لنجوم الدورة ال20 لمهرجان موازين    طوابير الحجاج في مكة لحلاقة الشعر يوم عيد الأضحى    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    متجاوزا التوقعات.. النمو الاقتصادي الوطني لسنة 2024 يسجل تحسنا بلغ 3,8%    الأدبُ المُعَاصِر هل هو مُتْرَعٌ ببُذُورَ الإحبَاط والسَّوْدَاوِيَّة والإكتئاب؟    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    يوميات حاج (8): الهدي ورمي الجمرات .. تطهير النفس وتحرير الروح    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-    مهرجان كناوة 2025 بالصويرة .. تلاق عالمي بين الإيقاعات والروح    قتل الكلاب والقطط الضالة بالرصاص والتسميم يخضع وزير الداخلية للمساءلة البرلمانية    بداية عهد جديد في تدبير حقوق المؤلف.. مجلس إداري بتمثيلية فنية ومهنية لأول مرة    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل من مركز للأسرة في الدستور المرتقب؟
نشر في المساء يوم 22 - 06 - 2011

أما المادة الرابعة من الاتفاقية المومأ إليها فتتخذ الدول الأطراف الموقعة عليها كل التدابير التشريعية والإدارية وغيرها لإعمال الحقوق المعترف بها ضمنها من حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية.
كما نصت الفقرة الثانية من نفس المادة على أنه ينبغي على الدول الأطراف في هذه الاتفاقية أن تقدم المساعدة الملائمة إلى الوالدين والأوصياء القانونيين في الاضطلاع بمسؤوليات تربية الطفل، وعليها أن تكفل إنشاء مؤسسات ومرافق وخدمات رعاية الأطفال.
أما الفقرة الثالثة من هذه المادة فنصت على أنه على الدول الأطراف الموقعة عليها أن تتخذ، وفقا لظروفها الوطنية وفي حدود إمكانيتها، التدابير الملائمة من أجل مساعدة الوالدين وغيرهما من الأشخاص المسؤولين عن الطفل وتقديم المساعدة المادية وبرامج الدعم عند الضرورة، ولاسيما في ما يتعلق بالتغذية والكساء والإسكان.
والجدير بالملاحظة أن المغرب لم يصادق فقط على مجموعة من الاتفاقيات بل عمل على نشرها في الجرائد الرسمية، وبالتالي فهو ملزم بتطبيقها بناء على التزامه في تصدير الدستور بتطبيق مضامين المواثيق الدولية بملاءمة التشريع الوطني مع هذه الاتفاقيات.
غير أن الدساتير المغربية كلها لم يسبق لها أن نصت على مسؤولية الدولة في حماية الأسرة ولا على مسؤوليتها في تقديم الدعم المادي والمعنوي إليها على غرار الكثير من الدساتير التي سأشير إلى بعضها على سبيل المثال لا الحصر.
وبالتالي فبالرجوع إلى القانون والدساتير الدولية، نجد أنها قد ألزمت الدولة بتقديم الدعم المادي والمعنوي إلى الأسر في وضعية صعبة، سواء بسبب الفقر أو تعدد أفرادها أو بسبب الإعاقة أو المرض أو التقاعد أو البطالة أو وفاة معيل الأسرة وغيرها من الأسباب التي تعيق الأسرة عن القيام بمهامها كمؤسسة اجتماعية تتولى دور التربية والتنشئة الاجتماعية للإنسان. وهذا الدور الذي تقوم به الأسرة هو الدعامة الأساسية لبناء إنسان صالح لنفسه وأسرته وعمله ومحيطه ومجتمعه، بإمكانه تحمل المسؤولية الكاملة داخل أسرته ومحيطه والوسط الذي يتحرك داخله، وأيضا في بلده بدافع حب الوطن والإخلاص له وإعلاء مكانته بين الأمم.
غير أن العجز المادي والمعنوي للأسر يحد من قدرتها على القيام بدورها في التربية والتنشئة الاجتماعية الصالحة، كما يشهد على ذلك الوضع الاجتماعي المتأزم للأسر المغربية التي ارتفعت نسبة انحلالها وتصدعها بسبب عدم قدرتها على تحمل الواجبات المنوطة بها، وهو عجز راجع إلى عدم قدرة الأزواج على تحمل المسؤولية وبالتالي تهربهم منها.
وللإشارة، فإن الدساتير المغربية لم تنص على أي مقتضى يخص الأسرة. ومدونة الأسرة، وخلافا لما يعتقده البعض، لا تحمي الأسرة وإنما تشكل القانون الأساسي الذي ينظم كيفية وشروط ولوج مؤسسة الأسرة والذي يكون عن طريق زواج رجل وامرأة، حيث تنظم أحكام الزواج أثناء إبرامه وسريانه والتزامات الزوجين وواجبات الحضانة والنفقة وغيرها، وتنظم وسائل فك العلاقة الزوجية والمساطر المعمول بها في هذا الشأن كالطلاق والتطليق للشقاق وللضرر وغيره وآثاره، ولكنها لا تتضمن أي مقتضى قانوني ينص على مسؤولية الدولة عن حماية الأسرة.
وإذا كانت مدونة الأسرة قد تضمنت المادة 54 التي نصت على أن الدولة مسؤولة عن اتخاذ التدابير الكفيلة بحماية الأطفال، فإن هذا المقتضى القانوني يبقى، للأسف، حبرا على ورق وليس له أي تطبيق على أرض الواقع.
وفي هذا السياق، فإن العديد من الدساتير الدولية تفطنت مبكرا إلى الدور الريادي والحيوي والخطير الذي تقوم به الأسرة، فتضمنت حقوقا متعددة لفائدتها وأولتها العناية الفائقة، مثل الدستور الفرنسي الذي نص في ديباجته على أن الدولة تؤمن الأسرة الشروط الضرورية لتنميتها.
كما أن دساتير أخرى نصت على مسؤولية الدولة عن توفير السكن اللائق وتقديم المنح العائلية إلى الأسر متعددة الأفراد والتخفيف من الضرائب أو إلغائها، كدساتير إيرلندا والبرتغال وبولونيا والبرازيل التي نصت جميعها على أن الأسرة هي الخلية الطبيعية والأولى لتأسيس المجتمع، وأن على الدولة أن تضمن حمايتها ونماءها ورفاهيتها.
واستنادا إلى ما سبق ذكره أعلاه، فإن الأسرة هي صانعة الإنسان الأولى بامتياز لدورها المحوري في إنشائه وتكوينه وتربيته وبناء شخصيته وسلوكه، وبالتالي فمن الضروري تخويل الأسرة الإمكانيات اللازمة للقيام بمسؤوليتها في تربية وتكوين الفرد وصيانة كرامته داخل الأسرة والمجتمع.
والأسرة بقيمها الديمقراطية تنتج جيلا ديمقراطيا متسلحا بالقيم التي ترفض التسلط والاستبداد وتعزز مفاهيم الخير والأمن وتتمسك بقيم العدالة وتنادي بحقوق الإنسان كإرث للبشرية كان للشريعة الإسلامية قصب السبق فيه.
ويجب اعتماد المقاربة الشمولية في الدفاع عن حقوق ومكونات الأسرة بدون تمييز، رجالا ونساء وأطفالا وطفلات، خاصة الذين يوجدون في وضعية صعبة بسبب الفقر والتهميش والإقصاء أو بسبب البطالة والمرض والعجز والإعاقة بجميع أشكالها. وعلى الدولة اعتماد المقاربة الشمولية في تحسين أوضاع الأسرة في المدينة والقرية والأسرة المغربية في بلاد المهجر، خاصة ونحن في الألفية الثالثة، ومن الواجب بل من الحيوي خلق أسرة مؤهلة قادرة على مواجهة إكراهات وتحديات العولمة، لأن الأسرة المغربية ليست لها المقومات اللازمة والضرورية لولوج العولمة بكل جوانبها الإيجابية والسلبية، فهي لا تتوفر على المناعة اللازمة لتحصين نفسها وأفرادها من شراسة ووحشية العولمة وإعلامها المبثوث عبر فضائيتها المتنوعة التي تنشر سمومها وتأثيراتها السلبية على استقرار الأسرة المغربية بأصالتها وخصوصياتها. فالمجتمع المغربي بجميع مكوناته له خصوصياته المستمدة من دينه وثقافته وأعرافه وجذوره وأصالته، وبالتالي ليس من مصلحته الخضوع والذوبان في كل ما يأتي من الخارج، بل عليه أن يصون هويته العربية والإسلامية.
وبناء عليه، ومع هبوب رياح الديمقراطية، وخاصة مع فتح ورش الإصلاحات الجوهرية للدستور المغربي، واستنادا إلى ما جاء في الخطاب الملكي السامي من تعليمات بفتح باب الاجتهاد الخلاق من أجل اقتراح منظومة دستورية متقدمة لمغرب الحاضر والمستقبل، أقترح ما يلي:
استنادا إلى المرجعية الإسلامية وللعناية التي أولتها للأسرة وللإنسان وبناء على المواثيق والصكوك والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ونشرها في الجرائد الرسمية باعتبارها لا تناقض ولا تخالف الشريعة الإسلامية في شيء، لأنها تستهدف كرامة الإنسان التي أكد عليها الله سبحانه وتعالى في كتابه، وبناء على الدساتير الدولية، فإننا نلتمس من اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور دسترة مؤسسة الأسرة، وذلك بالنص صراحة في الدستور المرتقب على:
- اعتبار قضايا الأسرة شأنا وطنيا بامتياز وليس شأنا خاصا بالزوجين فقط.
- على الدولة تأمين الحاجيات المختلفة للأسرة في وضعية صعبة.
- يجب النص في الدستور المرتقب صراحة على أن الدولة المغربية تضمن كافة الشروط الضرورية للعيش الكريم وللتنمية الشاملة للأسرة بجميع مكوناتها، رجالا ونساء وأطفالا.
- يجب النص في الدستور كذلك على أن تضمن الدولة المغربية للشيوخ والمرضى والمعوقين الحماية الصحية والأمن المادي، وأن تقدم الدعم بجميع أنواعه إلى كل العاجزين عن العمل والكسب لأي سبب، جسميا كان أو عقليا أو نفسيا.
- يجب التنصيص في الدستور على إنشاء مجلس للأسرة والطفولة يتكون من كل الفاعلين المهتمين بقضايا الأسرة والطفل.
انتهى/
نجاة الكص - محامية بهيئة الدار البيضاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.