«أنام دائما وأنا جالسة ومحاطة بالكثير من الوسائد. رجلاي تكونان ملتصقتين ببعضهما، وجسدي متكوم على نفسه، حتى لا يمارس علي الجنس ذلك الجني الذي قلب حياتي رأسا على عقب»، تقول عزيزة (في الأربعينات من عمرها) وهي تصف معاناتها الطويلة مع جني عشقها وكان يمارس عليها الجنس، على الرغم من مقاومتها له، كما تقول. تحكي عزيزة أنها كانت تتبع دوما كل الطرق من أجل تجنب ذلك، لكنها كانت تجد نفسها باستمرار في وضع شبيه بمن يمارس الجنس. كانت تحس بمداعبته لها في مناطق حساسة من جسدها. حاولت عزيزة –كما تقول- حماية نفسها من هذا «الاغتصاب» فكانت تقضي الليل كاملا وهي نائمة في وضعية غير مريحة، وظلت على هذه الحال أربع سنوات مازالت تتذكرها بتفاصيلها المؤلمة. تروي عزيزة أن حكايتها مع عالم الجن بدأت قبل إحدى عشرة سنة حينما سمعت ذات ليلة شخيرا بقربها. كان الصوت ذكوريا، فتحت عينيها لتتأكد من صدق إحساسها، فلم تجد أحدا بجانبها، فأغمضت عينيها من جديد، غير أن الصوت سرعان ما عاد مرة أخرى. كانت عزيزة تتميز بشجاعة كبيرة، كما تقول، لذلك باغتت مصدر الشخير وانقضت عليه حتى تتأكد أكثر، غير أنها أحست لحظة وكأنها تعرضت لصعقة كهربائية، وأن شيئا شبيها ب«عاصفة باردة» دخلت إلى جسدها من جهة الرقبة. وأضافت عزيزة بأن ذلك الجسم الغريب، الذي «تسرب» إلى جسدها، شعرت به يتحرك داخلها، وأن قوة هذه الحركة كانت تزداد بجهة البطن إلى حد أنها بدأت تصرخ إلى أن استيقظ جميع من في المنزل. أشياء غريبة الخوض في هذا الموضوع يثير في عزيزة دائما خوفا شديدا ويؤثر على نفسيتها، رغم ذلك أصرت على الحديث بتفصيل عن تجربتها «المرضية» مع الجن. تجربة قلبت حياتها رأسا على عقب وجعلتها وأسرتها تعيش حالة من الرعب الدائم وتدخل متاهات «مظلمة» مع «الفقها» والمشعوذين وما تتطلبه طقوسهم من ذبائح وغيرها.. طقوس لم تكن عزيزة تؤمن بها، لكن بحثها عن العلاج جعلها تتشبث بأي شيء ينقذها مما تعانيه. وروت عزيزة كيف أن الكثير من الأمور التي تقع لها بالمنزل، والتي تشهد عليها أسرتها، تتجنب الحديث عنها باستمرار، يقينا منها بأن الناس لن يصدقوها، وقد يصنفونها في خانة الحمقى، لأنها تقول كلاما لا يقبله العقل ولا المنطق، مضيفة أنها، شخصيا، كانت تظن أنها تحلم عندما كان ذلك الشيء الغريب يغشاها. بعد ذلك بدأت تتراءى لها أشياء غريبة من قبيل أن وسادتها كانت تسحب من تحت رأسها فجأة، وكان ذلك يتكرر باستمرار. كما أنها كانت تشعر بيد خفية تداعب شعرها الطويل وتقوم بظفره، إضافة إلى تساقط بعض الأواني المنزلية التي تكون في وضع عادي، والتي كانت تسقط في ساعات الليل فقط، وبطريقة تثير الرعب، تقول عزيزة. رحلة مع المشعوذين طرقت أسرة عزيزة أبواب «الفقها» والمشعوذين في رحلة علاج لم تنته إلى حد الآن، غير أنها، بعدما فشلت جميع حصص «العلاج» مع «الفقها» والرقاة أو المعالجين بالقرآن الكريم، «استهوتها» فكرة البحث عن ظاهرة زواج الإنس بالجن وعشقه لبني جلدتها، فتبين لها، كما تحكي، أنها معشوقة من طرف هذا الجني، وهي تعتقد أنه بعشقه لها حرمها من أن تعيش حياتها كغيرها. وكأمثلة على ذلك تحكي عزيزة أنه «منعها» من الزواج، رغم تعدد العرسان الذين أبدوا رغبتهم في الزواج بها. إذ كلما تقدم شخص لخطبتها، تقول عزيزة، كانت تبحث عن عيوب غير ظاهرة فيه لتبرر رفضها له، مضيفة أنها أحيانا كانت «تشتمّ» رائحة كريهة في بعضهم، مما يزيد من نفورها منهم، مع العلم أنهم كانوا أشخاصا عاديين ولا رائحة كريهة فيهم، تقول عزيزة، مضيفة بأن هذا ما يصطلح عليه ب«المانع»، وتوضح ذلك قائلة إن الجني إذا عشق الإنسي «ينعم» عليه ويستجيب لطلباته إن هو اتبعه في هواه، أما إذا صده الإنسي ورفضه فإن الجني ينتقم منه. ضحية أخرى بعدما تعبت عزيزة من «الفقها» والمشعوذين قادت بنفسها رحلة علاجها، حيث داومت على تلاوة القرآن الكريم، إلى حد أنها كانت تقضي الليل كاملا وهي تقرؤه، أو تستمع إليه عن طريق الأشرطة، ومازالت تتذكر كيف تكسرت مجموعة من الأجهزة الإلكترونية أمامها بفعل قوة خفية بعد أن غضب عليها الجن. وأضافت أنها لم تشف تماما، بل إن وضعها الصحي يصير أكثر تعقيدا كلما حل شهر نونبر من كل سنة. عزيزة لم تعد وحدها من تعاني ذلك، إذ بدأت شقيقتها أيضا تظهر عليها الأعراض نفسها، وإن كانت أقل حدة. وقد أكدت نادية (أزيد من 40 سنة) شقيقة عزيزة أنها شاركت شقيقتها جميع مراحل مرضها منذ أن أصيبت به قبل إحدى عشرة سنة، حيث كانت بجانبها وكانت تلاحظ بعض الظواهر الغريبة عليها، وكذا حالات الهستيريا والاختناق التي كانت تصيبها في بعض الأحيان، إلا أنها أصبحت، مؤخرا، هي الأخرى تحس ببعض هذه الأعراض التي تعاني منها شقيقتها من قبيل وجود جسم غريب يتحسسها، إضافة إلى الاختناق وغير ذلك، إلا أن كل هذا يظل أقل حدة مقارنة بعزيزة، التي تعاني باستمرار من هذه الأعراض.