الشابي: التعادل منطقي.. وسانتوس: كنا الأفضل    ميناء الناظور .. إحباط محاولة تهريب كمية قياسية من الأقراص المهلوسة    تخصيص أراضٍ جنوب المملكة لمشاريع الهيدروجين الأخضر بقيمة 319 مليار درهم    النصيري يقود فنربخشة للتعادل أمام ألانيا سبور في الدوري التركي    حرب الإبادة مستمرة | قصف مستشفيات وتفجير مدرعات مفخخة.. ونزوح جماعي نحو المجهول كأنه يوم القيامة    مراكش تعزز أسطولها ب158 حافلة صينية استعداداً ل"كان 2025"        عداؤو الأمن الوطني يتألقون في بطولة الشرطة العربية لسباق الضاحية ببغداد    تقرير: الأحزاب المغربية تفقد ثقة 91.5 في المائة من المغاربة وتُتهم بجعل المال والولاء طريقا للترقي داخلها    تعيين البروفيسور مهدي الصوفي عميداً لكلية الطب والصيدلة بأكادير    الخنوس: فخور بتمثيل المغرب وسعيد ببداياتي مع شتوتغارت    اعتقال 19 شخصا في إسبانيا بتهمة قتل مهاجرين على متن قارب في الأطلسي    عمدة بينالمدينا الإسبانية يكرم شخصية مغربية تقديراً لنجاح مبادرات ثقافية    تاريخ جديد .. إسحاق ناظر يتوج بذهبية 1500 متر في بطولة العالم لألعاب القوى بطوكيو    بورصة الدار البيضاء تغلق تداولات الأربعاء بانخفاض المؤشرات    وزير الصحة يتفقد مشاريع صحية جديدة بالناظور والدريوش    المغرب يرفع العبء الضريبي عن المتقاعدين بحلول 2026    سانتوس يعلن عن تشكيلة الجيش الملكي لمواجهة الرجاء في "الكلاسيكو" المرتقب    ميناء المضيق يحقق ارتفاعا قياسيا في مفرغات الصيد        ناصر بوريطة في زيارة رسمية إلى الصين يومي 19 و 20 شتنبر    أسطول الصمود .. "عقبات تقنية" تعرقل انطلاق سفينة مغربية نحو غزة        الاتحاد الاشتراكي يحذر من "تغول الذكاء الاصطناعي" في الانتخابات ويدعو إلى تنظيم استعماله    عدد مغادري إسرائيل يسجل الارتفاع    منطقة اليورو.. التضخم يستقر عند 2 في المائة في غشت الماضي مطابقا لهدف البنك المركزي الأوروبي    أرقام رسمية تكشف المستفيدين.. النساء والمغاربة بالخارج يستحوذون على 70% من دعم السكن    طائرة طبية تتدخل لنقل طفل مريض    مورينيو يُرشح لتعويض لاجي ببنفيكا    "حزب الكتاب" ينتقد أداء المستشفيات    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    آلام الرقبة قد ترجع إلى اختلال وظيفي في المضغ    مهرجان الظاهرة الغيوانية في دورته الثالثة بالدار البيضاء    الموسيقى المغربية تتألق في حفل "أصوات من الديار" بواشنطن    "مجموعة العمل من أجل فلسطين": مخرجات القمة العربية الإسلامية شجعت إسرائيل على مواصلة العدوان    الاتحاد الأوروبي يقترح فرض عقوبات على إسرائيل بسبب الحرب على غزة        تحذير للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات بوجود ثغرات في أنظمة إلكترونية    التوفيق يكشف حصيلة تأهيل المساجد المتضررة من زلزال الحوز    زخات رعدية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة اليوم الأربعاء بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    "حين سقط القمر" رواية جديدة للكاتب والأديب المغربي محمد بوفتاس    هوليوود تودع أسطورة السينما روبرت ريدفورد عن عمر يناهز 89 عاما    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    والي بنك المغرب يشدد على أهمية التعاون العربي في المجال النقدي        قهيوة مسائية بطنجة رفقة الفنان فؤاد الزبادي    السيارات الكهربائية: المغرب يحتضن أكبر مصنع للبطاريات        ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    إيران تؤكد إعدام "جاسوس لإسرائيل"    بوبريك: 24 مليون مستفيد من التغطية الصحية و4 ملايين أسرة تحصل على الدعم المباشر    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    نور فيلالي تطل على جمهورها بأول كليب «يكذب، يهرب»    التغذية المدرسية.. بين إكراهات الإعداد المنزلي وتكاليف المطعمة    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النيران تشوه رضيعا ووالديه بمراكش بعد قيام السلطات بهدم منزل الأسرة
السلطات غضت الطرف عن السكن العشوائي
نشر في المساء يوم 27 - 12 - 2011

بالقرب من القصر، الذي تقيم فيه كارلا بروني، زوجة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، شبت النار في جسد رجل وزوجته، ورضيعهما
الذي لا يتجاوز عمره سنة و8 أشهر، صباح أول أمس السبت، عندما حضر قائد منطقة «الفخارة»، الموجودة بالقرب من سوق الخميس بمراكش، لمنعه من القيام ببعض الأشغال ببيته الذي لا تتجاوز مساحته 16 مترا، ولا يتوفر على سقف يحميه وأسرته من الأمطار والبرد القارس، حسب ما عاينته «المساء».
فقد أصيب عبد السلام طاطا، الذي يبلغ من العمر 35 سنة بحروق بليغة، مثله مثل رضيعه يونس، في حين أصيبت زوجته فاطمة أيت ابراهيم، البالغة من العمر 27 سنة، بجروح طفيفة في اليد والوجه، نقلوا على إثرها إلى مستعجلات مستشفى ابن طفيل (سيفيل) على وجه السرعة لتلقي الإسعافات الأولية، قبل أن يتم إدخالهم إلى قسم الإنعاش نظرا إلى خطورة الحروق التي أصيبوا بها، خصوصا الرضيع الذي غطت النيران جسده النحيف بالكامل.
وأوضح أحد شهود العيان أنه صباح أول أمس السبت كان عمال البناء منهمكين في الأشغال داخل «البراكة» الصغيرة، وبينما كانت «فاطمة» زوجة «عبد السلام» تُعدّ الفطور لعمال البناء، حضر قائد منطقة «الفخارة» التابعة لمقاطعة النخيل، التي ترأسها ميلودة حازب، البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، والغضب يتملكه، خصوصا وأنها المرة الثالثة التي يقوم فيها «عبد السلام»، بالأشغال، بعد عمليتي هدم نفذها أعوان السلطة في حق «عشه الزوجي». وقف القائد أمام مدخل «العش» طالبا من «أبو يونس» هدم ما بناه في مساحة لا تتجاوز المتر. هذا الأمر اعتبره «عبد السلام» نوعا من «الحُكرة»، خصوصا أن باقي سكان المنطقة شيدوا منازلهم المكونة من طابقين، إضافة إلى الجزء السفلي دون ترخيص، وبعلم السلطات والمنتخبين الجماعيين ورجال السلطة المحلية، إضافة إلى أنه «قام بالواجب مع أحد ممثلي السلطة»، يقول أحد الجيران نقلا عن الضحية «عبد السلام»، المعروف ب«السعيد»، لكن هذا الكلام لم يُثن القائد عن قراره، آمرا «عبد السلام» بهدم ما بناه، فما كان من الأخير إلا أن أخذ قنينة من سائل «دُوليُو»، كانت داخل «براكته» وصبها على جسده بالكامل. وفي غمرة «غليان الدم»، توجه الضحية بالقرب من قنينة الغاز (البوطا) التي كانت مُشغلّة لإعداد الفطور للعمال «دون أن يكون له قصد في إضرام النار في جسده»، يقول عامل البناء الذي كان يعمل داخل منزل «عبد السلام»، لتندلع النيران في جسد رب الأسرة الفقيرة.
الرضيع وسط النيران
غمرت النيران جسد «عبد السلام» بالكامل، وأضحى يصارع اللهيب، الذي تطاير صوب قطعة القماش التي يرقد عليها «يونس» ليصير الرضيع قطعة لحم صغيرة «تشوى» وسط النار، مما دفع الأم إلى أن تبادر إلى سحب فلذة كبدها من وسط لهيب النيران، لتصاب بحروق طفيفة في يديها وجبينها. خرج «عبد السلام»، الذي يعمل موزعا للخبز، وهو يصارع النيران، في مشهد شبهه العديد ممن حضروا الواقعة بحادثة التونسي «البوعزيزي»، ليتوجه صوب «سقاية» الماء مسرعا، فما كان من بعض شباب الحي إلا أن هرعوا صوب الضحيتين «عبد السلام» و«يونس» ووضعوا فوقهما أقمشة مبللة بالماء من أجل إطفاء النيران التي اندلعت في جسديهما. وبحسب معلومات غير مؤكدة فإن قائد المنطقة طالته بعض شرارات النيران، جعلته ينتقل للعلاج.
شاهد عيان، وأحد الذين قاموا بإنقاذ الرضيع «يونس» رسم مشهدا مؤثرا للوضع الذي كان عليه الطفل الذي لم يتجاوز عمره 18 شهرا، يحكي المصدر ذاته أنه عندما دخل المنزل الصغير، ووجد النيران قد شبت في جسد الرضيع، لم يسمع لابن السنة و8 أشهر أي بكاء أو صوت. وأوضح الشاهد أنه قام بنزع ملابس الطفل من على جسده، لكن هذه العملية لم تكن بالسهلة، إذ بمجرد ما كان يسحب أجزاء من ملابس الرضيع إلا وكانت قطع اللحم تتساقط مصحوبة بسائل ينبعث من تحت جلد الرضيع، «مما جعل العملية لا تطاق»، يقول المتحدث نفسه.
كلام غير ذي جدوى
بعد حوالي ربع ساعة حضرت سيارة الإسعاف إلى حي «الفخارة» من أجل نقل الضحايا، لكن السكان رفضوا السماح لرجال الوقاية المدنية بنقل المصابين إلى مستشفى ابن طفيل إلى حين حضور رجال الصحافة والإعلام، وهو ما جعل عملية إنقاذ الضحايا تتأخر. وقد نظم بعض السكان بعد نقل المصابين إلى المستشفى مسيرة على الأقدام صوب مستشفى ابن طفيل، جعلت المصالح الأمنية تحشد قواتها صوب المنطقة الحساسة، هناك وقف العشرات من السكان ينددون بتصرفات القائد والشيخ والمقدم، ويشتكون من الظلم الذي يتعرضون له من قبل السلطات.
إذا اعتبروا أن اللقاءات والوعود التي قدمها كل من والي جهة مراكش تانسيفت الحوز محمد امهيدية، وقائد منطقة الفخار، كانت عبارة عن «تمويهات واستغفال لنا»، مشيرين إلى أنهم عقدوا لقاءات بحضور والي الجهة، هذا الأخير الذي أكد لهم أن منازلهم المشيدة بطابقين غير قانونية، وأن الأمر يتطلب هدمها مقابل تعويضهم عن الأضرار التي لحقتهم، وهو ما اعتبروه «كلاما غير ذي جدوى». كما أوضح السكان ل «المساء» أنهم نظموا مسيرة صوب قصر الأميرة، عندما أبلغهم «شيخ» المنطقة أن السلطات قررت هدم منازلهم، وهو ما دفع قائد المنطقة إلى تأكيد أن السلطات لن «تتجرأ» على هدم ما بنوه بعرق جبينهم.
مكتب القائد يطل على البناء العشوائي
والغريب، حسب ما عاينته «المساء»، هو أن النافذة الموجودة بمكتب القائد، تطل على عدد من المنازل التي شرع أصحابها في بناء طابقين منذ شهور لكنه لم «يجرؤ» على منع أصحاب هذه المنازل، مما يورط السلطات المحلية في تنامي البناء العشوائي.
هذا، وقد تشكل حي «الفخارة» نتيجة منطق «السيبة» وسياسة «عين ميكة»، التي أطلقها المسؤولون عن قطاع التعمير، خلال المجلس الجماعي السابق، وجاء المنتخبون بالمجلس الحالي، بتواطؤ مع السلطات لإتمام هذه «البدعة»، ليجعلوا البناء العشوائي ينتشر في هذه المنطقة الفقيرة.
بعد هذا الحادث، الذي حضره البرلماني أحمد المتصدق، عن حزب العدالة والتنمية، والبرلمانية ميلودة حازب، رئيسة مقاطعة النخيل، من المفروض أن يفتح تحقيق دقيق، حول الجهات التي لها يد فيما آل إليه الوضع بمنطقة «الفخارة» وغيرها من القنابل الموقوتة، والتي لم يكن «عبد السلام» وزوجته ورضيعه سوى ورقة التوت التي تخفي عورة الفساد، والبناء العشوائي، اللذين تلطخت بهما يد بعض المسؤولين، الذين لا شك ستسمع أخبار عنهم خلال الأيام القليلة المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.