"النقود السليمة" تُضعف ترتيب المغرب في تقرير الحرية الاقتصادية    طنجة.. السلطة تُنهي جدل تسعيرة "الطاكسي الصغير" وتُحدد الحد الأدنى في 7 دراهم    المغرب يحذر "الإيكاو" من خطورة المناطيد الهوائية على سلامة الطائرات    تفاصيل خطة إنهاء الحرب في غزة.. ترامب يتحمس وبلير يعود إلى الواجهة    تجمهرات تخلف إصابة 29 عنصرا أمنيا                                        الأمير مولاي الحسن يترأس افتتاح الدورة ال 16 لمعرض الفرس للجديدة    الحسيمة.. عائلة الشاب الذي توفي بحانة كانتينا تكشف معطيات جديدة    إنزال أمني يمنع شبابا من الاحتجاج    لليوم الثالث .. "منع استباقي" ومطاردات تبصم احتجاجات شبابية وسط الرباط    مؤتمر "العدالة والتنمية" بتيزنيت ينتخب عبد الله القصطلني كاتبا إقليميا    الدار البيضاء: إيقاف شخص ينشر صور وفيديوهات للاحتجاجات ببعض الدول الأجنبية ويدمجها مع مظاهر للإحتجاج داخل التراب الوطني    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    الحوز .. ارتفاع ب6 في المائة في عدد ليالي المبيت السياحية عند متم يوليوز الماضي (مرصد)    قطر تأمل نهاية الحرب في غزة    تأجيل مباراة فالنسيا وريال أوفييدو بسبب سوء الأحوال الجوية    ناشط مغربي ب"أسطول الصمود": ننتظر الوصول إلى غزة بفارغ الصبر    بورصة البيضاء تُغلق على أداء سلبي    الركراكي يلتقي بالصحافيين في سلا    صحافة الشيلي: فوز المغرب على إسبانيا يفجر أولى مفاجآت "مونديال U20"    جبهة القوى الديمقراطية تدعو إلى مناظرة وطنية شاملة حول قطاع الصحة    أمطار رعدية قوية مرتقبة في المغرب    دي كابريو يتصدر شباك السينما بأمريكا الشمالية    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين الجدد التابعين لقطاع التربية والتعليم    القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم    برامج شيقة تمزج بين الإبداع والتجديد في الموسم التلفزي الجديد لقناة الأولى        نشرة إنذارية: زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بتساقط للبرد مرتقبة اليوم الاثنين بعدد من مناطق المملكة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    وجدة تحتفي بالسينما المغاربية والدولية في الدورة 14 للمهرجان الدولي المغاربي للفيلم    المعهد المتخصص في الفندقة و السياحة بالحوزية ضمن المتوجين في الدورة 11 للمعرض الدولي ''كريماي'' للضيافة وفنون الطبخ    أكبر جمعية حقوقية بالمغرب ترصد الانتهاكات التي رافقت "قمع" احتجاجات الشباب وتطالب بوقف الترهيب    كأس العالم تحت 20 سنة.. المنتخب المغربي يتصدر المجموعة بعد تعادل البرازيل والمكسيك    بنسعيد: الراحل سعيد الجديدي أغنى المكتبة الوطنية بإنتاجات أدبية وصحفية قيمة    الذهب يتجاوز عتبة 3800 دولار للأوقية وسط تزايد توقعات خفض الفائدة        "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    البرلمان البرتغالي يناقش مقترح الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء    تراجع طفيف لأثمان الإنتاج الصناعي    محمدي يجمع الرواية والسيرة والمخطوط في "رحلة الحج على خطى الجد"    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    التضليل الإلكتروني بمؤامرة جزائرية لخلط الأوراق: مشاهد قديمة تُقدَّم كأحداث راهنة بالمغرب    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم            بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنود و«مخازنية» ضمن قائمة ضحايا القروض الصغرى
ضابط عسكري متقاعد يحصل على قرض بصفته «بائعا متجولا» ودين يمنح لإطار في الداخلية «لإنعاش مقاولة صغرى»
نشر في المساء يوم 16 - 01 - 2012

وافتنا جمعية ضحايا القروض الصغرى في ورزازات ونواحيها بملفات، معززة بوثائق، لحالات «خاصة جدا»، على حد قول أعضاء الجمعية. تتعلق هذه الحالات بأشخاص استفادوا من قروض صغرى،
في الوقت الذي يمنع القانون منح جمعيات التسليف هاته قروضا. جزء كبير من هؤلاء المقترضين هم موظفو دولة، أي أنهم أشخاص يتوفرون على ضمانات، كما أنهم غير معنيين بالقروض الصغرى، التي تسلمها جمعيات لأشخاص لا وظيفة لهم قصد إقامة مشاريع.
وكشف أعضاء الجمعية حالة كاتبة قائد في منطقة «تاكونيت»، كانت تشتغل ك«سمسارة» لجمعية القروض الصغرى لفائدة موظفين وأشخاص عاديين. اعتقلت هذه الكاتبة ، بعدما تقدم 15 شخصا عجزوا عن سداد الديون المترتبة عليهم بشكاية. حكمت عليها المحكمة بستة أشهر، بينما ما يزال العديد من الذين استدرجتهم للاستدانة من جمعيات قروض صغرى يعيشون مشاكل كبيرة.
وقد حصلت «المساء» على عقود وقّعها جنود و«مخازنية» وموظفون في وزارة الداخلية، في ورزازات وضواحيها، لاستقراض مبالغ صغيرة «يتدبرون بها أمرهم». المشترك بين هذه العقود أن الفصول التي توضح طبيعة القروض وكيفية تسديدها والجزاءات المترتبة عن عدم التسديد، مكتوبة بخط صغير جدا، لا يكاد يُرى.. كما أن بين سداد الأقساط غير قانوني، حسب بناصر إسماعيلي، رئيس جمعية ضحايا القروض، «أولا يمنع القانون على هذه الجمعيات منح قروض لجنود ومخازنية وموظفي دولة، لأن الغرض منها هو المساعدة على إقامة مشاريع مدرة للدخل، ولهذا أحدثت وتُدعّم من طرف صناديق دولية. ثانيا، هناك خروقات واضحة في هذه العقود، فكشْف سداد الديون غير واضح وغير مختوم بطابع خاص بجمعية التسليف، إذ يؤشر على أن الجمعية تلقت دفعة عن الدين فقط بطابع «payé» ،والذي يمكن الحصول عليه بسهولة من المكتبات. ورغم أن العقود تسير إلى أن نسبة الفوائد لا تتجاوز 2 أو 3 في المائة، فإن خبرات أجريناها أكدت لنا أن هذه النسب تصل إلى 20 وحتى 300 في المائة»، يوضح بناصر.
من بين موظفي الدولة الذين منحتهم جمعيات تسليف قروضا صغرى، والذين تتوفر «المساء» على ملفاتهم، شاب من مواليد 1982 تشير بطاقة تعريفه الوطنية إلى أنه يعمل «مخزني» ويقطن ب«المجموعة «...» للمخزن المتنقل ق. س. السمارة». اضطر هذا الشاب لاقتراض مبلغ 2000 درهم فقط سنة 2009 من وكالة قروض صغرى في ورزازات، كما يشير إلى ذلك كناش الأداء الخاص به. تم الاتفاق على أنه سيسدد مبلغ 252 درهما كل شهر ولمدة 9 أشهر، ما يعني أنه سيؤدي في النهاية مبلغ 2268 درهما.
رغم هزالة المبلغ المقترض فإنه عجز عن سداده بعد دخوله دوامة ارتفاع نسبة الفائدة. يشير كناش الدين الخاص به إلى أنه لم يتمكن، في بعض الشهور، إلا من توفير 30 درهما، بينما تحتم عليه أداء 252 درهما شهريا. في النهاية، وجد نفسه غير قادر على أداء القرض الذي في ذمته، إذ أشار في استمارة خاصة بالمتضررين من القروض الصغرى، والتي ملأها بخط يده، إلى أنه اضطر إلى الاستدانة في «أوقات الأزمات لحل مشاكل مادية»، مضيفا أن هذا الاقتراض تسبَّبَ له في مشاكل حددها في «عدم الالتزام بواجبات مادية أخرى»، علما أنه متزوج وأب لطفل في مقتبل العمر. وشدّد هذا المخزني على التعامل «غير الجيد» لموظفي جمعية القروض معه، رغم طبيعة عمله، مضيفا: «أطالب المسؤولين بأن يحاربوا هذه المؤسسات، لأنها تسببت في مشاكل اجتماعية ومادية، بدل أن تكون حلا لهذه المشاكل».
ضمن الملفات التي حصلت عليها «المساء» حالة مخزني آخر ولد سنة 1979 ويقيم ب«المخزن المتنقل تاكونيت في زاكورة». استلف هذا «المخزني» مبلغ 15 ألف درهم واتفق مع جمعية للقروض الصغرى على سداد الدين خلال مدة 24 شهرا. بدأ في سداد الدين في سنة 2008، تاريخ اقتراضه من الجمعية المذكورة، لتدبر أمور عيشه رفقة زوجته وابنه، ذي الثلاث سنوات. لم يتمكن من سداد الدَّين حتى الآن، والسبب هو «الزيادة المرتفعة»، حسبه، في قيمة الفوائد. توقف هذا المخزني عن سداد الدين وأحال ملفه على جمعية ضحايا القروض الصغرى.
حالة أخرى صادمة تتعلق بسيدة تعمل إطارا في وزارة الداخلية، السلم ال11. لجأت هذه السيدة، هي أيضا، إلى جمعية ضحايا القروض الصغرى، بعدما عجزت عن سداد دين صغير اقترضته من جمعية لإنعاش المقاولات الصغرى في بداية من سنة 2005 من أجل غاية لا علاقة لها بالعمل المقاولاتي، ويتعلق الأمر بتدبير مصاريف علاج ابنتها المصابة بمرض مزمن، حسب قولها. أقرضت الجمعية هذه السيدة رغم أنها موظفة في الداخلية، وهي الصفة التي تقدمت بها منذ البداية للاستدانة.. أخضعتها وضعيتها الصعبة واضطرارها للتكفل بابنتها المريضة، بعد طلاقها من زوجها، ل»خناق» القرض، الذي استلفته بفوائده المرتفعة، إلى درجة أن راتبها الشهري لم يسعفها في سداد أقساطه وتدبر باقي مصاريف العيش..
ومن بين الملفات التي حصلت عليها «المساء» ملف عسكري في فيلق المشاة في العيون، استلف مبلغا من جمعية لإنعاش المقاولات الصغرى، رغم أنه جندي ولا علاقة له بالمقاولات، من أجل شراء بقعة أرضية وتدبير حاجيات الزواج، كما يشير إلى ذلك. اقترض هذا الجندي الدين في شهر مارس 2009 وظل يسدد أقساطه الشهرية حتى عجز عن ذلك وتراكمت عليه الديون ولم يعد يستطع، كما كتب بخط يده، تلبية متطلبات الحياة. «نريد أن نشير إلى أننا تقدمنا إلى البنوك ولكنْ دون جدوى، نظرا إلى ظروف العمل، لذلك قصدنا هذه المؤسسات، لكن الفوائد كانت ضارة جدا وهدامة لأمور الحياة. لذلك نطلب منكم أن تساعدونا لإيجاد حلول لهذه الأضرار التي نعاني منها، ولكم جزيل الشكر والامتنان»، يكتب هذا الجندي في أسفل الاستمارة التي تقدم بها لجمعية ضحايا القروض الصغرى.
عسكري آخر يوجد ضمن فوج لإصلاح العتاد في مكناس حصلت «المساء» على ملفه. لم يكن عمره يتجاوز 23 سنة عندما اقترض دينا من جمعية للقروض الصغرى في سنة 2009 من أجل شراء بقعة أرضية، كما يقول. تسبب له انشغاله بسداد الدين في الإفلاس وفي مشاكل عائلية، كما يشير.
ودخل ضابط متقاعد في القوات المساعدة، هو الآخر، قائمة ضحايا القروض الصغرى في ورزازات بعدما اقترض مبلغ 5000 درهم من وكالة تسليف في المدينة وتحتّمَ عليه سداد مبلغ 280 درهما شهريا. المثير أكثر هو أن هذا العسكري المتقاعد تقدم بصفة بائع متجول من أجل الحصول على القرض.. وظل هذا الضابط العسكري المتقاعد يتدبر أقساط الدين، كما يؤكد، من معاشه الذي وصفه بالهزيل، في الوقت الذي أنفق قرضه على أسرته التي تضم زوجته وابنا معاقا وآخر عاطلا عن العمل. أشار هذا العسكري إلى أن القرض الذي استدانه تسبب له في مشاكل اجتماعية، كما أنه لم يتمكن من «توفير ضروريات الحياة والمأكل والمشرب والملبس والتطبيب»، حسبه، إلى جانب تعرضه للإهانة والتعامل بقسوة واحتقار وتهديده من طرف موظفي جمعية القروض.
من بين «الحالات» الخاصة لضحايا القروض الصغرى التي تتوفر «المساء» على ملفاتهم حالات طالبات سلمتهن جمعيات إنعاش مقاولات صغرى قروضا. إحدى هؤلاء الطالبات ابنة متقاعد في القوات المسلحة الملكية. اضطرت الابنة، وهي متزوجة، إلى اقتراض مبلغ هزيل، ولكنها وجدت نفسها غير قادرة على سداد أقساطه، التي كانت تحصل عليها من مبلغ التقاعد الشهري لوالدها، وأمام تراكم الديون على عاتقها، اضطرت إلى الاستنجاد بجمعية القروض الصغرى والانضمام إلى آلاف الأشخاص الذين حكمت عليهم ديون بسيطة بمواصلة بقية حياتهم مثقلين بحمل لا يطاق..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.