لم يكن أكثر المتشائمين يعتقد أن المنتخب المغربي الذي تألق في مونديال المكسيك سنة 1986، وحافظ على نسبة كبيرة من مكوناته البشرية، التي اكتسبت الخبرة بعد احتراف أغلب عناصرها سيخرج صاغرا من أول وآخر دورة لكأس أمم إفريقيا يحتضنها المغرب، لقد كانت كل الظروف مواتية ليحوز منتخب المهدي فاريا ما عجز عن تحقيقه في دورة مصر قبل عامين، ويعيد إلى الأذهان ملحمة غوادا لاخارا في الدارالبيضاء. قال المهدي فاريا إن الضغط قد بدأ حين تبين أن الملك الراحل الحسن الثاني يتابع تداريب الفريق من خلال تقارير سرية تصله إلى القصر بأدق التفاصيل، وكان مسؤولو الجامعة يخبرون المدرب بأن دورة 1988 هي بمثابة امتحان للجميع، رغم أن جامعة الكرة كانت موزعة بين الاهتمام بالمنتخب والتركيز على مؤتمر الكونفدرالية الإفريقية الذي عقد على هامش البطولة وانتخب الكاميروني عيسى حياتو رئيسا للاتحاد الإفريقي لكرة القدم خلفا للإثيوبي يدنيكاتشنيف تيسيما الذي وافاه الأجل المحتوم قبل الرحيل إلى المغرب. عجز المنتخب المغربي بخيرة نجومه كالزاكي والحداوي والبياز وبودربالة وكريمو وخيري والتيجاني واللمريس وناضر وموحد وغيرهم من العناصر التي شقت طريقها نحو الاحتراف، عن تجاوز الدور النصف النهائي مما عجل برحيل المدرب المهدي فاريا بعد ارتباط دام أربع سنوات. تجاوز المنتخب المغربي الدور الأول بصعوبة، بعد تعادلين أمام الزايير والكوت ديفوار ثم انتصار عسير أمام الجزائر، لكن قطار الفريق الوطني توقف مساء يوم 23 مارس عند صخرة الكاميرون، بعد خسارة «شامتة» من هدف سجله مكاناكي إثر مخادعة للحارس الزاكي الذي فوجئ بالكرة تستقر في مرماه بعد ارتطام بقدم البياز، ليخرج آلاف المتفرجين وهم يلفون أجسادهم في الألم. في تلك الأمسية، انهزم المدافع حسن موحد مرتين، مرة حين خسر من الكاميرون بهدف خدع الحارس، ومرة حين تلقى ضربة رأسية على وجهه حطمت أنفه، أدخلته في غيبوبة إلى ما بعد انتهاء المباراة بساعات، إثر مناوشة بين المدافع المغربي مصطفى البياز والمهاجم الكاميروني طاطاو، قد جعلت هذا الأخير يوجه ضربة رأسية لحسن موحد اعتقادا منه أن حسن هو البياز بحكم التشابه في الهيئة وتسريحة الشعر. يقول المدافع المغربي المعطاوي التجاني ل«المساء»: «كنت قريبا من العملية وفي غفلة من الحكم انهار موحد بعد أن تلقى رأسية من طاطاو اعتقادا منه أن حسن هو البياز الذي دخل معه في مناوشات طيلة المباراة». أصيب حسن بكسر على مستوى الأنف أدخله على الفور في غيبوبة، جعلته يعيش بين الحياة والموت حتى تسربت إشاعة في الدارالبيضاء قتلت المدافع السابق للرجاء ودعت إلى وقف التظاهرة وإعلان حالة حداد في البلاد. ومن الطرائف التي ارتبطت بالحدث أنه حين استيقظ حسن وجد نفسه ممددا على سرير بمستشفى 20 غشت العمومي، وهو بلباسه الرياضي محاطا بوالدته وحين استفسر عن الأمر أخبرته بالواقعة، «لم أفهم ما يحدث حولي، وبعد مهلة تبين أنني أصبت بكسر على مستوى الأنف وأن العملية التي أجريت لي لم تكن صائبة، وحين سافرت إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية قرر أحد الأطباء أن أعيد العملية من جديد كي لا يتجدد الأم ورفعت دعوى على الجامعة». شهدت الدورة انتخاب عيسى حياتو رئيسا للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بدعم من المغرب وكان أسعد رجل من بين كل الحاضرين لأنه فاز مرتين إذ نال منتخب بلاده كأس إفريقيا، ونال صفة رئيس للكاف منذ ذلك التاريخ أصبح شهر السعد لديه هو مارس.