دي ميستورا يعري عورة الجزائر و ينسف مزاعم الحياد التي يجترها وزير خارجيتها عطاف    أخنوش: نهدف لتحقيق التوازن بين القطاعين العام والخاص في الصحة خلال 3 سنوات    أخنوش: حصيلة الحكومة إيجابية وأولويات السنة الأخيرة تركز على الأوراش الاجتماعية    وزراء يؤكدون أن مشروع "AYA" خطوة للمغرب نحو تفعيل استراتيجيته الصناعية وتعزيز سيادته الغذائية    أخنوش يستعرض حصيلة الحكومة خلال السنوات الأربع الأخيرة    استغلال سيارات أجرة بطنجة لوثيقة تسعيرة مزورة تجرهم للمساءلة القانونية    تفاصيل اغتيال كيرك المؤيد لترامب ونتنياهو بالرصاص    مهرجان بلجيكي يلغي عرضا لأوركسترا ألمانية بسبب قائدها الإسرائيلي    لامين يامال: "أحلم بالفوز بعدة كرات ذهبية"    رونالدو يثير الجدل بمتابعته مؤثر مسلم يقدم محتوى تعريفي عن الإسلام    لقجع يصدم خصوم الحاج أبرون ويحفظ مصداقيته أمام حملة تشكيك في طريق عودته لرئاسة المغرب التطواني    سلا: الشرطة تستخدم السلاح لتوقيف شخص عرض عناصرها لاعتداء جدي وخطير باستعمال السلاح الأبيض    كيوسك الخميس | 40 دولة من مجلس حقوق الإنسان تجدد دعمها لمغربية الصحراء    أخنوش: حسابات سياسية عطلت تحلية المياه لعشر سنوات    "حيازة الكوكايين" يوقع مروجا للمخدرات في قبضة درك إساكن    المغرب يقود النقاش الإقليمي حول مستقبل الفضاء الأورو–متوسطي        الدوري المغربي ينطلق بطموحات جديدة    طيارون يقرون بميلهم المتزايد إلى أخذ قيلولة أثناء الرحلات الجوية    الصين تفرض عقوبات على "ريد نوت" بسبب محتويات "تافهة" و"سلبية"    مقتل طفل وإصابة آخرين جراء اقتحام سيارة حضانة قرب تورونتو بكندا    ارتفاع طفيف للذهب وسط توقعات بخفض الفائدة الأمريكية    طقس الخميس: أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات            مليلية .. اعتقال بارون مخدرات مطلوب من المغرب باربع مذكرات بحث دولية    الصين تكشف عن مخطط لتسريع تكامل الذكاء الاصطناعي مع قطاع الطاقة    معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات (CIFTIS) هذا العام.. القطاع السياحي والثقافي في قلب اهتماماته    مندوبية التخطيط: 41 في المائة من أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاعا للنشاط خلال الفصل الثالث من 2025    بطولة انجلترا: الاصابة تبعد الدولي المصري مرموش عن ديربي مانشستر    هشام العلوي: الأجهزة الأمنية في المغرب تجاوزت صلاحياتها.. ودور الملكية في أي انتقال ديمقراطي يجب أن يكون أخلاقيا    أخنوش: حصيلة إعادة الإعمار بعد الزلزال مشرفة... ولم يعد إلا عدد قليل في الخيام    أخنوش: أنا "فرحان" لأنني لن أشرف على الانتخابات المقبلة    نحن جيل الذاكرة الحية    الفيلم المغربي "وشم الريح" يتوج بجائزة في مهرجان قازان الدولي    تداولات بورصة البيضاء تنتهي خضراء    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    المغربي وليد الحجام يوقع لعامين مع جيروندان بوردو الممارس في الدرجة الرابعة لكرة القدم بفرنسا    حسام أمير يعيد إحياء "حكّام الرجال" بأسلوب معاصر                بعد جدل طلاقها .. سكينة بنجلون تطلق نداء عاجلا لحسن الفذ    تعيينات في المصالح الاجتماعية للأمن‬    188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    صيف استثنائي بفضل الجالية.. 4,6 ملايين سائح بالمغرب خلال يوليوز وغشت    المنتخب الإماراتي لكرة القدم يتأهل إلى نهائيات كأس آسيا لأقل من 23 سنة    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال        باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة الحكامة والحكامة الحكومية
نشر في المساء يوم 19 - 01 - 2012

يبدو أن الحكومة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية والتي تعتقد أن كل مشاكل المغرب مرتبطة بغياب الحكامة الجيدة، قد تشكلت، سواء تعلق الأمر بهيكلتها أو ببنيتها أو بكيفية توزيع المسؤوليات بين مكوناتها في سياق لا يمت إلى الحكامة بشيء، ودليل ذلك أن يطالب حزب سياسي مشارك فيها وحتى قبل تنصيبها من طرف مجلس النواب بضرورة إجراء تعديل عليها.
واكبت تشكيل الحكومة الجديدة مجموعة من الملاحظات همت، أساسا، الطريقة التي جرت بها المفاوضات وتوزيع الحقائب الوزارية. والملاحظة الأساسية التي يمكن إبداؤها، حينما نتحدث عن الحكومة الجديدة، هي أن الجميع كان مقتنعا بضرورة أن تكون مختلفة عن الحكومات السابقة، على مستوى الهيكلة والتركيبة، على أساس أنها أول حكومة في ظل الدستور الجديد الذي صادق عليه المغاربة في فاتح يوليوز الماضي، والذي منح مؤسسة الحكومة ورئيسها صلاحيات واسعة. غير أن التساؤل عن التنزيل السليم للدستور يبدأ بالتعرف على الطريقة التي تشكلت بها الحكومة الجديدة. وهنا يمكن أن نبدي ملاحظات، خاصة وأن المراقبين والمواطن العادي كانوا ينتظرون أن تواكب تشكيلة الحكومة ممارسات جديدة تقطع مع الممارسات السابقة، لكن ذلك لم يتحقق، حيث سجل على مستوى بنية الحكومة استمرار وجود الوزراء اللامنتمين، وهي ظاهرة تشكل تشويشا على الطابع السياسي للحكومة التي كان الجميع يتطلع إلى أن تكون منبثقة، فعلا، عن صناديق الاقتراع. ولوحظ، أيضا، استمرار ظاهرة إنزال أشخاص لا علاقة لهم بالأحزاب، ويتم استوزارهم في آخر لحظة، بعد صبغهم بألوان سياسية معينة، وهو ما جرى في حكومتي ادريس جطو وعباس الفاسي، وتكرر في حكومة عبد الإله بنكيران. لقد حصل هذا في الوقت الذي كان فيه الجميع يعتقد أن عبد الإله بنكيران، ربما، يمتلك ما يكفي من الجرأة ليفرض مرشحيه، لكن هذا لم يقع، بل قدم تنازلات، مما جعل سلوكه، عمليا، لا يختلف عن سلوك الوزراء الأولين الذين سبقوه.
في السياق ذاته، سجل المتتبعون ضعف التمثيلية النسوية في الحكومة الجديدة، وهو ما يعتبر تراجعا على مستوى تحقيق المساواة بين الجنسين في ما يخص العضوية داخل الحكومة، مقارنة حتى بالحكومات السابقة التي كانت تمثل بعدد أكثر من النساء، حتى لو لم تكن هذه التمثيلية ترقى إلى مستوى الانتظارات. ولا ينبغي أن ننسى، وهذا ربما من مكر التاريخ، أن الخصوم السياسيين لحزب العدالة والتنمية، الذين كانوا يتهمون الحزب بتغييب مبدأ المساواة، أكدوا اتهامهم من خلال هذه الحكومة الذكورية بامتياز.
قيل الكثير عن أولويات الحكومة الجديدة، ومن المؤكد أنها لا تختلف عن أولويات الحكومات السابقة. علينا التذكير بالأولويات التي سطرتها حكومة ادريس جطو، والتي وضعت القطاعات الاجتماعية: الصحة والسكن والتعليم والتشغيل، في صدارة اهتماماتها. والملاحظة المثيرة للانتباه، في هذا الصدد، أن ثلاثة قطاعات اجتماعية حيوية مُنحت لحزب التقدم والاشتراكية، وهي التشغيل والتكوين المهني والصحة والسكن، مما يطرح سؤال المحاسبة. أكيد أن هناك حديثا حول الطريقة الجديدة لاشتغال الحكومة الحالية، والتي تقوم على الانسجام، وهو ما أكد عليه عبد الإله بنكيران، بمعنى ضمان الانسجام بين مكوناتها، انطلاقا من مقاربة تشاركية. لكن هذا يظل تحديا كبيرا يُطرح العديدُ من التساؤلات على قدرة الحكومة على رفعه، وسيكون له تأثير على كيفية إنجاز الأولويات المسطرة، وهو تحد مرتبط بمدى قدرة رئيس الحكومة، فعلا، على تحقيق الانسجام بين مكونات الحكومة التي يقودها، خاصة وأن تصريحاته لم تكن مطمئنة حينما تحدث في أول اجتماع للحكومة عن تمنيه تحقيق الانسجام والتماسك، في الوقت الذي كان يتعين عليه أن يكشف عن الآليات الكفيلة بتحقيق هذا الانسجام. وبالعودة إلى أولويات الحكومة الجديدة، وفي انتظار عرض البرنامج الحكومي على البرلمان، يمكن القول إن القطاعات الاجتماعية تحظى بالأولوية، فالقضايا ذات الطابع الاجتماعي تكتسي طابعا استعجاليا لا يستوجب الانتظار، بل تفرض الانكباب عليها للحد من تفاقم المعضلات التي تطرحها. لقد سبقت الإشارة إلى قطاع التربية والتكوين والتشغيل والصحة والسكن، فهذه تحديات كبرى تنتظر الحكومة، إذ إنها مطالبة بمضاعفة جهودها من أجل معالجة المشاكل والإكراهات والصعوبات المطروحة في هذه القطاعات. ومن المؤكد أن الحكومة ستتذرع بعامل الوقت، وأنه لا يمكن أن تعالج كل القضايا المطروحة في هذه القطاعات الحساسة في وقت وجيز.
هناك قضايا مستعجلة مرتبطة بتنزيل مضامين الدستور الجديد، والذي يهم مجالين، الأول مرتبط بإخراج القوانين التنظيمية والعادية المرتبطة بالمؤسسات المنصوص عليها في الدستور، والثاني يخص تنزيل الآليات في ما يتعلق باحترام الحريات والحقوق الأساسية. ينضاف إلى ما سبق، ما تفرضه الاستحقاقات الانتخابية المقبلة من تحديات. وللإشارة، فإن المغرب مُقبل على انتخابات مجالس الجماعات الترابية، سواء تعلق الأمر بالمجالس الجماعية أو الجهوية، إضافة إلى انتخاب أعضاء مجلس المستشارين. ومن المنتظر أن تواجه الحكومة الملفات العالقة التي ظل حزب العدالة والتنمية يُثيرها طيلة وجوده في المعارضة، ومنها ملف معتقلي السلفية الجهادية الذي يفرض نفسه بقوة.
ويبدو أن التصريحات الأولية لأعضاء في الحكومة من شأنها أن تخلف تداعيات، إذ من المتوقع أن يلجأ هؤلاء المعتقلون إلى التصعيد، ليس فقط ضد السلطات العمومية، هذه المرة، بل كذلك ضد حزب العدالة والتنمية.
لا شك أن الحكومة الجديدة ستسعى في المائة يوم الأولى، على الأقل، إلى تبني مبادرات يكون لها تأثير على الرأي العام الوطني، وصدى إعلامي، وذلك لطمأنة الرأي العام الوطني بكونها تباشر مهامها على الوجه المطلوب، لذلك ركزت على مسألة الحكامة والتخليق، واتخذت منهما شعارا مركزيا. لا ننسى أن حكومة عبد الرحمان اليوسفي تبنت الشعار نفسه، واعتمدت «ميثاق حسن التدبير» الذي يعتبر، في عمقه، تجسيدا للحكامة، ولكن ما تحقق في نهاية المطاف لم يرق إلى مستوى الانتظارات في ما يخص التخليق والحكامة، لذلك إن كان التركيز على مبدأ الحكامة جيدا، فإن بعض القوى الديمقراطية متخوفة من إمكانية تحقيقه، خاصة وأن التصريح الذي أدلى به رئيس الحكومة، بعد تعيينه، لم يكن مطمئنا لكونه أشار إلى وجود ملفين كبيرين، هما ملف الديمقراطية وملف الحكامة، وأن الملف الأول طُوي بعد إجراء انتخابات شفافة ونزيهة، على العموم، واحترام صناديق الاقتراع والمنهجية الديمقراطية في تعيين رئيس الحكومة، وأن العمل يجب أن يتركز الآن حول الحكامة، والحال أن الديمقراطية لا يمكن اختزالها بهذه الطريقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.