"جيروزاليم بوست": الاعتراف الأممي بسيادة المغرب على الصحراء يُضعِف الجزائر ويعزّز مصالح إسرائيل في المنطقة    برادة يدعو الآباء والأمهات إلى مساندة المؤسسات التعليمية بالمواكبة المنزلية    الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    مقترح عفو عام عن معتقلي حراك "جيل Z"    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    تحيين مقترح الحكم الذاتي: ضرورة استراتيجية في ضوء المتغيرات الدستورية والسياسية    الوالي التازي: المشاريع يجب أن تكون ذات أثر حقيقي وليست جبرا للخواطر    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    47735 شكاية وصلت مجلس السلطة القضائية والأخير: دليل على اتساع الوعي بالحقوق    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    شراكة بين "اليونسكو" ومؤسسة "المغرب 2030" لتعزيز دور الرياضة في التربية والإدماج الاجتماعي    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مديرية الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج ورياح قوية بهذه المناطق المغربية    الرشيدي: إدماج 5 آلاف طفل في وضعية إعاقة في المدارس العمومية خلال 2025    إطلاق طلب عروض دولي لإعداد مخطط تهيئة جديد في 17 جماعة ترابية بساحل إقليم تطوان وعمالة المضيق-الفنيدق    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    استئنافية الحسيمة تؤيد أحكاما صادرة في حق متهمين على خلفية أحداث إمزورن    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    والآن سؤال الكيفية والتنفيذ .. بعد التسليم بالحكم الذاتي كحل وحيد    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد نشر لائحة «الكريمات» الخاصة بالنقل الطرقي؟
ترقب نشر لوائح أخرى والمحللون يرون أن النشر وحده لا يكفي لوقف النزيف
نشر في المساء يوم 14 - 03 - 2012

بعد نشر أول لائحة لاقتصاد الريع بالمغرب مؤخرا، وجد المتتبعون أن هناك أغنياء وشخصيات نافذة، سياسيين واقتصاديين ورياضيين وفنانين، مدنيين وعسكريين، يستفيدون من رخص
وامتيازات لا يستفيد منها غيرهم، لكن طريقة الحصول على هذه الرخص، والهدف من ورائها تلفهما هالة من الغموض ويعتريهما عدم الشفافية، وهو ما يجعل سؤال «ماذا بعد الإعلان عن نشر لائحة «الكريمات» في قطاع النقل؟» ذا راهنية، خصوصا أن عبد الإله بنكيران صرح مؤخرا بأن هناك جيوب مقاومة لمحاربة اقتصاد الريع.

إدريس الفينة : خبير في مجال اقتصاد العقار وأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي.
القضاء على الظاهرة ممكن عن طريق عمل فعال لمجلس المنافسة
قطاع العقار من المجالات التي تعرف انتشارا واسعا لثقافة الريع. وهو الريع الذي يأخد أشكالا متنوعة ومعقدة يصعب في بعض الأحيان تحديدها وفصل نتائج مجال الريع عن نتائج الاستثمار الحقيقي. بعض الأبحاث التي تمت على هذا المستوى حصرت أشكال الريع في العقار فيما لا يقل عن ثلاثين شكلا ونوعا. كما حددت الآثار الناتجة عنه ماديا بين ما هو ضعيف وما هو عال حيث يمكن تقييمه بمليارات السنتيمات.
وعلى مستوى الأوعية العقارية نجد عددا من رؤوس الأموال تتجه إلى الاستثمار في هذا المجال للاستفادة من الريع الذي ينتج سواء عن الاستثمارات العمومية أو عن تغطية هذه المناطق بوثائق التعمير. كما أن هناك الريع المرتبط بالولوج للعقار العمومي الذي تستفيد منه فئة من المنعشين دون أخرى، وهناك الاستثناءات في مجال التعمير التي يستفيد منها البعض دون الآخرين ويجنون وراءها أرباحا لا تقدر. كما أن هناك الريع المرتبط ببعض الإعفاءات الضريبية التي تلجها فقط الشركات الكبرى.
أما القضاء على الريع في مجال العقار فيبدأ أولا بحصر أشكاله وأنواعه من قبل خبراء اقتصاديين، ثم المرور إلى التقنين القانوني لكل مجال على حدة.
وأعتبر أن نشر لوائح المستفيدين من الريع خطوة أولية لا بد أن تتبعها مرحلة تشريعية تتمثل في وضع القوانين والمساطر الضرورية التي توضح لكل فرد أو شركة أو مستثمر السبيل للاستفادة في أي مجال اقتصادي معين.
كما أنه لا بد من إجراء دراسة من قبل خبراء اقتصاديين لتحديد مجالات الريع وأشكاله في كل المجالات الاقتصادية وما تخسره الدولة من أرباح بسببه، وانعكاسات هذا الريع على الكلفة الاقتصادية التي يؤدي ثمنها المواطن في آخر المطاف.
في مجال العقار تتعدد أنواع الريع وتأخذ أشكالا معقدة من شأن القضاء عليها تخفيض ثمن المساكن إلى النصف، وهنا أعطي مثالا حول التغطية بوثائق التعمير التي ينتج عنها ريع عقاري هائل يستفيد منه من يتوفر على رؤوس الأموال وعلى المعلومة في الوقت المناسب.
لا أعتقد أن ثقافة الريع متجذرة في الاقتصاد المغربي، فكل الاقتصاديات مرت خلال تطورها من هذه المرحلة وتم تجاوزها، واليوم أصبحنا نشعر بأن ثقافة الريع لم يعد لها مكان في مغرب الدستور الجديد، الذي أكد على عدد من المبادئ الجديدة فيما يخص المواطنة والتنافس والحقوق والواجبات.
القضاء على الظاهرة ممكن عن طريق عمل فعال لمجلس المنافسة، الذي عليه أن يتولى مهمة تحديد مجالات الريع بدقة واقتراح التشريعات والمساطر الفعالة للقضاء عليه. فالشكايات التي يتوصل بها يوميا يتعلق جزء هام منها بمجالات الريع. كما أن كل القطاعات الوزارية مطالبة بتحديد مجالات الريع على مستوى اختصاصها، وأن تعمل على سن المساطر والقوانين التي من شأنها القضاء عليه.
هشام الموساوي : أستاذ الاقتصاد بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال
سيكون على الحكومة أن تضع نصب عينيها الفشل الذريع الذي منيت به حملة التطهير لسنة 1996
من الواضح أن اقتصاد الريع يزدهر جراء عدم وجود رقابة وانعدام الشفافية في المجال الاقتصادي، ومن خلال هذا المنظور، تأتي مبادرة الحكومة لنشر قائمة المستفيدين من وسائل النقل أو ما يسمى ب«الكريمات»، كرغبة في الحد من مناطق التعتيم التي تسهل منطق الريع على حساب منطق الإنتاجية، وهي إشارة قوية إلى أولئك الذين يعيشون على المنح و«الكريمات»، والذين يستفيدون على نحو غير مهيكل، أنه من الآن فصاعدا سيكون من الصعب القيام بأعمال تجارية مرتبطة بالإفلات من العقاب، بل ستكون تحت الأعين الساهرة للحكومة، فضلا عن الرأي العام، فمن حيث المبدأ تعتبر الخطوة جيدة نحو خلق ثقافة المسؤولية والمساءلة.
ومن المهم أن نتذكر أن المبدأ الأصلي لمنح مثل هذه المأذونيات، كآلية للتضامن، كان موجها بالأساس إلى قدامى المحاربين، لكن ذلك تم استغلاله من قبل العديد من الوصوليين، وهو ما أسفر عن تشكيل جزء كبير من الريع الاقتصادي تستفيد منه قلة في بلدنا.
يجب الإقرار بأن إشكالية الريع الاقتصادي بالمغرب تعتبر معقدة، ولن يتم حلها بمجرد نشر هذه القائمة، فإذا كانت الشفافية مطلوبة في هذا المجال، فإنها تعتبر غير كافية إذا لم تتوفر المكونات الأخرى.
في الواقع، إذا ما افترضنا أن نشر اللائحة سوف يكشف عن انتهاكات أو سوء معاملة، فمن الضروري أيضا تفعيل آليات الرقابة الفعالة والعقوبات في هذا الصدد، وتفعيل دور البرلمان وتعزيز سيادة القانون يعتبران ضرورة ملحة، إذا ما أردنا ردع الانتهاكات في هذا المجال.
مكافحة الفساد واقتصاد الريع كانا من الوعود التي قطعها حزب العدالة والتنمية الفائز في انتخابات الأخيرة، وهو ما يضع ضغوطا كبيرة عليه. الآن سيكون على الحكومة أن تضع نصب أعينها الفشل الذريع الذي منيت به حملة التطهير لسنة 1995 - 1996، والتي استهدفت مكافحة الفساد، والتهرب الضريبي، والاقتصاد الغير مهيكل...إلخ، لكنها انتهت بسرعة وأعقبتها موجة من الإعفاءات الضريبية.
لذلك يجب تجنب تكرار الأخطاء نفسها، لأنها ستؤدي إلى توتر العلاقات بين أرباب العمل والحكومة، والتشكيك في إدارة الضرائب والجمارك، الشيء الذي يمكنه أن يشل الجهاز الاقتصادي بكامله، لذلك يجب تفعيل آليات التواصل، والأساليب البيداغوجية، والتدرج في اتخاذ القرارات، فحملة التطهير السابقة شملت الشركات الخاصة على وجه الحصر، وتغاضت عن المؤسسات العمومية التابعة للدولة، وهذه ممارسات خاطئة في الحكامة، لأن عدم وجود رقابة وشفافية في هذه المؤسسات العمومية يؤدي إلى ما نراه اليوم من تقارير المجلس الأعلى للحسابات وتقارير المفتشية العامة للمالية، التي تشتم منها رائحة الفساد المالي، بل إن بعض رؤساء هذه المؤسسات يحقق معه القضاء حاليا.
نوح الهرموزي : أستاذ الاقتصاد بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة ومدير مشروع منبر الحرية
يجب تنظيم وتقنين وتضريب جميع الأنشطة المدرة للدخل
أتذكر في هذا الصدد المثل القائل «مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة». إذ ينتظر المتتبعون إماطة اللثام عن بؤر ريعية على شاكلة المأذونيات الخاصة بسيارات الأجرة من مختلف الأحجام والصيد في أعالي البحار ومقالع الرمال. في نفس الإطار ولمحاربة اقتصاد الريع من اللازم تسليط الضوء على المساطر المتبعة لتفويت بعض أملاك الأوقاف من خلال تقنين هذه الأخيرة، بالإضافة إلى استغلال مصادر المياه المعدنية للبيع في الأسواق، والريع الذي تحققه شركات التدبير والتنمية الفلاحية «صوديا وصوجيطا»، وتفويت الأراضي في المجالات الحضرية القابلة للبناء، وعقود الاستغلال لوسائل النقل الحضري، و تفويض الصرف الصحي و الكهرباء، وكذا حالات الريع الناجمة عن احتكار بعض القطاعات من طرف بعض رجال الأعمال النافذين.
من جانب آخر، تعتبر هذه الخطوة إيجابية من ناحيتين على الأقل. فهي من ناحية، إشارة واضحة في اتجاه وضع قطيعة مع ممارسات الماضي، وتسليط الضوء على ملف يتسم بالغموض والكتمان، والانتقال إلى مرحلة تكريس الشفافية. أما الناحية الثانية فهي اقتصادية بالأساس. فهذه الأنشطة لم تكن خاضعة كمثيلاتها من الأنشطة الاقتصادية للقوانين الضريبية والجبائية المعمول بها، مما يعني أنها un manque à gagner أي فقدان ربحي لميزانية الدولة.
وعلى هذا الأساس، فإن إثارة هذا الملف فرصة لإدماج موارده في الدورة الاقتصادية وتسليط ضغط تنافسي إيجابي على هذه المجالات لتصبح أكثر جودة وتنافسية مما عليه الآن في ظل الاحتكار، كما أنها فرصة للانتقال من اقتصاد الظل وغير المهيكل إلى الاقتصاد المهيكل.
وعلى غرار اقتصاديات الدول الفقيرة، يعتبر الاقتصاد المغربي اقتصادا هشا تنخره سوق سوداء غير مهيكلة من جهة، ومن جهة ثانية ممارسات ريعية متجذرة، بالإضافة إلى فساد ورشوة متفشيتين بشكل صارخ، كما تؤكد تقارير عدد من المنظمات والمراصد الدولية.
وتأتي هذه البادرة كإشارة إلى نية الانخراط في المسلسل الاصلاحي. وكما يؤكد ذلك الإقتصاديون، فإن التنمية الشاملة والمستديمة تمر عبر دمج أكبر نسبة من القطاعات الاقتصادية في النسيج الاقتصادي، كما يؤكد ذلك هرنوندو دي سوتو في أعماله حول الاقتصاد المهيكل والاقتصاد الريعي.
أول سبيل لحل هذه الآفة الاقتصادية هو الحل السياسي المتمثل في تكريس إرادة سياسية هادفة إلى وضع قطيعة مع هذه الممارسات، وسن آليات واضحة قابلة للرصد والتتبع والمساءلة فيما يتعلق بتدبير هذا الشأن.
أما على المستوى الاقتصادي، فالممارسة الاقتصادية النزيهة تقتضي إدماج هذه الأنشطة في المنظومة الاقتصادية الوطنية ليسري عليها ما يسري على باقي الأنشطة الاقتصادية الوطنية من تنظيم وتقنين وتضريب.




محمد المسكاوي : نائب المنسق الوطني للهيئة الوطنية لحماية المال العام
نطالب بإحداث هيئة مستقلة للحقيقة وإرجاع الأموال المنهوبة
أعتقد أن من بين الأسباب الرئيسية لحوادث السير بالمغرب هو الريع الذي ينخر هذا المجال، فعندما تسلم لشخص ما إحدى المأذونيات فإنه غالبا ما يقبل على كرائها إلى شخص آخر، أي أن هناك أجرا يجب أن يصله كل شهر، وبالتالي فالمكتري يقوم بجميع الوسائل من أجل الربح وأداء كراء «الكريمة» وتأدية أجور المشتغلين معه ومصاريف الصيانة...إلخ، مما يدفعه إلى نهج بعض سلوكات خارجة عن القانون مثل السرعة المفرطة من أجل اللحاق بحافلات منافسة أو تحميل الحافلة بركاب إضافيين ..إلخ.
أما في مجال الأراضي الزراعية، فلدينا أرقام بالهيئة الوطنية لحماية المال العام تفيد بأنه عندما خرج الاستعمار من المغرب ترك 305 آلاف هكتار من الأراضي الجيدة الصالحة للفلاحة، أما الآن فلم يتبق سوى 124 ألف هكتار، أي أن نصف الأراضي الجيدة وزعت.
فاللائحة التي كشفت عنها وزارة التجهيز والنقل بخصوص المستفيدين من ريع «الكريمات» تبين دناءة بعض المسؤولين والشخصيات التي تتظاهر بالوطنية وحماية المال العام. وأعتبر مبادرة وزير التجهيز والنقل عبد العزيز رباح إيجابية وتأتي في إطار تفعيل مبدأ الشفافية في حق الوصول إلى المعلومة.
وأستغرب من استفادة بعض الأغنياء من هذه المأذونيات. حرام في بلد كالمغرب أن نجد مفارقات كبيرة بين الفئات، مثل أن يستقيظ مواطنون من السادسة صباحا إلى الثامنة ليلا وأن يعملوا في الأشغال الشاقة جدا من أجل كسب 50 درهما، في المقابل نجد آخرين في بيوتهم وغير محتاجين وتصلهم ملايين السنتيمات بسبب هذه «الكريمات».
يجب أن يتم تعميم هذا النشر على باقي القطاعات، مثل رخص الصيد في أعالي البحار ورخص استغلال مقالع الرمال وغيرها، فمبادرة الكشف عن «اللائحة» تدخل ضمن واجبات الحكومة الحالية، التي رفعت في برنامجها الحكومي مبدأ الحكامة الجيدة والشفافية.
المطلوب اليوم هو القطع مع سياسة اقتصاد الريع والامتيازات التي تؤدي إلى توسيع الفقر، فنحن محتاجون للقطع مع هذا المنطق، والبحث عن آلية ديمقراطية شفافة لتدبير مثل هذه القطاعات بشكل يضمن المساواة أمام القانون، ويجب أن يتم ذلك على شكل دفتر تحملات، مع التسريع بمشروع قانون للقطع مع مثل هذه الممارسات بشكل عام.
كما نطالب رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بالتسريع بتنفيذ البرنامج الحكومي، ومن ذلك إقرار قانون في أسرع وقت للقطع مع اقتصاد الريع، لأن ذلك من شأنه أن يوفر لخزينة الدولة 15 في المائة من الناتج الوطني الخام، وهو مبلغ يمكن أن نسدد به عددا من حاجيات الشعب المغربي، علاوة على تطوير القطاعات الاجتماعية.
ومنذ مدة طالبنا ولا زلنا نطالب بإحداث هيئة مستقلة للحقيقة وإرجاع الأموال المنهوبة، لكي لا نعطي صورة سلبية عن مكافحة إهدار المال العام، وتطبيق مقولة «عفا الله عما سلف»، لأن ذلك من شأنه طمأنة العديد من ناهبي المال العام.




عبد الصمد صدوق : الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة
يجب أن تضع الحكومة هذه الإجراءات الرمزية في إطار إستراتيجية
ذكر بيان للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، المعروفة اختصارا ب«ترانسبرنسي المغرب»، أن قرار نشر لائحة مأذونيات النقل العمومي يعد خطوة أولى ضمن الحق في الوصول إلى المعلومة الذي يجب العمل على تفعيله.
وطالبت الجمعية في بيانها بأن يتم تمديد هذا النشر الأولي لمأذونيات النقل العمومي داخل المدن، ولباقي القطاعات، وخاصة تلك المتعلقة بالصيد في أعالي البحار، واستغلال المناجم، والمقالع، والعقار، وتفويت الأراضي الفلاحية، وبشكل عام كل الرخص المتعلقة باستغلال الموارد العمومية.
ودعت ترانسبرنسي الحكومة المغربية إلى إقرار سياسة للحكامة الاقتصادية، التي من شأنها القطع مع اقتصاد الريع، وتوزيع الامتيازات، والعمل على تفعيل الإجراءات الأكثر استعجالا.
وأوضحت «ترانسبرنسي المغرب» أنها تلاحظ باهتمام الإشارات الرمزية الأولى للخروج من عهد الإفلات من العقاب، مؤكدة التزامها بمبادئ العدالة النزيهة والمنصفة والمحترمة لقرينة البراءة وحقوق الدفاع.
ولم يفت ترانسبرنسي التنبيه إلى أي تدخل أو ضغط يرمي إلى عرقلة سير العدالة، معبرة عن أملها في أن تتخذ إجراءات المتابعة في الملفات المتعلقة بالرشوة سيرها العادي طبقا للقانون.
ودعت «تراسبرنسي المغرب» في ختام بيانها الحكومة إلى أن تضع الإجراءات الرمزية الأولى في إطار إستراتيجية وطنية لمحاربة الرشوة، والتي ينتظر عموم المواطنين والمواطنات الإعلان عنها وتفعيلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.