هذه خلاصات أحدث مجلس للحكومة    هشام بلاوي.. مسيرة قضائية وأكاديمية تقوده لرئاسة النيابة العامة    القوات المسلحة الملكية: سبعة وستون عاماً من الوفاء للوطن والتفاني في خدمة السيادة    تقرير دولي يكشف: المغرب أرخص دولة في تصنيع السيارات.. والسعر سيُفاجئك    مؤشر "مازي" يرتفع ببورصة الدار البيضاء    برلمانيون يدقون ناقوس الخطر حول "سماسرة النوار" في دعم السكن ويطالبون الحكومة بالتدخل العاجل    لحاق دراجات بيئية يختتم في العيون    الرئيس الأمريكي يصل إلى السعودية    أقاليم تترقب زخات قوية في المغرب    الدار البيضاء تحتضن لقاءً جهوياً لمناقشة تحديات حقوق الأشخاص المسنين    غزة تحاصر كان.. 380 فنانًا يتهمون إسرائيل بالإبادة    الرباط تحتضن أول مهرجان لفن الراب "212'FlowFest"    رسوم بذيئة تعبث بموقع "تشان تشان" التاريخي في البيرو    الأمم المتحدة: انخفاض 70% بوجبات غزة والوقود ينفد والرعاية الصحية تنهار    الصين: لا رابح في الحروب التجارية    شرطة ألمانيا تفكك "شبكة متطرفة"    توقعات طقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    أي سياسة عمومية لمواجهة اعتداءات "المختلين عقليا" على المواطنين؟    توتر أمني في طرابلس وسط أنباء عن مقتل مسؤول بارز ودعوات دولية للتهدئة    "كان" الشباب... المنتخب المغربي يستعد لمواجهة مصر بحثا عن التواجد في المشهد الختامي    المغرب الفاسي يثق في منتوج النادي    لتضيء نضالات الأمس دروب الغد    مشكلة الوعي الزائف وشروط امكان الوعي الحقيقي    المجنونة المتحرِّشة بالنساء الحوامل    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    كيوسك الثلاثاء| برادة يتوعد مثيري الشغب الرياضي بعقوبات صارمة وإجراءات لمحاصرتهم    انطلاق مناورات "الأسد الإفريقي" بالمغرب    النفط يهبط بفعل مخاوف من زيادة المعروض وحذر حيال اتفاق أمريكا والصين    نقابة تستنكر تدهور الأوضاع في المدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن    وهبي: يمكننا تحقيق أشياء عظيمة والمهم هو بلوغ النهائي    إحالة محمد شدا البرلماني السابق على الوكيل العام وترقب قرار الاعتقال    وزير الخارجية البوروندي: عازمون على ضمان علاقات صداقة وتعاون وطيدة ومستدامة مع المغرب    الهيئة المغربية لسوق الرساميل تؤشر على المنشور المتعلق ببيع أسهم "رونو"    من هو أمين الشابي سفير المغرب لدى جمهورية باكستان الإسلامية؟    بكين وواشنطن تتفقان على آلية حوار اقتصادي لتفادي التصعيد    عودة الاستعمار القديم الجديد    برشلونة على أعتاب لقب "الليغا" وريال مدريد يودّع أنشيلوتي    من الناظور إلى اسبانيا.. سقوط إمبراطورية الحشيش بقبضة الشرطة وهكذا وضف "الزعيم" عشيقاته لتبييض الأموال    حكيمي يعزز استثماراته الرياضية بشراء نادي إسباني    جلالة الملك يستقبل ثلاثة أعضاء جدد بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية    بطولة اسبانيا: ريال مدريد يفتقد لجهود فينيسيوس وفاسكيس للاصابة    حريق مهول يلتهم محلاً لمواد التجميل في طنجة (فيديو)    تركيا.. أزيد من 64 مليون مسافر عبروا مطارات البلاد خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025    مندوبية السجون توضح بخصوص زيارة الزفزافي لوالده    تزامنا مع عرض مسرحية صينية بالرباط.. السفير الصيني بالمغرب يشيد بمستوى العلاقات الثقافية بين بكين والرباط    رسميا: أنشليوتي يقود منتخب البرازيل    سلطات دار أقوباع تمنع تجار الفخار من احتلال الملك العمومي    حكيمي أفضل لاعب إفريقي في فرنسا    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    ندوة علمية بالحسيمة تسلط الضوء على التراث الثقافي بإبقوين ورهانات التنمية السياحية    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاناة عمال منجم بوازار.. وفيات متكررة وعاهات مستديمة وحوادث شغل بالجملة
نشر في المساء يوم 16 - 04 - 2012

أثار منجم بوازار بإقليم تنغير الغني بمعدن الفضة، اهتمام الرأي العام المحلي بإقليمي ورزازات وزاكورة بعدما توالت الأحداث بسبب مخلفات المنجم وازدياد معاناة العمال،
وكانت حادثة شغل أدت إلى وفاة عاملين النقطة التي أفاضت الكأس أمام صمت الشركة المستغلة للمنجم، هذا دون الحديث عن إصابة الكثير من العمال والساكنة بمرض «السليكوز» الذي يخلفه المعدن وهو مرض خطير يؤدي إلى الوفاة، وقد دفعت خطورة الوضع الصحي والبيئي إلى تنقيل كل السكان إلى مدينة أكدز.
وبالرغم من بروز هذه المشاكل ووصولها إلى الرأي العام المحلي والوطني فإن الكثير من الحقائق ظلت رهينة وحبيسة الأسوار، وتعمد المسؤولون التكتم حولها، خصوصا في ما يتعلق بالإنتاج والأرباح التي تدرها الشركة المستغلة على حساب معاناة المستضعفين والفقراء، وكذا التكتم بخصوص الجهات الحقيقية المستفيدة من هذه الأرباح.
وحسب الأرقام التي توصلت بها «المساء» فإن منجم بوازار المنتج لمادة الكوبالت الخالص يشغل أزيد من 720 عاملا من مختلف مناطق المغرب، جلهم من المدن القريبة من الإقليم غير أن الشركة لا تحتفظ بنسبة كبيرة منهم، حيث يتم تغييرهم أو الاستعانة بعمال جدد عادة ما يشتغلون بشكل موسمي، كما يتم الاعتماد على العقود محددة المدة، التي لا تتعدى مدتها ثلاثة أشهر قابلة للتجديد، وغير مصادق عليها من طرف السلطات المحلية، مما يعني أن الشركة المستغلة للمناجم تتهرب من أداء مستحقات العمال بشكل قانوني، وحماية نفسها من عواقب حوادث الشغل التي يتعرض لها العمال.
وحسب ما أكده عدد من العمال في تصريحاتهم ل«المساء» فإن الراتب الشهري يتراوح ما بين 2500 درهم و4000 درهم، وبالنسبة إلى فئات أخرى، خاصة العمال الموسميون، فالأجر يقل عن هذا المبلغ، واعتبر العمال أن هذا الأجر ضعيف مقارنة بطبيعة العمل داخل هذا المنجم، وأضاف العمال أن الشركة لا تصرح بالراتب الحقيقي لكل عامل لدى الضمان الاجتماعي والتعويض عن المعاشات هزيل جدا مقارنة بالوضعية التي كان عليها العمال في فترة الاستعمار.
خطورة هذا الوضع القائم وانعدام شروط السلامة بمنجم بوازار يجعل العمال عرضة لحوادث تهددهم في حياتهم، إذ إن شبح الموت يحصد عاملا كل سنة، أو في أحسن الأحوال العيش بعاهات مستديمة، دون أن يتخذ المسؤولون أي إجراءات لتجنب ما يقع داخل «قبور الفضة».
وكان آخر حادث اهتزت له ساكنة بوازار وفاة عاملين في يوم واحد إثر سقوط طبقة من المعدن والصخور تزن عشرات الأطنان من علو 3 أمتار داخل منجم يزيد عمقه عن 390 مترا تحت الأرض، وخلف هذا الحادث حالة من الرعب والهلع في أوساط العمال، خاصة الذين عاينوا انتشال الجثتين من تحت الركام والأنقاض باستعمال آلة رافعة.
وعزا العمال تكرار مثل هذه المأساة بالأساس إلى غياب المراقبة المستمرة لمكان الأشغال، خاصة بعد استعمال المتفجرات، لأن بعد كل عملية تفجير تتغير معالم الأغوار الداخلية للمناجم ويصعب على العامل معرفة النقط الخطيرة.
واعتبر العاملون هذا «الإهمال» تقصيرا مباشرا من الشركة التي لا تراعي حياة العمال، ناهيك عن تعرض العمال لسقوط الصخور وطبقات وصفائح المعادن الناتجة عن استعمال المتفجرات في غياب أي تكوين عن طرق الاستعمال.
شبح الشواهد الطبية
رغم الأوضاع المزرية والمخاطر المحدقة بحياة العمال، الذين يعاني أغلبهم من أمراض تنفسية وجسدية، فإنهم يعجزون عن الإدلاء بالشواهد الطبية في حالة المرض أو في حالة وقوع حادثة شغل تشخص عجزهم، مخافة أن يكون مصيرهم الطرد والانتقام من الإدارة، وأكد عدد من العمال، في تصريحات متفرقة أدلوا بها ل«المساء»، أن حالات كثيرة لقيت نفس المصير وكان مآلها الشارع، بل الأكثر من ذلك أنه بمجرد التفكير في تأسيس مكتب نقابي للدفاع عن حقوق المستخدمين تلجأ الشركة إلى نهج سياسة «العقاب الجماعي» من خلال طرد كل من سولت له نفسه الانخراط في أي نشاط نقابي.
أصيب بعاهة مستديمة في ورش للبناء
مرت سنتان على الحادث الذي تعرض له باحمو الحسين إلا أنه ما زال عاجزا عن المشي، إذ لا يقوى على الحركة إلا باستعمال «العكاكيز»، يقول الحسين إنه كان يشتغل لدى إحدى الشركات المكلفة بالبناء بمدينة مراكش وعند مزاولته لمهامه سقط من فوق منصة خشبية، مما تسبب في إصابته بعدة كسور في رجله، وبناء على الشهادة الطبية التي أدلى بها الضحية تبين أن نسبة العجز الدائم هي 35 في المائة، ما أجبر الشركة المشغلة على ضرورة أداء المستحقات للضحية والتي لم تتعد مبلغ 8540 درهما، بينما الإيراد السنوي الذي يستحقه المصاب على أساس نسبة العجز الدائم لا يتعدى 22 درهما والأجرة السنوية حددت في 24 ألفا و514 درهم، الذي يمثل الحد الأدنى للأجر.
واعتبر الحسين هذا التعويض هزيلا، خاصة أنه لم يعد يقوى على العمل في أي مجال آخر نظرا للعجز الدائم الذي خلفته حادثة سقوطه، مع أنه يتحمل عبء المسؤولية العائلية حيث يعيل أسرة مكونة من ستة أبناء.
تعرض لحادث وخرج ب«خفي حنين»
اشتغال التهامي ساعي عاملا بالسفارة الأمريكية قرابة ربع قرن من الزمن، لم يكن كافيا للتوصل بمستحقاته التي انتظرها منذ 1995 عندما تعرض لحادثة سير أثناء قيامه بمهامه، نجمت عنها كسور في رجله اليسرى، أدت إلى عجزه عن الحركة لمدة ليست بالقصيرة.
وقال التهامي إن السفارة الأمريكية تكلفت بمصاريف العلاج والتطبيب، كما قامت بتبليغ مكتب المستخدمين من أجل تبليغ المحكمة الابتدائية بالرباط يوم 26 أكتوبر 1995، فصدر الحكم لصالح العامل بضرورة أداء السفارة الأمريكية تعويضا بمبلغ 192 ألف درهم سنويا، غير أنه لم يتوصل إلى الآن بأي تعويض من السفارة الأمريكية، علما أن الحادث مرت عليه حوالي 17 سنة، وفي كل مرة يتقدم إلى مصالح السفارة لطلب التعويض قبل وبعد حصوله على التقاعد في سنة 2004، غير أن الرد الذي يتردد على مسامعه هو الانتظار حتى يأتي التعويض من الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد التهامي أنه راسل المصالح الأمريكية بواشنطن، غير أنه صدم عندما علم أن السفارة الأمريكية في المغرب لم ترسل نسخة من ملف الحادث إلى المكتب المكلف بحوادث الشغل بأمريكا حتى يتسنى لهم تعويضه عن مستحقاته.
وقال التهامي إن السفارة الأمريكية ارتكبت الخطأ منذ البداية، حيث لم تراسل المحكمة إلا بعد مرور حوالي أربعة أشهر، في حين أن المدة القانونية لذلك تتم خلال الأيام الأولى من وقوع الحادثة.


فقد عينه والشركة تحاول طمس الملف
يحكي مجموعة من عمال منجم بوازار، الذي يقع بين إقليمي ورزازات وزاكورة على بعد حوالي 56 كلم من مدينة أكدز و34 كلم عن تازناخت، عن الكثير من المعاناة التي لحقت بهم جراء غياب التأمين عن حوادث الشغل وصمت المشغلين عما يقع في «أغوار» هذا المنجم، قليل منهم من يجرؤ على فضح الخروقات التي تتخبط فيها الشركة المستغلة للمنجم المذكور، يقول أحد العمال، الذي التمس عدم ذكر اسمه، إنه منذ حوالي أربعة أشهر تعرض المسمى (محمد.أ) لحادث شغل نتج عنه فقدانه إحدى عينيه بسبب انفجار أنبوب آلة تستعمل لضخ الهواء في إحدى الآبار التي يطلق عليها أكدال المركز.
وقد حاولت «المساء» الاتصال بالمعني بالأمر غير أن هاتفه كان خارج التغطية نظرا لوجوده بمنطقة تشهد ضعفا في شبكة التغطية.
وأضاف المتحدث نفسه أن الخطة التي نهجتها الشركة لطمس ملف هذا العامل المستضعف، تمثلت في تحويله إلى محطة أخرى للعمل وترسيمه بغية إسكاته، وتساءل نفس المتحدث قائلا: «لماذا لم تقم الشركة بترسيمه منذ أن بدأ العمل، خاصة أنه اشتغل في المنجم منذ أعوام»، قبل أن يضيف، «إن الغاية من ذلك هو إقبار صوت الضحية حتى لا يطالب بالتعويضات عن الحادث، خاصة أن عينيه لا تتوقفان عن ذرف الدموع».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.