إلياس فيفا يتوج في مدينة البيضاء    تقرير: "جنوى" الإيطالي مهتم بزياش    المنتخب المغربي يفتتح نهائيات "مونديال U20" بالانتصار على إسبانيا    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    محمدي يجمع الرواية والسيرة والمخطوط في "رحلة الحج على خطى الجد"    القاهرة تكرم الراحلة نعيمة سميح    قمع مفرط في احتجاجات جيل Z بالمغرب.. بين انزلاقات فردية ومسؤولية مؤسساتية    مراكش تحت أضواء وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية: السياحة، العوائد الاقتصادية وآفاق النمو    التضليل الإلكتروني بمؤامرة جزائرية لخلط الأوراق: مشاهد قديمة تُقدَّم كأحداث راهنة بالمغرب    البطولة: الوداد الرياضي يعود لسكة الانتصارات من بوابة نهضة الزمامرة    المغرب: الإعلامي والأديب سعيد الجديدي في ذمة الله        احتجاجات شباب جيل "Z" تتسع في البيضاء والسلطات تتصدى بقوة للمحتجين في مدن أكادير وطنجة وتطوان    احتجاجات جيل الشباب بالمغرب: ما بين الحاجة إلى الإصلاح وتحدي ضبط الشارع    المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان بالعرائش: الإفراج عن الموقوفين وتغليب مصلحة الوطن أولوية    البطولة الاحترافية.. المغرب الفاسي يتعادل مع النادي المكناسي            غاضبون ينتقدون المقاربة الأمنية و"الاستغلالات السياسية" في الدار البيضاء    شفشاون.. الوجهة المفضلة للسياح الصينيين في المغرب    وزارة الخارجية الأمريكية تبرز مؤهلات المغرب ك"قطب استراتيجي" للأعمال والصناعة        تتويج فائزين في مسابقة حفظ القرآن    مؤتمر "عالم الصيادلة" يتنقد تجاهل الحكومة وإقصاء الصيدلي من المشاركة في بلورة السياسة الصحية    ‬محاولات ‬الاقتراب ‬من ‬جيل ‬z ‬‮..‬ زورو ‬يقود ‬الربيع ‬الدائم‮!‬    "البيجيدي" يحمل الحكومة مسؤولية احتجاجات شباب "z" ويدعو للتعامل معها بأفق استيعابي ومقاربة حكيمة        ترامب يلمح إلى "شيء لافت" في محادثات الشرق الأوسط قبل لقاء نتنياهو    قراءة في مشروع القانون 59.24 المتعلق بالتعليم العالي (2)    تقرير: طنجة المتوسط يجعل إفريقيا فاعلا رئيسيا في التجارة البحرية العالمية    حرف "زيد " من الحياة عند الإغريق إلى هوية جيل يتبلور في المغرب    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم    انطلاق القافلة التواصلية التحسيسية للشركة الجهوية متعددة الخدمات بالشرق وأكاديمية جهة الشرق    الرباط تختتم الدورة 27 من مهرجان الجاز بمزيج موسيقي فريد    السينما تلتقي بالموسيقى في برنامج فني إبداعي في مهرجان الدوحة السينمائي        عابد والحداد وبلمو في ليلة شعرية استثنائية بين دار الشعر والمعهد الحر بتطوان    إصابة كارفخال تزيد متاعب الميرنغي عقب الهزيم أمام أتلتيكو    الموت يغيّب الإعلامي سعيد الجديدي    ما هي العقوبات التي أعيد فرضها على إيران؟    رئيس وزراء النيجر في الأمم المتحدة: اليورانيوم صنع مجد فرنسا وجلب البؤس لشعبنا    المغرب ومنظمة الطيران المدني الدولي يوقعان اتفاقا لتطوير تعاونهما    طقس الأحد.. رياح قوية وتطاير غبار بعدد من مناطق المملكة    دراسة: المعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر استعدادا للكذب والخداع    "حماس" تنفي تلقي مقترحات جديدة    المغرب يعزز ترسانته العسكرية ب597 مدرعة أمريكية من طراز M1117..        تحليل إخباري: المغرب يواجه هشاشة في سوق العمل رغم فرص التحول المستقبلي    تصنيف "ستاندرد آند بورز" الائتماني يضع المغرب بنادي الاستثمار العالمي        مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو        الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوكرين يعتقل رفقة أصهاره الأربعة في ليلة وضع زوجته لمولودها الثالث
المحققون يحاصرون زوجته النفساء وموجة اعتقالات في بني ملال والفقيه بن صالح
نشر في المساء يوم 22 - 07 - 2012

محمد بوكرين المقاوم، والمعتقل السياسي الذي قضى 16 سنة في السجن خلال حكم الملوك الثلاثة (محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس )، فسمي بمعتقل الملوك الثلاثة،
وشيخ المعتقلين السياسيين بالمغرب، شارك في التخطيط لعمليات جيش التحرير في فترة الاستعمار الفرنسي، والإعداد للثورة المسلحة الأولى ببني ملال في مغرب الاستقلال سنة 1960، اعتقل مرات عديدة في الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي قبل أن يتم اعتقاله في سنة 2007، وهو في سن الثانية والسبعين. كان أول من أعلن عن وجود معتقل سري اسمه تازمامارت، يعتبر من أشرس المعارضين في تاريخ المغرب المعاصر، الذي لم تزده السنون إلا إصرارا على مواقفه ودفاعا مستميتا عن قناعاته، إلى أن توفي في الخامس أبريل من سنة 2010، عاش برئة واحدة بعدما فقد الأولى بسبب التعذيب في المعتقلات السرية. وفيما يلي نعيد رسم مسارات الرجل ولمحات من حياته في هذه الحلقات:
كان قد تم التخطيط للثورة من قبل المناضلين بالخارج، خصوصا يقول بوكرين: «عندما التقى الفقيه البصري وبنونة والتوزاني بالخارج حددوا المناطق التي ستكون فيها الثورة ، وتقرر حزبيا أن يكون إقليما بني ملال وأزيلال قاعدة خلفية للثورة، وذلك بمد الثوار بالخرائط والمؤونة وكل ما يحتاجونه وبإيوائهم بعد الثورة». ويكشف محمد بوكرين أنه لم يكن «مشاركا في أحداث 1973 مشاركة مباشرة»، قبل أن يضيف، لأن «بني ملال وأزيلال كانتا قاعدتين خلفيتين للثورة، كان طبيعيا أن يلجأ الثوار لبني ملال، واتصل ثلاثة منهم قدموا من خنيفرة بمحمد بنراضي ومنير عمر بالفقيه بن صالح، وبعد الاتصال بي حاولنا تدبر الأمر لتهريبهم وإخفائهم عن عناصر الأمن ما أمكن، لكن أحد هؤلاء الثلاثة سيغير من مسار الأحداث، فقد اختار أن يسلك عكس ما هو متفق عليه، ليتم اعتقاله ويعترف علينا في الحين أنا ومحمد بنراضي وعمر منير، حيث سيتم اعتقالنا في 12 يونيو 1973، عقب الأحداث التي أصبحت شهيرة بأحداث مولاي بوعزة». كان الشخصان اللذان قصدهم بوكرين هما سي ابراهيم والنجار، تسارعت الأحداث بوتيرة لم يكن ينتظرها بوكرين ورفاقه، حيث كانوا يخططون لتهريب الشخصين الفارين في سيارات من الفقيه بن صالح إلى بني ملال، واشتغل إلى حين التنفيذ أحد الشخصين بستانيا عند عمر منير، لكن وقوع أحد الشخصين في الشرك سيرفع لائحة المعتقلين إلى عشرات الأشخاص، اعتقال سيفسره بوكرين بالأخطاء الكثيرة التي رافقت التخطيط لتلك الثورة ولطريقة تنفيذها والسهر على إتمامها، «لابد أن أذكر أن أخطاء عديدة ارتكبت آنذاك بعدم احترام منطق حرب العصابات، سواء من حيث اتخاذ الاحتياطات الأمنية اللازمة أو من خلال عدم تنفيذ ما كان مخططا له»، يقول محمد بوكرين.
كان الاعتقال الثاني في حياة محمد بوكرين، بعد اعتقاله سابقا في نهاية حكم الملك محمد الخامس، وسنوات من بداية حكم الملك الحسن الثاني، وسيكتب أن تعيش فاطمة العمري، المرأة البسيطة، تلك التجربة المؤلمة لها ولأسرتها، تجربة ستطبع مسار سيدة راكمت تجارب قلما تتوفر عليها نساء غيرها. كان اعتقال محمد بوكرين في يوم 12 يونيو 1973 هو الاعتقال الأول بعد زواجها منه.
تزامنت واقعة اعتقال محمد بوكرين مع حدث كان من المفروض أن يكون سعيدا، فقد تم اعتقال بوكرين، «بعد يومين من ميلاد ابني الثالث «غاثي»، كانت الصدمة كبيرة للزوجة التي سيعتقل بعدها في المساء والدها، صهري مصطفى العمري، وبعدها ستعتقل والدة زوجتي وخالها وشقيقها ، يعني أن زوجتي فاطمة العمري التي كانت نفساء سيعتقل خمسة من أسرتها دفعة واحدة في ذلك الحدث، ولن تجد من يكون إلى جانبها»، يروي محمد بوكرين
تحكي فاطمة العمري عن الأحداث التي رافقت تلك الفترة، واصفة أجواء العسكر والإرهاب النفسي لشابة في العشرين من عمرها، كان قدرها أن يعتقل زوجها يومين فقط بعد فرحتها بوليدها الثالث، وفي الوقت الذي كان عليها أن تفرح بوليدها الثالث، كتب عليها أن لا تجد بجانبها أي فرد من عائلتها.
اعتقل الزوج «محمد بوكرين في الصباح من معامل السكر بسوق السبت من مقر عمله، وتلاه اعتقال الأب المصطفى العمري في المساء، قبل أن تعتقل الأم والأخ والخال في الغد» .
تروي فاطمة العمري «بتنا ليلة عصيبة احتل فيها رجال البوليس والعسكر البيت وخضعت لتحقيق مطول مصحوب بإهانات وتعسفات كثيرة وأنا نفساء لم يمر على وضعي لابني الثالث سوى أقل من 48 ساعة، وكان من غريب الصدف أن من أشرف على التحقيق معي واستنطاقي أحد رفاق محمد بوكرين أثناء فترة دراسته وهو الكومسير ميمون أوقباب، لقد فرضوا علي حصارا مريرا وأنا لم أكن أقوى على الحركة بسبب الولادة، ومنعوا الجيران من الدخول إلى البيت أو الخروج منه، كانوا يتناوبون في التعذيب النفسي، رحل الفريق الأول في الصباح بعد ليلة أليمة، ليحل محلهم فريق آخر بمعاناة أخرى وتحقيقات جديدة مطولة ومرهقة في غياب الزوج والأب والأم والشقيق والخال».
كان ضغط المحققين على الزوجة من أجل أن تقدم ما يرونه من رواية مناسبة ليكون ملف محمد بوكرين ثقيلا، كانت الإغراءات من جانب، والضغوط أكثر. كان وضع فاطمة العمري النفسي والجسدي يزيدهم إصرارا وطمعا في نيل ما يصبون إليه، لكن تلك السيدة كانت، وهي شابة ابنة عشرين سنة، تعرف ما اختارته يوم اختارت الارتباط برجل خارج لتوه من السجن بعد محاكمة سياسية طويلة، كانت نشأة فاطمة العمري عاملا مساعدا لتحفظ أكثر زوجها، لكنها تؤكد في المقابل أنها لم تكن تعلم عن مصير عائلتها وزوجها شيئا، وكان المحققون يعرضون عليها إغراءات تسقط غيرها من النساء في شراك المحققين، لكنها ظلت صامدة ثابتة.
تتذكر فاطمة العمري، التي سارعت للقيام من فراش النفاس بعدما فقدت المعيل والأهل، بل أصبحت مسؤولة عن أسرتين بعد اعتقال والدها ووالدتها وشقيقها وخالها: «قمت آنذاك بدور الأب والزوج، مارست الخياطة لإعالة أسرتين، كان عمي يتطوع لبيع منتجاتي وكانت الأرباح كافية لإعالة عائلتين وتسديد تكاليف دراسة إخواني ورعاية أبنائي الصغار، كان الحرص على توفير لقمة العيش وسط معاناة لفراق الزوج والأب، والخوف على مصيرهما، خاصة أمام عدم التمكن من معرفة هل هما على قيد الحياة أم أعدما مع من تم إعدامهم آنذاك في سنوات الرصاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.