وزيرة فرنسية: باريس والرباط تربطهما علاقة "عريقة وعميقة" تخطو بثبات نحو المستقبل    بوريطة يستقبل المبعوث الخاص لرئيس مالاوي حاملا رسالة إلى الملك محمد السادس    ترامب: هناك أنباء جيدة بشأن غزة.. وحماس تؤكد تكثيف الاتصالات مع الوسطاء        الجامعة تعلن عن موعد وملعب نهائي كأس العرش بين نهضة بركان وأولمبيك آسفي    المغرب يستهدف 52% من إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة العام المقبل    فلاحو اشتوكة أيت باها: إيقاف الدعم يهدد باختفاء الطماطم المغربية من الأسواق    أسعار الذهب تستقر مع تراجع الطلب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    كوريا الجنوبية تسجل أسرع زيادة في أعداد المواليد منذ 34 عاما    النقابة الوطنية للعاملين بالتعليم العالي تجدد تمسكها بالوحدة النقابية وتدعو إلى الإضراب يوم 2 يوليوز    ولد الرشيد يثمن دعم "البرلاسين" للصحراء    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    الإبادة مستمرة.. إسرائيل تقتل 37 فلسطينيا بغزة بينهم 7 من منتظري المساعدات    إيران تنظم السبت جنازة قادة وعلماء    ميارة يترأس لقاء جهويا حاشدا للاتحاد العام للشغالين بجهة الشرق    "لبؤات الأطلس" يدخلن المرحلة الأخيرة من التحضيرات تأهبا لخوض غمار "كان 2025"    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    دراسة: تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد ملايين الأرواح    جدول أعمال دورة يوليوز يكشف إفلاس مجلس جهة سوس ماسة وافتقاده للرؤية التنموية.. وأشنكلي يصدم رؤساء جماعات    كيوسك الأربعاء | تعميم استفادة قطاع التعليم الأولي من الخدمات الاجتماعية    تشغيل أول سفينتين كهربائيتين على الخط البحري طنجة-طريفة بحلول 2027    الجواهري: الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي بسبب تصاعد حالة اللايقين العالمية    مجلس النواب الأميركي يرفض مبادرة لعزل ترامب    طقس حارة في توقعات اليوم الأربعاء    انخفاض معدل القتلى على الطرق السيارة بنسبة 50 في المائة ما بين 2015 و 2024    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل بوكا جونيورز الأرجنتيني وأوكلاند سيتي النيوزلندي (1-1)    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    ثلاثية تشيلسي تقصي الترجي التونسي    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يحتفي بحرف "تيفيناغ" ويرصد التحديات    حكم كندي يدير مباراة الوداد والعين    الرجاء ينال المركز الثالث بكأس التميز    طنجة.. كلب على متن سيارة يعض فتاة والسائق يدهس شابًا أثناء الفرار أمام سيتي مول    طنجة.. حملة أمنية تسفر عن توقيف لصوص ومروّجي مخدرات بالمدينة العتيقة    "ملعب عشوائي" يثير الجدل بالدروة    ميداوي: "النظام الأساسي" لموظفي التعليم العالي يلتزم بالمسار الطبيعي    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    تقنية الهولوغرام تعيد جمهور مهرجان موازين لزمن عبد الحليم حافظ    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    اتفاق أمني مغربي فرنسي جديد يرسم خارطة طريق لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    لائحة لبؤات الأطلس المشاركة في "كان السيدات 2024"    الصوديوم والملح: توازن ضروري للحفاظ على الصحة    بعد مسيرة فنية حافلة.. الفنانة أمينة بركات في ذمة الله    دراسة تكشف ارتفاع معدلات الإصابة بالتهاب المفاصل حول العالم    الإكثار من تناول الفواكه والخضروات يساعد في تحسين جودة النوم    قبيل حفله بموازين.. راغب علامة في لقاء ودي مع السفير اللبناني ورجال أعمال    في برنامج مدارات بالإذاعةالوطنية : وقفات مع شعراء الزوايا في المغرب    في مهرجان موازين.. هكذا استخفت نانسي عجرم بقميص المنتخب!    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوكرين ورفاقه يواجهون حكم الإعدام في محاكمة 1976بسطات
المعتقلون يتهمون الجيش والمخابرات بتهديد حياة الحسن الثاني
نشر في المساء يوم 31 - 07 - 2012

محمد بوكرين المقاوم ، والمعتقل السياسي الذي قضى 16 سنة في السجن خلال حكم الملوك الثلاثة (محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس )، فسمي بمعتقل الملوك الثلاثة، وشيخ المعتقلين السياسيين بالمغرب، شارك في التخطيط لعمليات جيش التحرير في فترة الاستعمار الفرنسي، والإعداد للثورة المسلحة الأولى ببني ملال في مغرب الاستقلال سنة 1960، اعتقل مرات عديدة في الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي قبل أن يتم اعتقاله في سنة 2007 ، وهو في سن الثانية والسبعين، كان أول من أعلن عن وجود معتقل سري اسمه تازمامارت ، يعتبر من أشرس المعارضين في تاريخ المغرب المعاصر،الذي لم تزده السنون إلا إصرارا على مواقفه ودفاع مستميث عن قناعاته،إلى أن توفي في خامس أبريل من سنة 2010، عاش برئة واحدة بعدما فقد الأولى بسبب التعذيب في المعتقلات السرية، نعيد رسم مسارات الرجل ولمحات من حياته في هذه الحلقات:
ر يوم الثلاثاء 6 يوليوز من سنة 1976 عصيبا على محمد بوكرين ورفاقه، فقد كان الاستماع له من طرف رئيس المحكمة، وأسئلة النيابة العامة المستفزة والمشككة في اعتقاده الديني، بل ومواجهته بأدلة ومحجوزات تعتبر عادية ومحاولة تضخيمها وجعلها جريرة وجريمة يعاقب عليها القانون، مؤشرا على مستقبل المحاكمة.
تم الاستماع لكل من عمر منير، رفيق بوكرين، ومحمد بن لحسن ويدير وشكري الحبيب، قبل الاستماع لمن كان يعتبر آنذاك العقل الرزين والمدبر للأحداث، محمد بنراضي، الشهير بابن أحمد. طالت الأسئلة وتعددت في محاولة لجعل المعتقل يتناقض ورفيقه بوكرين، خصوصا في التواريخ وأمام المحاضر التي حررت آنذاك باللغة الفرنسية، وهو ما أثار استهجان الدفاع واستغرابهم من استعمال لغة لا يعرفها أغلب المتهمين في بلد تنص قوانينه على أن اللغة الرسمية للبلاد هي العربية.
كان محمد بنراضي الذي خبر الاعتقال في عهد الاستعمار، أحد رجال المقاومة وجيش التحرير بالأطلس، وكان من الذين راهن عليهم حزب الاستقلال في تأسيس خلاياه الحزبية بمنطقتي إملشيل وميدلت قبل اعتقاله سنة 1959، وهو الاعتقال الذي جعل المهدي بن بركة يرحل إلى مكان اعتقاله ويعجل بإطلاق سراحه، ثم انتقاله فيما بعد إلى منطقة بني ملال، وفيها حصل على وظيفة في مركز الاستثمار الفلاحي بالفقيه بن صالح، يتذكر محمد بنراضي، الذي رحل إلى دار البقاء قبل أسابيع، في شهادته على تلك الفترة قائلا: «كانت المحاكمة سياسية بامتياز، وكانت الأحكام معدة سلفا». كانت الأحكام المعدة تنتظر موقف الحزب ومستقبله ووضوح أفكاره السياسية بعد الخلاف الذي ظهر بين صفين، الأول تيار الداخل بقيادة عبد الرحيم بوعبيد، والذي شارك في المؤتمر التأسيسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتيار الثاني تيار الخارج الذي كان يتهم بكونه الجناح العسكري لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بقيادة الفقيه البصري.
يتذكر محمد بنراضي أنه بعد مرور قرابة 30 سنة من تلك المحاكمة، فوجئ ذات يوم وهو في الرباط أن أحدهم كان يناديه في الشارع باسمه «سي بنراضي كيف حالك، فوجئت أنني لم أتعرف إلى الشخص واعتقدت للوهلة الأولى أنه أحد المناضلين القدامى ممن يعرفونني في الحزب أو النقابة، قبل أن يقدم لي نفسه قائلا، أنا القاضي الذي ترأست جلسة محاكمتك أنت ومن معك، لقد أنقذت رقبتي من إصدار أحكام كانت ستثقل كاهلي وتفقدني صوابي، لقد كانت أحكام الإعدام معدة سلفا لكم، لكن تلك الأجوبة أتاحت لي مخرجا». يعود محمد بنراضي لتلك المحاكمة فيتذكر أنه واجه نفس الشخص بجواب ساخر، لكنه كان معبرا عن حقيقة الوضع الذي كان عليه المعتقلون، «لقد قال لي الرئيس آنذاك أننا متهمون أنا ومجموعتي بالتخطيط لقتل الملك الحسن الثاني وتهديد عرشه، فقلت له: «يا سيدي الرئيس هذه إهانة للملك، كيف لمواطن بسيط يقف طول يومه تحت أشعة الشمس الحارقة أن يهدد الملك، لست وزيرا ولا جنرالا ولا مقربا»، قبل أن أضيف «هل تعلم يا سيدي الرئيس من سيقتل الملك؟»، فخيم صمت على المكان قبل أن تنشرح وجوه بعض الغرباء عن الجلسة، معتقدين أنني بصدد الاعتراف بسر خطير. تساءل الرئيس بدوره كأنه عثر على كنز ثمين «نعم قل من سيقتل الملك»، يتذكر بنراضي قائلا: «من سيقتل الملك هؤلاء الذين خلفي من أبناء أوفقير والدليمي»، كان بنراضي يشير إلى أزيد من 40 ضابطا ومخبرا كانوا يقفون خلفه يتابعون المحاكمة.
أثناء فترة الاعتقال، ستتعرض العائلة الصغيرة لمحمد بوكرين لحادثة مروعة ستزيد من معاناة الزوجة فاطمة العمري، لكن رد فعل تلك الشابة العشرينية كان لا يتصور، فقد دخل بوكرين كما سلف السجن في اليوم الموالي لإنجاب زوجته لابنها الثالث «غاثي» ومنعت ظروف المعتقلات السرية محمد بوكرين من رؤية وليده الثالث يكبر أمام عينيه، لكن صدمة كانت تنتظر بوكرين وهو في السجن، تحكي الزوجة فاطمة العمري «توفي ابني البكر «هزرمر» بعدما صدمته سيارة أجرة وهو ابن ست سنوات، تحملت الصدمة لوحدي ولم أشأ أن أضيف هما آخر لهموم زوجي وهو يعاني في المعتقل صنوف التعذيب، وكذلك فعل رفاقه ووالدي الذي كان معه بالسجن، ولم نخبره إلا بعد فترة تهييئ نفسية، لكن وقع الوفاة كان كبيرا، ف»هزرمر» كان ابننا البكر، وبوكرين دخل السجن وقد ترك خلفه ثلاثة أبناء، ليجد اثنين منهما فقط على قيد الحياة».
بعد الاستماع لكل المتهمين في المجموعات الثلاث، وهي مجموعة القصيبة ومجموعة بني ملال ومجموعة الفقيه بن صالح، فتح الرئيس بابا المرافعات، كانت مرافعة النيابة العامة هي الأولى، استهلها الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالقول إن «الأفعال المنسوبة للمتهمين لا تعتبر جرائم سياسية ولو كانت ناتجة عن باعث سياسي»، مضيفا «أنه كان على المتهمين وهم على علم بما يدبر ضد أمن الدولة أن يقوموا بالتبليغ عنه بدل تقديم المساعدة لأصحابها وتمكينهم من الفرار بعدما تم القضاء على بقية العناصر»، وأضاف الوكيل العام للملك أن «هذه المحاكمة ليست محاكمة أفكار، لأن إخوانهم في الاتحاد الاشتراكي لم يتعرضوا لأي متابعة شرطية وقضائية»، وأضاف أن الاشتراكية كاختيار اقتصادي طبقت في المغرب عبر توزيع الهكتارات واشتراك العمال في تسيير المعامل وتوزيع الأرباح، وهي الاشتراكية التي تغني الفقير ولا تفقر الغني». ونفى الوكيل العام للملك التعذيب رغم سقوط 26 شخصا تحت وطأة التعذيب وملاقاتهم لحتفهم، مؤكدا أن «الادعاء بالتعذيب لا أساس له من الصحة»
وسرد الوكيل العام الوقائع كما وردت في محاضر الشرطة، مركزا على علاقة المتهمين باثنين من الفارين «المالكي عبد الله، وسيدي حمو باعلي اللذين تنكرا في صفة الشرفاء، وألقي القبض عليهما في 6 يوليوز 1973 - شهرا بعد بداية اعتقال بوكرين ورفاقه – ثم أطلق سراحهما نظرا لعدم التعرف عليهما، وتمكن سيدي حمو من الفرار إلى الصحراء، بينما ألقي القبض مرة أخرى على المالكي عبد الله في شتنبر من سنة 1975، وحكمت عليه المحكمة بالإعدام». كان تذكير الوكيل العام للملك بالحكم الذي صدر في حق أحد الفارين بعد اعتقاله، تلميحا لما ينتظر الرؤوس المدبرة لفرار مطلوبين آخرين هما النجار ومحمد الهاشمي الشهير بالنجار، خصوصا محمد بنراضي ومحمد بوكرين وعمر منير.
بعدما استعرض الوكيل العام للملك ملخص المحاضر انتقل من جديد إلى الحديث عن المحجوزات، وكان مثيرا عودته للتركيز على «مراسلة أحد المتهمين - محمد بوكرين- مع مدرسة مسيحية لمدة أربع سنوات من 1967 إلى سنة 1970، والوثائق التي يتوفر عليها تدل على ميوعته الفكرية واهتمامه الواسع بالأحداث»، كان الوكيل العام للملك يلمح إلى تهمة أخرى أكبر من المشاركة في تهريب مطلوبين للعدالة، وتتعداها إلى مراسلة الأجنبي الذي هو مؤسسة، بما يفتح الباب واسعا أمام تهمة التخابر والجاسوسية للأجنبي، بالإضافة إلى التهمة السابقة المتعلقة بالتشكيك في العقيدة، كانت مرافعة الوكيل العام للملك جد مختصرة بالمقارنة مع ما سيعقبها لاحقا من مرافعات هيئة الدفاع عن المعتقلين، وختم الوكيل العام للملك مرافعته بملتمسات ترمي إلى تطبيق الفصول 208 و209 مع إضافة الفصل 297 من القانون الجنائي آنذاك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.