الفريق "الاستقلالي" يطالب بإحالة أوزين على لجنة الأخلاقيات    الحكومة تكشف خطتها لإنقاذ القطيع الوطني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    لقجع: الوضع المالي بالمغرب متحكَّم فيه.. وموارد الميزانية تواصل نموها التصاعدي    صادرات المغرب من الحوامض.. إجراءات حكومية جديدة لتعزيز التنافسية في السوق الأوروبية    "أونروا": مئات الآلاف في غزة يعيشون على وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة    جمهور فنربخشة يطلق صافرات استهجان ضد يوسف النصيري    العصبة تلزم فرق البطولة بحذف جميع إشهارات الشركات المتخصصة في نقل الأشخاص والوساطة في النقل    مندوبية التخطيط تطلق بحثا جديدا حول العائلة    زوربا اليوناني    توقعات بتسجيل زيادة مهمة في محصول الحبوب هذا الموسم    وزير العدل الفرنسي: السلطات الجزائرية أطلقت تحذيراً كاذبا بوجود قنبلة على متن طائرة متجهة من فرنسا إلى موريتانيا    برشلونة يعلن جاهزية ليفاندوفسكي لمواجهة إنتر ميلان    الرجاء يحتج على التحكيم في مواجهة اتحاد تواركة ويطالب بفتح تحقيق    المغرب ‬ضمن ‬نادي ‬الدول ‬المنتجة ‬لتقنيات ‬الطيران ‬الحربي ‬المتقدم ‬    أحمد الشرع يلتقي ماكرون في أول زيارة للرئيس السوري إلى أوروبا    المعارضة البرلمانية تؤجل إجراءات حجب الثقة عن حكومة أخنوش    الجنون الاستبدادي لقيس سعيّد: رئيس يقوّض أسس الديمقراطية التونسية    لقجع: الطلب العمومي الأخضر محور أساسي في استراتيجية التنمية المستدامة بالمملكة    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    الذهب يسجل أعلى مستوى في أسبوعين مدعوما بالطلب على الملاذ الآمن    اتفاق مغربي-مصري لرفع وتيرة التبادل التجاري وتعزيز الصادرات الصناعية    مايكروسوفت توقف تطبيق الاتصال عبر الإنترنت "سكايب"    اختناق جماعي يصيب أزيد من 100 عاملة بمصنع ل"الكابلاج" بالقنيطرة    اختيار ملكة جمال الورد العطري في قلعة مكونة بمناسبة الدورة الستين لمهرجان الورد (صور)    بحث وطني جديد لرصد تحولات الأسرة المغربية بعد ثلاثة عقود    الرباط تحتضن ملتقىً دولي حول آلة القانون بمشاركة فنانين وأكاديميين من المغرب والعراق ومصر    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    الأميرة للا حسناء تلتقي بباكو السيدة الأولى لجمهورية أذربيجان ورئيسة مؤسسة حيدر علييف    نقابة تعليمية تحشد لعودة التصعيد    عامل إقليم الجديدة يشرف على حملة كبرى لتحسين وجه المدينة واليقضة الدائمة للشأن المحلي    تسجيلات صوتية تثير الهلع وسط أولياء التلاميذ بطنجة.. ومصالح الأمن تؤكد: "مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة"    طنجة.. "سناك" يتحول إلى مطعم دون رخصة وروائح الطهي تخنق السكان بسبب غياب نظام التهوية    البكوري: ندعم الفعاليات الجادة بتطوان وجمعية محبي ريال مدريد تُسهم في إشعاع مدينتنا    هكذا يستغل بنكيران القضايا العادلة لتلميع صورته وإعادة بناء شعبية حزبه المتهالكة    المغرب وموريتانيا يدفعان بعجلة التنمية المحلية عبر توطيد التعاون اللامركزي    الأحزاب الوطنية تؤكد انخراطها القوي وراء جلالة الملك في معركة الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة    ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في أوروبا خلال شهر مارس الماضي    "الأشبال" يستعدون لتونس بالإسماعيلية    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تزور بباكو ممر الشرف وممر الشهداء    المغرب يحصد 43 ميدالية منها ثلاث ميداليات ذهبية في بطولة إفريقيا للمصارعة    مدير المستشفى الجهوي بني ملال يستنفر كل الأطقم لتجفيف كل الظواهر المشينة بالمشفى ومحيطه    الحقيقة والخيال في لوحة التشكيلية المغربية ليلى الشرقاوي    ألباريس: المغرب ساعدنا في أزمة الكهرباء.. وعلاقتنا تشهد "تقدما كبيرا"    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    عودة ليفاندوفسكي تزين قائمة برشلونة قبل موقعة إنتر ميلان في دوري الأبطال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كيف تُنقذ حياة شخص من أزمة قلبية؟.. أخصائي يوضّح    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    مفاوضات متواصلة تؤجل الكشف عن الأسماء المغربية في موازين    أسود الأطلس يواصلون التألق بالدوريات الأوروبية    باريس.. الوجه الآخر    أكاديمية المملكة تحتفي بآلة القانون    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخوري: لا أعرف كيف أُعطِيَ محمد شكري كل ذلك الاهتمام؟
قال إنه كان يكتب عن الهامش والجنس بجرأة وإن ذلك لم يكن يروق للقوى الرجعية
نشر في المساء يوم 15 - 11 - 2013

عندما فتح ادريس الخوري عينيه على هوامش الدار البيضاء، كان والده «التروبادور» (عازف الوتر) قد عزف عن الحياة ولحقت به أمه في نفس السنة، فتكفل أخوه بتربيته ورسْمِ حياته: علمه القرآن، الذي حفظه وهو في ال13 من عمره، واختار له «الكص» اسما عائليا. لكن الشاب ادريس مزق إطار أخيه وعاد إلى حياة والده التي عثر عليها في الأدب و»الحياة المحرمة»، واختار اسم «ادريس علال» ثم «الخوري» الذي يحيل على عائلة لبنانية اشتهرت بالأدب والموسيقى.
فوق كرسي اعتراف «المساء»، يحكي «بَّا ادريس» كيف اجتاز امتحانات الشهادة الابتدائية له ولأحد أصدقائه فرسب هو بينما نجح صديقه، فأصبح الناجح شرطيا، والراسبُ كاتبا مشهورا سيقدِّم محمد بنعيسى، عندما كان وزيرا للثقافة، كتاباته إلى نجيب محفوظ، قائلا: هذه أعمال أهم كاتب قصة في المغرب.
وعلى كرسي الاعتراف أيضا، سوف نغوص داخل «الوقائع الغريبة» لعلاقة الخوري بالكتابة والحياة رفقة صديقيه: محمد زفزاف الذي يعتبره روائيا كبيرا لم ينل حقه من الاعتراف، ومحمد شكري الذي يقول إنه كان كذابا ووقحا وأنانيا.. ومن عمق ذاكرته القوية، يحكي «با ادريس» عن طرائف علاقته بالصحافة والرياضة والمسرح والسينما.. وحكاياته مع «أدب القذافي» و«ساعة صدّام حسين».
- تنفي أن تكونَ وزفزاف كاتبين صعلوكين، مثل شكري، مع أن النقاد الذين جمعوا ادريس الخوري ومحمد زفزاف ومحمد شكري تحت راية الكتاب الصعاليك اعتمدوا في ذلك على اختياراتكم الحياتية وتمردكم على قيم المركز؟
ربما لأن حياتنا، نحن الثلاثة، مختلفة عن حياة هؤلاء النقاد. دعني أتحدث عن طبيعة حياتي أنا.. فأنا لست نظاميا؛ وحياتي بقدرما هي منظمة، فيها أيضا خروج عن المألوف؛ فبالرغم من كوني متزوجا فأنا لست نمطيا، ولا أحرص على البيت والزوجة والأطفال، فعندي حياتي الخاصة، ولا أنضبط للمنظومة الاجتماعية؛ إذ لا يهمني كثيرا أن أتناول طعامي في وقت محدد أو أنام في وقت مضبوط.. ومن جهة أخرى، فأنا أرتاد جميع الأماكن، وأسافر بكل حرية. ولعل هذا ما اعتبره بعض النقاد نوعا من الصعلكة، لكن حكمهم هذا خاطئ. وقد أراد بعض الكتاب في السنوات الأخيرة أن يشتقوا لأنفسهم نمط حياة شبيها بنمط حياتنا نحن، لكنهم لم يوفقوا إلى ذلك «مفيدهومش»، لأنهم يخشون من نسائهم. أما أنا فمتزوج لكنني ظللت أعيش حياتي كما لو أنني غير متزوج.
- دعني أطلب منك القيام بمقارنة ينك وبين محمد زفزاف ومحمد
شكري; ما الذي يجمع
بينكم؟
لم يكن شكري قد ظهر بعد في مجال الكتابة عندما كنت أنا وزفزاف منخرطين فيه. شكري بدأ الكتابة متأخرا، ثم إنه نشر قصة في مجلة «الآداب» البيروتية اسمها «العنف على الشاطئ»، وقد كنت حينها أشتغل في «العلم»، وكنت أول من كتب عنها، حيث اعتبرتها قصة متميزة لا تخلو من عنف وجرأة في التطرق لعالم طنجة السفلي، من جنس وصعلكة.. تلك الصعلكة التي عاشها شكري والتي لم أعشها أنا وزفزاف. ولكي أعود إلى سؤالك، فما كان يجمعنا ثلاثتنا هو مخالفتنا لطريقة الكتابة التقليدية التي كانت سائدة وقتئذ.. فمحمد زفزاف كان رجلا مثقفا، متحدثا جيدا بالفرنسية ومحبا للحياة، وكان يتردد على أرقى العلب الليلية.. أما محمد شكري فكان معلما بسيطا، وعندما كنا نزوره، زفزاف وأنا، في طنجة لم نكن نتركه يدخل يده في جيبه.. أحكي هذا بكل صراحة. طبعا، شكري كان يعرفنا على الأماكن السرية لطنجة. هذا هو المشترك بيننا؛ أما عن كتاباتنا، فلكل منا نحن الثلاثة طريقته وأسلوبه في الكتابة. وإذا ما استقرأنا منجز محمد شكري، وجدنا أنه لم يقدم شيئا ذا أهمية كبرى إذا ما استثنينا كتابته عن فضاء طنجة السحري، بخلاف محمد زفزاف الذي تطرق إلى مواضيع جريئة نابعة من صميم مدينة الدار البيضاء، وهناك قصة مطولة لزفزاف عنوانها «الديدان التي تنحني»، وهي قصة تجريبية مهمة لم تلاق كبير اهتمام من النقاد. أنا لا أعرف كيف أُعطِيَ كلُّ ذلك الاهتمام لشكري، حيث ترجمت كتاباته إلى عدة لغات، بينما لم ينل زفزاف حظه من الاهتمام بالرغم من أنه كان كاتبا حقيقيا، فلم تكن تنقصه الموهبة، وكانت له قدرة جمة على الوصف والسخرية، الشيء الذي كان يفتقر إليه شكري. أما عن كتاباتي أنا، فما يميزها، باختصار، هو انتقاؤها مادتها بدقة بالغة من واقعي الشخصي، وهي كتابات لبعضها طابع ذاتي ولبعضها الآخر طابع مجتمعي، ويتخللها بين الحين والحين بعضُ المواقف الجنسية أو السياسية. وبالعودة إلى الحديث عن المشترك بيني وبين كل من محمد زفزاف ومحمد شكري، أستطيع القول إننا أصدقاء كانت بيننا قواسم مشتركة في الحياة، لكن من الناحية الإبداعية كانت لكل منا مميزاته وخاصياته، إلا أن النقاد صنفوننا، عن جهل أو خطإ، في خانة واحدة.
- محمد خير الدين، هل كان صعلوكا؟
خير الدين أعرفه منذ كنت أعيش في الدار البيضاء، كان حينها يكتب في مجلة «أنفاس». وخلال الفترة التي بدأنا ننشر فيها كتاباتنا، زفزاف وأنا ولاحقا شكري، كان هو مقيما في فرنسا، وعندما عاد إلى المغرب لاحقا جالسته في عدد من مقاهي وحانات العاصمة. خير الدين كاتب موهوب، عنيف في لغته، وله ثقافة نباتية مهمة، يتميز بكرمه وسخائه، جريء في كتاباته، بوهيمي رغم أنه كان أنيقا في ملبسه، لكنه لم يكن أبدا صعلوكا.
- الكاتب الصعلوك في المغرب هو شكري؟
نعم، في تقديري.
- أنت صاحب تكوين ديني تقليدي (حافظ للقرآن). ما الذي طرأ حتى أقمت قطيعة مع مرجعيتك الذهنية المحافظة، وارتميت في أحضان الفكر الوجودي الذي يُعلي من قيمة الفرد الحر، المسؤول عن أفعاله، خارج أي مراقبة أو توجيه؟
أنا لم أكن ذا تفكير ديني واضح. صحيح أنني قرأت القرآن وحفظته عندما كنت طفلا، لكنني ما لبثت أن ولجت المدرسة العصرية، لذلك فأنا لم أفسر أبدا العالم ووجودي فيه تفسيرا دينيا. وقد جعلتني قراءتي للأدب أكتشف أفقا آخر ولغة أخرى وتفكيرا آخر لا علاقة له بالتفكير الديني.
- ألم تصطدم أنت ومجايلوك، من الكتاب الذين كان لهم ميل إلى الفلسفة الوجودية، بذوي العقليات المحافظة.. ألم يحدث أن تم وصفكم بالملحدين أو الزنادقة، مثلا؟
هذا كان موجودا بالفعل، فقد كنتُ أكتبُ عن الهامش وعن الجنس بنوع من الجرأة، الشيء الذي لم يكن يروق للقوى الرجعية المحافظة، ومن ضمنها قراء «العلم» والمنتمون إلى حزب الاستقلال. وقد كان المرحوم عبد الجبار السحيمي يبلغني بذلك، حيث كان يقول لي: «داك الشي اللي كتبتي لم يعجب فلانا»، لكنه كان يضيف بعد ذلك: «لكن استمر في كتاباتك.. لا يهمك ما يقولونه عنك»؛ فبقدرما كان عبد الجبار يبلغني قلق وغضب المحافظين -في الحزب والجريدة التابعة له- عليّ، بسبب كتاباتي، كما على من يقاسمني حساسياتي الفكرية، كان (السحيمي) يحفزني على الاستمرار على نفس المنوال، لأن نفس الحساسية كانت تسكنه وتحركه وبوحي منها كان يكتب مقالات جريئة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.