السكتيوي: الجاهزية البدنية والانضباط التكتيكي رجحا كفة فريقنا    شبهة تضارب المصالح تضع منتخبين أمام مسطرة العزل بجهة الدار البيضاء    حكومة بريطانيا تصف المجاعة في غزة بأنها "فضيحة أخلاقية" وكارثة صنعها الإنسان    "بوكو حرام" تنفي مقتل زعيمها باكورا    بوعياش: العقوبات البديلة ورش حقوقي    مدغشقر تتأهل إلى نصف نهائي "الشان"    المنتخب المغربي للمحليين يهزم تنزانيا ويعبر إلى نصف نهائي "الشان"    مركز كينيدي يستضيف قرعة المونديال    استفحال ظاهرة اغتصاب الأطفال!    اعتقال ستيني متورط في قتل شرطي بإيموزار    فلوس الغرامة.. فلوس المهرجان    للمرة الثالثة: عودة الفنانة شيرين عبد الوهاب لطليقها حسام حبيب يشعل أزمة جديدة        طنجة : باشا يتعرض لاعتداء خطير وسرقة وسط المدينة    توقعات أحوال الطقس غدا السبت            خنزير بري يتسبب في حادثة سير مميتة بأولاد غانم    احتفاء خاص بالباحث اليزيد الدريوش في حفل ثقافي بالناظور    لاعب سابق في صفوف المغرب التطواني يهاجر إلى سبتة سباحة    بعد تعليق حملة المراقبة.. ما مآل الدرجات النارية المحجوزة؟    بوريطة يجري اتصالا هاتفيا مع نظيره المصري    السكتيوي يكشف تشكيلة المنتخب المحلي لمواجهة تنزانيا بالشان    الإجهاد الحراري يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية ويهدد صحة العمال    مهرجان الشواطئ يحتفي بعيد الشباب وثورة الملك والشعب بمشاركة نجوم مغاربة وعرب    مداهمة منزل جون بولتون المستشار السابق لترامب الذي يشتغل مع الجزائر من طرف الFBI    حماس تطالب بوقف الحرب وفتح المعابر بعد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في غزة    بولتون بين أيدي الFBI.. سقوط ورقة ضغط طالما راهن عليها نظام الجزائر والبوليساريو        بطولة إنجلترا .. مانشستر سيتي يجدد عقد مدافعه روبن دياز حتى صيف 2029    "تيكاد-9" يفضح محاولات انفصاليي "البوليساريو" ويؤكد دعم اليابان للحكم الذاتي المغربي            فلاحو سهل صبرة بزايو يرفعون نداء استعجالي لإنقاذ محاصيلهم المهددة بالجفاف    السعودية تعزز خدمات العمرة: منصة إلكترونية متكاملة للمعتمرين دون الحاجة لوكالات أو وسطاء        بمناسبة عيد الشباب.. فرقة "المسيرة الخضراء" تبهر الجمهور بعرض جوي مذهل فوق سماء المضيق ومرتيل    إجراءات ضريبية محفزة لمغاربة العالم لا يعرفها الكثيرون    ضبط زورق محمل بطنين من الشيرا وتوقيف سبعة أشخاص    مشروع قانون يُثير الجدل.. استحداث "مجلس أمناء" على رأس جامعات المغرب يفقدها آخر ما تبقى من استقلاليتها    بعد التدخل المفاجئ لأخنوش: من يحمي حياة المواطنين وسط تغوّل الحسابات السياسية والمالية؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    الاصابة تبعد الهولندي فريمبونغ عن ليفربول ثلاثة أسابيع    تركيا تستعد لإطلاق شبكة الجيل الخامس ابتداء من سنة 2026    المغرب يتصدر مستوردي الغاز الإسباني    إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد    إسرائيل تتوعد بتدمير مدينة غزة        وفاة القاضي الرحيم عن 88 عاما.. صوت العدالة الذي أنصف المهاجرين    انطلاق فعاليات مهرجان الرمى والطلبة والخيالة بمركز صخور الرحامنة مبادرات راائدة في التضامن الترابي (صور)    ابتكار جهاز من الماس يرصد انتشار السرطان دون مواد مشعة        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشذوذ الفكري!
نشر في المساء يوم 09 - 04 - 2009

لا شك أن كثيرا من الشباب المغاربة يطرحون على أنفسهم هذا السؤال: هل نستطيع أن نكون حداثيين وفي نفس الآن محافظين؟ سؤال قد يرى فيه البعض نوعا من التناقض، خصوصا أولئك الذين لا يرون لأنفسهم مكانا سوى في أقصى اليمين أو في أقصى اليسار، ويتناسون أن «التيساع» يوجد في الوسط وليس على الأطراف.
والحق أن هذا السؤال له أهمية كبيرة، بالنظر إلى التحولات السريعة التي يعرفها المجتمع المغربي، والتي استفحلت سرعتها بشكل كبير في أواسط التسعينيات من القرن الماضي، عندما بدأت الصحون المقعرة تتقاطر على أسطح بيوت المغاربة، وأصبح الكثيرون يعيشون بأجسادهم هنا، وعقولهم مشدودة إلى تلك العوالم الغربية الباهرة، قبل أن تتضاعف سرعة هذا التحول مع مجيء الأنترنت، ومن تمة وجد الكثيرون أنفسهم في مفترق الطرق، بين الرغبة في تقليد الحداثة الغربية أو الحفاظ على الهوية المغربية. وربما كان هذا العامل واحدا من العناصر التي جعلت أكثر من ثلاث مائة ألف مغربي ومغربية يعانون من السكيزوفرينيا، والتي انتهت بالذين سايروا هذا التحول بشكل أعمى إلى الإصابة ب«الشذوذ الفكري»!
فهل نستطيع كشباب نعيش في القرن الواحد والعشرين، ونتحدث يوميا عبر الحواسيب المرتبطة بالأنترنت مع أشخاص من جنسيات وديانات وثقافات مختلفة أن نساير التطور العظيم الذي يشهده العالم، ونكون بدورنا حداثيين وفي نفس الآن محافظين؟ بالنسبة لي، أعتقد أن الجواب هو نعم بكل تأكيد. لكن، يجب علينا أولا أن نحدد ماهو مفهوم الحداثة، وما معنى أن يكون الإنسان محافظا؟ لأن هناك من يفهم الحداثة على أنها تتلخص في ارتداء سروال ضيق وممزق من الركبتين، ويظهر من تحته التبان، مع وضع الأقراط في الأنف أو السرة أو في أي مكان آخر من الجسد، مع وضع قبعة أمريكية على الشعر الذي يجب أن تكون تسريحته مثيرة. و«باش تكمل «الحداثة» مزيان الواحد مرة مرة يفتخ شي جوان. في المقابل، هناك من يفهم أن الإنسان لا يمكن أن يكون محافظا إلا عندما يحلق شاربه ويسدل اللحية على الصدر، مع ارتداء طاقية بيضاء ولباس أفغاني يتشكل من سروال تنتهي حدوده عند ساق القدم وجلباب أو «فوقية» تنتهي حدودها هي أيضا في نفس المكان. شخصيا لا أتفق مع مثل هذا النوع من الحداثيين والمحافظين على حد سواء، لأنهم جميعا يحصرون كل شيء في المظهر الخارجي ويضربون العقل الذي هو البوصلة الحقيقية للإنسان في الصفر. لذلك لا يستحق أي منهما أن يكون قدوة لنا، «حيت بجوج بيهم غالطين»!
أن تكون حداثيا معناه أن تكون لديك عقلية منفتحة. هذا لا يعني أن تكون مثل «قزيبة الفروج»، «الريح اللي جا يديها». أبدا. العقلية المنفتحة معناها أن تكون لديك القابلية للتحدث مع الآخر، بغض النظر عن دينه وثقافته وأفكاره، دون أن يزعزع أفكارك ومبادئك التي تؤمن بها. بمعنى أن تكون لديك مناعة تجعلك تكون على الدوام كما تريد أنت وليس كما يريد الآخر. أن تكون حداثيا معناه أن تأخذ الأشياء الإيجابية من الآخر، وتترك له أشياءه السلبية، وليس كما يفعل البعض عندما يأخذون كل شيء بالجملة! أن تكون حداثيا لا يعني بالضرورة أن تلغي الدين من حياتك، كي يخلو لك الطريق لفعل كل شيء وأي شيء، لأن من يفعل ذلك يستطيع أن يعيش حياته كما يريد، ولكنه عندما يسافر إلى العالم الآخر بلا شك «غادي يخصو الحساب»! أن تكون حداثيا معناه أن تعيش حياتك وسط إطار من الإنضباط. أن تستمع إلى الموسيقى وتذهب إلى المسرح والسينما وحتى السهرات الفنية من أجل الاستمتاع بالحياة وليس من من أجل «فتخ الجوانات» وسرقة اللحظات الحميمية تحت جنح الظلام!
من جانب آخر، ليس من المفروض أن ترتدي لباسا معينا كي تكون محافظا، وليس ضروريا أن تسدل اللحية وتضع المسواك بين أسنانك كي تثبت هويتك الدينية. «حيت هادشي غير زواق وما منّو والو». وليس من المنطقي في شيء أن تنزوي على نفسك وتغلق الأبواب في وجه الآخرين، حتى لا تتسرب «أفكارهم المسمومة» إلى فكرك أنت، ويزعزعوا مبادئك وقناعاتك. فمن يعتقد أن مبادئه قابلة للزعزعة في أي لحظة، ما يجب عليه أن يفعله هو أن يستبدلها بمباديء أخرى غير قابلة للزعزعة عوض الانطواء على الذات. نحن هنا نتحدث بطبيعة الحال عن الراشدين وليس الأطفال الصغار والمراهقين الذين لم يكتمل نضجهم الفكري بعد. هؤلاء يجب حمايتهم حتى ينضجوا ويصيروا راشدين.
هكذا يستطيع أي واحد منا أن يكون حداثيا ومحافظا. يجمع بين الدين والدنيا، ويعيش حياة عادية بلا عقد وبلا انزلاقات، دون أن يرتدي سروالا ممزقا في الركبتين أو جلبابا يخاصم الكعبين. «إيوا شفتو، الواحد راه يقدر يكون حداثي ومحافظ في نفس الآن. بلا لحية بلا جوان»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.