بعد الخرجات المتتالية للنقابات الأكثر تمثيلية في المغرب، والتي اتهمت فيها الحكومة بتجميد الحوار الاجتماعي وما ترتب عنه من تدهور وضعية الطبقة العاملة، خرجت الحكومة عن صمتها لتؤكد أن الحوار الاجتماعي غير مجمد وأنها منخرطة في تنفيذ جميع التزاماتها. وقالت وزارة الاتصال، التي تعتبر الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن النقابات هي التي ترفض الانخراط في جولات جديدة للحوار الاجتماعي، مشيرة إلى أن رئاسة الحكومة دعت إلى عقد اجتماع للجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد قصد إجراء لقاءات تشاورية مع المركزيات النقابية، يوم 4 دجنبر 2013، غير أن عددا من المركزيات النقابية قررت عدم الاستجابة لهذه الدعوة. بالمقابل، أكدت الوزارة أن الحكومة حرصت، منذ تنصيبها، على تنزيل التزامات الحوار الاجتماعي، عبر جملة من المبادرات مكنت من توطيد السلم الاجتماعي وتحقيق نتائج مهمة، تحملت من أجلها ميزانية الدولة، ولا تزال، كلفة ثقيلة في ظرفية اقتصادية صعبة. واستعرض المصدر ذاته، مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تنفيذا للالتزامات المتعلقة باتفاق 26 أبريل 2011 والاتفاقات القطاعية التي تلته، والتي رصد لها 24.8 مليار درهم برسم الفترة 2012-2014، وعلى رأسها الرفع من الحد الأدنى للأجر بالوظيفة العمومية إلى 3000 درهم، وإحداث صندوق التعويض عن فقدان الشغل، والرفع من الحد الأدنى للمعاشات التي تصرف لمتقاعدي المؤسسات العمومية والجماعات المحلية والمياومين، وإلغاء شرط أداء انخراطات 3240 يوما للاستفادة من التقاعد: ورصد 2.8 مليار درهم لتنفيذ الالتزامات المترتبة عن بعض الحوارات القطاعية، والرفع من الحصيص السنوي للترقي إلى 33 في المائة على مرحلتين، بالإضافة إلى وضع مجموعة من مشاريع القوانين في قنوات المصادقة، وملاءمة التشريع الوطني مع معايير العمل الدولية والعربية. وكان الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الميلودي مخاريق، اعتبر أن الحكومة أبانت عن موقف «غير مسؤول» من خلال تعطيلها لعجلة الحوار الاجتماعي وتجاهل القضايا الأساسية للطبقة العاملة بالمغرب. وأعرب مخاريق، بمناسبة الدخول البرلماني عن «أسفه الكبير» لكون الحكومة الحالية «أجهزت على المكاسب التي حققتها الطبقة العاملة طيلة عشر سنوات من الحوار مع الحكومات السابقة، مكنت من إرساء علاقات مهنية مع الفرقاء الاجتماعيين ومأسسة الحوار الاجتماعي»، مضيفا أنه «بدأنا نرى أن كل هذه المكتسبات تتلاشى، مما ينذر بحدوث احتقان اجتماعي في صفوف الطبقة الشغيلة نتيجة التدابير التي مست القدرة الشرائية للعمال، وأسهمت في تجميد التفاوض الجماعي، ناهيك عن تهديد مصالح الطبقة العاملة، بسبب الخروقات المستمرة لمدونة الشغل وضرب الحريات النقابية». وفي السياق ذاته، أبرز المسؤول النقابي أن «الأزمة الكبيرة» التي يعيشها ملف الحوار الاجتماعي هي نتاج «للقرارات الانفرادية للحكومة في ملفات تخص بالدرجة الأولى عموم الأجراء وكافة مكونات الحركة النقابية»، مذكرا بأن «هذه الحكومة، وكما الحكومات السابقة، تعهدت بإجراء دورة خريفية للحوار مع الفرقاء الاجتماعيين، ودراسة المشاكل التي يعاني منها العمال بمختلف فئاتهم، وتجميع مقترحات الفاعلين النقابيين بخصوص مشروع قانون المالية»، مستدركا أن الواقع غير ذلك، «فمسلسل الحوار تعطل، وتم تجميد آليات التفاوض الجماعي، وهي مؤشرات لا تبشر بالخير».