مشروع القانون 16/22: تحديث وتنظيم مهنة العدول وحماية حقوق المتعاملين    "الصحراء المغربية" تحضر بقوة في أسئلة البرلمان الإسباني الموجهة لألباريس    مراكش تحتضن الدورة 93 للجمعية العامة للإنتربول..    كاتب جزائري يحذر من ضغوط أمريكية على الجزائر بعد تبني قرار مجلس الأمن حول الصحراء    مجلس المستشارين.. نادية فتاح: مشروع قانون المالية يؤكد أولوية البعد الاجتماعي والمجالي ويرسخ دينامية الإصلاح    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء            قافلة الدعم للمقاولات تحطّ بالمضيق... آليات جديدة لتعزيز الاستثمار وخلق فرص الشغل    السوق النقدية تحافظ على توازنها خلال الفترة ما بين 14 و20 نونبر    روسيا تقترح تنظيم مونديال لغير المؤهلين لنسخة 2026..    الاتحاد الوجدي يسقط "الماط" ويمنح جاره المولودية فرصة خطف الصدارة    طقس بارد في توقعات اليوم الثلاثاء بالمغرب    كيوسك الثلاثاء | وزارة الصحة تلزم مديريها بنشر لوائح الأطباء المكلفين بالحراسة لضمان استمرارية الخدمات    صنّاع الأفلام القطريون والمقيمون في قطر يؤكدون على أهمية دعم مؤسسة الدوحة للأفلام والمجتمع الإبداعي في بناء صناعة سينمائية مستدامة    ستيفن سودربرغ في مهرجان الدوحة السينمائي: سرد القصص الجيدة قائم في تكويننا وصفة مشتركة بيننا    تقرير أممي: مقتل فتاة كل 10 دقائق على يد شريك أو أحد أفراد الأسرة        الشريط الشاهد الناطق الحي.. من يحاكم من؟    إيران تعلن تنفيذ الإعدام بحق مغتصب    آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    دراسة: التدخين من وقت لآخر يسبب أضرارا خطيرة للقلب    ترامب يطلق إجراءات لتصنيف جماعة الإخوان "منظمة إرهابية"    إقليم سطات .. العثور على جثة داخل أحد الآبار    مرشح لرئاسة "الإنتربول" يشيد بالنجاحات المتتالية في التجربة المغربية    الشرطة القضائية توقف إلياس المالكي بالجديدة    السودان.. قوات الدعم السريع تعلن هدنة إنسانية من طرف واحد لثلاثة أشهر    المنتخب البرتغالي يتخطى البرازيل ويتأهل لنهائي مونديال الناشئين    بنسعيد : الحكومة لا يحق لها التدخل في شؤون مجلس الصحافة    إضراب وطني يشل بلجيكا ويتسبب في إلغاء رحلات جوية    المنصوري: إعادة بناء أزيد من 53 ألف منزل في المناطق المتضررة من زلزال الحوز    الرئيس النيجيري يعلن تحرير 38 مختطفا من إحدى الكنائس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    الPPS يرفع مذكرته إلى الملك لتحيين مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية    إخفاق 7 أكتوبر يعصف بكبار قادة الجيش الإسرائيلي    "لبؤات القاعة" يحصدن أول إنتصار في المونديال أمام الفلبين    تداولات إيجابية لبورصة الدار البيضاء        الرّمادُ والفَارسُ    محمد صلى الله عليه وسلم في زمن الإنترنت    حكيمي يطمئن المغاربة: عدت أقوى... والكان هدف أمامي    معركة الاستراتيجيات والطموحات – هل يستطيع برشلونة اختراق دفاع تشيلسي؟    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    دراسة علمية تشير لإمكانية إعادة البصر لمصابي كسل العين    إسرائيل ترفع تأهب الدفاع الجوي غداة اغتيالها قياديا ب"حزب الله".. وتستعد لردود فعل    تسوية قضائية تُعيد لحمزة الفيلالي حريته    وفاة الممثل الألماني وأيقونة هوليوود أودو كير عن 81 عاماً    سيناتور يمينية متطرفة ترتدي "البرقع" بمجلس الشيوخ الأسترالي وتثير ضجة بالبرلمان    احتجاجات صامتة في الملاعب الألمانية ضد خطط حكومية مقيدة للجماهير    ألونسو: هذه هي الكرة حققنا بداية جيدة والآن النتائج لا تسير كما نتمنى    مملكة القصب " بمهرجان الدوحة السينمائي في أول عرض له بشمال إفريقيا والشرق الأوسط        دراسة: استخدام الأصابع في الحساب يمهد للتفوق في الرياضيات    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«هبّط النّيفو يطلع المورال»
نشر في المساء يوم 16 - 10 - 2014

لم يكد الملك يغادر قبة البرلمان بعد أن ألقى خطبة افتتاح الدورة الخريفية، حتى نشبت معركة حامية الوطيس بين الأمين العام لحزب الاستقلال، مدعوما ب»ميليشياته»، وأحد مستشاري حزب «الأصالة والمعاصرة»، استعمل فيها اللكم والعض والصفع و»الطرش» في تطبيق سريع لمضامين الخطاب الملكي، الذي دعا ممثلي الشعب إلى «تعزيز ثقة المواطن في المؤسسات الإدارية والمنتخبة» و»الرفع من مصداقيتها ونزاهتها» كي يشعر المواطن ب»أنها فعلا في خدمته»... الأستاذ اللبار والدكتور الكيحل والبروفيسور شباط التقطوا الرسالة الملكية بنباهة منقطعة النظير، لرفع معنويات المواطن المغربي التي وصلت إلى الحضيض، طبقوا أحد الشعارات الرائجة في «بارات» و»كاباريهات» المملكة: «هبّط النيفو يطلع المورال»، ولم يترددوا في تحويل قبة البرلمان إلى ما يشبه خمارة حقيرة من تلك التي «يشيّر» فيها الزبائن على بعضهم البعض بقنينات «السطورك»... وهو اجتهاد في تأويل الخطاب الملكي، يستحق التشجيع على كل حال !
لنكن جديين، ما حدث يوم الجمعة الماضي تحت قبة البرلمان يؤكد أن السياسة في المغرب وصلت إلى حضيض غير مسبوق. وإذا كان «الأصالة والمعاصرة» قد طرد اللبار من صفوفه فإن حميد شباط لم يجد من يطرده من «الاستقلال»، لأنه «الأمين العام» للحزب بكل بساطة. ولعل من مآسي المشهد السياسي المغربي أن ينتهي حزب علال الفاسي بين يدي شخص لا يتردد في استعمال اللكم والعض والصفع والكلاب والحمير لحسم الخلافات مع خصومه السياسيين، داخل الحزب وفي الشارع وتحت قبة البرلمان. شباط أقرب إلى زعيم «ميليشيا» منه إلى رجل سياسة. أليس هو نفسه من شبه المقر العام لحزب «الاستقلال» ب»قصر العزيزية» أيام كان يحشد «ميليشياته» كي يستولي على بناية باب الحد في الرباط؟ أليس هو من استعمل الكلاب و»الهاجم يموت شرع» لطرد عبد الرزاق أفيلال من «الاتحاد العام للشغالين»؟ عمدة المدينة العلمية للمملكة هو أحد عناوين الحضيض الذي وصلت إليه السياسة في المغرب، لوحده يختصر كل أمراض «النخبة السياسية» كما شخصها الملك في خطاب افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان. أمثال شباط موجودون في كل الأحزاب عبر العالم، لأن السياسيين ليسوا ملائكة في نهاية المطاف، وكي يبسطوا نفوذهم على التنظيم يحتاجون إلى أشخاص من هذه الطينة، مهمتهم تصفية الحسابات وشن حملات على الخصوم بكل الوسائل، بما فيها الترهيب والترغيب والافتراء والكذب وسوء النية... باختصار شديد: «البلطجة». المشكلة تبدأ حين يصبح هؤلاء الأشخاص في الواجهة ويصير الحزب مختصرا فيهم، بعبارة أخرى: عندما يصبح «البلطجي» أمينا عاما للحزب... اِقرأ على السياسة السلام. ظاهرة استبدال «الزعماء» ب«البلطجية» شملت أكثر من حزب سياسي في السنوات الأخيرة، ويصعب أن نقرأ فيها شيئا آخر غير رغبة واضحة في تبخيس دور الأحزاب لصالح فاعلين آخرين في المشهد السياسي. من وضعوا شباط على رأس حزب «الاستقلال» هم أنفسهم الذين أسسوا حزب «الأصالة والمعاصرة» كي يتحكموا في المشهد الحزبي، دون أن يأخذوا بعين الاعتبار التحولات التي يشهدها العالم. عندما خرج فؤاد عالي الهمة من القصر عام 2007 ليدخل غمار الحياة الحزبية، دق كثير من الغيورين على مستقبل البلاد ناقوس الخطر، محذرين من مخاطر العودة إلى الوراء عبر إحياء مناورات سياسية قديمة، استعملها الحسن الثاني في ستينيات القرن الماضي، ولا يمكن بأي حال أن تنفع مغرب «العهد الجديد». لكن عشاق النيران وجدوا ضالتهم في «النموذج التونسي»، وأطلقوا عملية استنساخ تجربة «التجمع الدستوري» في المغرب، إلى أن اشتعلت النيران في أوهامهم بعد أن أحرق محمد البوعزيزي نفسه ومعه نظام زين العابدين بنعلي؛ ولولا لطف الله لكانت فاتورة «الاختيار التونسي» باهظة جدا!
حزب «الاستقلال» يعج بالمناضلين النزيهين والأكفاء، في القيادة كما في القاعدة، لكنهم أبعدوا من مراكز القرار عن سبق إصرار وترصد، ووضع مكانهم أشخاص يسهل التحكم فيهم، ليخلوا المجال لأحزاب أخرى مثل «الأصالة والمعاصرة» وأخيه الصغير «الديمقراطيون الجدد»، كي تُرسم خريطة سياسية على المقاس من طرف أصحاب «الحل والعقد» في صيغتهم المعاصرة. هاته الممارسات هي التي أوصلتنا إلى مهزلة يوم الجمعة الماضي، وتبشر بمهازل أكبر في الأيام المقبلة إذا استمر الوضع على ما هو عليه، إذ يبدو أن هناك في هذه البلاد «مجوسيين» يحبون اللعب بالنار، دون أن ينتبهوا أن ألسنة اللهب يمكن أن تخرج عن السيطرة وتحرق كل شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.