انطلق الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إلى كوريا الشمالية كي يطلق من السجن صحافيتين أمريكيتين اعتقلتا في هذه الدولة المنعزلة. غير أنه كان أيضا لرسالته الإنسانية ك«ضيف خاص» جانب سياسي، في لقائه الناجح مع طاغية كوريا الشمالية، كيم يونغ إيل. وكان هذا اللقاء الأول بين كيم وشخصية أمريكية رفيعة المستوى منذ نهاية رئاسة كلينتون، حين زارت وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت كوريا. وكانت النتيجة الفورية لزيارة كلينتون هي تحرير الصحافيتين اللتين عادتا معه إلى الولاياتالمتحدة. وستتضح الآثار السياسية لهذه الزيارة في المستقبل فقط. فإذا ما استؤنف الحوار مع كوريا الشمالية في أعقاب هذه الزيارة، وكف كيم عن تجاربه على الصواريخ والنووي، وتبدد التوتر في شرقي آسيا– فستسجل الزيارة كإنجاز دبلوماسي هام. أما إذا استمرت كوريا الشمالية في الاستفزاز، فإن الانطباع الذي خلقته الزيارة سيتبدد. الظروف السياسية في شرقي آسيا تختلف عنها في الشرق الأوسط، غير أن الإسرائيليين أيضا يمكنهم أن يستخلصوا الدروس من رحلة كلينتون. الدرس الأول هو أن سياسة المقاطعة والعزل هي حل سهل لأوضاع مركبة، ولكن في حالات عديدة تحقق نتائج معاكسة لما هو مرغوب فيه. فإدارة بوش أظهرت التصلب الدبلوماسي تجاه كوريا الشمالية، وبذلك فإنها لم تؤثر عليها في تخفيف حدة سلوكها، حيث إن كيم رد بإنتاج البلوتونيوم والصواريخ بعيدة المدى. من الصعب التخمين بأن أمريكا كانت ستنجح حتى في أن تحقق تحرير الصحافيتين لو أنها اكتفت بالمقاطعات والتهديدات. الدرس الثاني هو أنه ينبغي أحيانا إيجاد حلول عادية أقل والخروج عن البروتوكول الدبلوماسي. لقد حاولت إدارة أوباما ولم تنجح في أن تستأنف الحوار مع كوريا الشمالية بأدواتها العادية. وبدلا من اليأس واتهام الطرف الآخر بالرفض والقول إنه لا يوجد مُحاور، تقرر إرسال الرئيس الأسبق إلى بيونغ يونغ وهو ذو مكانة دولية وقدرة نادرة على خلق اتصال شخصي مع الشعوب والزعماء الأجانب. عسى يكون هذا سبيلا ناجعا لاختراق سور العزلة والاغتراب وتحقيق نتائج فورية، بل وربما مستقبلية. يجدر بمقرري السياسة في إسرائيل أن يتعلموا الدرس من رحلة كلينتون إلى بيونغ يونغ قبيل عرض مبادرة أوباما لاستئناف المسيرة السياسية.