بقيمة 43 مليون درهم.. مشروع تعاون جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي    تخفيضات استثنائية.. العربية للطيران تعلن عن تذاكر تبدأ من 259 درهما على 150 ألف مقعد    إسرائيل تكثف ضرباتها في غزة وتأمر بعمليات إخلاء جديدة بشمال القطاع    ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟    الكونغرس يقر مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    المرصد الوطني للتنمية البشرية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية يوقعان إتفاقية لإطلاق بحوث ميدانية لتحديد احتياجات الساكنة المستهدفة    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك ب "الملياردير المتغطرس"    ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    توفيق الجوهري يدخل عالم الأستاذية في مجال تدريب الامن الخاص    الصين تدرس مراجعة قانون مكافحة غسيل الأموال    نانسي بيلوسي وصفات نتنياهو بالعقبة للي واقفة قدام السلام.. وطلبات منو الاستقالة    بطولة انجلترا: أرسنال ينفرد مؤقتا بالصدارة بعد فوز كبير على تشلسي 5-0    الصين: أكثر من 1,12 مليار شخص يتوفرون على شهادات إلكترونية للتأمين الصحي    الولايات المتحدة.. مصرع شخصين إثر تحطم طائرة شحن في ألاسكا    إيلا كذب عليك عرفي راكي خايبة.. دراسة: الدراري مكيكذبوش مللي كي كونو يهضرو مع بنت زوينة        لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    محلل رياضي مشهور: أمرابط بمانشستر ليس اللاعب المتألق الذي رأيناه مع المنتخب المغربي في قطر    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    "الأحرار" يحسم الاقتراع الجزئي بفاس    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف        وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سائق سيارة أجرة التجأ إلى مشعوذ لعلاجه من «الفشل» الجنسي فأصيب بتسمم إثر تناوله لست بيضات مسلوقة
رجل أمن ضاع منه سلاحه الناري فوجده في دولاب ابنه بتوجيه من «الشواف»
نشر في المساء يوم 22 - 11 - 2009

في زيارة تنكرية ل «المساء لشقة خاصة بأحد الدجالين بتطوان، فاجأنا «سكرتيره» الخاص بأن أجندة «الشريف» مكثفة، وبالتالي علينا أخذ موعد مسبق قد يدوم لفترة تتجاوز أسبوعا كاملا من الانتظار. المشعوذ، حسب قول مرتاديه من النساء والفتيات الواقفات في طابور طويل، يعالج كل الأمراض، ويفك السحر والثقاف، ويجلب الحظ والرزق. كما أنه يذهب خارج المغرب لتخطيط طلاسيمه السحرية واستعانته بقوى الجن من أجل وضع حد لعدد من المشاكل التي تعترض سبيل عمل أفراد الجالية المغربية بأوربا وأمريكا. أغلب الزبائن هم من الوسط الفقير الغارق في الإيمان بالسحر والشعوذة وقدرتهما على تقديم العلاج القوي لكل المشاكل والأمراض التي يعانون منها. «كل ليلة أستيقظ مفزعة ومرتعشة بسبب كوابيس وأحلام تؤرقني، حيث لا يفارق سريري الذي أقتسمه مع زوجي شخص يتحرش بي، إنه الجان الذي يريد التزوج بي» تقول منى، وهي سيدة من تطوان تبلغ من العمر 35 سنة.
وأضافت أن الجان مغرم بها منذ فترة شبابها لكنه ذهب حينها إلى حال سبيله إلى أن فوجئت مؤخرا بعودته للتحرش بها. «في بعض الأحيان أستيقظ وعلى جسدي آثار تشبه الكدمات في لونها الأزرق تتوزع على أعضائي الخاصة. أنا واثقة من أنها تعود للجان»، تزعم السيدة.
من أجل إعادة خليلها من إسبانيا
غير بعيد عن منزل الشريف نذهب للاطلاع على مشعوذ آخر يمارس شعوذته وسحره يوم السوق الأسبوعي بقرية «خميس أنجرة». جلست فتاة قروية في الثلاثينات من عمرها وهي تداعب بأصابعها منديلا أحمر يلف أغراضا مجهولة، ربما تشمل «آثار» خليلها الذي هاجر إلى إسبانيا من أجل إنجاز «سحر» له وإعادته إلى القرية، بعد أن رفض الوفاء بوعده بالزواج بها وتماطله في تنفيذ الالتزام الذي كان قد قطعه على نفسه منذ أعوام بعد أن افتض بكارتها. «تكرفس عليا ومشا، ولكن والله ما نخطيه»، ليست هذه أول زيارة للفتاة إلى محل «الفقيه» بل إنها تعتبر من زبنائه الأسبوعيين المخلصين، ففي كل زيارة تمنح الفقيه «فتوح» يتجاوز مائة درهم، إضافة إلى جلبها ديكا أسود اللون وبعض الشموع ومنجلا كبيرا»، لوضع الثقاف لخليلها. لكن رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر من ارتيادها محل «الفقيه» فلا نتيجة إيجابية تظهر لها في الأفق.
«علمت مؤخرا أنه عقد قرانه على بنت عمه، وهي بصدد الالتحاق به إلى الديار الإسبانية»، تقول الفتاة. يعتبر السحر والشعوذة في المغرب من أشكال الثقافة المرئية، وجزء من الثقافة الشعبية التي تتميز بالسرية، كما أن تعدد المفاهيم المرتبطة بالشعوذة والسحر يجعل مجال الانتماءات متعددة، خصوصا أن اللجوء إلى الشعوذة يؤكد وجود أزمة ثقافية واجتماعية وأسرية كبيرة. «اللجوء إلى «الفقيه» لجلب العريس أو لتحقيق الترقية في العمل أو للعلاج من بعض الأمراض العضوية أو النفسية مرتبط بانعدام الوعي وبترسب الفكر الخرافي في المجتمع، الذي لا يزال يؤمن بالظاهرة، حيث ينتهي الأمر بالذين يمارسونه في نهاية المطاف إلى الدخول في دوامة البحث عن حل لما يؤرقهم من خلال الخرافات ومن ثم فلا محالة أنهم يصابون باضطرابات نفسية خطيرة تنعكس على مسار حياتهم اليومية» يقول دكتور نفساني للجريدة.
رجال أمن يستعينون ب«الشواف»
حكى لنا «سكرتير» أحد المشعوذين المعروفين في مدينة المضيق أنه حتى بعض رجال الأمن يقومون بزيارة «الفقيه» بخصوص عدد من الملفات والمشاكل التي تعترضهم في حياتهم، ويستدل الكاتب الخاص للدجال بعدة حوادث إجرامية استحال التوصل فيها إلى الجاني، كما أنه منذ شهور قدم عنده أحد رجال الأمن بعد ضياع سلاحه الناري الذي عثر عليه لاحقا داخل دولاب ملابس رضيعه. «لقد كان ذلك بفضل بركة الفقيه»، يحكي سكرتير الدجال بزهو وافتخار.
أثناء انتظار دورنا للقاء «الفقيه» خرج من غرفة المشعوذ شخص يعمل سائق سيارة أجرة بمدينة تطوان. وييرر هذا الشخص زيارته ل«الفقيه» بسبب عجزه مؤخرا عن معاشرة زوجته. أمره الفقيه بالتجرد كليا من ثيابه داخل غرفة مظلمة. منحه قنينة ماء وبدأ يصرخ في وجهه بهيستيريا قائلا له: «نشار نشار»، وهي كلمة بدوية تعني «بلل جسدك» بمياه القنينة البلاستيكية.
بدأ الشخص في «تنشير» أطراف جسده، قبل أن يمنحه الفقيه سبع بيضات مخطوطا عليها بعض الطلاسم والكتابات غير المفهومة بمداد بني، ليتناول ستا منها دفعة واحدة، على أن يقوم بدفن البيضة السابعة «في قبر منسي»، وبالتالي سيتمكن بعد ذلك من معاشرة زوجته بشكل جيد. كلفت العملية سائق سيارة الأجرة 600 درهم. لكن بعد يومين سيتصل بنا السائق بعدما ناولناه رقم الهاتف، ليعلمنا أنه أصيب بتسمم حاد نتيجة أكل البيضات الست المسلوقة، وأنه سيقدم شكاية إلى الأمن بخصوص ما تعرض له على يد «الفقيه». العلاج من التسمم كلف السائق 800 درهم بين ثمن الأدوية وبعض التحاليل الطبية. إن هذه المعتقدات التي جعلت السائق يتوجه عند دجال لعلاجه هي جزء من البنيات الرمزية للمتخيل الشعبي المغربي، والمترسخة في الأوساط الشعبية التي تستعين بالسحرة والمشعوذين المغاربة لعلاج أمراضها.
كما أن أغلب زبناء «دجال» المضيق هم من مدينة سبتة، فالمدينة معروفة بإدمانها على هذا النوع من الممارسات وارتياد المشعوذين والسحرة في كل وقت وحين، كما أنهم لا يبخلون بشيء على المشعوذين نظرا لحالتهم المادية الميسرة. «بعضهم يزور السحرة والمشعوذين بكل من المضيق وقرية خميس أنجرة وحي كويلما من أجل وضع «التقاف» لشحنات المخدرات وبعضهم للزواج، والبعض الآخر ل»الجلب والتهييج»، توضح للجريدة فتاة من مدينة سبتة. من جهة أخرى، يستغل هؤلاء المشعوذون بعض جرائد الرصيف في الترويج لقدراتهم، كما أنهم يوزعون بطائق زيارتهم على سائقي سيارات الأجرة، لتكون صلة الوصل بينهم وبين الزبائن، والتي تهدف إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من المغرر بهم. كما يقدم هؤلاء الأشخاص الذين يشتغلون بترخيص «معنوي» من السلطات، والجهات المسؤولة تحت مسميات أخرى، من قبيل «الطب البديل، أو «طب الأعشاب»، خدمات أخرى تنصب في إطار الشعوذة وأعمال السحر، لتصل حد عمليات إجهاض سرية، مقابل مبالغ مالية كبيرة، ناهيك عن التحرش بزبائنهم من النساء والفتيات، والتي تكون نتائجها في أغلب الأحيان مأساوية مسفرة عن افتضاض للبكارة، أو وقوع حالات حمل غير شرعية. ويؤكد أغلب النسوة من اللائي استطلعت «المساء» آراءهن إيمانهن بتسخير الجن من طرف هؤلاء المشعوذين، كما أبدين استعدادهن لتقديم مستحضرات وقرابين وترديد تراتيل وطلاسيم، لتحقيق أمنياتهن ورغباتهن وعلاج أمراضهن النفسية منها والعضوية، وهي ممارسات وتطبيقات تعتبر خلاصة تطبيقية للمتخيل الشعبي والتمثلات الاجتماعية بخصوص العالم، والتي حسب قولهن «لا تتناقض مع الدين، بل توظفه فقط وتعيد تشكيله من جديد». فعدد كبير من الأوساط تعتبر أن السحر والشعوذة هي جزء من الدين، بل إن تصديقها وتعاطيها هو من صميم المقدس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.