يقتحم كتاب «عن طريق الخداع» الأقبية السرية لجهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد»، ويتوغل في عوالمه المثيرة، من خلال الكشف عن عمليات غيرت مجرى التاريخ. ولأن فيكتور أوستروفسكي أكثر من شاهد على الخداع، فإن روايته للحوادث التي ساهم في ترتيبها وحبكتها، تتميز بالدقة في تقديم المعلومة، مما يجعل للكتاب أكثر من قيمة تاريخية وسياسية، خاصة حين يميط اللثام عن الحروب والدسائس التي يعرفها الجهاز، مما يضفي عليه صورة مروعة. تنشر «المساء» أبرز العمليات التي تضمنها هذا الكتاب، وتقدم السيناريوهات الخطيرة التي نسجها جهاز الموساد، على امتداد العمليات التي استهدفت الدول العربية، سيما التي يعتبرها الجهاز «تهديدا» للوجود الإسرائيلي في المنطقة. وصل مغربل بسيارة شرطة ليس عليها علامات مع ثلاثة رجال شرطة فرنسيين بقي اثنان منهم قرب السلالم بينما دق الثالث الباب، فتح كارلوس وقدم الشرطي نفسه بلباس مدني فدعاه كارلوس للدخول. تحدثا حوالي 20 دقيقة وبدا الفنزويلي هادئا، قال الشرطي إن معه شخصا آخر قد يعرفه «أريد منك أن تتحدث معه هل تمانع بالذهاب معي؟». في تلك اللحظة أشار الشرطي لزميله بإحضار مغربل وعندما رآه كارلوس افترض أنه احترق لكن كانت خطة مغربل أن يقول لكارلوس ألا يقلق وأن الشرطة لا تملك شيئا ضدهما. في هذا الوقت كان كارلوس يحمل الغيتارة، كان يعزف عليها عندما دق الشرطي على الباب، تساءل إذا كان يستطيع أن يخبئها ويحضر «جاكيتا»، في تلك الأثناء اقترب الرجال الثلاثة الآخرون من الباب دخل كارلوس ورمى الغيتارة وفتح حقيبتها وأخرج رشاشا واقترب من الباب، فجأة فتح النار على الشرطي الأول فجرح جراحا بليغة، ثم قتل الشرطيين الآخرين في مكانهما وضرب مغربل بثلاث رصاصات في الصدر وواحدة في الرأس. جن جنون ريف وهو يرى كل هذا من شقته ولم يكن لديه أي أسلحة. راقب يائسا هو يرى كارلوس يقضي على مغربل ويغادر بهدوء، لكنه عرف شيئا واحدا أن الشرطة الفرنسية عرفته وأنه جر رجالها إلى هناك وبعد ساعتين ونصف ركب طائرة العال متوجها إلى إسرائيل وهو يرتدي زي مضيف طائرة. وفي ال 21 من دجنبر 1975 كان من المعتقد أن كارلوس مشارك في عملية مقر الأوبيك في فيينا، حيث اقتحم ستة مسلحين مؤيدين لمنظمة التحرير الفلسطينية مؤتمر أوبيك، وخلال السنوات القليلة التالية نسبت إليه عشرات العمليات الإرهابية وإلقاء القنابل، وفي الفترة ما بين 1979-1980 وحدها وهي آخر مرة سمعت فيها الموساد عنه، وقعت حوالي 16 عملية تفجير نسبت إلى «الفاعل المباشر» وقد تمت كلها على طريقة كارلوس. في صباح ممطر وتحديدا يوم 21 شتنبر 1976، غادر أورلاندو ليتلييه منزله في حي السفارات الأنيق في واشنطن، وكما يفعل عادة، فقد جلس خلف مقود سيارته وكان يصحب ليتلييه الذي شغل منصب وزير حكومة الرئيس الشيلي الماركسي سيء الطالع سلفادور أليندي، زميل دراسة أمريكي هو روني موفين، لكن بعد لحظات مزقت السيارة بقنبلة انفجرت عن بعد فقتل الرجلان على الفور. وكما هو الحال في مثل هذه القضايا توجهت أصابع الاتهام إلى المخابرات المركزية الأمريكية، وكان قد نسب إلى هذه الوكالة دور أكبر من الدور الحقيقي الذي لعبته في إسقاط أليندي عام 1973، والتي كانت كبش الفداء المفضل دوليا لتفسير كل أعمال العنف، وأشار البعض الآخر إلى الشرطة السرية الشيلية «دينا» والتي كانت قد حلت قبل عام، بضغط من الولاياتالمتحدة، «رغم إعادة إحيائها بتنظيم مختلف» وبأمر من رئيس البلاد الجديد الجنرال أوغوستو بينوشي ولم يشر أي واحد إلى الموساد. ورغم أن جهاز المخابرات الإسرائيلية لم يتورط مباشرة في العملية التي أمر بها رئيس «دينا» مانوييل كونتريراس، فقد لعب دورا هاما وغير مباشر في التنفيذ من خلال صفقة سرية لشراء صاروخ بحري سطح –سطح فرنسي الصنع من طراز «اكسوسيت « من الشيلي، ولم تستخدم المجموعة التي نفذت عملية قتل ليتلييه عناصر من الموساد لكنهم استخدموا بالتأكيد أساليب الجهاز، التي درست لهم كجزء من صفقة عقدها كونتريراس لتزويد إسرائيل بالصاروخ. وفي شهر غشت 1978 وجهت هيئة محلفين كبرى فدرالية أمريكية التهمة إلى كونتريريس ومدير عمليات «دينا» المدعو بيدرو اسبينوزا، وعميل «دينا» ارماندو فيرنانديز وأربعة لاجئين من كوبا، هم أعضاء في منظمة كوبية متطرفة مناهضة لكاسترو مقرها الولاياتالمتحدة تهمة القتل وهي تهمة الرجال السبعة. وكان الشاهد الرئيسي في قرار الاتهام المؤلف من 15 صفحة هو ميشال فيرنون الأمريكي المولد، والذي كان قد رحل إلى الشيلي مع ذويه حين كان في الخامسة عشر من عمره وتم تجنيده من قبل «دينا» وقد اعتبر طرفا مساعدا في المؤامرة وتعاون مع الادعاء العام في مقابل أن يحكم حكما مخففا بالسجن مدته ثلاث سنوات وأربعة أشهر، سلم نظام حكم بينوشي الشيليين إلى المدعي العام الأمريكي، وفر اللاجئون الكوبيون وقبض على أحدهم يوم 11أبريل 1990، وكان يقطن سان بيترسبورغ، في فلوريدا إلا أن الشيلي رفضت بإصرار تسليم كونتريرايس منسق عملية اغتيال ليتلييه، ولم يحاكم كونتريرايس قط على جريمته رغم أنه أجبر في أكتوبر 1977 على التخلي عن منصبه بضغط من بينوشي في محاولة لتحسين صورة الحكومة العسكرية الشيلية المهتزة.