في أولمبياد لندن 2012 عاد الرياضيون المغاربة وهم يجرون أذيال الخيبة بعد مشاركة باهتة، إذ لم يحرز المغرب إلا برونزية يتيمة بواسطة العداء عبد العاطي إيكيدير في سباق 1500 متر، ليجد نفسه في الترتيب العام لسبورة الميداليات محتلا المركز 79 عالميا، وهو لمكر الصدف نفس المركز الذي احتلته أفغانستان، البلد الذي مزقته الحروب. حينها، قامت الدنيا ولم تقعد، ودخل البرلمان كعادته على الخط، واستدعي وزير الشباب والرياضة السابق محمد أوزين لشرح أسباب الإخفاق، والمشاركة المغربية الباهتة التي رافقتها أيضا فضائح المنشطات. بدأ الحديث في ذلك الوقت عن جملة من الحلول، وأعلن أوزين عن سلسلة من التدابير الرامية إلى إعطاء زخم جديد للرياضة المغربية، ومن بينها تعزيز دور ومسؤوليات المدراء التقنيين، الذين قال إن تعيينهم سيتم بقرار وزاري، وإعادة هيكلة المديريات الرياضية وإعادة تنظيم المركز الوطني مولاي رشيد للرياضات من خلال ثلاثة أقطاب (قطب الاستقبال والقطب الرياضي والقطب الطبي). ومن بين التدابير التي تم الإعلان عنها إحداث لجنة ثلاثية للرياضة المدرسية والجامعية، والتركيز على إعطاء أهمية خاصة للرياضات العالمية بالمغرب والمراجعة الهيكلية والتقنية للجنة المكلفة بالرياضيين من مستوى عال، وإنشاء مركز وطني للطب الرياضي، ووكالة وطنية لمكافحة المنشطات، ومجلس للحكماء، وهو هيئة استشارية لوضع المقترحات وتسوية النزاعات، كما تم الإعلان عن مشروع قانون يؤطر شراكة جديدة بين الدولة والحركة الرياضية والجماعات المحلية. لم يكتف أوزين بالإعلان عن هذه التدابير فقط، بل إنه انتقد عدم وجود رؤية استراتيجية في كل نوع رياضي، وضعف التأطير، وغياب سياسة الكشف عن المواهب الشابة والتخلي عن العمل القاعدي، كما تحدث عن غياب التقييم والمتابعة للبرامج التقنية للجامعات المعنية برياضيي النخبة. أما وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، الناطق باسم الحكومة، فقال «إن مشاركة المغرب في أولمبياد لندن مخجلة وغير مشرفة لبلادنا رغم الإمكانات التي جرى تعبئتها»، وأضاف أن هذا الأمر يقتضي «تفكيرا هادئا وعملا مكثفا وشموليا ومنهجيا لتصحيح الاختلالات٬ واستعادة المكانة التي كانت تحتلها بلادنا على المستوى الرياضي عالميا». لقد قيل كلام كثير، لكن ماذا تحقق من ذلك على أرض الواقع، عمليا لا شئ، بل إن الأمور سارت في اتجاه عكسي لما يتمناه المغاربة، ذلك أنه لم يتم تفعيل أي قرارات، بل إن الحكومة نفضت يديها من قطاع الرياضة، دون أن تبادر إلى تحريك هذه البركة الراكدة، والعمل على وضع أسس صلبة للرياضة المغربية، فلا التدابير التي أعلنت عنها الوزارة الوصية خرجت إلى النور، ولا «التفكير الهادئ والعمل الشمولي والمكثف والمنهجي» الذي شنف أسماعنا به الناطق الرسمي باسم الحكومة، تم القيام به، لنجد أن الرياضة المغربية مازالت تدور في نفس المتاهة، دون أن تلوح أية بارقة أمل. قانون التربية البدنية 30/09 يقول بالحرف إنه «إذا كانت ممارسة الأنشطة البدنية والرياضية تمكن من تحقيق الرفاه ووسيلة لمحاربة الفقر والتهميش، فإن رياضة النخبة تتيح فرجة يشغف بها المغاربة للغاية. وفي هذا الصدد ومن أجل النهوض برياضة المستوى العالي وتأكيد المغرب كبلد رياضي كبير، فإن دور الدولة يعتبر جوهريا ويتمثل لا سيما في مساهمة الدولة في تكوين النخب الرياضية وإعداد المنتخبات الرياضية الوطنية ومشاركتها في المنافسات الرياضية الدولية وسهرها على ذلك بتنسيق مع اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية والجامعات الرياضية المعنية»، لكن الواقع يقول خلاف هذا الكلام تماما، فالوزارة الوصية تتابع ما يجري بهدوء قاتل، بل إن تعيين الشيخ امحند العنصر وزيرا للشباب والرياضة خلفا لأوزين، حمل إشارات سلبية، ولذلك، ليس غريبا أن الرجل ضيع الكثير من الوقت، دون أن يبادر إلى العمل، فالرياضة عالية المستوى والتحضير للأولمبياد في خبر كان، وعدد من الرياضيين يعيشون العطالة دون تحضيرات جيدة، ودون برنامج عمل واضح المعالم، أما اللجنة الأولمبية فإنها خارج التغطية، هذا دون الحديث عن أن برنامج رياضيي الصفوة يبدو اليوم بمحتوى فارغ. غدا عندما تنطلق أولمبياد ريو دي جانيرو، وينهي الرياضيون المغاربة مشاركتهم وهم يحصدون الأصفار، سيتباكى الجميع، وسيبدأ الحديث مرة أخرى عن تدابير جديدة، وتشغيل الأسطوانة المشروخة نفسها، بينما ستظل الرياضة المغربية على حالها، وسيظل السادة المسؤولون متربعين على كراسي المسؤولية، دون حسيب أو رقيب، لذلك، نقولها من الآن لا داعي للرهان على أولمبياد ريو، فقد خسرنا المعركة قبل أن تبدأ..