استقالة رئيس الوزراء البلجيكي بعد هزيمة حزبه في الانتخابات الاوروبية    باب سبتة: ضبط أكثر من 500 كلغ من مادة المعسل المحظورة    الإعلان عن عدد المترشحين للامتحانين الجهوي والوطني للبكالوريا بجهة الشمال برسم دورة 2024    بقبلة على الرأس.. النصيري يعتذر عن رمي قنينة الماء    لبنان يجدد دعم الوحدة الترابية للمغرب    فون دير لاين تتعهد بمواجهة التطرف        المنتخب المغربي يبدأ الإعداد للكونغو    طواف المغرب للدراجات 2024.. الفرنسي ناربوني زوكاريلي يحرز لقب الدورة ال 33    الصحافة البيروفية تشيد بموقف البرازيل من الصحراء المغربية        وفاة مغربي أثناء مطاردته من طرف الحرس المدني الاسباني    السنغال تهزم موريتانيا في نواكشوط    الاقتراع الأوروبي يخدم "فون دير لاين"    ألكاراس يكتب التاريخ ويصبح أصغر لاعب يفوز ببطولات كبرى على ثلاث أرضيات مختلفة    أكثر من نصف الشباب المغربي يرغبون في الهجرة وهذه وجهاتهم المفضلة    الرئيس الفرنسي يحل الجمعية الوطنية بعد نكسة حزبه في الانتخابات الأوروبية    ارتفاع حصيلة وفيات حريق قيسارية الدباغ بفاس    العلامة بنحمزة.. الشرع لا يكلف الفقير ويمكن لسبعة أشخاص الاشتراك في أضحية    استقالة عضوي مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس وغادي آيزنكوت من الحكومة    وزارة الحج والعمرة السعودية: إلغاء تصاريح بعض حجاج الداخل لعدم تلقي اللقاحات    بنحمزة يوضح موقف الشرع من الاشتراك في أضحية واحدة    الإمارات تدين الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة    الحسيمة.. وزير الفلاحة يطلق مشروع لغرس 630 هكتار من الصبار المقاوم للقرمزية (فيديو)    الملك يبارك تنصيب الوزير الأول للهند    شغيلة الصحة تواصل التصعيد أمام "صمت الحكومة" على الاتفاق الموقع    مطار الحسيمة يستقبل رحلات جوية سياحية من لشبونة البرتغالية    كتائب القسام لأهالي أسرى الاحتلال: حكومتكم تقتل عددا من أسراكم لإنقاذ آخرين    استطلاع: ثلثا المغاربة لا يثقون في أخنوش وحكومته    منظمة الصحة العالمية تحذر من احتمال تفشي وباء جديد    افتتاح مهرجان الفيلم الوثائقي (فيدادوك) بأكادير    تقرير.. تراجع ملحوظ في دعم التطبيع واهتمام متزايد بالقضايا الاقتصادية والفساد بالمغرب    سوق الصرف: الدرهم شبه مستقر مقابل الأورو (بنك المغرب)    مزراوي مرشح لمغادرة نادي بايرن ميونيخ    فيدرالية اليسار تقود ائتلافا لدعم "حراك فكيك"        توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    جازابلانكا.. حفل اختتام رائع للدورة 17 يمزج بين إيقاعات الكناوي وموسيقى الفوزين    أعمال كبار الفنانين المغاربة تزين أروقة متحف الفن الحديث المرموق في باريس    تطوير مدرسة Suptech Santé.. مؤسسة البحث والتطوير والابتكار في العلوم والهندسة تتجاوز عتبة مهمة بين سنتي 2023 و2024 ( أزولاي)    المقالع بالمغرب تتعرض للاستغلال المفرط و تعاني من ممارسات الغش وعدم التصريح الكامل بالمداخيل ( المجلس الاقتصادي والاجتماعي)    تواصل ارتفاع أسعارها يصعب على المغاربة اقتناء أضاحي العيد..    هكذا عرفت الصين.. محمد خليل يروي قصة الفرق بين الصين في الثمانينيات واليوم    انطلاق بيع تذاكر مباراة المغرب والكونغو    المغرب يسجل حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    جمعية سلا تُحرز كأس العرش لكرة السلة    مهرجان صفرو يستعرض موكب ملكة حب الملوك    استطلاع رأي.. أزمة تدبير الغذاء تعصف بثلثي المغاربة    هذه تفاصيل أطروحة جامعية لفقيد فلسطيني خطفه الموت قبل مناقشة بحثه    عبد السلام بوطيب يكتب : في رثاء نفسي .. وداعا "ليلاه"    تشوهات الأسنان لدى الأطفال .. أكثر من مجرد مشكلة جمالية    نقابة تدخل على خط منع مرور الشاحنات المغربية المحملة بالخضر إلى أوروبا    العلامة التجارية الرائعة في تسويق السيارات المستعملة Auto 24 تفتتح فرعا لها بمدينة الجديدة    ماذا يحدث لجسم الإنسان حال الإفراط في تناول الكافيين؟    موسم الحج 1445: السلطات السعودية اتخذت جميع التدابير لضمان سلامة وأمن ضيوف الرحمان    وزارة الصحة تعلن حالة وفاة ب"كوفيد"    الحج 2024: خمسة آلاف طبيب يقدمون الرعاية الصحية للحجاج عبر 183 منشأة    فيتامين لا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة وأسرار الدولة
نشر في المساء يوم 26 - 02 - 2008


[email protected]
طالب وزير الداخلية شكيب بنموسى الصحافة الوطنية بعدم التشكيك في الرواية الرسمية لوزارته في ما يتعلق بملف خلية «بلعيرج»، وفعلا استجاب عدد من «الزملاء» لطلب الوزير، بل منهم من انخرط بحماس زائد في حملة إعلامية منظمة لإدانة المتهمين قبل عرضهم على القضاء...
هنا نحن أمام إشكالية مهنية وأخلاقية بالغة الدقة، تتصل بهوية الصحافي، وتتصل باختصاص الداخلية كهيئة تنفيذية وليست قضائية. وظيفة الصحافي ليست الانخراط في حملات الدولة كيفما كانت الدواعي. وظيفة الصحافي أن يخبر الرأي العام بما يجري وأن يعلن رأيه في ما يدور، وأن يمارس نوعا معينا من الرقابة على قرارات الدولة وما إذا كانت متسقة مع القانون ومع اتجاهات الرأي العام أم لا...
سأقدم هنا حادثة دخلت إلى تاريخ الصحافة في أمريكا، تعكس التوتر الدائم حتى في الدول الديمقراطية بين عمل الحكومة وعمل الصحافة.. بين حرص السلطة على توسيع مساحة الأسرار، وحرص الصحافة على توسيع مساحة المعلن...
في سنة 1967، أمر وزير الدفاع الأمريكي روبرت ماكنمارا بإجراء تقييم شامل عن كيفية تورط أمريكا في حرب فيتنام. وقد قام فريق دراسي مكون من 36 شخصية بإعداد تقرير استغرق إنجازه أكثر من سنة، وضم 7000 صفحة بين وثائق وتحليلات وآراء وشهادات تجيب عن سؤال تورط أمريكا في حرب خاسرة ذهب ضحيتها عشرات آلاف من الجنود الأمريكيين وأضعافهم من الشعب الفيتنامي الذي احتلت أرضه...
قام دانييل إلسبيرغ، أحد خبراء وزارة الدفاع وأحد المعارضين للحرب، بتسريب أجزاء هامة من التقرير، الذي ظل سريا نظرا لحساسية المعلومات الواردة فيه، إلى صحيفة نيويورك تايمز التي بدأت نشره في 13 يونيو 1971.
كادت إدارة نيكسون أن تجن، فالتقرير سري، ونشر غسيل الحكومة يضعفها داخليا وخارجيا، ويحرجها أمام عائلات الجنود الذين قتلوا في معركة خاسرة وبلا معنى. أمرت الحكومة على الفور بوقف نشر وثائق التقرير السري عن حرب فيتنام، عن طريق أمر قضائي مؤقت ضد نيويورك تايمز.. عندها لجأ الصحافيون إلى حيلة حتى يتمكن الرأي العام من الاطلاع على باقي الأوراق، وهكذا أسلمت نيويورك تايمز ما بحوزتها إلى صحيفة «الواشنطن بوست». وعندما أصدرت الحكومة أمرا قضائيا جديدا بوقف النشر ضد «الواشنطن بوست»، سلمت هذه الأخيرة أوراق التقرير السري إلى «البوسطن جلوب» التي أخذت على عاتقها استكمال النشر...
ولم تمض مدة أسبوعين، قبل موعد نظر المحكمة في قرار الحكومة بوقف النشر، حتى كان الرأي العام قد اطلع، عبر خمس صحف، على أجزاء هامة من التقرير. فماذا قالت المحكمة؟ لقد رفضت مبررات الحكومة وحكمت لصالح نشر التقرير رغم كونه سريا، لأن الحكومة، في نظر القضاء، عجزت عن إثبات ما يبرر وضع قيود على النشر. وقالت المحكمة: «إن السبب وراء تسريب وثائق البنتاغون وتقديم نسخ عنها للصحافة، كان من أجل إعلام المواطنين بما أطلق عليه «إلسبيرغ» ازدواجية الحكومة وكذبها في ما يتعلق بالحرب الفيتنامية. واستنادا إلى هذه النظرية، فللشعب الحق في الاطلاع عما فعلته الحكومة». وعندما وصل الملف إلى المحكمة العليا قالت هي أيضا: «حتى الطبيعة الحساسة للوثائق لا تمنع نشرها». الجنرال مكسويل تايلور، الذي كان سفيرا في فيتنام الجنوبية، قال في تعليقه على قرار المحكمة بالسماح بنشر الوثائق: «حق المواطن ليس مطلقا في المعرفة. من حقه معرفة الأمور التي تجعله مواطنا صالحا يؤدي وظيفته، وليس معرفة الأسرار التي تضر حكومته، وبطريقة غير مباشرة تضره هو...».
في نقاش عمومي صريح، رد أحد القضاة (Potter Stewart) على نظرية الجنرال بالقول: «الصحافة تعمل كنائب للشعب تقوم بنبش الحقائق والحصول على المعلومات».
هيئة المحكمة لم تكن كلها على رأي واحد، لكنها أجمعت على عدم جواز وجود قيود مسبقة على النشر كما طالبت الحكومة...
من خلال استحضار هذه الواقعة نخرج بثلاثة دروس سريعة: جرأة الصحافة على نشر وثائق سرية تتصل بالحرب، تضامن الصحف رغم المنافسة الموجودة بينها، ليبرالية القضاء الأمريكي وانحيازه إلى حرية الصحافة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.