القمة العربية ... السيد عزيز أخنوش يتباحث بالمنامة مع الرئيس العراقي    المالكي يستقبل أطفالا مقدسيين مؤكدا وقوف المغرب إلى جانب الفلسطينيين    رئيس سلوفاكيا في حالة حرجة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال    كأس العرش | الجيش يبلغ نصف النهائي بفوز مثير على الدشيرة        توقيع برنامج تعاون بين المغرب والصين في مجال تحديث الإدارة القضائية ورقمنة منظومة العدالة    لجنة الأخلاقيات توقف رئيس "الماص" وتغرم "الماط" بسبب رسم كاريكاتوري    سفر أخنوش يؤجل اجتماع المجلس الحكومي    هزيمة ثقيلة للمنتخب المغربي أمام إنجلترا    موريتانيا تحقق في تحطم طائرة عسكرية ومقتل طاقمها    اختناق عشرات التلاميذ بالدار البيضاء    الشرطة السويسرية تفض اعتصاما طلابيا    مزور تستعرض جديد "جيتكس إفريقيا" بالمغرب.. الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي    انتخاب المحامية كريمة سلامة رئيسة للمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز    من ضمنها المغرب.. واشنطن تحث دولا عربية على المشاركة في قوة متعددة الجنسيات في غزة    شاب يقدم على وضع حد لحياته داخل غابة بطنجة    الحسيمة: تعبئة 10 ملايين درهم لإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة لسقي المساحات الخضراء    مبابي يغيب عن مواجهة سان جرمان أمام نيس بداعي الإصابة    النصيري على رادار مدرب إشبيلية السابق    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    وسط "تعنت" ميراوي .. شبح "سنة بيضاء" بكليات الطب يستنفر الفرق البرلمانية    "فيفا" ينظم أول نسخة لمونديال الأندية للسيدات    بعثة المنتخب الوطني المغربي النسوي لأقل من 17 سنة تتوجه إلى الجزائر    إضراب كتاب الضبط يؤخر محاكمة "مومو" استئنافيا    الدار البيضاء.. افتتاح الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للصناعة السمكية بالمغرب    العودة إلى موضوع "شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين"!    توسيع 6 مطارات مغربية استعدادا للمونديال    تطوان تستضيف الدورة 25 للمهرجان الدولي للعود    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يتوقع نمو الاقتصاد المغربي ب3% خلال 2024    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الباراغواي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    بما في ذلك الناظور والحسيمة.. 2060 رحلة أسبوعية منتظمة تربط المغرب ب135 مطارا دوليا    موسم الصيف.. الترخيص ل 52 شركة طيران ستؤمن 2060 رحلة أسبوعية منتظمة تربط المغرب ب 135 مطارا دوليا        مدينة محمد السادس طنجة تيك تستقطب شركتين صينيتين عملاقتين في صناعة مكونات السيارات    وفاة "سيدة فن الأقصوصة المعاصر" الكندية آليس مونرو    التويمي يخلف بودريقة بمرس السلطان    دراسة: صيف 2023 الأكثر سخونة منذ 2000 عام    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على أداء سلبي    الفيفا يحسم موقفه من قضية اعتداء الشحات على الشيبي    زنيبر: رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان ثمرة للمنجز الذي راكمته المملكة    الرئيس السابق للغابون يُضرب عن الطعام احتجاجا على "التعذيب"    قصيدة: تكوين الخباثة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    معرض الكتاب يحتفي بالملحون في ليلة شعرية بعنوان "شعر الملحون في المغرب.. ثرات إنساني من إبداع مغربي" (صور)    وفاة عازف الساكسفون الأميركي ديفيد سانبورن عن 78 عاما    رجوى الساهلي توجه رسالة خاصة للطيفة رأفت    رسالتي الأخيرة    لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود    الأمثال العامية بتطوان... (598)    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    الأمثال العامية بتطوان... (597)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من مقومات تأسيس الأسرة المسلمة واستقرارها 3/3
نشر في ميثاق الرابطة يوم 07 - 05 - 2010


البعد التعبدي للأسرة
قد يتوق الإنسان إلى تكوين أسرة، فيعمد إلى ذلك بمجرد الشعور الفطري والغريزي عموما، لكن خطر هذه النظرة السطحية البسيطة يكمن في عدم القدرة على الاستمرار في تحمل المسؤوليات الأسرية، والتي تعتبر أخطر على كيان الأسرة والمجتمع، مما يوقعنا في النظرة السطحية لمعنى الأسرة، والتي وقعت فيها تيارات عدة في واقعنا اليوم.
ولإن فطرنا الله على الغريزة الجنسية وأودعها فينا باستمرار؛ فإنه أقدرنا سبحانه على تنظيمها وجعلها في خدمة الإنسانية، ذلك بواسطة إعلاء الميول والتعالي عن الوقوع في مستنقع الرذيلة، وسلوك القصدية في بناء الأسرة، وهذا لا يتأتى إلا بشعور المؤمن داخلها بالطابع التعبدي، فقد ورد في صحيح مسلم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا: "أيأتي أحدنا شهوته يا رسول الله ويكون له فيها أجر؟" قال: "أليس إن وضعها في حرام كان عليه وزر؟ وكذلك إن وضعها في حلال كان له أجر".
إنه التأطير الأول والأولي لبناء الأسرة في الإسلام، والذي يؤدي مع غيره دور الضامن لاستمراريتها، بل والقاطرة الأساسية لسيرها.
بهذا الطابع التعبدي الذي ينظر به المؤمن إلى علاقته الجنسية رجلا أو امرأة، وإلى وضعيته الأسرية وهو يساهم في بناء صرحها الهانئ وعشها الدافئ، يستمد العون من ربه على إرضائه أولا بجهد تأسيسها واستمراريتها، وعلى تحمل مسؤوليات ذلك وتبعاته، مستلهما ذلك من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة حق على الله عز وجل عونهم: المكاتب يريد الأداء، والمتزوج يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله" [1]. فالمؤمن بهذا الاعتبار يتزود من مفهوم دينه الحنيف للزواج، والذي هو المدخل المشروع لتأسيس الأسرة بدر كاف من الجدية والقصدية والشعور التعبدي، وكل هذه تستدعي إتقانا في أداء المسؤولية وإخلاصها.
كما أن الحقيقة الإسلامية فيما يتعلق بالأسرة تكتسب ديمومتها واستمراريتها لدى الفرد المسلم كونها مؤصلة من دينه الحنيف ومفصلة بتعاليمه وتوجيهاته الربانية، ويسلي المؤمن ويدفعه دفعا إلى تكوين الأسرة وفق مقومات دينه المرتضى لقوله عز وجل: "وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإماؤكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم" [سورة النور، الآية: 32]، حيث تشعر الآية المؤمن بالموجب، وتحثه عليه بوعده بأجري الدنيا والآخرة.
ذلكم هو المقوم الأساسي الأول حسب ما أعتقد، والذي يؤسس لأسرة إيجابية مستقرة، إنه البعد التعبدي للفعل الإنساني عموما، ولتأسيس الأسرة خصوصا.
عندها تنسد جميع أبواب الصلح والرجعة، فينسى الجميع مسؤولياته تجاه من تكون خلفته الأسرة منثورة بنين وبنات، إذ التفريط في ذلك جُرم في حق المجتمع والإنسانية قاطبة؛ لأن الأبناء يشكلون الامتداد الطبيعي للزوجين ولأسرتيهما، وكل تسريح بغير إحسان يؤدي إلى الجناية على هؤلاء نفسيا، وربما ماديا بسبب الصراع المستمر بين أبويهم من جهة، وبين أسرتي الأبوين من جهة أخرى.
فالضابط الأخلاقي الديني بين الزوجين على الخصوص وبين أسرتي الأبوين عموما، يجنب العلاقة الزوجية عوامل التفكك في الغالب، ويضمن استمراريتها مطلقا ببقاء العلاقة الزوجية، أو نسبيا بالافتراق بالإحسان.
فلطرفي الآية 126 من سورة البقرة إذا الأثر الإيجابي في تأسيس الأسرة في الإسلام على دعامة متينة، وفي استقرار أحوالها المختلفة.
تلك بعض ملامح مقومات بناء الأسرة في الإسلام واستقرارها التي إن انضافت إليها عوامل نفسية واجتماعية واقتصادية لا شك تثمر إنتاج العش الدافئ الذي تترعرع فيه الأجيال السوية.
وختاما، فإن مهمة تأسيس الأسرة وتكوينها ونجاحه بات رهينا اليوم – بعد ما ذكرنا – بتحمل المجتمع المدني مسؤولياته في تأهيل الشباب للقيام بمهمته في هذا المجال، وعدم ترك الأمر لمجرد الإقدام العفوي الفطري الغريزي البسيط، ولكن العقلي القصد، حيث يتعلق الأمر بالنواة الأولى للمجتمع؛ ولأن أعمال العقلاء تسمو عن مجرد العفوية وبعيدة عن الاعتباطية.
فالمجتمع المدني بات اليوم مسئولا وأكثر من أي وقت مضى، وأكثر من غيره على تخريج الشباب القادر على تحمل مسئولياته الأسرية، وذلك بواسطة خلق أوراش دائمة للتأهيل الأسري مواكبة لعملية الإقدام على الزواج، وعدم الاقتصار على المحاولات الخجولة والمؤقتة التي لا تؤطر إلا من الشباب وبشكل موسمي، على أن تكون هاته الأوراش مُسَددة ومرشدة بتعاليم ديننا الحنيف حيث أشرت إلى نزر منها في مقالتي المتواضعة هاته.
والحمد لله رب العالمين
-------------
1. رواه أهل السنن إلا النسائي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.