الكبار لا يستسلمون حلقة أخرى من مسلسل الإبهار والتألق وقع عليها برشلونة، فلم تكد تمر الموقعة الموعودة والحارقة التي كان ملعب سطامفورد بريدج مسرحا لها بين تشيلسي الأنجليزي وبرشلونة الإسباني دون أن تقدم الدروس والعبر للمدربين واللاعبين على حد سواء، لكن دعونا نقل أن الفريق الكطلاني كان قد إجتاز مرحلة وصفها المحللون والخبراء بالأيام الصعبة، حتى أن بعضهم تنبأ أن الفريق الكطلاني ونظير تراكم المباريات الحاسمة قد يفقد الواجهات التي ينافس عليها خاصة لقب البطولة ودوري أبطال أوروبا·· فالبارصا أخمد نار الحسابات المغلوطة وأذل الريال بمعقله بحصة تاريخية (62) وحقق العبور بطريقة مثيرة في مباراة حسبت الأنفاس وخطفت الألباب· صدق من قال أن الكبار لا يستسلمون، فبرشلونة لم يستسلم في الأيام الصعبة التي مر منها مؤخرا، ونجح في سل الشعرة من العجين بامتياز·· لقد أكد الكطالانيون أن الإيمان بالحظوظ والثقة في الإمكانيات والإحترافية في التعامل مع المباريات والتركيز اعتبارات من شأنها أن تدفع أي فريق الى شط النجاح· لا عزاء إذن على تشيلسي لأنه لم يحسن معطيات المباراة، ظروفها ولم يستغلها بالشكل، صحيح وكما يقال إن للكرة يومان، يوم لك ويوم عليك، فمدرب تشيلسي غوس هيدينغ عندما آثر نهج أسلوب دفاعي محض في مباراة الذهاب بقلعة نوكامب، كان له الحق لأنه اعترف أنه يلعب أمام فريق كبير يملك أفضل خط هجومي في أوروبا، وكان يعرف أن كل الأندية التي استقبلها الفريق الكطلاني على أرضه في جميع المسابقات اهتزت شباكها بحصص مذهلة، لكن ما باله عندما لعب أيضا بنفس الخطة على أرضه وأمام جمهوره، فعندما نقف أيضا على ظروف مباراة الإياب على ملعب سطامفورد بريدج سنجد أن مدرب تشيلسي سقط في أخطاء لم تسمح له بتحقيق مطامحه على غرار مباراة الذهاب·· فقد علمتنا أن أفضل وسيلة للدفاع الهجوم، لكن هدينك سقط في الفخ وأعلن ولاءه للدفاع، والأدهى من ذلك أنه آثر الحفاظ على طقوسه الدفاعية حتى وبرشلونة يلعب بعشرة لاعبين وقتها لم يستغل هذا النقص· نسي هيدينغ أنه كان يلعب أمام فريق كبير، وإن كنا نعرف أن الكبار لا يستسلمون فبرشلونة قدم الدرس الكافي أن المباراة تنتهي بصفارة الحكم، وليس بعد دخول المباراة في الوقت بدل الضائع، فأن تسجل في الدقيقة 93 فمعناه أنك فريق محترف لا تعرف معنى الإنهزام، بل هي قمة في الإحترافية·· إنييسطا القزم في بنيته والكبير في عطائه سجل هدف الموسم التاريخي أمام كبار تشيلسي والكتيبة الزرقاء المدججة بالنجوم، لا عزاء إذن على تشيلسي لأنه ضيع الفرصة بعبث كبير حين كان مفتاح المباراة بين يديه، فهدينك أقصى تشيلسي لأنه لم يستغل هجومه وظروف المباراة ولا الشوارع التي ظهرت في دفاع برشلونة، ودروغبا تحمل أيضا المسؤولية لأنه ضيع فرصا سهلة ولم يستغلها مثلما فعل إنييسطا· ولا عزاء أيضا على كرتنا لأن فرقنا تستسلم وتطرد التركيز وتنهزم مبكرا، المباراة أكدت أن هناك مسافة كبيرة تبعدنا عما نتابعه في المباريات الأوروبية الحبلى بالدروس المجانية، وأبرزها الدرس الذي قدمه برشلونة في الروح القتالية المجدية بخلاف تشيلسي والتشبت بالأمل وعدم الإستسلام حتى آخر رمق من المباراة·· سنضطر مجددا لرفع القبعة لغوارديولا الداهية وتلاميذته المجتهدين ولبرشلونة·· وصدق من قال أن الكبار لا يستسلمون·