لم يتوقع شبان حي لوب فاليري الشعبي بمدينة مونبوليي جنوبفرنسا والمعروف بإيوائه للمهاجرين والطبقات العاملة أن يتخرج إبنٌ راشد من جامعة الحي برتبة نجم كرة قدم واعد إختار عدم إتباع طريق الإنزلاق والإنحراف وفضل تكوين نفسه بعصامية حتى أصبح لاعبا بالفريق الأول لمدينة المهاجرين مونبوليي وأسدا دوليا يزأر مع الفريق الوطني المغربي. قليلون جدا هم من يعوفون بدايات عبد الحميد الكوثري الرياضية والتي قرر فيها أن يكون ملاكما حين إرتدى وهو في سن الصبى قفاز الفن النبيل مسددا ضربات قاضية في وجه التهميش والنظرة الدونية التي عانى منها سكان حيه الشعبي، فاز الملاكم الحالم بنزالاته الاولى في الحياة بمساعدة الأخ الاكبر أحمد والأم من أصول إسبانية والتي حرصت على إحتضان الأبناء بعد وفاة الأب. لم يستمر الطفل "أبديل" كما يلقبه أصدقاؤه مغامرته في الحلبة ونزل درجها بهدوء قاصدا ملعب لوب فاليري غير البعيد عن المنزل للركض فوق العشب الإصطناعي وقضاء بعض الوقت في الإستمتاع بلعب كرة القدم، ظل شقيقه أحمد الناصح والموجه له حيث علّمه وهو في 13 من عمره أبجديات اللعبة وغيّر قفازه للملاكمة بآخر لحراسة المرمى والتي وقف بين خشباتها الثلاث لمدة قصيرة قبل أن تجذبه المعركة الداخلية ليقرر التقدم بعدها للأمام وشغل مركز مدافع، حيث تألق وخطف الأنظار ليتفوق في أحد إختبارات فريق المدينة مونبوليي ويحجز عن جدارة تذكرة الإلتحاق بمركز تكوين النادي. تسلق الكوثري درج التطور بهدوء حتى صار لاعبا محترفا ونموذجا يقتدى به من طرف شبان حي لوب فاليري والذين ما يزالون يتذكرون قدومه المتكرر لتناول وجبة "البيتزا" معهم، ويفتخرون ويهللون في كل مرة يرون فيها صديق الأمس على شاشة التلفاز بارزا شرسا ومتوهجا في أحد معاركه الكروية. ورغم الصعوبات الكبيرة التي يجدها الشاب الخجول في إيجاد مكان رسمي له ضمن تشكيلة بطل فرنسا إلا أن وزنه ثقيل داخل المجموعة بشهادة المدرب روني جيرارد الذي يصفه بالقطعة الحديدية منسجما في ذلك مع رأي الرئيس لويس نيكولين والقائل بأن عبد الحميد مشروع مدافع صلب للمستقبل، كما أن زملاءه بالفريق يعتبرونه الأخ الأكبر رغم صغر سنه نظرا للهدوء والرزانة التي يتمتع بها والحكمة التي ينطق بها في المرات النادرة التي يتكلم فيها. يشيد زملاء الكوثري بمونبوليي بصبره الكبير وعدم إهتزاز ثقته بنفسه رغم غيابه عن التنافسية لأشهر طويلة، ويثنون على أخلاقه العالية وروحه الإنسانية داخل مستودع الملابس دون ملل أو ضجر من كرسي الإحتياط، وقد تفاجأت فئة عريضة من الجمهور والمتتبعين للأداء اللافت الذي قدمه قبل أيتم قليلة في كأس العصبة الفرنسية ضد بوردو حيث بصم على مستوى باهر، وينتظر منه الرفاق المقربون والأصدقاء أن يؤكد ثورته في مباراة الغد ضد باريس سان جيرمان في الليغ 1 حيث سيدخل اللاعب أساسيا مستغلا إصابات وتوقيفات بعض زملائه، وقد لخّص زميله السابق فودي كواطا جميع التوقعات حين قال: "الكوثري رجل ذهبي، نزال البي إس جي فرصة له لإظهار مؤهلاته والتأكيد أن وقت رسميته قد حان." عن موقع 20minutes بتصرف المهدي الحداد