استفاق سكان بلدة سيدي بوبكر التابعة إداريا لإقليم جرادة، صباح أول أمس على خبر مفجع، حيث لقي عامل منجمي جديد مصرعه داخل "غار الرصاص"، وهو منجم يستغل بشكل عشوائي من قبل أبناء المنطقة لاستخراج المعادن، وبالخصوص معدن الرصاص. وكشف مصدر من عائلة الشاب فتحي بيطاري، البالغ من العمر حوالي 27 سنة، أن هذا الأخير تعرض لصعقة كهربائية من محرك لإنتاج الطاقة، يستخدم من قبل العاملين في المجال لتشغيل معدات الحفر والتنقيب في "الغار"، وهو ما أرداه قتيلا على الفور. وفور علمها بالحادث، حلت السلطات والمصالح الأمنية، لمتابعة الوضع عن كثب، والسهر على نقل جثمان الهالك إلى مستودع الأموات بمستشفى الفارابي بوجدة، في انتظار تسليم الجثة للعائلة ودفنها. هذا وتشكل مناجم سيدي بوبكر خطرا كبيرا على العاملين داخلها، حيث سبق لوالي جهة الشرق أن دق ناقوس الخطر حول وضعية هذه المناجم، وكشف عن عزم الدولة تركيب تجهيزات لإنذار العاملين في حالة وجود تشققات وتهديدات بالانهيار داخل هذه المناجم التي يلجها يوميا المئات من العاملين. وقبل أسابيع قليلة، تعرض المنجم المذكور لانهيارين، الأول أصيب فيه أحد العاملين بجروح على مستوى أطرافه السفلى، والثاني أغلق في وجه العشرات من العاملين أحد المنافذ، ولولا توفر منفذ لكان الوضع مختلفا ولخلف الانهيار عدة ضحايا. وبالتزامن مع هذا الحادث، عمم نشطاء الحراك الشعبي بمدينة جرادة، دعوة لخوض إضراب عام بالمدينة، من الساعة الثانية بعد الزوال وحتى الساعة السادسة مساء، مع تنظيم مسيرة شعبية في اتجاه ساحة البلدية التي يطلق عليها النشطاء اسم ساحة "الشهداء". وتعد هذه الدعوة الأولى للإضراب بعد "الهدنة" التي عرفتها المدينة ودامت أكثر من عشرة أيام، قبل أن تستأنف الاحتجاجات قبل أسبوع من الآن. ووفق عدد من نشطاء الحراك، فهذه المرة السادسة التي تخوض فيها المدينة إضرابا عاما بعد إضراب النقابات، الذي فتح المجال أمام هذا النوع من الاحتجاج بالمدينة، لمطالبة الحكومة بالتجاوب مع مطالب الساكنة. وبالموازاة مع الإضراب، دعا النشطاء أيضا إلى مسيرة احتجاجية في اتجاه ساحة البلدية. وفي هذا الإطار، قال مصدر من الحراك إن النشطاء توقعوا مشاركة مكثفة في هذه المسيرة، بالنظر إلى أن المسيرات التي نظمت يوم الجمعة الماضي، كانت تعرف دائما زخما كبيرا، حيث يشارك فيها محتجون حتى من خارج مدينة جرادة. وإذا كانت بعض المصادر تؤكد على أن الحراك مازال يحافظ على زخمه رغم مرور كل هذه المدة على انطلاق الاحتجاجات، بدليل المسيرات التي تخرج بشكل شبه يومي، إلا أن هناك من يرى بأن هذه الاحتجاجات تشهد نوعا من التراجع، وهذا راجع وفق المصادر ذاتها إلى الانقسام الذي دب وسط نشطاء الحراك البارزين. ولازال المحتجون يطالبون بتحقيق نفس المطالب التي خرجوا بسببها أول مرة، حيث يطالبون بتحقيق بديل اقتصادي، يضمن إجراءات أولية تخص تخفيف وطأة البطالة على الساكنة، وبالخصوص الشباب، ثم إيجاد صيغة متوافق عليها في قضية أداء فواتير الماء والكهرباء، وأخيرا إقرار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، حيث يطالبون في هذا الإطار بمحاسبة المسؤولين على الوضع الذي وصلت إليه جرادة، وأيضا محاسبة من يسمونهم ب"البارونات"، الذين استغلوا القطاع والعاملين فيه لعقدين متتاليين.