أصدر "الفضاء المغربي لحقوق الإنسان" تقريرا أوليا حول المآلات والخروقات المتعلقة بالمساطر المقدمة أمام المحاكم المغربية بخصوص احتجاجات شباب "جيل زد"، وعلى رأسها طول مدد الحراسة النظرية، وعدم إشعار العائلات باعتقال أبنائها، ومتابعة مدونين وناشرين بمقتضيات القانون الجنائي، ومتابعة الكثير من المعتقلين في محاكم بعيدة عن مقر سكناهم. وأوضحت الهيئة الحقوقية في التقرير ذاته أنها وثقت العديد من الملفات المحالة على القضاء بخصوص احتجاجات الحراك الاجتماعي الأخير، حيث بلغ مجموع الموقوفين المقدمين في إطار الحراسة النظرية أكثر من 700 موقوف، منهم ما يزيد عن 130 حدثا. وقد صدرت بعض الأحكام بخصوصهم، وصلت في بعض الجنح إلى 5 سنوات حبسا نافذة، وفي الجنايات إلى 20 سنة سجنا نافذة.
محاكم الدارالبيضاء وأشار التقرير إلى أنه على مستوى استئنافية البيضاء، تم تقديم 6 أحداث بتاريخ 29 شتنبر 2025، تم إيداع 4 منهم بالسجن، بينما يتم التحقيق مع حدثين في حالة سراح بمقتضى كفالة مالية. وتم تقديم 18 شابا بتاريخ 29 شتنبر 2025، ليتم إيداع 16 شخصا بالسجن ومنح السراح بكفالة لشابين. وبتاريخ فاتح أكتوبر 2025، قُدم أمام ابتدائية الدارالبيضاء 4 رشداء وحدثان؛ حيث توبع الرشداء في حالة سراح وحددت أولى جلسات محاكمتهم بتاريخ 24 أكتوبر 2025، بينما تم تسليم الحدثين لأولياء أمرهما وحددت جلسة محاكمتهما بتاريخ 27 نونبر 2025. وبتاريخ 2 أكتوبر 2025، تم تقديم 9 رشداء و4 أحداث أمام وكيل الملك بابتدائية البيضاء في إطار الحراسة النظرية؛ حيث تقرر متابعة 3 شبان في حالة اعتقال، و6 شبان في حالة سراح مقابل كفالة مالية قدرها 5000 درهم لكل واحد، وإحالة 4 أحداث على قاضي الأحداث الذي قرر بدوره تسليمهم لأوليائهم وتحديد أولى جلسات محاكمتهم بتاريخ 24 نونبر 2025. وقضت المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء يوم الخميس 16 أكتوبر 2025 على موظف ببن سليمان بالسجن لمدة سنة نافذة وغرامة 500 درهم، وكان المتابع في حالة اعتقال من أجل التجمهر غير المسلح وإهانة الضابطة القضائية من خلال الإدلاء ببيانات كاذبة طبقًا للفصلين 21 من ظهير 15 نونبر 1958 و264 من مجموعة القانون الجنائي. كما أدانت ابتدائية بالدارالبيضاء بتاريخ 10/10/2025 في ملف جنحي تلبسي عدد 7748/2103/2025 شابا بأربع سنوات حبسا نافذا وغرامة 5000 درهم. محاكم الرباط وبتاريخ 30 شتنبر 2025، قُدم أمام ابتدائية الرباط في إطار الحراسة النظرية 35 شابا وشابة، توبع في حالة اعتقال 3 شباب منهم شابة، وأحيلوا على جلسة المساء ليتم تأجيل الملف بطلب من هيئة دفاعهم لجلسة 7 أكتوبر 2025. وحفظت المسطرة في حق شابة واحدة، وتوبع في حالة سراح بمقتضى كفالة ما تبقى من الموقوفين وعددهم 31 شابا. وبتاريخ فاتح أكتوبر 2025، تم تقديم 123 موقوفا من شباب "جيل زد" المحتج على تدهور الوضع الاجتماعي (التعليم، الصحة، الشغل) أمام النيابة العامة بابتدائية الرباط. وتقرر متابعة 3 أشخاص في حالة اعتقال وإدراج ملفهم بجلسة 8 أكتوبر 2025، ومتابعة 94 شخصا في حالة سراح وبكفالة ما بين 2000 درهم و3000 درهم، وحفظ المسطرة في حق 26 شخصا. وبتاريخ 2 أكتوبر 2025، قُدم أمام وكيل الملك للمحكمة الابتدائية بالرباط 43 شابة وشابا، بينهم 11 حدثا؛ حيث تقرر متابعة شاب واحد في حالة اعتقال، وحفظ المسطرة في حق شابين، ومتابعة 29 شابة وشابا في حالة سراح بدون كفالة. محاكم وجدة وبتاريخ 1 أكتوبر 2025، قُدم أمام الوكيل العام للملك بوجدة 6 أحداث و30 من الرشداء، ليقرر هذا الأخير إحالتهم على وكيل الملك بابتدائية وجدة للاختصاص، حيث توبع 6 منهم في حالة اعتقال وما تبقى ما بين المتابعة في حالة سراح وحفظ المسطرة. كما تم تقديم 36 موقوفا بتاريخ الخميس 2 أكتوبر 2025 على الوكيل العام بوجدة، شملوا 6 أحداث (تم تسليمهم لأولياء أمورهم) و30 راشدا (اعتقال) تمت إحالتهم جميعا على قاضي التحقيق، ولهم جلسة التحقيق التفصيلي 2025/10/7. محاكم أكادير وسجل التقرير أن أهم الأحكام بالسجن النافذ قد وُثقت على مستوى المحكمة الابتدائية بأكادير، حيث صدر حكم بحق أربعة متهمين بمؤاخذتهم بما نسب إليهم، والحكم على كل واحد منهم بعشر سنوات (10) سجنا نافذا مع الصائر تضامنا والإجبار في الأدنى. إلى جانب ملف جنائي ابتدائي عدد: 855/2610/2025 صدر القرار بتاريخ 14/10/2025 عن محكمة الاستئناف بأكادير في حق 11 متهما بالسجن بين 3 سنوات و15 سنة نافذة. وملف جنائي ابتدائي عدد 858/2610/2025 (متابع فيه شخص واحد) مدرج بجلسة 21/10/2025 بمحكمة الاستئناف بأكادير لإعداد الدفاع وإجراء المحاكمة الحضورية، صدر فيه قرار بتاريخ 21 أكتوبر 2025 بعشر سنوات نافذة تحت عدد 639. اختلالات مسطرة التلبس ولاحظ "الفضاء المغربي لحقوق الإنسان"، من خلال اطلاعه على مجموعة من المحاضر المنجزة والمساطر القضائية المجراة، أنه بوشرت في إطار مسطرة التلبس بالجريمة، طبقا للمواد 47 و73 و74 و385 من قانون المسطرة الجنائية، حيث نتج عن ذلك اتخاذ مجموعة تدابير في حق المتابعين، أهمها إصدار أوامر بإيداعهم في السجن ومتابعتهم في حالة اعتقال طبقًا للمادة 74 من قانون المسطرة الجنائية. لكن بالرجوع إلى الوقائع المرتبطة بالنازلة، يتضح أن الأمر بخلاف ذلك، لأن حالات التلبس ورد سردها حصريا بمقتضى المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية؛ ولا يجوز التوسع في فهم نصوص قانون المسطرة الجنائية، كما لا يجوز إعمال القياس أو التأويل، إلا إذا كان ذلك لفائدة المتهم. وأكد أن حالات التلبس الواردة في المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية لا تنطبق في كثير من الأحيان على الوقائع موضوع المتابعات، ذلك أن توقيف مجموعة من المتابعين كان في كثير من الأحيان، بعيدا عن مكان وقوع الأحداث المتابعين من أجلها، بل إن توقيف بعض المتابعين تم في أماكن إقاماتهم. وأشار إلى أن تطبيق حالة التلبس نتج عنه تطبيق مجموعة إجراءات حادة من حرية المتابعين وماسة بقرينة البراءة، خاصة منها: الأمر بالإيداع بالسجن والمتابعة في حالة اعتقال، وهي إجراءات، تبعا لما ذكر، باطلة ومعيبة. عيوب في المحاضر وسجل أن المحاضر المنجزة تشير إلى رصد اتصالات عن بعد عبر تطبيقات هاتفية، وتسجيل محتوى الاتصالات وأخذ نسخة منها، وهو الإجراء الذي تم دون احترام للمادة 108 من قانون المسطرة الجنائية وفي خرق لها، الشيء الذي يجعل المحضر المنجز، والعمليات المتعلقة برصد وتسجيل محتوى الاتصالات وأخذ نسخة منها، باطلاً ويتعين التصريح بذلك. كما لاحظت الهيئة، من خلال الاطلاع على المحاضر، أن الضابطة القضائية استمعت لبعض المشتبه بهم دون تضمين المحاضر ساعة تحريرها، مشيرة إلى أن تضمين المحاضر ساعة تحريرها والانتهاء من الاستماع للمشتبه بهم كان سيفيد المحكمة لتقدير الحالة النفسية التي كانت تنتاب الأظناء، حيث كان الاستنطاق يدوم أحيانا ساعات طويلة. متابعة المدونين والناشرين ووثقت الهيئة الحقوقية من خلال الاطلاع على المحاضر أن المحكمة تابعت مجموعة من المدونين والناشرين بمقتضيات القانون الجنائي، خاصة الفصول 299 و447-1 و447-2، لكن بالرجوع إلى الوقائع المرتبطة بها، تبين أن تلك الأفعال، حال ثبوتها في حق المتابعين، خاضعة لقانون الصحافة والنشر، بمقتضى المواد 72 وما بعده، التي تتضمن عقوبات مالية وغرامات، دون العقوبات السالبة للحرية. المحاكم البعيدة عن مقر السكن وأوضحت الهيئة أنها اطلعت على حالات تابعت فيها المحكمة بعض المتهمين في محاكم بعيدة عن مساكنهم، دون مبرر مقبول، ودون أن تستجيب لدواعي الاختصاص المكاني الثلاثة، طبقًا للمادة 259 من قانون المسطرة الجنائية، مراعاة لظروف زيارة المعتقل من طرف أسرته واعتبارات أخرى مسطرية واجتماعية. تجاوز مدة الحراسة النظرية وتطرقت الهيئة الحقوقية أيضًا إلى تجاوز مدة الحراسة النظرية المسموح بها قانونًا، في خرق واضح للمادة 66 من ق.م.ج؛ إلى جانب عدم إشعار عائلات المحتفظ بهم، الموضوع رهن الحراسة النظرية، في انتهاك واضح للمادة 67 من قانون المسطرة الجنائية، وللمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تضمن الحق في الحرية والأمان على الشخص. إجراءات قضائية كما لاحظ "الفضاء المغربي لحقوق الإنسان" أن المحكمة تقضي بضم الدفوع الشكلية إلى الجوهر، دون تعليل قرارها، في مخالفة صريحة لمقتضيات المادة 323 من قانون المسطرة الجنائية؛ وبذلك فإن عدم التزام المحاكمات بهذه الضوابط في الكثير من الحالات، ما جعلها تفتقد لشروط العدالة وتمس بحقوق الدفاع.