وجدت جهات مجهولة كامل حريتها في اجتثاث مساحة واسعة من المجال الغابوي لجماعة بني بونصار دائرة تارجيستبإقليمالحسيمة، وتحويل أراضيها الخصبة إلى حقول لزراعة القنب الهندي، دون أن يتحرك أعوان الشرطة الغابوية التابعين لمصالح المندوبية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، لوقف جريمة بيئية كاملة الأركان تتم جهارا نهارا طيلة الأسابيع الماضية، وأمام أعين رجال السلطة المحلية والمنتخبين. ودقت كونفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية، من خلال بيان لها تلقت “أخبار اليوم” نسخة منه، ناقوس الخطر الذي يتهدد الحزام الغابوي لمنطقة «صنهاجة أسرير»، أمام عمليات التحطيب الجائر الذي أجهز على هكتارات من المساحة الإجمالية للملك الغابوي المسمى “جبل الأرز”، وهو موقع إيكولوجي غني بالفرشة المائية التي تتعرض بدورها للاستنزاف في ري النباتات الممنوعة. وأفادت مصادر محلية، أن المجال الغابوي لجبل الأرز أصبح تحت رحمة عصابات المخدرات بالمنطقة، موضحة بأنه خلال موسم الحرث الأخير خلال شهري أبريل وماي الماضيين، اختفت مساحة جديدة من غابة جبل الأرز تقدر بحسب نفس المصادر بعشرات الهكتارات، حيث يتم اقتلاع الأشجار بوسائل احتيالية تبدأ بقطع عروقها عن طريق دق مسامير في جذوعها، ثم كسر أغصانها تمهيدا لإعدامها. وليس هذا فحسب، بل إن نفس الجهات تضيف مصادرنا، تستولي على عيون مائية من منابعها في رأس الجبال، وتحويل مجاريها للاستغلال الفلاحي في حقول القنب الهندي، كما يتم حفر آبار وخزانات لجمع المياه تتجاوز تكلفتها الإجمالية 30 مليون سنتيم. وأضافت المصادر نفسها، أن هذا النشاط غير المشروع الذي يتم على حساب البيئة والغطاء النباتي الطبيعي، يدر على أصحابه عائدات مضاعفة بعد جمع المحصول الزراعي، تتعدى 80 مليون سنتيم. وبعد تحركات فعاليات المجتمع المدني، يتدخل أعوان مصالح المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، ثم يقومون بتحرير المحاضر تارة ضد مجهولين، وتارة ضد أشخاص ذاتيين، ويتم إحالة ملفاتهم إلى المحاكم المختصة التي تحكم بغرامات مالية متدنية، وعقوبات مخففة، غير أن هذه المعطيات لم يتسن التأكد منها من مصدر رسمي، حيث اتصلت “أخبار اليوم” صباح أمس بالمندوب الإقليمي للمياه والغابات أكثر من مرتين، لكن هاتفه ظل يرن دون أن يجيب. من جهة أخرى، حصلت “أخبار اليوم” على صور حية توثق لعملية تدمير غابة “جبل الأرز”، ومخلفات هذه الجريمة البيئي التي رصدها نشطاء جمعويون ينتمون لكونفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية، وذلك في أعقاب زيارة ميدانية للموقع الإيكولوجي المنكوب، قاموا بها مؤخرا للوقوف على هول الكارثة البيئية، بحسب وصفهم. وقالت الكونفدرالية، إن نشطاءها عاينوا اقتلاع هكتارات من أشجار الأرز المعمرة لمئات السنين وسط الغابة، بعيدا عن العيان، للحصول على مساحات شاسعة تم غرسها بنبتة الكيف. ولم يقف الأمر إلى هذا الحد، بل تعداه لحفر آبار دون ترخيص والاستيلاء على منابع وعيون ماء بالجبل من أجل سقي الكيف. وحددت الهيئة المدنية مناطق داخل غابة جبل الأرزإزيافن- أذافاي- غبري- أزغار ن واجيغ- أزغار ن طالع- أزغار ن سورين- أوذي- باب بغلة الهوتة، لكونها الأكثر تضررا من هذه الجريمة البيئية، والتي تتواجد فوق دواري “تماديت” و”إعطارن”، إذ تشير الشهادات المستقاة من ساكنة المنطقة إلى أنه هناك شبهات تواطؤ منتخبين ورجال سلطة في المنطقة. ودعت كنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية من خلال بيانها، وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بصفته الوصي على الجماعات الترابية، وكذا المندوب السامي للمياه والغابات التدخل، من أجل إنقاذ الحزام الغابوي لجبل الأرز من وضعية التدهور والاندثار التدريجي والاجتثاث الذي يتهدده، ومعاقبة مقترفي هذه الجريمة البيئية، وإعادة تشجير المناطق المتضررة، والإسراع في إخراج منتزه «تيدغين» لحيز الوجود، من أجل الحفاظ على ما تبقى من شجر الأرز بالمنطقة. تجدر الإشارة إلى أن المجال الغابوي لجبل دهدوه بجماعة “إيساكن” في إقليمالحسيمة بدورها أصبحت أراض قاحلة، بعدما تعرضت لاجتثاث تدريجي، واستبيح غطاؤها النباتي من طرف أشخاص لهم علاقات مع رجال السلطة ومنتخبي الإقليم.