نشرة إنذارية .. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة اليوم السبت والأحد    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    ميسي في الهند.. جولة تاريخية تتحول إلى كارثة وطنية        محمد رمضان يحل بمراكش لتصوير الأغنية الرسمية لكأس إفريقيا 2025    المديرية ال0قليمية للثقافة بتطوان تطمئن الرإي العام على مصير مدخرات المكتبة العامة بتطوان    الناظور .. أخنوش يؤكد الوفاء بوعود 2021 وجعل الاستثمار الحقيقي في الإنسان    مجلس السلام خطر على الدوام /1من2    تعاون غير مسبوق بين لارتيست ونج وبيني آدم وخديجة تاعيالت في "هداك الزين"    من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة            الرباط تحفز الحوارات حول الشراكات الدولية للولايات المتحدة الأمريكية    احتفاء بكأس أمم إفريقيا 2025.. مزيج بين الفن والرياضة في عرض "موج" بمحطة الرباط-أكدال    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية        نقابات الصحة تصعّد وتعلن إضرابًا وطنيًا باستثناء المستعجلات    مطارات المملكة جاهزة لاستقبال كأس إفريقيا للأمم 2025    الناظور .. انطلاق فعاليات النسخة ال10 للمعرض البين-ثقافي الافريقي    التونسي وهبي الخزري يعتزل كرة القدم    توقيف مواطن ألباني في أصيلة مبحوث عنه دوليا    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    ضحايا "زلزال الحوز" ينددون بحملة التضييقات والأحكام في حقهم    تساقط الثلوج يقطع طرقات في تنغير    الطريق بين تطوان والمضيق تنقطع بسبب الأمطار الغزيرة    الملك تشارلز يعلن تطورا لافتا في علاجه من السرطان    كأس أمم إفريقيا 2025.. "الكاف" ولجنة التنظيم المحلية يؤكدان التزامهما بتوفير ظروف عمل عالمية المستوى للإعلاميين المعتمدين    نادي الأهلي السعودي يحتفي بالرجاء    القنيطرة .. يوم تحسيسي تواصلي لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    جهة الدار البيضاء : مجلس الأكاديمية الجهوية يصادق على برنامج العمل وميزانية 2026    حبس الرئيس البوليفي السابق لويس آرسي احتياطيا بتهم فساد    خطابي: فلسطين تحتاج "محامين أذكياء"    السغروشني تعلن تعبئة 1,3 مليار درهم لدعم المقاولات الناشئة    تشيوانتشو: إرث ابن بطوطة في صلب التبادلات الثقافية الصينية-المغربية    الركراكي يرفع سقف الطموح ويؤكد قدرة المغرب على التتويج بالكان    الإقصاء من "الكان" يصدم عبقار    بنونة يطالب ب «فتح تحقيق فوري وحازم لكشف لغز تهجير الكتب والوثائق النفيسة من المكتبة العامة لتطوان»    عاصفة شتوية تصرع 16 شخصا بغزة    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية        يونيسكو.. انتخاب المغرب عضوا في الهيئة التقييمية للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي    إيران تعتقل متوجة بجائزة نوبل للسلام    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    بريطانيا.. موجة إنفلونزا "غير مسبوقة" منذ جائحة (كوفيد-19)    مدينة الحسيمة تحتضن فعاليات الملتقى الجهوي السابع للتعاونيات الفلاحية النسائية    ميناء العرائش .. انخفاض طفيف في حجم مفرغات الصيد البحري    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    مراسلون بلا حدود: سنة 2025 الأكثر دموية للصحافيين وقطاع غزة يتصدر قائمة الاستهداف    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    تخفيف عقوبة طالب مغربي في تونس تفضح سوء استخدام قوانين الإرهاب    فيضانات تجتاح الولايات المتحدة وكندا وإجلاء آلاف السكان    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشفافية شرط لنجاح النموذج التنموي
نشر في اليوم 24 يوم 13 - 08 - 2019

طرح الملك محمد السادس، في الذكرى العشرين لتوليه العرش، إنشاء خلية لبلورة نموذج تنموي جديد، بعدما فشل النموذج الحالي في احتواء الفوارق الطبقية في المجتمع المغربي، والتي تحولت إلى قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويكفي رؤية الحراك الشعبي في الريف وجرادة وما ترتب عليه من مآس.
والمثير سياسيا هو موقف محمد السادس خلال السنوات الأخيرة، بتبني خطاب المعارضة، أمام تدهور الوضع. وكنت قد كتبت يوم 10 غشت 2015 في هذا المنبر مقالا بعنوان: «عندما يرتدي الملك محمد السادس ثوب المعارضة ويتبنى مضمون التقارير الدولية في خطاباته»، إذ أصبح يرى الواقع المغربي بمنظار مختلف عن التعبير المغربي الشهير «العام زين» (الوضع رائع)، وهو تعبير للسخرية من الخطاب الرسمي الذي كان يرى الواقع بمنظار وردي.
ويبقى الإشكال الكبير هو طرح الملكية أفكارا مهمة مشاريع، لكنها لا تجد تطبيقا كاملا، وذلك بسبب غياب المتابعة السياسية لمراقبة إيقاع تنفيذ ما يُتعهد به، وغياب الكفاءات الحقيقية، وحرمان الحكومة من الكثير من الصلاحيات لصالح محيط الملك. والواقع أن ما دعا إليه الملك في خطابه خلال الأسبوع الماضي هو بمثابة «كتاب أبيض» للتنمية في البلاد، يمكن تسميته «الكتاب الأبيض للحق في التنمية»، يكون بوصلة للعمل المستقبلي في هذا الشأن. وصياغة هذا الكتاب يتطلب الجرأة والشجاعة في تشخيص مختلف العوامل التي تعيق التنمية في المغرب، والجرأة المضاعفة في طرح الحلول، مع التركيز على النتائج على المدى القصير والمتوسط والبعيد. وكل كتاب أبيض خاص بالتنمية في المغرب يحتاج إلى محورين رئيسين؛ الأول سياسي محض، ويتلخص في إعلان مبادئ وقيم تؤطر سياسيا هذا التصور، ويتجلى المحور الثاني في ما هو تقني وفني، وهو خريطة العمل لتنفيذ الأهداف المرجوة.
ويعتبر الشق الأول السياسي الأسهل نظريا، فيما يحتاج التقني إلى خبراء متنوعين وجلسات وورشات عمل متعددة. ويتضمن المحور السياسي إعلان مبادئ بشفافية مطلقة تؤطر أدبيا وأخلاقيا المشروع التنموي المؤمل تحقيقه، وتجعل المواطن يثق في هذا المشروع، لاسيما في حالة المواطن المغربي الذي فقد الثقة في المؤسسات. ومن أبرز المبادئ ما يلي:
المحاسبة ومحاربة الفساد: كشفت مختلف التجارب في العالم أن نجاح التجارب التنموية الحقيقية رهين ليس فقط بالتصورات التقنية، بقدر ما هو رهين بالشفافية، ونعني محاربة الفساد وتطبيق مبدأ المحاسبة. وهذه المبادئ مقدسة في الدول التي حققت قفزة نوعية في التنمية، مثل كوريا وتايوان وسنغافورة. إذ قد يُنجَز أحسن مشروع تقني، لكن إذا كان دون مراقبة أخلاقية، سيكون مصيره الفشل. وإذا أخذنا الكتاب الشهير المعنون ب«لماذا تفشل الدول»، لجيمس روبنسون ودارون أسيموغول، سنجد أن الإفلات من المحاسبة بسبب الفساد أبرز عوامل فشل الدول نحو التنمية.
حوار وطني: ويتجلى هذا في خلق نقاش عام في البلاد ليشارك فيه المغاربة، خاصة الطبقة المثقفة والباحثين الجامعيين، ويعتمد أساسا على جعل وسائل الإعلام العمومية منبرا لمثل هذه النقاشات، لتوعية الرأي العام بأهمية الظرف التاريخي، بدل توظيف وسائل الإعلام العمومية والكثير من الخاصة في ترويج ثقافة مائعة.
التخلي عن مكاتب الدراسات الأجنبية: لقد أثبتت التجربة محدودية الدراسات الأجنبية في دفع المغرب نحو التقدم، لقد تحولت إلى شبه مافيا على حساب دور الباحثين المغاربة. وتستهلك مكاتب الدراسات الأجنبية الكثير من الأموال على حساب البحث الجامعي المغربي، ولم تساعد هذه الدراسات المغرب في تحقيق أي نتائج تذكر.
ملكية حاضنة: تعد الملكية في المغرب ملكية تنفيذية، وهي تنحو، عبر محيطها وأجهزتها الأمنية، إلى استراتيجية إقصاء كل صوت ارتفع مناقشا بعض قرارات هذه المؤسسة، بل يجد كل شخص تجرأ على مناقشة هذه القرارات نفسه هدفا للتشنيع والتشهير من لدن إعلام جديد متخصص في هذه المهام. المؤسسة الملكية مطالبة بقبول الرأي الذي يقول لها بكل شجاعة واحترام: «قرارات الملك لا تكون صائبة دائما»، وعلاقة بهذا، من التقاليد الراسخة في ثقافة تعيين المسؤولين في المغرب في مختلف المناصب ومنها اللجان، تلك المتعلقة بغلبة الولاء على الكفاءة، فكلما ارتفع ترمومتر التملق والولاء الرخيص، حصل الشخص على مناصب عليا في سلم المسؤولية في البلاد، وفي المقابل، كلما تمتع الشخص بحس نقدي بشأن الأوضاع السياسية والاجتماعية في مخاطبة السلطة المركزية، كان مصيره التهميش المبرمج. إذا جرى نهج الولاء الأعمى بدل الكفاءات ذات الروح النقدية، سيكون مشروع الملك في البحث عن نموذج تنموي جديد فاشلا بامتياز.
مرصد التنمية: تحويل اللجنة إلى مرصد دائم للتنمية يراقب الخلل ويقدم المقترحات البديلة، شريطة عدم تحويله إلى مجلس بيروقراطي يستهلك الأموال مثل الكثير من المجالس، شريطة أن يكون أعضاؤه من الباحثين أصحاب الكفاءة.
فهم حقيقي لمفهوم التنمية: كتبت ناشطة من ناشطي المجتمع المدني، تدعى حنان الغزالي، تعليقا رائعا على النموذج التنموي الجديد: «نعيش زمن فوضى المصطلحات». وعمليا، هذا يعني أن الدولة أضحت تصف كل مبادرة كيفما كانت بتنمية بشرية، دون فهم حقيقي لأسس التنمية البشرية بين الماركتينغ السياسي، وتلك التي ترمي إلى تحقيق قفزة نوعية حقيقية للوطن. يتطلب الوضع تحديدا حقيقيا لمفهوم التنمية وآليات التطبيق. لو كان للدولة مفهوم حقيقي للتنمية، لما انهار التعليم والصحة والشغل في المغرب.
لقد أكد والي بنك المغرب، في تقرير له الأسبوع الماضي، محدودية الاقتصاد المغربي في تلبية مطالب المجتمع، ونبه رئيس المجلس الأعلى للحسابات إلى خطورة ارتفاع المديونية التي وصلت إلى 91% من الإنتاج القومي الخام للبلاد. وعليه، كل مشروع تنموي، خاصة إذا كان بديلا، يتطلب ميزانية ضخمة، والبلاد غارقة في الديون، ولا يمكن أن يحصل المغرب على مصادر أموال جديدة. ومن العناصر المساعدة، ضرورة الشفافية ومبدأ المحاسبة والتقشف في سياسة البذخ. وكل هذا يمر عبر «إعلان مبادئ» يتضمن هذه القيم، ويكون البوصلة السياسية والأخلاقية لضمان نصف نجاح النموذج الجديد.
ونختتم بهذا النموذج، جرى تقديم المخطط الاستعجالي لإنقاذ التعليم بأنه رهان تنموي للبلاد. ومرّت سنوات ليكتشف المغاربة، وباعتراف الدولة، فشل المشروع التربوي، واختلاس وتبذير مبالغ مالية كبيرة تقدر بمئات الملايين من الدولارات. أين هي الشفافية؟ وأين هي المحاسبة في هذا المشروع التنموي؟ 6
عن «القدس العربي»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.