بعد مرور أكثر من شهر على قرار وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، توقيف الدارسة في جميع الأقسام والفصول؛ لا تزال إحدى الجامعات الخاصة، ضواحي مراكش، تضج بالحركة، إذ يقيم 240 طالبا أجنبيا حاليا في داخليتها، بعدما لم يتمكنوا من مغادرة المغرب، كما يلتحق حوالي 100 موظف يوميا بعملهم بهذه الجامعة، التي لا تبعد سوى بحوالي 20 كيلومترا عن مدينة مراكش، التي تتصدر عمالات الجهة، من حيث أعداد المصابين ب 471 حالة مؤكدة، حسب آخر الأرقام الرسمية التي أعلنت عنها المديرية الجهوية للصحة، في حدود العاشرة من صباح أمس الأربعاء. وإذا كانت الدروس الحضورية توقفت بالجامعة، فإن المحاضرات تجري عن بعد يوميا، إذ سبق لإدارة الجامعة أن وجّهت رسائل مكتوبة إلى معظم موظفيها تدعوهم فيها إلى الالتحاق بعملهم، ضمانا لاستمرارية التحصيل الجامعي. ولكن، وخلف أسوار المقر الراقي للجامعة الخصوصية، الواقعة في المجال الترابي للجماعة القروية “تمصلوحت”، بدأ الموظفون، الذين كانوا يهمسون فيما بينهم منددين بظروف العمل في زمن “كورونا”، يُخرجون احتجاجاتهم إلى العلن، فقد اشتكى بعض الموظفين، في اتصال أجروه مع “أخبار اليوم”، من غياب شروط السلامة والوقاية داخل هذه المؤسسة الجامعية، موضحين أن إدارة الجامعة لا تسلمهم، خاصة للإداريين منهم، سوى خمس كمامات موضوعة داخل ظرف بريدي من أجل الاستعمال الشخصي لمدة أسبوع، علما أن عملهم اليومي المستمر يبدأ منذ الساعة الثامنة والنصف صباحا وينتهي في حدود الثالثة والنصف زوالا، و في الوقت الذي تشدد فيه المعايير المفترضة للسلامة والوقاية على ضرورة تغيير الكمامات كل أربع ساعات، ناهيك عن أن مقرات عملهم لم تشهد أي عملية تعقيم منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، إذ يقولون إن الأمر يقتصر على عمليات تنظيف يومية تقوم بها بعض المستخدمات باستعمال “الكلور” (جافيل)، كما يقولون إن عملية تقديم الطعام للموظفين تنتفي فيها أبسط شروط الحماية من الفيروس القاتل. وتابعوا أن ما سمّوه “سوء تنظيم المحاضرات الجامعية عن بعد”، يحوّل الجامعة إلى فضاء لتجمعات عمومية تحوي حوالي 100 شخص يوميا، ما بين أساتذة رسميين ومتعاقدين وإداريين ومستخدمين، وهو ما يعتبرونه “خرقا لقرار وزير الداخلية بمنع جميع التجمعات العمومية التي يشارك فيها 50 شخصا فما فوق”، مشيرين إلى أن بعض الموظفين يلتحقون للعمل بالجامعة من مدن أخرى، في الوقت الذي ينتقل فيه معظم الأساتذة والإداريين من مقرات إقامتهم بمراكش إلى مقر الجامعة، دون أن توقفهم السدود الأمنية للشرطة أو الدرك الملكي للتحقق من هوياتهم والتأكد من توفرهم على الرخص الاستثنائية للتنقل من عدمه، وهو ما أرجعوه إلى ما وصفوه ب”النفوذ الذي يتمتع به مالك الجامعة”. واستنادا إلى المصادر نفسها، فإن أوضاع الطلبة الأجانب، ومعظمهم أفارقة، ليست أفضل حالا من الموظفين، موضحين أن أغلبهم لا يحترم إجراءات الحجر الصحي، ويتنقلون، بشكل يومي، إلى دوار “سيدي بوزيد”، المجاور للجامعة، من أجل اقتناء المواد الغذائية، لافتة إلى أن أحد الطلبة سبق له أن شعر بإرهاق شديد وسعال حاد وارتفاع كبير في درجة الحرارة، وبعدما توجست إدارة الجامعة خيفة من أن تكون الأعراض المذكورة مقدمة لإصابته بفيروس “كورونا”، تم نقله للإقامة بدار الطالب في جماعة “تمصلوحت”، قبل أن يُحال على مستشفى “ابن زهر”، وتؤكد التحليلات المخبرية عدم إصابته بالفيروس. ولم تستطع مصادرنا تحديد مبررات نقل الطالب الأجنبي للإقامة في المؤسسة الاجتماعية المذكورة، مرجحة أن تكون الإدارة اتخذت هذا القرار في إطار الالتزام بالإجراءات الصحية التي تفرض العزل الصحي المراقب للحالات المشكوك في إصابتها بفيروس “كوفيد-19″، أو أنها تخوفت من أن تتدهور حالته الصحية ويتأكد بأنه حامل للفيروس، ويتم تسجليه على أن حالة إصابة مؤكدة مقيمة بالجامعة، وهو الخبر المفترض الذي كان سيجري تداوله على نطاق واسع إعلاميا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، “وهو ما تتخوف الإدارة من تأثيراته المحتملة على نشاطها”، تقول المصادر عينها. في المقابل، نفى عميد الجامعة، بشكل قاطع، المعطيات السابقة، واصفا إياها ب”الكاذبة”، موضحا بأن إدارة الجامعة حريصة على توفير وسائل السلامة والوقاية للموظفين والطلبة، لافتا، في هذا الصدد، إلى أنها تسلم الإداريين 6 كمامات أسبوعيا، فضلا عن توفير مواد التعقيم والنظافة. ونفى العميد أن يكون هناك أي اختلاط بين الموظفين، موضحا بأن الإداريين والأساتذة يعملون في أماكن متباعدة، كما نفى علمه بحالة الطالب الأجنبي. مشيرا إلى أن إدارة الجامعة تتحمّل نفقات تغذية وإقامة الطلبة الأجانب، الذين لم يتمكنوا من الالتحاق ببلدانهم. وقد اتصلت الجريدة برئيس المجلس الإداري للشركة المالكة للجامعة، غير أن هاتفه كان مغلقا.