إبراهيم دياز يهدي ريال مدريد لقب الليغا الإسبانية بهدف خرافي    لقجع يضع حدا لإشاعات التدخل في تعيين الحكام .. لو كنت أتدخل لفاز المغرب بكأس إفريقيا    إبراهيم دياز يتوج رفقة ريال مدريد ببطولة الدوري الإسباني    جوائز وتكريم بنسعيدي.. ستار مهرجان تطوان ينسدل وسط إشادة نجوم الفن    دراسة.. نمط الحياة الصحي يمكن أن يضيف 5 سنوات إلى العمر    ربحو بطولة الصبليون: دياز توج بأول لقب مع ريال مدريد    الدور السري لنجم المنتخب المغربي في إقناع لامين يامال باللعب للأسود    تعاون مغربي إسباني يحبط تهريب الشيرا    رويترز: قطر قد تغلق المكتب السياسي لحماس في الدوحة كجزء من مراجعة أوسع لوساطتها بحرب غزة    افتتاح معرض يوسف سعدون "موج أزرق" بمدينة طنجة    الملك يدعو إلى اليقظة والحزم في مواجهة إحراق نسخ من المصحف الشريف    حكومة أخنوش في مرمى الانتقاد اللاذع بسبب "الاتفاق الاجتماعي"    برلمانية تجمعية تنوه بدور "فرصة" و"أوراش" في الحد من تداعيات كورونا والجفاف على التشغيل    فرنسا.. قتيل وجريح في حادث إطلاق نار في تولوز    ابتدائية مراكش تصدر أحكامها في قضية وفاة فتاة بإحدى الفيلات الراقية والجمعية تستنكر الأحكام المخففة    استيراد الأضاحي سيفيد المنتجين الاوروبيين اكثر من المستهلكين المغاربة    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الداخلة    تونسيون يتظاهرون لإجلاء جنوب صحراويين    تعيينات جديدة فال"هاكا".. وعسلون بقى فمنصب المدير العام للاتصال    مادة سامة تنهي حياة أربعيني في تزنيت    "دعم السكن" ومشاريع 2030 تفتح صنابير التمويل البنكي للمنعشين العقاريين    سمرقند تحتضن قرعة مونديال الفوتسال    بونو يقترب من رقم تاريخي في السعودية    هل تبخر وعد الحكومة بإحداث مليون منصب شغل؟    العصبة المغربية لحقوق الإنسان تدعو لحماية الصحفيين وتوسيع مجال الحرية        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    الوكالة الحضرية لتطوان تواصل جهود تسوية البنايات غير القانونية    تتويج الفائزين بالنسخة الثانية من جوائز القدس الشريف للتميز الصحافي في الإعلام التنموي    كأس الكونفدرالية الافريقية .. طاقم تحكيم كيني يدير مباراة نهضة بركان ضد الزمالك    تحديات الذكاء الإصطناعي.. وآليات التوجيه    106 مظاهرات في عدة مدن مغربية لدعم غزة والإشادة بالتضامن الطلابي الغربي    صناديق الإيداع والتدبير بالمغرب وفرنسا وإيطاليا وتونس تعزز تعاونها لمواجهة تحديات "المتوسط"    سيناريو مغربي ضمن الفائزين بالدعم في محترفات تطوان    كنوز أثرية في تطوان.. فيسفاء متولوجية وأمفورات ونقود قديمة    عبد النباوي كيطالب من المحامين باش يساهموا فمكافحة جرائم "غسل الأموال" وبغا يكون التزام أخلاقي ومهني على تقييم المخاطر    بطل "سامحيني" يتجول في أزقة شفشاون    مهرجان الدراما التلفزية يفتتح فعاليات دورته ال13 بتكريم خويي والناجي (فيديو)    صندوق الإيداع يشارك في اجتماع بإيطاليا    وزير العدل طير رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية فتاونات بعد فضيحة اختلاس 350 مليون من الصندوق    صديقي يزور مشاريع تنموية لقطاع الورد العطري بإقليم تنغير    انتهى الموضوع.. طبيب التجميل التازي يغادر سجن عكاشة    بمشاركة مجموعة من الفنانين.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان البهجة للموسيقى    وزيرة المالية تجري مباحثات مع أمين عام منظمة "OECD"    إلغاء الزيادات الجمركية في موريتانيا: تأثيرات متوقعة على الأسواق المغربية    الصين تطلق المركبة الفضائية "تشانغ آه-6" لجمع عينات من الجانب البعيد من القمر    تقرير أمريكي يكشف قوة العلاقات التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة    كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟    أزيلال.. افتتاح المهرجان الوطني الثالث للمسرح وفنون الشارع لإثران آيت عتاب    خبير تغذية يوصي بتناول هذا الخضار قبل النوم: فوائده مذهلة    الأمثال العامية بتطوان... (589)    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرحمان اليوسفي.. أحاديث فيما جرى: شذرات من سيرتي كما رويتها لبودرقة
نشر في اليوم 24 يوم 30 - 04 - 2020

تعزز المشهد الثقافي المغربي في العقدين الأخيرين بصدور عدد من المذكرات، من أبرزها مذكرات فاعلين سياسيين من هيئات تنتمي إلى اليسار المغربي. وتناولت هذه المذكرات بشكل متفاوت وبرؤى مختلفة، الأحداث الهامة والمصيرية أحيانا، التي عرفها المغرب زمن الحماية والاستقلال. وأثار مضمون هذه المذكرات وما جاء فيها من آراء ومواقف وتفسيرات ردود فعل متفاوتة، صدرت عن مثقفين وسياسيين ومهتمين من أطياف متعددة. وتم الاحتفاء غير ما مرة ببعض هذه المذكرات. كما تم تقديمها في عدد من المنابر والمؤسسات. وفي هذا السياق، ومساهمة منها في إثراء النقاش الدائر، وانسجاما مع اهتماماتها، نظمت مجلة رباط الكتب الإلكترونية لقاءً علميا بشراكة مع مؤسسة أرشيف المغرب، في موضوع ذاكرة اليسار. وساهمت في اللقاء الذي احتضنته المؤسسة بتاريخ 18 أبريل 2019، ثلة من الباحثين الجامعيين والشباب. وقد اختار المشاركون في اللقاء مقاربة موضوع الذاكرة، من خلال نماذج منتقاة هي: شهادات وتأملات لعبد الرحيم بوعبيد، وهكذا تكلم بنسعيد لمحمد بنسعيد آيت إيدر، وأحاديث فيما جرى لعبد الرحمن اليوسفي، ويوميات العمل الوطني المسلح لعبد السلام الجبلي، والمغرب الذي عشته لعبد الواحد الراضي. وحظيت هذه المساهمات بتمهيد نظري من خلال قراءة في كتاب ميلونكوليا اليسار: الماركسية، التاريخ، والذاكرة لإنزو ترافيرسو. مجلة رباط الكتب تفضلت بتقاسم ثمار هذا اللقاء مع قراء «أخبار اليوم»، والتي تنشرها على حلقات.
صدرت هذه المذكرات سنة 2018، تحت إشراف الصحافي الاتحادي امبارك بودرقة، الذي وصف عبد الرحمان اليوسفي بأنه “أحد الشهود الكبار حول مرحلة طويلة بصمت التاريخ المغربي الراهن” (ص. 17). ونضيف بأنه ليس فقط شاهدا، بل هو أحد الفاعلين الكبار في أحداث هذه المرحلة الطويلة. وهكذا تأتي أهمية مذكرات ع. اليوسفي في كونها تغطي فترة طويلة من تاريخنا القريب، بدءا بالانخراط في الحركة الوطنية أوائل الأربعينيات إلى اعتزال العمل السياسي سنة 2003. اخترنا أن تتناول قراءتنا في مذكرات ع. اليوسفي، أحاديث فيما جرى: شذرات من سيرتي كما رويتها لبودرقة، مسألة مكانة المذكرات كمصدر مهم لكتابة تاريخ الزمن الراهن بالتركيز على حدود الذاكرة. وسنعالج الموضوع من خلال أربعة محاور: أولا، المذكرات في السياق المغربي، ثانيا، الماضي والذاكرة والمذكرات أو الفرق بين الذاكرة والتاريخ، ثالثا، مضمون المتن الذاكري، ورابعا، ملاحظات.
المذكرات في السياق المغربي
ترتبط ندرة أو غزارة أشكال إنتاج الذاكرة (المذكرات والسير الذاتية والأفلام والشهادة الشفوية) ارتباطا وثيقا بتقلبات الظرفية العامة. فكلما اتسع هامش الحريات في المجتمع، كثر البوح بمخزون الذاكرة بأشكال مختلفة، وضاقت مساحة المسكوت عنه. وتنطبق هذه القاعدة على حالة المغرب، فمنذ أواخر القرن العشرين عرفت أشكال إنتاج الذاكرة، وعلى رأسها المذكرات، نموا مطردا بفضل الانفراج السياسي الذي عرفته البلاد منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، ومع حكومة التناوب وبداية “العهد الجديد”، وانطلاق أشغال هيئة الإنصاف والمصالحة، ثم انتهاء بالتحولات السياسية الأخيرة مع إصدار دستور 2011.
وفي هذا السياق، عرفت الساحة الثقافية المغربية صدور عدة مذكرات لفاعلين كبار في تاريخ المغرب القريب، وصدرت كتب تعالج موضوع التاريخ والذاكرة، ونظمت لقاءات للتفكير المنهجي في قضايا الذاكرة، وصرنا نعيش في المغرب ما سماه الفرنسيون ب “لحظة-ذاكرة” moment-mémoire، ويقصدون بذلك “تضخم الإصدارات والأبحاث والتأملات المنهجية حول الذاكرة ونتائجها”.
ورغم ذلك، يميز السياق المغربي بميزة خاصة وهي عزوف الفاعلين السياسيين والنقابيين عن كتابة مذكرات توثق مسار حياتهم وجولاتهم في دروب العمل السياسي. كما أنهم، وحتى بعد سنوات من اعتزال ممارسة السياسة، يرفضون البوح كتابة مؤثرين، يقول حسن نجمي، “الصمت والتكتم على الكلام والتصريح. وهم بذلك ينتصرون للشفاهي على حساب المكتوب. وباستثناء الخطب والحوارات الصحافية العابرة، لا نكاد نجد لقادتنا ما يستحق القراءة بهذا الخصوص”. فعبد الرحمان اليوسفي، صاحب أحاديث فيما جرى، كان أيضا رافضا للكتابة عن تفاصيل مساره السياسي من الكفاح الوطني إلى حكومة التناوب.
فمنذ اعتزاله العمل السياسي ووسائل الإعلام سنة 2003، شغل وقته بالمطالعة ومقابلة الأصدقاء وحضور المناسبات الاجتماعية والسفر. وكان أثناء جلساته مع الأصدقاء “يثير قضايا وأحداثا عاشها في الماضي ويسردها بدقة… كانت ذاكرته خزانا متدفقا لتفاصيل ما جرى”، حسب تعبير امبارك بودرقة معد مذكراته (ص. 17)، وهو بهذا “يكرس الشفاهي على حساب المكتوب”. وحتى عندما تنازل وأجرى لقاء صحافيا مع مجلة “العربي الجديد” سنة 2015، سأله محاوره: “هل لازلت عند قرارك بعدم الحديث عن الشأن السياسي؟” فأجاب قائلا: “هذا كان قرارا نهائيا.. هذا أول حديث صحافي أدلي به منذ خروجي من العمل الحكومي والحزبي عام 2002 وسيكون الأخير…” (ص.296). إلا أن اليوسفي رضخ في النهاية لإلحاح الصحافي الاتحادي وصديقه بودرقة، الذي أقنعه بجدوى كتابة المذكرات عندما عرض عليه ركاما من الوثائق التي ترتبط بمسار الرجل السياسي. وأمام هذا الكم الهائل من الوثائق، “توقف (أي اليوسفي) على أهمية المادة المدونة، بالنظر لحجمها ونطاقه وامتداداتها الزمنية” (ص.19).
تختلف الأسباب وراء تردد الفاعلين السياسيين المغاربة في تدوين مذكراتهم، باختلاف إكراهات ورهانات كل فاعل على حدة. ويمكن أن نلخص هذه الأسباب على العموم كما يوردها عبد الله العروي متسائلا: “هل يدل الأمر على تدني المستوى الثقافي في المغرب؟ هل يعني أن الكتابة مكسب متأخر لدينا لم نتقن بعد استعماله؟ هل هناك أسرار فاضحة لا يود أحد أن يطلع عليها الجمهور؟ هل ذلك من أثر “الحشمة” التي هي من ثوابت تربيتنا أم خشية ادعاء القوة والاستطاعة؟”. لكن هذا المؤرخ القدير يعود ويدلي برأيه الخاص في الموضوع قائلا: “ندرة المذكرات عندنا تنم في نظري عن تخوف واحتراز، رعاية لمصلحة الأسرة والفصيل”. وبطبيعة الحال، فواقعنا المغربي هذا يختلف عن السياق الغربي، حيث كتابة المذكرات تقليد راسخ وقديم، يمارسه رؤساء الدول ورؤساء الحكومات والوزراء وكتاب الدولة والمستشارون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.