بلاغ إخباري حول تجديد مكتب جمعية دعم وحدة حماية الطفولة بالدارالبيضاء    ارتفاع الفقر في فرنسا إلى مستويات غير مسبوقة منذ 30 عاما    مفكرون ومبدعون وفنانون واعلاميون وناشرون يضيئون سماء المدينة    التوقيع على مذكرة تفاهم بين المغرب والمنظمة العالمية للملكية الفكرية للحماية القانونية للتراث الثقافي المغربي    بالأرقام.. أشنكلي يُغرق الجهة في الديون ويُعيد تدوير الاتفاقيات وسط تعثُّر المشاريع وتأخُّر تحقيق التنمية المنشودة    وكالة بيت مال القدس الشريف تنفذ المرحلة الثانية من حملة الإغاثة الإنسانية للنازحين في مدينة غزة    شمال المغرب تحت رحمة المتسولين: مشهد مقلق في عز الموسم السياحي    بيان توضيحي لولاية أمن أكادير حول محتوى فيديو منسوب ل'فاعل جمعوي ومرشد سياحي'    المصادقة على مشاريع طرقية لفك العزلة بإقليم شفشاون    أخنوش: إصلاح الصحة مبني على رؤية ملكية.. و"ثورة هادئة" بدأت على أرض الواقع    لقاء تواصلي أم حفل فولكلوري؟    حين تصعد وردية من رمادها وتمشي فوق الخشبة    " الحرب الإمبريالية على إيران" الحلقة 4كسر الاحتكار النووي: من يردع الكيان الصهيوني النووي؟    انتحار وزير النقل الروسي رومان ستاروفويت بعدما أقاله بوتين من منصبه    بلاغ يعلق على وفاة أستاذ في البيضاء    موجة حر قاتلة تضرب البرتغال وترفع حصيلة الوفيات ل284 حالة    أرقام مقلقة وخطة صيفية طارئة.. نارسا تواجه شبح حوادث السير        فتح باب الترشيح لانتقاء الفيلم الطويل الذي سيمثل المغرب في جوائز الأوسكار 2026    الكاف تضاعف دعم الأندية وتستعد لعقد شراكات بمليار دولار لتطوير الكرة الإفريقية    الدوري الفرنسي يرشح أشرف حكيمي للكرة الذهبية بعد موسم استثنائي    انطلاق أشغال بناء المحطة الجوية الجديدة بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء    تجريدة من القوات المسلحة الملكية تشارك في احتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال جمهوية القمر الاتحادية    حق «الفيتو » الذي يراد به الباطل    منصة يوتيوب تضيف ميزة مشاهدة المقاطع القصيرة بوضع أفقي    المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا بالرباط .. باحثون من أزيد من 100 بلد يناقشون «اللامساواة الاجتماعية والبيئية»    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    البروفيسور عيشان يحذر من مخاطر المكيفات الهوائية على مرضى الحساسية    بورصة البيضاء تحقق حصيلة إيجابية    مصرع فتى غرقا إثر سقوطه في حوض مائي غير محروس بالنواصر    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    جهة سوس–ماسة تحتضن اللقاء الجهوي السابع حول الشباب والمشاركة المواطنة    الكرواتي إيفان راكيتيتش يعتزل بعمر السابعة والثلاثين    إقصائيات بطولة المغرب العسكرية للقفز على الحواجز 2025 (أسبوع الفرس).. النقيب بدر الدين حسي يفوز بجائزة القوات المسلحة الملكية    تكوين في التحري عن ادعاءات التعذيب    ترامب: خطة ماسك "حطام قطار"    قرب الانتخابات يجدد نقاش جدوى المشاركة الأمازيغية في المشهد الحزبي            أسعار النفط تتراجع        منع الباحث أحمد ويحمان من دخول افتتاح المنتدى العالمي للسوسيولوجيا                أبرزهم أوناحي.. أولمبيك مارسيليا يُنزل 6 لاعبين إلى الفريق الرديف    طوفان الأقصى: عودة إلى نقطة الصفر    محمد بهضوض... الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    افتتاح متحف للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في هونغ كونغ    بالأرقام.. المغرب في طليعة الذكاء الاصطناعي: نحو ريادة عالمية برؤية شاملة وأخلاقيات راسخة    تراجع الذهب نتيجة التقدم في تمديد مهلة الرسوم الجمركية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«لاكوريدا» في مواجهة «سياج الموت»
نشر في اليوم 24 يوم 28 - 02 - 2014

سنة 1998 كانت سنة فارقة في تاريخ المدينة المحتلة «مليلية»، بل كانت كذلك بالنسبة لمدن الشرق المغربي، ستشهد فيها المنطقة تدفقا ملحوظا لحركة الهجرة، تدفق اعتبرته إسبانيا يستهدفها بالدرجة الأولى، فأطلقت في نفس السنة سياجها العازل بين مليلية وباقي الأراضي المغربية، حتى تمنع المهاجرين من دخول المدينة المحتلة وطلب اللجوء بها.
في البداية، وضعت السياج مزدوجا وبارتفاع لا يتجاوز 3 أمتار، لكن الأحداث التي عرفها هذا السياج في 2005 أي بعد 7 سنوات من تشييده، والمتمثلة في مقتل عدد من المهاجرين الذين حاولوا اقتحامه، سيدفع بالحكومة المحلية وبالتوافق مع مدريد إلى تثليثه والرفع من طوله إلى ستة أمتار وفي بعض المناطق يتجاوز ذلك الطول. ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد فالداخلية الإسبانية حاولت خلال السنة المنصرمة وضع شفرات فوق السياج.
سياج الموت
«حاولت أكثر من ثلاث مرات أن أعبر هذا السياج إلا أني فشلت في الأمر»، يقول إسماعيل وهو مهاجر مالي شارك في عملية الاقتحام التي نفذها أزيد من 500 مهاجر، ينحدر معظمهم من مالي وبوركينافاسو للوصول إلى مليلية. إسماعيل يتحدث وعلامات الإحباط بادية على وجهه، ويضيف: «قبل أن نقدم على عملية اقتحام السياج حاولنا الاختباء في المناطق المجاورة بين الأشجار، لكن العدد الكبير كان عائقا بالنسبة لنا، وتم كشف العملية من قبل السلطات الأمنية رغم ذلك اقتحمنا السياج، وتمكن عدد من المهاجرين من اقتحام الحدود والدخول إلى مليلية».
عاد إسماعيل إلى الغابة من جديد في انتظار فرصة أخرى لاقتحام السياج، فالمهاجرون في غابة كوروكو يعيشون على تحقيق هدف واحد هنا، «الدخول إلى مليلية، ولا يهم الثمن الذي يمكن أن يدفعه المهاجر»، يقول زميل إسماعيل، قبل أن يضيف: «نحن نعرف بأن هذا السياج يمكن أن يكون قاتلا بالنسبة لنا، لكن نحن قطعنا مسافات طويلة لتحقيق حلمنا، لا يمكن أن نتنازل عن ذلك».
الكثير من المهاجرين يؤكدون أنه بعد المحاولة الأخيرة التي قام بها اللاجئون السوريون لاقتحام بوابة مليلية، كانت لها آثار عكسية على محاولاتهم دخول المدينة المحتلة، فالإجراءات الأمنية التي تفرضها المصالح الأمنية على المنافذ الحدودية، جعل من المهاجرين يحولون ضغطهم أكثر فأكثر على السياج. وهذا ما يفسر وفق تصريحات العديد منهم ارتفاع عددهم في عملية اقتحام دفعة واحدة، وهي العملية التي قادوها مؤخرا، حيث وصل عددهم أثناء ذلك إلى 500 مهاجر.
لا يمكن أن نظل دركيين
منذ أحداث سبتة ومليلية في خريف 2005 التي راح ضحيتها 16 مهاجرا، نظمت الجمعيات الحقوقية المهتمة بشؤون الهجرة، 9 قوافل تضامنا مع الضحايا، لكن رغم ذلك فإن السلطات المغربية والإسبانية والاتحاد الأوروبي قد استمروا في «نهج نفس السياسة في مجال الهجرة المحكومة بهاجس حماية الحدود دون أية اعتبارات إنسانية، وفي تجاهل تام لأصوات المنظمات غير الحكومية المهتمة بحقوق المهاجرين». هذا ما استخلصته على الأقل شبكة جمعيات الشمال وقوارب الحياة، بعد مقتل 15 مهاجرا جديدا نفذوا عملية اقتحام سياج سبتة، هذه الأحداث دفعت بالجمعيات المهتمة إلى المطالبة بالتحقيق، وذلك بمشاركة مراقبين دوليين»، حتى لا يتحول المغرب إلى دركي لأوروبا.
صفة الدركي التي ينعت بها المغرب نتيجة سياسته اتجاه هذا الملف من قبل الفاعلين الحقوقيين، يرى نورالدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، أنه حان الوقت لينتهي هذا الوضع ويتحول المغرب من موقف المتفرج إلى موقع المهاجم، ويرى مضيان أن هذه المسألة مفروضة على المغرب، لكن أصل المشكل يكمن في حدوده الشرقية مع الجزائر، «هذه الدولة التي أصبحت تنقل المهاجرين إلى الشريط الحدودي وتدفع بهم لدخول الأراضي المغربية، قبل الانتقال إلى الناظور»، يقول مضيان الذي طالب الحكومة المغربية بالتوجه بداية إلى المحفل الأممي لوضع شكوى للحد من ممارسة السلطات الجزائرية؛ حتى لا يصبح الضغط فقط على المغرب.
رأي لا يختلف معه كثيرا أشرف بقاضي، رئيس مركز النكور، حيث أكد أن السياج الذي شيدته سلطات الاحتلال يكرس طابع الدركي للمغرب، ويرى بأن الحل يكمن في التعامل بالندية مع الجارة الشمالية على الأقل لفرض عدم تسلم المهاجرين الذين يتم القبض عليهم في مدينة مليلية، حتى لا يتحمل المغرب تكلفة مزدوجة في هذا الملف، وأكثر من ذلك فإسبانيا ملزمة باحترام الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها، خاصة اتفاقية 1951 المتعلقة باللاجئين.
السياج والتحديد
سياج المدينة المحتلة يضيف لمفهوم الاحتلال مفهوما آخر، بحسب خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول، هو مفهوم «التحديد والتنطيق»، الذي أصبح سمة للعلاقات الدولية الراهنة، حيث أنه من المعلوم أن الدول، بعد انتهاء الحرب الباردة، ولا سيما الدول الغنية منها اتجهت نحو صياغة معايير جديدة للحدود؛ «بمعنى أن الحدود لم تعد تلك التي تفصل بين كيانات سياسية، بل لقد أصبحت تتخذ معاني متعددة من قبيل الفواصل الداخلية للدول نفسها القائمة على معايير مادية أو ثقافية أو غيرها».
الفواصل التي يجسدها الحاجز الذي يقيمه الإسبان من خلال السياج الذي يفصل المدينة عن المغرب فيه -وفق نفس المتحدث- دلالة لمعيارين، «معيار الانتقال الذي يحد من تدفق متوازن وفي اتجاهين للأشخاص والسلع، ومعيار سياسي يحيل على انتماء لفضاء مختلف تحدده ثقافة مغايرة»، لذلك فالذهاب إلى الثغر المحتل ليس هو الخروج منه،»الانتماء لا يتم بمجرد الانتقال المادي، لكن حتى هذا الأخير ممنوع على فئات تنتمي للجنوب الفقير».
اقتحام للضغط
إلى غاية الشهر الجاري يكون أزيد من 2000 مهاجر وفق الحكومة المحلية بمليلية المحتلة قد حاول اقتحام المدينة. ففي الآونة الأخيرة رصد المهتمون بهذا الملف تزايدا ملحوظا في عمليات الاقتحام وأعداد المهاجرين الذين يشرعون في هذه العمليات، حتى بلغ عددهم في عملية الاثنين المنصرم 500 مهاجر، لم تتمكن القوات العمومية من التغلب على الموقف إلا بعد تفريقهم إلى مجموعتين.
حسن عماري الحقوقي والباحث في شؤون الهجرة يرجع الرفع من الوتيرة والكم، إلى رغبة المهاجرين أنفسهم في خلق نوع من الضغط على سلطات الاحتلال بالمدينة المحتلة لنقل المهاجرين المتواجدين بمركز اللاجئين إلى باقي المدن الإسبانية لتسوية وضعيتهم، حتى يستقبل مهاجرين آخرين، بدل القبض عليهم وتسليمهم إلى المغرب بدعوى أن المركز لا يأوي سوى 800 مهاجر.
ووفق نفس المتحدث، فإن المهاجرين يكثفون من اقتحاماتهم في هذا الوقت بالتحديد، نظرا لأن عملية التسليم الأخيرة التي أقدمت عليها سلطات الاحتلال، وهو ما خلق جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والسياسية الإسبانية وصلت إلى حد المساءلة البرلمانية والقضائية، وهو ما خلق جوا مناسبا لتكثيف العمليات، وضمان من يدخل المدينة المحتلة لبقائه من دون ترحيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.