اختتمت المعرض الجهوي للمنتوجات الفلاحية بإقليم الحسيمة    ملخص اجتماع العمالة، ليوم 22/ 7/ 2025. الخاص بالشرفة الأطلسية    رقصة الافعى محور الندوة العلمية لمهرجان ايقاعات لوناسة بتارودانت    بعد 15 جلسة وتأخر دام شهورا.. محكمة فاس تسقط المسؤولية الجنائية عن قاتل شرطي الحسيمة    تسجيل أكثر من 100 ألف عضة و33 وفاة بالسعار في 2024 بالمغرب    لأول مرة بإفريقيا.. المغرب ينجح في زراعة جهاز تنظيم ضربات القلب اللاسلكي    غدا تنطلق فعاليات الدورة 19 لمهرجان تويزة    تنظيم مهرجان كانگا إفريقيا 2025 بتارودانت    خورخي فيلدا: الانضباط التكتيكي ساهم في التأهل إلى نهائي كأس إفريقيا    وزير الخارجية البرتغالي: البرتغال والمغرب عازمان على تعزيز شراكتهما الاستراتيجية في مختلف المجالات    ترامب يعلن عن اتفاق تجاري مع اليابان يتضمن خفض الرسوم الجمركية إلى 15%    أكثر من 100 منظمة تحذر من "مجاعة جماعية" في قطاع غزة        قيوح يشرف على إطلاق أشغال تهيئة المنطقة اللوجيستيكية أولاد صالح بإقليم النواصر    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    أمن أكادير يحقق في دخول سيارة أجنبية إلى رمال الشاطئ    المغرب والصين على سكة المستقبل: قطارات فائقة السرعة وتعاون استراتيجي غير مسبوق    نقابة تحذر من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب وتشكك في معدل النمو    حين تتحدث الجغرافيا بلغة التاريخ… البرتغال تصطف إلى جانب المغرب وتعترف بسيادته على صحرائه.    مهرجان "إيكودار" يعود في دورته السابعة بإداوكنظيف: الثقافة الحية عنوان للاحتفاء بالتراث والتنمية    معرض الصناعة التقليدية والفن التشكيلي يضيء فعاليات ربيع أكدال الرياض في دورته الثامنة عشرة    250 عامًا من الصداقة المغربية البرتغالية: تحالف راسخ يتجدد بدعم واضح لمبادرة الحكم الذاتي    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بتنظيم المجلس الوطني للصحافة    مديرية الأمن تكشف حصيلة حوادث السير خلا الأسبوع المنصرم        الإيرلندي فيرغوسون من برايتون الى روما على سبيل الإعارة    جامعة لقجع تحدد موعد افتتاح أول مكتب إقليمي للفيفا بشمال إفريقيا من الرباط    المغرب يتجه نحو إصلاح جذري في السياسة الدوائية    دراسة: متلازمة القولون العصبي لا ترتبط بحساسية الغلوتين    بعد 60 عاما.. أمريكا تفرج عن وثائق سرية حول اغتيال مارتن لوثر كينج    إسرائيل تتسبب في تصدّع داخل اليونسكو بعد إعلان انسحاب الولايات المتحدة    ارتفاع الأسهم الأوروبية بعد اتفاق تجاري بين واشنطن وطوكيو        توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء بالمغرب    أنفوغرافيك | ماذا نعرف عن موقع المغرب في مؤشر المواطنة العالمي لسنة 2025؟    "أونروا": فلسطينيو غزة يموتون وموظفونا يغمى عليهم من التجويع الشديد    وفاة شاب في بئر فحم بجرادة تفتح من جديد ملف "الساندريات" و"الإهمال التنموي"    المغرب ثاني أكثر دولة في العالم استهدافا بالهجمات السيبرانية خلال أسبوع    الصين تفتح سوقها أمام المغرب: إعفاء جمركي شامل يدعم المبادلات التجارية ويعزز الشراكة الاستراتيجية    الجديدة: موسم التين للتبوريدة في نسخته الثانية    باكستان: 221 شخصا لقوا مصرعهم في الأمطار الموسمية    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    السر في ملعب الحسن الثاني … لماذا يؤجل الفيفا الإعلان عن ملعب نهائي كأس العالم 2030 …؟    النهضة البركانية تحتفي بدرع البطولة    بنك المغرب يختبر العملة الرقمية    طنجة.. مداهمة شقة بحي العرفان تُسفر عن توقيف 4 شبان وفتاة (صور)    لاعب اتحاد طنجة عبد العالي معاطي يستعد لمغادرة الفريق نحو الزمالك    كاتب إسرائيلي: إسرائيل تُنفذ الآن خطة نازية للتطهير العرقي في غزة    أصيلة.. توقيف مبحوث عنه وطنياً وحجز 646 قرصاً مهلوساً    بمشاركة دراكانوف ولازارو ومصطفى ترقاع.. الناظور تحتضن النسخة 11 من المهرجان المتوسطي    ‮ «‬تهريج‮»،‮ ‬و«بلطجة‮» ‬و‮… ‬حكامة بلا سياسة‮!‬    راغب علامة يبرر صورة "المعجبة": زاوية التصوير خدعت الجميع        زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آراء حول مسألة التجهيزات الجماعية بالمدن المغربية


مقدمة :
لقد استضافتني القناة التلفزية الثانية مؤخراً، للحديث عن إشكالية نقص التجهيزات الجماعية بمشاريع السكن الاجتماعي، وهي مشكورة على تناولها لهذا الموضوع البالغ الأهمية. لقد كانت أجوبتي على أسئلة السيدة المذيعة مقتضبة جدّا بحكم عامل الوقت. لكنني بحكم هاجس المسؤولية المهنية نحو وطني، لم أكتف بتلك المساهمة المتواضعة واستمر التساؤل عن حل جذري لهذه الإشكالية يسكنني، ويضغط علي بالإلحاح. وهذا ما دعاني لكتابة هذا المقال.
حقيقة الإشكالية المطروحة :
إنه من المعلوم أن النمو الحضري يفترض فيه أن يكون متوازنا، فهناك السكن، وهناك الفضاءات الطبيعية والمساحات الخضراء المهيئة وهناك فضاءات الإنتاج وممارسة المهن والخدمات، وهناك البنية التحتية، وهناك التجهيزات الجماعية، وهناك الحركية والسير والنقل، وهناك التراث المبني والتراث المادي واللامادي بصفة عامة ، وهناك فضاءات التطوير والابداع العمراني واستشراف المستقبل … إلى غير ذلك من المكونات المجالية التي تجعل من المدن، هيكلا متكاملاً من مكونات متناغمة ، يبدع في إنشائها وتوظيفها المهنيون وغير المهنيين والمهندسون المعماريون والمهندسون المختصون، ورجال الثقافة والفن والأدب وغيرهم من الفاعلين سواء منهم من يعمل ضمن المؤسسات المعينة أو المؤسسات المنتخبة أو المجتمع المدني.
وتدخل مسألة التجهيزات الجماعية ضمن هذه المنظومة المتكاملة. فكل نقص أو سوء توزيع أو تأخير إنجاز لهذه التجهيزات إنما يحدث شرخأَ عميقاَ ومستداماً في هذه المنظومة. لذا فإن هذه المسألة يجب معالجتها بكيفية جذرية ومستدامة، على نحو يجعل مسلسل إنشائها وتوظيفها أمراً ملازماً للتدبير الحضري والتطور المجالي.
إن المنظومة الحالية لإنتاج التجهيزات الجماعية تعتمد بصفة شبه كلية على مجهودات الدولة ومؤسساتها، سواء عن طريق البناء المباشر أو عن طريق تسليم رخص إحداث التجزئات أو المجموعات السكنية أو رخص البناء. لذا فإن مسؤولية الدولة تظل قائمة على وجه الإجمال لتوفير التجهيزات الجماعية للمواطن بكل الطرق والوسائل. وهنا مربط الفرس، وهنا بيت الداء: هل استوفت الدولة بكل مؤسساتها جميع الطرق والوسائل لتمكين المواطن من التجهيزات الجماعية؟ وبطبيعة الحال فإن الأمر هنا لا يتعلق باستصغار ما تقوم به الدولة في هذا المجال من مجهودات مشهودة لا يختلف عليها اثنان. إلاّ أنه لا مناص من التذكير بأن الحاجيات تتطور بوثيرة أسرع بكثير من وثيرة الإنتاج، كما أن رخص إحداث التجزئات والمجموعات السكنية تشوبها في كثير من الأحيان ما يشوبها من نقائص أصبحت معلومة لدى الخاص والعام. وما يهمنا الآن في هذا المضمار هو الإنتاج المباشر للتجهيزات الجماعية من طرف الدولة ومؤسساتها. ذلك لأن مسلسل الانتاج هنا يعاني من العسر ومن تكاثر الحواجز والعوائق، مما يؤثر سلبا على الفعالية وبالتالي يؤدي إلى نتائج هزيلة لا ترقى إلى ما هو مطلوب ( ) .
ومهما كان حجم المجهودات المبذولة، فإنه لا مناص من تنويع الوسائل ورصد البدائل، للوصول إلى إنتاجية أفضل وإلى وثيرة معتبرة، تتلاءم ووثيرة التطور العمراني، الذي يحتاج إلى استدراك العجز الحاصل، والاستجابة – كما وكيفا – لمتطلبات المستقبل.
ذلك لأن المنظومة الحالية للإنتاج المباشر للتجهيزات الجماعية، تتطلب مساطر وصعوبات وميزانيات وآجال، لاسيما عند اللجوء إلى نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
ثم تأتي بعد ذلك مرحلة البناء، وتتطلب هذه العملية، عدداً من المراحل، تبدأ بعروض الأثمان قصد اختيار المهندس المساح الطبوغرافي للقيام بالعمليات الطبوغرافية، ثم الاستشارة المعمارية، قصد اختيار المهندس المعماري، مع ما يتبع ذلك من مراحل إعداد المشروع المعماري، بدءاً بالرسوم الأولية للمشروع ثم المشروع الأولي المقتضب، ثم المشروع الأولي التفصيلي ثم ملف طلب رخصة البناء، مع ما يصاحب ذلك من " الملاحظات " الجزافية وآراء " الرفض "، وأساليب أخرى، ثم تأتي بعد ذلك عروض الأثمان لاختيار مكتب الدراسات الذي يتوفر على مهندسين مختصين، ثم عروض الأثمان لاختيار مكتب المراقبة، ثم عروض الأثمان لاختيار المختبر، وبعد ذلك تنطلق الدراسة التقنية التفصيلية وبعدها يتم وضع التصاميم التنفيذية وكناش التحملات، وبعد ذلك يتم إطلاق عروض الأثمان المتعلقة باختيار المقاولة التي ستكلف بالبناء، وفي كثير من الأحيان يتم اللجوء إلى عدة عروض لاختيار مقاولات متعددة حسب الاختصاص.
ثم تبدأ مرحلة الورش، مع ما يصاحبها من متابعة تقنية ومالية شبه يومية، ثم تنتهي العملية بتسليم الأشغال وانطلاق آجال الضمانة العشرية ثم بداية استغلال المشروع، وتشغيله وصيانته. وقد يتم القيام بالافتحاص المالي للمشروع، وبذلك تمم العملية برمتها.
ولا شك أن القارئ قد لاحظ كثرة المراحل والإجراءات، التي تحتاج إلى آجال طويلة تجعل عملية الإنتاج مكلفة جداً، وربما ينتابها كثير من المعيقات. وعلى كل حال فإن كل ذلك يؤثر سلبا على المردودية والإنتاجية.
معالم الحلول والبدائل الممكنة:
إن السؤال الأول الذي يمكن طرحه هنا، هو الآتي : هل من الضروري أن تكون الدولة هي صاحبة الملكية العقارية للتجهيزات الجماعية ؟ الجواب طبعاً: لا، بدليل وجود العديد من الإدارات والتجهيزات اليوم مقتناة من الدولة على سبيل الكراء.
وهنا يلوح مسلك جديد يكمن للدولة اعتماده – ولو على سبيل التجربة النموذجية – في حالة بعض التجهيزات دون غيرها كمرحلة أولى، ثم تعمم إذا نجحت.
وذلك بأن تعمد الدولة بمختلف مؤسساتها، وحسب المسؤوليات المناطة بها، إلى فتح باب المنافسة بين القطاع الخاص من أجل " التعبير عن الاهتمام "، لبناء تجهيز معين، ضمن كناش تحملات مفصل، ثم تختار من بين المهتمين من يقوم باقتناء الأرض وبناء التجهيز المطلوب، ثم تتسلمه الجهة المسؤولة على سبيل الكراء.
ولنا أن نتصور الربح الهائل الذي ستجنيه الدولة من هذه العملية سواء على مستوى ربح الوقت وضبط الآجال، أو على مستوى عدد المرافق التي سيتم بناؤها بميزانيات ومجهودات إدارية أقل بكثير من تلك التي تبدلها اليوم من أجل البناء المباشر للتجهيزات الجماعية. فبعملية حسابية بسيطة، وإذا سلمنا أن ثمن الكراء سيصل إلى 5 % من ميزانية البناء (بما في ذلك تكلفة الوعاء العقاري) فإن الدولة ستتمكن بنفس الميزانية من الحصول على عشرين تجهيزاً في السنة الواحدة، بدل تجهيز واحد، مع ما ستربحه على مستوى الآجال. وبذلك ستتضاعف الإنتاجية عشرين مرّة، علاوة على التأطير الإداري المكلف والذي قلما تكون مردوديته عالية. ومن جهة أخرى فإن الصناديق السيادية، يمكنها أن تجد مجالاً آمنا للاستثمار الداخلي، بحيث ستتمكن من توظيف الأموال وتطوير البلاد، وخدمة المواطن. وربما يهتم بعض المنعشين العقاريين المتمرسين بهذه السوق الجديدة فيقبلون عليها، ويطورون بالمناسبة وسائل إنتاجهم وتدبيرهم للمشاريع.
وبطبيعة الحال، فإن هذا التوجه الجديد، يجب أن تصاحبهُ، أو تتقدمه عدد من الإصلاحات على مستوى الأدوات والإجراءات، لكنها تظل بسيطة قياساً بالمنفعة الكبرى التي سيجنيها المواطن جراء هذا الإتجاه الجديد.
وهناك، بدائل أخرى يمكن استكشافها ثم اعتمادها، الشيء الأهم هنا هو أن تدخل ضمن ثقافة المسيّرين فلسفة الوصول إلى الأهداف، مع كامل الاستعداد لتقويم الوسائل وتنويعها والبحث عن البدائل على مستوى الأدوات وتطبيقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.