الكعبي أفضل لاعب أجنبي باليونان    الرميد يحذر من "انزلاق خطير" بعد أدعية لجيش الاحتلال في حفل يهودي بالصويرة    فاتح شهر ربيع الآخر بعد غد الأربعاء بالمغرب    الأمم المتحدة.. المغرب يشارك بنيويورك في مؤتمر دولي حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية    ماكرون يعلن أمام الأمم المتحدة اعتراف فرنسا بدولة فلسطين                    حكيمي يحل بالمركز 6 للكرة الذهبية    لامين يامال يحصل على جائزة "كوبا"    رصيف الصحافة: "مرض من القوارض" يتعب مستعجلات الحاجب ومكناس    وفد دبلوماسي فرنسي يلتقي مسؤولي بعثة "المينورسو" في مدينة العيون    المغرب يقبض على مطلوب لأنتربول    مشاورات الأحزاب ووزارة الداخلية تتجاوز مطلب زيادة المقاعد البرلمانية    تطور إيجابي.. قاضي التحقيق يأمر يإخراج جثة الطفل الراعي "محمد إينو" من قبرها وإعادة تشريحها    الأمير مولاي هشام يقرر متابعة الطاوجني أمام القضاء        كريم زيدان يعزز التعاون الاقتصادي المغربي مع الصين على هامش المؤتمر العالمي للصناعة التحويلية 2025    المغرب والهند يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الدفاعية والأمن السيبراني    هشام العلوي يرفع دعوى قضائية ضد يوتيوبر رضا الطاوجني    سفينة مغربية ترسو بإيطاليا في انتظار استكمال الإبحار نحو قطاع غزة    الرباط.. وزير الدفاع الهندي يزور ضريح محمد الخامس    بورصة الدار البيضاء تغلق على ارتفاع    المثقف المغربي والوعي النقدي    الكتابة والمشاركة في زمن الرقمنة: تأملات حول المعنى والتلقي..!    من غرفة مغلقة بتيزنيت..."أفراك ⴰⴼⵔⴰⴳ" أو حينما يكشف العبث المسرحي عن قسوة السلطة ومصير الإنسان    موجة ‬اعترافات ‬تعيد ‬طرح ‬الدولة ‬الفلسطينية ‬إلى ‬الواجهة    هيئة نصرة قضايا الأمة تستنكر منع الوقفات التضامنية مع غزة        رسميا.. أشرف حكيمي يغيب عن حفل الكرة الذهبية بسبب مباراة الكلاسيكو الفرنسي    زعيم كوريا الشمالية يعلن حصوله على أسلحة سرية    معرض "كريماي 2025" .. المغرب يفوز بكأس إفريقيا والشرق الأوسط للطاهيات    مهرجان الدوحة للأفلام 2025 يفتتح فعالياته بفيلم "صوت هند رجب".. تحية مؤثرة للصمود وقوة السينما    التكريس التشريعي للمرصد الوطني للإجرام في قانون المسطرة الجنائية الجديد يضع المغرب ضمن الدول التي تتبنى أفضل الممارسات في مجال الحكامة الجنائية    توقيف مواطنين أجنبيين بمطار أكادير المسيرة متورطين في تهريب المخدرات    مندوبية التخطيط: تباطؤ معدل التضخم السنوي في المغرب إلى 0.3% في غشت    "فيدرالية اليسار" يدين منع وقمع المحتجين بمختلف المدن ويرفض تحويل الشارع إلى مسرح للترهيب    الذهب عند مستوى قياسي جديد مع توقعات بخفض الفائدة الأمريكية    وجدة تحتضن النسخة 14 للمهرجان الدولي المغاربي للفيلم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    استمرار الاضطرابات في مطارات أوروبية بعد هجوم إلكتروني    هزة أرضية بقوة 3.5 درجاتتضرب سواحل مدينة الحسيمة    المغرب ينهزم أمام الأرجنتين في نهائي الدوري الدولي للفوتسال    ترحيب عربي باعتراف المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال بدولة فلسطين    إدماج ‬الموارد ‬البحرية ‬في ‬دينامية ‬التنمية ‬الاقتصادية ‬الاجتماعية    مدينة يابانية توصي باستخدام الأجهزة الرقمية ساعتين فقط يوميا    ياوندي.. الخطوط الملكية المغربية تخلق جسورا لتنقل مواهب السينما الإفريقية (عدو)        مستخلص الكاكاو يقلل من خطر أمراض القلب عبر خفض الالتهابات    دراسة: الإفطار المتأخر قد يُقلل من متوسط العمر المتوقع    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    الرسالة الملكية في المولد النبوي        الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توفيق بوعشرين : جريمة تسييس الحمير
نشر في اليوم 24 يوم 24 - 09 - 2013

لو كنت رئيس جمعية للرفق بالحيوان لرفعت دعوى قضائية ضد السيد حميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال، بتهمة الإساءة إلى الحمير، وجرها في يوم عطلة إلى شوارع محمد الخامس بطريقة بدائية للمشاركة في تظاهرة بئيسة ضد الحكومة...
ما هي الرسالة الكامنة خلف جر حمير أليفة ومسكينة من أعناقها من قبل مناضلي حزب الاستقلال، ووضع شعار فوق رؤوسها يقول: «واش فهمتوني أو لا لا»؟ هل تريدون القول إن رئيس الحكومة يشبه الحمار؟ هل هذه طريقة متحضرة لإبداء الرأي؟ ثم إن هذه ليست سبة. الحمار حيوان يشتغل ساعات طويلة في اليوم دون أن يشتكي من التعب. والحمار ينتج أكثر مما يستهلك. والحمار لا يغير جلده طوال حياته، سواء ربح أم خسر. والحمار يعرف المطلوب منه، وهو ليس غبيا كما يعتقد الكثير من المغفلين من بني البشر. ثم لا تنسوا أن الحزب الديمقراطي الأمريكي، الذي يرأسه باراك أوباما، شعاره التاريخي هو الحمار، وعندما تزور مقر الحزب في واشنطن تجد مجسما لهذا الحمار وقد تحول إلى معلم سياحي يأخذ الناس الصور إلى جانبه، ويشترون أكواب القهوة وعليها صوره بدون مركب نقص على الإطلاق...
الذي فكر في دعوة الحمير إلى المشاركة في تظاهرة سياسية ضد الحكومة يجب أن يرجع إلى صفوف الدراسة ليتعلم أن الحيوانات لها قيمة كبيرة في الحياة، لا تقل عن قيمة الإنسان، بل إن الحيوانات لم تفرط في شيء من طبيعتها.. مازالت كما خلقها الله، وهذا درس للبشرية جمعاء...
الآن دعونا نترك الحمير في عالمها الوديع، ونرجع إلى السياسة المتوحشة، هل تشكل المعارضة اليوم بديلا معقولا عن الحكومة القائمة؟ هل تملك هذه المعارضة برامج بديلة ونخبا قادرة على إخراج البلاد من أزمتها السياسية أولا، والاقتصادية ثانيا؟ ما هي مسؤولية أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة في ما وصلنا إليه من أعطاب اليوم؟
نعم، الحكومة فشلت إلى الآن في إيجاد حلول للمشاكل الكبيرة التي تتخبط فيها المملكة. والحكومة تتصرف بعقلية تصريف الأعمال، وتنتظر في أية لحظة أن يمسك صاحب الأعمال بزمام الأمور وترجع هي إلى بيتها، فهي غير قادرة على تنزيل الدستور بقواعده الديمقراطية، ولا هي قادرة على إصلاح صندوق المقاصة، ولا في جعبتها حلول مبتكرة وغير تقليدية للمشاكل المستعصية للاقتصاد والاجتماع. لا تعرف سوى وصفات البنك الدولي للحد من عجز الميزانية، وتلجأ إلى الحلول السهلة للأزمة الاقتصادية عن طريق الزيادة في الأسعار دون سياسات اجتماعية، ولا خطط لإنقاذ القدرة الشرائية. ثم إنه منذ أن سقط الإخوان من حكم مصر تعطل عقل بنكيران، وأصبح يخاف الحبل ويعتقد أنه ثعبان. فشل الحكومة في قيادة البلاد في ظرف صعب يرجع إلى عوامل معقدة، بعضها يتصل بطبيعة توزيع السلطة، والبعض الآخر يرجع إلى شخصية رئيس الحكومة الذي يهتم بالزعامة السياسية أكثر من الكفاءة التدبيرية (ميركل نجحت أول أمس في الانتخابات الألمانية لولاية ثالثة ليس لأنها زعيمة سياسية ولا لأنها خطيبة مفوهة.. نجحت لأنها مديرة جيدة تتمتع بكفاءة إدارية لتسيير الدولة، وقدرة على إحاطة نفسها بالكفاءات وليس بالأتباع).
قصة الحكومة معروفة الآن، لكن ما هي قصة المعارضة التي خرجت أول أمس في تظاهرة فولكلورية من بضعة آلاف جمعهم شباط بشق الأنفس من أجل إظهار أن له قوة في الشارع، وأن أحدا لن يخيفه غدا بقوة الجماهير، وأن الذين أخرجوه من الحكومة فتحوا أبواب جهنم على أنفسهم، وأنه قادر على إفساد اللعبة التي لا يدعى إلى المشاركة فيها...
إذا كانت هذه هي الرسالة الثانية بعد الرسالة «الحمارية» الأولى، فإن حزب الاستقلال فشل في الرسالتين معا. فحجم وشكل التظاهرة فضح البنية التنظيمية الهشة للحزب، وعجزه عن التعبئة والتنظيم، كما فشل قبل ذلك في تبرير خروجه المسرحي من الحكومة بعدما فشل في رمي العار على القصر لدفعه إلى الضغط على بنكيران من أجل إعطاء شباط جزءا من قيادة الحكومة.
أسوأ شيء يمكن أن يقع لأية حكومة ألا تكون لها معارضة، أو أن تكون المعارضة أسوأ من الحكومة، على علات الحكومات... هذا هو العطب المزدوج الذي تعانيه المملكة اليوم.
الاستقلال تائه في عباءة رجل شعبوي مغامر نسي أن حزبه مسؤول عن جزء من المشاكل التي يعيشها المغرب اقتصاديا وسياسيا، فشباط يتجاهل أن حزبه كان في الحكومة لمدة 15 سنة متوالية ولم يحقق شيئا مما كان يروجه من شعارات. وحزب الاتحاد الاشتراكي مسؤول عن جزء من حصيلة الماضي السلبية، فهو قاد تجربة حكومية فاشلة، وشارك في اثنتين بدون مبررات معقولة، وكل هذا لم يعط الفواكه المنتظرة منه، علاوة على أنه حزب يشهد اليوم انقساما حادا بين توجهين متناقضين. أما حزب الأصالة والمعاصرة، فإنه إلى الآن جزء من المشكلة الديمقراطية في البلاد، ولن يكون جزءا من الحل لأن ولادته لم تكن طبيعية، وهو يحتاج إلى معجزة إذا أراد أن يصبح حزبا شرعيا يساهم في بناء الديمقراطية، لا في تشييد قلاع الاستبداد.
هل عرفتم الآن الورطة التي أدخلتم إليها الحمار المسكين الذي يعيش في عالم أكثر إنسانية من عالمنا؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.