تستعد لجنة تابعة لبرلمان الحلف الأطلسي لزيارة مدينة مليلية المحتلة، بالتزامن مع الزيارة المرتقبة لملك إسبانيا، وفي ظل حملة عسكرية- سياسية يقودها ضباط إسبان سابقون يعتبرون المغرب "دولة معادية" بسبب ملف المدينتين. وذكرت صحف إسبانية بارزة مثل كونفدنسيال والباييس أن أكثر من خمسين نائباً من البرلمان التابع للحلف الأطلسي سيزورون مدريد ومليلية بين 24 و27 شتنبر الجاري. وينتمي أعضاء الوفد إلى دول عديدة، منها: المملكة المتحدة، تركيا، فرنسا، إيطاليا، اليونان، المجر، التشيك، سلوفاكيا، النرويج، رومانيا، فنلندا، بولندا، البرتغال، السويد، ولوكسمبورغ. ويُصنَّف هؤلاء ضمن شعبة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط في الحلف الأطلسي. ويُعد برلمان الحلف منتدى يضم أعضاء برلمانات الدول الأعضاء، ويقدم المشورة والمقترحات للحلف. وفي مليلية، سيجتمع الوفد مع رئيس الحكم الذاتي للمدينة خوان خوسيه إمبرودا، وممثلة الحكومة المركزية سابرينا موه، والقائد العسكري العام لمليلية اللواء لويس كورتيس، إضافة إلى مسؤولين محليين في الشرطة الوطنية والحرس المدني. ويقف وراء هذه الزيارة نواب من الحزب الشعبي المحافظ وحزب "فوكس" القومي المتطرف، وخصوصاً الذين لهم خلفيات عسكرية، مثل عضو مجلس الشيوخ فيرنانديث دياث، الجنرال السابق وقائد مليلية العسكري. وتأتي هذه الزيارة في ظرف حساس، يمكن تلخيص أبرز ملامحه في ثلاثة محاور رئيسية، « الزيارة المرتقبة للملك فيليبي السادس إلى سبتة ومليلية، المشابهة لتلك التي قام بها والده الملك خوان كارلوس عام 2007، والتي تسببت حينها في أزمة بين الرباطومدريد »، وتكثيف المناورات العسكرية الإسبانية في المدينتين براً وبحراً وجواً، تحت ذريعة الدفاع عنهما ضد أي "غزو محتمل"، إلى جانب ظهور مؤلفات عديدة أصدرها رؤساء أركان سابقون تطالب بزيادة الحضور العسكري فيهما »، ثم « الظرف الجيوسياسي الإقليمي والدولي، حيث يعيش العالم العربي حالة تشتت بسبب الحروب الأهلية، إضافة إلى ما تتعرض له فلسطين من إبادة جماعية، في وقت تتبلور فيه سياسة عسكرية أوربية تهدف لتشمل جميع الأراضي المصنَّفة أوربية، ومنها سبتة ومليلية ». ويُعد قرار الحلف الأطلسي السماح للجنة بزيارة مليلية تطوراً خطيراً، لاسيما أنه يأتي بعد قرار البرلمان الأوربي في يونيو 2021 باعتبار المدينتين أراضي إسبانية. وتعمل جهات إسبانية، خصوصاً من اليمين، على إقناع الحلف بضم المدينتين للمظلة العسكرية. وفي الوقت نفسه، وافقت حكومة مدريد الاشتراكية على هذه الزيارة رغم حديثها عن "المستوى المتميز" للعلاقات مع المغرب. ولا يُعرف كيف سيكون رد فعل المغرب على هذه الزيارة، وهو الذي جمد المطالبة بالمدينتين منذ أكثر من 15 عاماً. وفي هذا السياق، صرح الأمير هشام العلوي، ابن عم ملك المغرب، في مقابلة مع الكونفيدينسيال الأربعاء الماضي قائلاً: "مشكلة سبتة ومليلية بالنسبة للمغاربة هي أن هاتين المدينتين أراضٍ مغربية تاريخياً، وعاجلاً أم آجلاً سيتعين إيجاد حل لهذه المشكلة. لكن الحل لا يمر عبر الحرب، بل عبر الحوار مع إسبانيا والتشاور مع سكان المدينتين". وأضاف: "سبتة ومليلية حقوق غير قابلة للتصرف للمغرب. لقد فُصلتا عن أراضيه، لكن يمكن حل هذا الملف مع مرور الوقت. قد يستغرق الأمر عشرين عاماً أو مائة عام، لكن المهم هو بناء نظام يعمل لصالح المغرب وإسبانيا والسكان الذين يتعاونون معاً".