عادت إلى الواجهة من جديد الجرائم الإلكترونية الدولية العابرة للقارات والحدود، فقد أدانت ابتدائية مراكش، أول أمس الخميس، مواطنا ألمانيا يدعى «ريكارد ديتر» (46 سنة) بسنتين سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 36690 درهما بعد أن تابعته بخمس تهم ثقيلة: «سرقة قوة ذات قيمة اقتصادية؛ الحيازة غير المبررة لبضاعة خاضعة للرسوم والمكوس عند الاستيراد؛ اختلاس خطوط مواصلات واستغلالها؛ ربط أجهزة بشبكة عامة للمواصلات دون الحصول على الموافقة المسبقة وعن طريق اختراقها، والإقامة غير المشروعة في المغرب». كما قضت المحكمة لفائدة شركة الاتصال «لاما كورتوريط»، باعتبارها الجهة المطالبة بالحق المدني بتعويض مادي قدره 200 ألف درهم، وبمصادرة المعدات والأجهزة المستعملة في الجريمة المتعلقة بقرصنة المكالمات الهاتفية وتحويلها من مكالمات دولية إلى مكالمات محلية. وترجع وقائع القضية إلى شهر دجنبر المنصرم، حين اعتقلت المصالح الأمنية الألماني، الذي كان يكتري شقة بمراكش، وبحوزته أجهزة اتصال متطورة لقرصنة المكالمات الهاتفية، انطلاقا من مدينة سبعة رجال، وتم ضبطه متلبسا بجريمته، وكانت الأجهزة المستعملة في القرصنة موصولة بالكهرباء ومزودة بهوائيات لاقطة. وخلال الاستماع إليه من طرف الشرطة القضائية، صرّح المتهم بأنه يعمل لحساب شركة ألمانية أوكلت إليه مهمة الانتقال إلى المغرب، الذي يشهد به قطاع الاتصالات الهاتفية رواجا واسعا، للقيام بعمليات اختلاس واسعة للمكالمات الهاتفية الدولية وتحويلها إلى مكالمات محلية، مع تزويده بالأجهزة التقنية لإنجاح مهمته. وبعد إحالته على هيئة الجنح الضبطية بابتدائية مراكش، تقدم المحامي عبد الرفيع جواهري، الذي ينوب عن الشركة المطالبة بالحق المدني، بملتمس إلى النيابة العامة من أجل تصحيح المتابعة عبر إضافة جنحة أخرى إلى صك المتابعة، وهي التهمة المنصوص عليها في الفصل 607 من القانون الجنائي المغربي، والذي يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات مع الغرامة، على حيازة تجهيزات أو أدوات أعدت لارتكاب الجرائم الماسة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات. وقد تمت الاستجابة للملتمس، ومثل المتهم الألماني في حالة اعتقال أمام الهيئة المذكورة، منكرا تورطه في التهم المنسوبة إليه، قبل أن يلفت الأستاذ عبد الرفيع جواهري في مرافعته إلى أن اعتقال المتهم في حالة تلبس بارتكاب الجريمة يؤكد ثبوت مقتضيات فصول المتابعة في حقه، مضيفا بأن الأفعال المرتكبة تشكل جريمة إلكترونية تسببت في خسائر جسيمة للاقتصاد الوطني. وأشار جواهري إلى أن المتهم يعتبر الٍمزود الرئيسي للشبكات التي تم تفكيكها ببعض المدن الأخرى والناشطة في نفس المجال، حيث صرح أفراد الشبكة المعتقلة بسلا أمام الضابطة القضائية بأن «ريكارد ديتر» هو من زودهم بالأجهزة والمعدات المتطورة التي ضبطت بحوزتهم، وكانوا يستعملونها في اختلاس المكالمات الهاتفية. ودعا جواهري إلى التنسيق بين المصالح الأمنية والنيابات العامة بمختلف المدن، من أجل وضع حد لهذا النوع الخطير من النشاطات الإجرامية. وقدم جواهري عرضا تقنيا مفصلا عن ظروف وملابسات الجريمة، حيث كان المتهم يقوم، عن طريق جهاز ربط مزود بهوائيات، بتلقي المكالمات من خارج المغرب، ثم يحجب الرقم الدولي ويستبدله بالرقم الوطني، مستخدما جهازا متطورا، ومستعملا بطاقات هاتفية تابعة لشركة وطنية. وتابع جواهري بأن المتهم حقق أرباحا طائلة على حساب الشركة المطالبة بالحق المدني التي كبدها خسائر مالية فادحة، حيث تقدم- نيابة عنها- بمذكرة مطالب، ملتمسا الحكم وفقها، ومصادرة الأجهزة المحجوزة، ونشر الحكم في جريدتين وطنيتين بالعربية والفرنسية.