على مقربة من انتهاء الفترة الانتقالية التي حددها حكم محكمة العدل الأوروبية بشأن إلغاء اتفاقيتي الصيد البحري والزراعة المبرمتين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، بمبرر شمولهما الأقاليم الجنوبية للمملكة، قلل فلاحون ومصدرون من الصحراء المغربية من آثار ذلك على صادراتهم إلى الخارج، مؤكدين أن الرهان اليوم لم يعد مرتبطًا بالسوق الأوروبية. وشددت مصادر مهنية تحدثت لجريدة هسبريس الإلكترونية في هذا الشأن على أن "المنتجين والمصدرين من أبناء الأقاليم الجنوبية للمملكة بدؤوا مبكرًا، ومنذ ظهور بوادر ممارسات ابتزازية في أوروبا وحتى قبل صدور حكم محكمة العدل الأوروبية، التوجه نحو أسواق جديدة وبدائل أكثر استدامة، سواء في أوروبا أو آسيا أو حتى إفريقيا". وأوضحت المصادر المهنية ذاتها أن "الاستفزازات التي تعرض لها مصدرو المنتجات الفلاحية من الصحراء في عدد من الأسواق الأوروبية، بما في ذلك حوادث الاعتداء ومحاولات تسييس القضايا التجارية، كانت بمثابة منبه وإشارة إنذار دفعتهم إلى التوجه نحو بدائل أخرى"، مضيفة أن "هناك أسواقا برزت في الآونة الأخيرة كوجهات مهمة للخضر والفواكه المنتجة في الصحراء المغربية، خاصة الحوامض والخضر والفواكه الحمراء، من أهمها بريطانيا وروسيا والإمارات والسعودية وقطر". وتابعت المصادر نفسها بأن "الأسواق الإفريقية برزت بقوة بفضل نتائج النموذج التنموي الجديد الخاص بالأقاليم الجنوبية، الذي وفر بنية تحتية ولوجستية مهمة للتصدير من طرق وموانئ ومستودعات للتخزين، ساهمت في تعزيز تواجد المنتج الزراعي المغربي في السوق الإفريقية، وهو التوجه الذي تعزز بشكل كبير بعد تأمين معبر الكركرات"، مشيرًة إلى أن "إنشاء عدد من مراكز التكوين الفلاحي في حواضر الصحراء ساهم في توفير كفاءات بشرية وقوة عاملة مهمة للضيعات في المنطقة". في سياق ذي صلة اعتبرت المصادر التي تحدثت لجريدة هسبريس الإلكترونية أن "الشراكة القائمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي هي شراكة تاريخية ونتاج سنوات طويلة من التعاون، إذ إن المغرب شريك إستراتيجي في الأمن الغذائي الأوروبي، وبالتالي فإنه من الصعب على بروكسل إعادة بناء شراكة من هذا النوع مع أي شريك آخر، إلا أن الإشكال هو توغل بعض اللوبيات المناوئة للرباط في دواليب صنع القرار الأوروبي". وشددت المصادر ذاتها على أنه "بغض النظر عن طبيعة حكم القضاء الأوروبي ومضمونه فإن الفلاحين والمصدرين المغاربة من شمال المملكة إلى جنوبها متفقون، وهم على صوت واحد، على أن أي اتفاقية تتضمن استثناءات ترابية ولا تشمل كامل التراب الوطني مرفوضة، لأن ملف الوحدة الترابية خط أحمر"، وأكدت أن "حكم محكمة العدل الأوروبية بإلغاء اتفاقية الزراعة المبرمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي كان الهدف منه ممارسة ضغوط على المملكة، إلا أنه في الحقيقة كان بالنسبة لنا، كمنتجين من أبناء الأقاليم الجنوبية، مناسبة للتحرر من العبودية للسوق الأوروبي والخضوع لأهوائه وتقلبات المتحكمين فيه، أي إنه كان نقطة قوة مكنتنا من إيصال منتجاتنا إلى أسواق ووجهات مختلفة في العالم".