في عالم كرة القدم الحديث، حيث تتجه الأنظار دائماً إلى المهاجمين وصانعي الأهداف، يبرز اسم النجم المغربي أشرف حكيمي كظاهرة فريدة، تُعيد تعريف ما يمكن أن يقدمه لاعب في مركز الظهير. فبعد موسم استثنائي وتاريخي مع ناديه باريس سان جيرمان الفرنسي، لم يعد حكيمي مجرد ظهير أيمن متألق، بل تحول إلى مرشح حقيقي وشرعي لأرفع جائزة فردية في عالم كرة القدم: الكرة الذهبية. ويطرح هذا التألق سؤالاً محورياً: هل يمكن لمدافع، مهما بلغت مساهماته الهجومية، أن يكسر الهيمنة شبه المطلقة للمهاجمين على الجائزة في عصرها الحديث؟ وهل يمكن للاعب عربي وأفريقي أن يصل إلى قمة لم يبلغها سوى الأسطورة الليبيرية جورج ويا عام 1995؟ 1. المنصة الذهبية: ثلاثية تاريخية كشرط أساسي لا يمكن لأي لاعب أن ينافس على الكرة الذهبية دون أن يكون مدعوماً بسجل حافل من الإنجازات الجماعية. وفي موسم 2024-2025، بنى باريس سان جيرمان لحكيمي منصة من ذهب، تمثلت في ثلاثية تاريخية غير مسبوقة في تاريخ النادي، بعد الفوز بلقب الدوري الفرنسي، وكأس فرنسا، واللقب الأغلى والأهم، دوري أبطال أوروبا، للمرة الأولى. هذا الإنجاز، وخاصة التتويج الأوروبي، حوّل أداء حكيمي المذهل من مجرد إحصائيات رائعة إلى فصول في ملحمة كروية، وهو عنصر حاسم لدى المصوتين. 2. أداء فردي خارق: الظهير الذي أصبح مهاجماً إذا كانت الألقاب هي المنصة، فإن أداء حكيمي الفردي هو الصاروخ الذي انطلق منها. لقد قدم أفضل مواسمه على الإطلاق، بأرقام تضعه في مصاف كبار المهاجمين: حصيلة تهديفية تاريخية: ساهم حكيمي في 26 هدفاً هذا الموسم (سجل 11 هدفاً وقدم 15 تمريرة حاسمة)، وهو رقم قياسي شخصي له، ويجعله المدافع الأكثر مساهمة تهديفية في الدوريات الأوروبية الكبرى بفارق شاسع. ذكاء تكتيكي: تحت قيادة المدرب لويس إنريكي، أظهر حكيمي نضجاً تكتيكياً كبيراً، حيث تميز بقدرته على التحرك بذكاء إلى عمق الملعب، والتوغل داخل منطقة الجزاء كمهاجم ثانٍ، وهو تكتيك أربك دفاعات الخصوم مراراً. الجانب البدني: إلى جانب أرقامه الهجومية، يمتلك حكيمي سرعة خارقة (تم تسجيله كأسرع لاعب في دوري أبطال أوروبا بسرعة 36.92 كم/ساعة) وقدرة تحمل استثنائية، جعلته من أكثر اللاعبين مشاركة في دقائق اللعب مع فريقه. 1. التحديات في الطريق إلى المجد رغم هذه القضية المتكاملة، يواجه حكيمي عقبتين رئيسيتين: المنافسة الداخلية: وجود مرشح قوي آخر من نفس الفريق، وهو زميله الفرنسي عثمان ديمبلي، الذي قدم موسماً تهديفياً استثنائياً، قد يؤدي إلى انقسام الأصوات بينهما. التحيز التاريخي ضد المدافعين: تاريخ الكرة الذهبية يظهر تحيزاً واضحاً لصالح المهاجمين. فآخر مدافع فاز بالجائزة كان الإيطالي فابيو كانافارو عام 2006، بعد قيادته لمنتخب بلاده للفوز بكأس العالم. فوز مدافع بالجائزة هو استثناء نادر جداً. خلاصة: هل الكرة الذهبية في متناول اليد؟ يمتلك أشرف حكيمي حجة قوية ومقنعة تضعه، على أقل تقدير، ضمن المرشحين الثلاثة الأوائل على منصة التتويج. لقد فعل كل ما يمكن للاعب في مركزه أن يفعله، بل وتجاوز ذلك. فوزه بالجائزة سيعتمد في النهاية على مدى استعداد المصوتين لتقدير هذا الأداء التاريخي والمتكامل، وتجاوز التفضيلات التقليدية الراسخة للمهاجمين. وسيكون تتويجه، إن حدث، ليس فقط انتصاراً شخصياً، بل لحظة تاريخية للكرة المغربية والعربية والأفريقية، وثورة في معايير تقييم أفضل لاعب في العالم.