تراجع مخزون المياه المخزنة بمختلف السدود المغربية بشكل ملحوظ حيث لم يتجاوز 48 بالمئة إلى حدود فبراير الجاري مقارنة ب63.5 بالمئة خلال نفس الفترة من السنة المنصرمة، وهو ما ينذر بالعديد من التداعيات السلبية. ورغم التساقطات التي شهدته البلاد غير أن حقينة السدود المغربية الرئيسية بلغت حسب الأرقام الرسمية 7.5 مليار متر مكعب وهو ما يمثل انخفاضا عن 9.4 مليار متر مكعب المسجلة خلال نفس الفترة من السنة الماضية. حول هذا الموضوع طرحنا ثلاث أسئلة على نبارك أمراو، صحفي متخصص في الشأن المائي والبيئي. ماهي العوامل التي تسببت في هذه الوضعية؟ إن الخصاص الذي تعرفه بلادنا، بفضل التتبع المحكم لوضعية الموارد المائية، كان ولا يزال معلومة متاحة للجميع ولا يخفى على أحد، ولعل مواكبة الإعلام والجمعيات والخبراء لهذه الظاهرة لخير دليل على أن المؤسسات المهتمة بالماء تحترم المواطن، على الأقل على مستوى الحق في الولوج إلى المعلومات.وهذا التراجع يتم رصده بشكل يومي من خلال وضعية حقينات السدود التي يوفرها قطاع الماء على موقعه الرسمي ومن خلال تطبيق " مغرب السدود". وفي هذا السياق سبق للمعهد العالمي للموارد أن أصدر قبل سنتين تقريرا يكشف أن سد المسيرة قد عرف تراجعا يقدر بنحو 60 في المائة من نسبة المياه في الفترة الممتدة من 2015 إلى 2017، ليكون بذلك المغرب من بلدان شمال إفريقيا الأكثر تضررا من الجفاف والتغيرات المناخية. وهنا يمكن تأكيد ما جاء به هذا التقرير من قبل، وهو نفس الواقع الذي لا تزال جل السدود تعرفه حاليا، إذ أن تأخر التساقطات المطرية وقلتها وكذلك قلة التساقطات الثلجية التي تغذي الفرشة الباطنية كلها عوامل تضل السبب الرئيسي في تراجع حجم المياه المخزنة والتي تتعرض للضغط بسبب السقي الذي تلجأ إليه نسبة كبيرة من الفلاحين عبر التراب الوطني، بسبب قلة الأمطار، مما يهدد مستقبل بعض السدود المتوسطة والصغيرة على وجه التحديد. ماهي تداعياتها المحتملة على الفلاحة والتزود بالماء؟ إن استمرار شح التساقطات المطرية واستمرار الضغط على المياه المخزنة في السدود وارتفاع درجات الحرار الناتجة عن الاحتباس الحراري وكلها عوامل تندرج ضمن آثار التغير المناخي لا يمكنها إلا أن تأزم اوضاع المنتجين وبالتالي التأثير على واقع الأسواق بشكل عام سواء تعلق الأمر بالحبوب او الخضر او الفواكه وأيضا الانتاج الحيواني من خلال ارتفاع الأسعار جراء ارتفاع تكاليف الانتاج وتنامي الخسائر في الانتاج. وكل هذه المعطيات تتطلب من جميع المتدخلين اتخاذ تدابير استعجالية للحيلولة دون توسع دائرة الخسائر لدى الفلاحين والمنتجين بشكل عام، وتعزيز التدخلات الكفيلة بتدبير الأزمة وتكثيف الإجراءات والمقاربات الكفيلة بإنقاذ الموسم الفلاحي في بعض المجالات التي يمكن تدارك الوضع فيها. كما ينبغي من الحكومة تحمل مسؤولية حماية مكاسب المنتجين ومواكبتهم لتجاوز الأزمة وتفعيل صناديق الدعم الخاصة بالتعويض عن مختلف الأضرار في المجالات الفلاحية وغيرها.. ماهي البدائل المطروحة أمام المغرب سيما وأن تقلص حجم التساقطات أصبح أمرا واقعا ومن المتوقع أن يستمر خلال السنوات المقبلة؟ بخصوص البدائل فقد شرع المغرب من خلال مخطط المغرب الأخضر، الذي لا يزال يدعم مبادرات السقي بالتنقيط كمقاربة اقتصادية للحفاظ على الموارد المائية، ومن خلال اوراش أخرى من قبيل تحلية مياه البحر وتشييد سدود جديدة منها وحدات ستباشر عملية التخزيين خلال السنة الجارية ووحدات أخرى سيتم تشغيلها خلال الستوات المقبلة. وهناك مشاريع تهم إعادة استعمال مسار الصرف الصحي وهو ما ينبغي التعجيل بتفعيله في عدد من الجهات التي تعرف مدنها كثافات سكانية من شأنها تزويد المساحات المزروعة فعلا بكميات لا يستهان بها من المياه الصالحة للسقي بعد تصفيتها عوض استمرار قدف هذه المياه في البحر. وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى البرنامج الوطني للماء الذي أشرف الملك محمد السادس على توقيع اتفاقيات تفعيله في الآونة الأخيرة بميزانية تقدر بنحو 105.4 مليار درهم ويضم إنجاز حوالي 20 سدا كبيرا بسعة 5.38 مليار متر مكعب، وحوالي 130سدا صغيرا بالإضافى عشرات السدود التلية في نحو 909 موقعا تم جردها بمختلف جهات المملكة. ويبقي جانب التحسيس والتوعية بواقع المخزون المائي الوطني أمرا ضروريا إذ ينبغي من جميع المستهلكين في جميع المجالات سواء في قطاعات الفلاحة والصناعة وايضا في الاستهلاك اليومي لكل فرد(ينبغي ) تغيير سلوك التعامل مع استهلاك الماء والمساهمة في الاقتصاد في هذه المادة الحيوية وفق منطق يراعي الحاجة المتزايدة لها والتفكير في مستقبل الأجيال القاظمة وحقها في الثروة المائية التي لا يمكن التفكير في استمرار الحياة بدونها.