تسبّبت السيول والفيضانات القوية التي ضربت السودان في تشريد ونزوح مئات الآلاف من العائلات وتسجيل خسائر مادية ثقيلة، بعد هطول أمطار قوية رفعت منسوب مياه النيل لمستويات قياسية، وأغرقت أجزاءً واسعة من البلاد. ودّمرت الفيضانات التي يعتبرها السودانيون الأقوى منذ مئة سنة أزيد من 70 ألف منزل مشرّدة أكثر من نصف مليون مواطن سوداني، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والصحية بالبلاد، التي تعيش مرحلة انتقالية بعد المظاهرات الشعبية التي أنهت عهد الرئيس المعزول عمر البشير. الناشطة السياسية السودانية نهال الطيب، كشفت لموقع القناة الثانية أن الفيضانات خلّفت أوضاعاً قاسية للغاية، مبرزة أن "العديد من المواطنين وجدوا أنفسهم في العراء مشردّين، بعد أن تجاوزا حصار الماء، بالإضافة للوضع البيئي والصحي الذي ينذر بظهور أوبئة وأمراض، خصوصا في ظل النظام الصحي والاقتصادي المنهار جراء سياسات حكم النظام البائد الذي دمر اقتصاد البلاد"، على حدّ قولها. اقرا أيضا: السودان يوجه "نداء عاجلا" للمنظمات الدولية لإغاثة المتضررين من الفيضانات وأبرزت نهال الطيب أن فيضان النيل يعدّ الأعلى منسوباً والأكثر ضررا منذ 100 سنة، مشيرةً أن 17 ولاية من أصل 18 ولاية بكل البلد تضرّرت، وامتد الضرر إلى 122 محلية 422 منطقة، تتابع المتحدثة: "الخسائر في الأرواح فاقت، أكثر من 103 قتلى وشردت اكثر من 600 ألف مواطن. وأضافت الطيب في تصريحها، أن خسائر مادية ثقيلة سجّلت، بتهدم أكثر من 70 ألف منزل بشكل كامل أو جزئي وتضرر أفدنة زراعية تفوق 6208 أفدنة، ونقوق ما يزيد عن 5500 من الماشية وتضرر 179 مرفقا و359 مخزنا ومحلا تجاريا، حسب بيانات وزارة الداخلية السودانية. وأوضحت المتحدثة في تصريحها لموقع "دوزيم" أن الفيضان، امتدّ ليصل مناطق أثرية تاريخية، أبرزها الحمام اللملكي بمنطقة البحراوية، مما استنفر الهيئة العامة للآثار والسياحة لحماية المواقع الأثرية، التي سارعت لإقامة مصدات مائية لحماية المواقع التاريخية. وتشدّد المتحدثة أنّ السودان يمّر بأزمة اقتصادية خانقة، فاقمتها جائحة "كورونا" وكارثة الفيضان، مما أضرّ بقدرتها على التصدي لكارثة من هذا الحجم في ظلّ هذه الظروف، غير أنها، ثمّنت في المقابل جهود شباب وشابات الحراك الشعبي، كاشفة أنهم "انتظموا بكل وطنية بين ضفاف النيل لصدّ وحراسة تدفق المياه، وإغاثة وإعانة المنكوبين". اقرأ أيضا: الأممالمتحدة تحذر من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان بسبب الفيضانات ودعا مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الجهات المانحة والمجتمع الدولي إلى تقديم دعم عاجل لتجديد مخزون المساعدات الإنسانية ومواصلة الاستجابة للفيضانات التي اجتاحت مناطق واسعة في السودان، مبرزاً أن منظمات الإغاثة في السودان لم تتلق حتى الآن سوى 44 بالمائة من ميزانية الاستجابة الإنسانية للعام الجاري البالغة 1،6 مليار دولار. وحذر المتحدث باسم المكتب يانس لاركيه من تدهور الوضع، خلال الأيام المقبلة، حيث من المرجح أن تتسبب الأمطار الغزيرة المتوقعة في إثيوبيا وأجزاء عديدة من السودان في زيادة مستويات المياه في النيل الأزرق، مما يؤدي إلى المزيد من الفيضانات والدمار. وقال المسؤول الأممي إن الكثيرين ممن تشردوا لجأوا إلى المدارس قبل موعد إعادة فتحها مباشرة، مشيرا إلى أن الحكومة ووكالات الأممالمتحدة والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص يقدمون المساعدة المنقذة للحياة لآلاف الأشخاص في جميع المناطق المتضررة. "لكن عدد الأشخاص المتضررين بالفعل قد تجاوز التوقعات الأولية البالغة 250 ألفا، ونفدت الإمدادات، وخاصة المأوى والمواد غير الغذائية مثل أواني المطبخ وصفائح البلاستيك والإمدادات الصحية والمياه ومستلزمات النظافة والصرف الصحي."، يضيف المتحدث.