فتح موضوع اغتصاب وقتل الطفل "عدنان" بمدينة طنجة نهاية الأسبوع الماضي، نقاشاً مجتمعياً واسعاً، حول موضوع الاعتداءات الجنسية على الأطفال في المجتمع المغربي، ومدى ملاءَمة المنظومة القانونية والجنائية لحماية الناشئة في ظل تصاعد الانتهاكات المسجلة ضدهم خلال السنوات الأخيرة، والصمت العارم الذي يلازم الموضوع. موقع القناة الثانية، حاور في هذا الموضوع، عبد العالي الرامي، رئيس منتدى حماية الطفولة، الذّي أكّد أن الاعتداءات الجنسية تظل "نقطةً سوداء في مجال حقوق الطفل بالمغرب"، مبرزاً أنّ الاستغلال الجنسي للأطفال، يعرف تنامياً، يستدعي بذل مجهودات كبيرة، وفتح نقاش جدّي على جميع المستويات القانونية والتربوية والمجتمعية.
نص الحوار: كيف تابعتم داخل منتدى الطفولة النقاش الدائر حول الجريمة الشنعاء التي هزت الرأي العام بمدينة طنجة؟ تلقينا نبأ وفاة الطفل "عدنان" بصدمة وغضب شديدين، مثلنا مثل باقي مكونات المجتمع المغربي، المستنكر للجريمة الشنعاء والرافض لها، حيث أن هولها أغضب المغاربة شيبا وشبابا، حيث تبقى صادمة وبشعة بكل المقاييس لما تحمله من تعدّ على حقوق الطفل، وانتهاك صارخ لها.
ما قراءتكم لواقع الاستغلال الجنسي للأطفال داخل المجتمع المغربي، خصوصاً وأنها ظاهرة متفشية ومسكوت عنها؟ ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال داخل المجتمع المغربي تعرف تنامياً، بين جميع الفئات، ما ينذر بمخاطر كبيرة تستدعي جهوداً كبيرة على جميع المستويات، حيث إن انعكاساتها خطيرة على السلامة الجسدية والنفسية للأطفال، وتكون لها آثار مجتمعية خطيرة، بالتالي يجب معالجة المشكل ضمن جميع أبعاده الاجتماعية والقانونية والتربية، لأن التهاون في التعامل مع هذه الظاهرة أو التغاضي عنها، وجعلها حبيسة المسكوت، لن يخدم أحداً، بالتالي ينبغي فتح نقاش مجتمعي واسع حولها. للأسف الشديد العقوبات المخففة، من الأسباب الرئيسية التي تساهم في استمرار انتشار حوادث الاعتداءات الجنسية على الأطفال في المغرب، بالتالي، يجب أن يكون القضاء سداً منيعاً أمامهم، عبر الضرب بيد من حديد على كلّ من سوّلت له نفسه التعدي على طفل، حيث آن الأوان تطبيق المقتضيات القانونية التي تنص على أشد العقوبات، والحكم بالإعدام، على مرتكبي كل السلوكيات المشينة التي تمسّ كرامة وحقوق الطفولة، لتقديم العبرة، حيث تبقى حوادث الاعتداءات الجنسية على الأطفال بالمغرب، نقطة سوداء في مجال حماية حقوق الطفل في المغرب. في النقطة المتعلقة بالتدابير الزجرية فإن، التصاعد المستمر في حوادث اغتصاب الأطفال يتطلّب أيضاً يقظة وطنية لحماية الأطفال وتفعيلاً للترسانة القانونية من أجل ردع الجناة، لا سيّما في ظل الاصطدام بإشكالية إثبات الجرم الذي يجعل المتهم يتملص من العقاب.
كيف يمكن توعية وتحسيس الأطفال بخصوص هذه الجرائم التي تطالهم، عبر العملية التربوية والإعلامية؟ مسألة التوعية والتحسيس في غاية الأهمية بل وجوهرية؛ بحيث يجب التطرق إلى خطورة هذه الأفعال وجسامتها في المقررات الدراسية لأنه قطاع التعليم يسمى وزارة التربية الوطنية وبالتالي فمسألة التربية هي الأساس في العملية التعليمية كما يجب على وسائل الاعلام أن تتحمل مسؤوليتها في الجانب التحسيسي المرتبط بهذه الظاهرة، من خلال تسليط الضوء على حالات الاعتداء الجنسي، وطرح الموضوع للنقاش، بشكل موسع بين مختلف المتدخلين، وأيضاً الحرص على إيلاء الأهمية لتقديم حالات اختفاء الأطفال خلال النشرات الإخبارية أو البرامج. نحث الآباء والأمهات، كذلك، على تحصين أطفالهم بنصائح وتوجيهات في هذا الصدد، من خلال تحذيرهم من الغير، ومراقبتهم وعدم تكليفهم بالتسوق من أماكن بعيدة، وندعو المؤسسات التعليمية إلى العمل على تربية الأطفال على حماية أنفسهم من أي مخاطر مثل هذه.
ما السبل التي تقترحونها لمواجهة الاعتداءات على التي تطال الأطفال، خصوصاً جرائم التحرش والاغتصاب؟ يجب أساساً تجاوز حالة الصمت والتكتم في طرح موضوع العنف الجنسي بالمجتمع، وأشدّد على نقطة فتح نقاش موسع، بين مختلف المتدخلين القانونيين والأمنيين والمجتمعيين. بالإضافة إلى إعادة النظر في القوانين الزجرية، المتعلقة بالموضوع، من خلال العمل على ردع المغتصبين والمتحرشين، وعدم التساهل معهم. وكما أن للأسر دور مهم من خلال الحرص على درجة عالية من اليقظة والمراقبة ومفاتحتهم في الموضوع لتوعيتهم بطرق الحماية وبالحديث في حالة التعرض لأي سلوك غير عادي من طرف الآخر، بالإضافى إلى المراقبة المستمرة لأبنائهم على فضاءات التواصل الالكترونية، التي أصبحت ملاذاً لعدد من المتحرشين للتغرير بالقاصرين واستغلالهم وابتزازهم.