مع اقتراب مواعيد الامتحانات الإشهادية، يزداد منسوب التوتر داخل الأسر على نحو ملحوظ، بسبب قلق الآباء وتوجس الأبناء، مما ينتظرهم في "يوم الحسم" من أسئلة واختبارات لقدراتهم المعرفية. في هذا الحديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، يسلط الأخصائي النفسي الاكلينيكي والمعالج النفساني، فيصل طهاري، الضوء على دور الأسرة عامة، والأبوين خاصة، في التأثير سلبا أو إيجابا على الأبناء أثناء استعدادهم للامتحانات، والأخطاء التي يجب تجنبها خلال هذه الفترة، فضلا عن النصائح التي يتعين على الأبوين، وكذا المؤسسات التعليمية، إسداءها حتى تمر هذه الفترة في أفضل الظروف. كيف يؤثر الآباء سلبا أو إيجابا على الأبناء خلال فترة الاستعداد للامتحانات؟ دور الأسرة عامة، والآباء خاصة، مهم في تقديم الدعم النفسي للأبناء الم متحنين، خاصة أننا نعلم جيدا بأن الامتحان له مجموعة من التمثلات الاجتماعية الخاطئة التي تمضي في اتجاه تخويف التلاميذ. فإما أن الأسرة تزيد من مخاوف الأطفال، أو أنها تخفف عنهم من خلال إقناعهم بأن الامتحانات الإشهادية، سواء بأسئلتها أو بالظروف التي تمر فيها، تشبه إلى حد كبير فروض المراقبة المستمرة التي أجروها على مدار السنة الدراسية. فمن الواجب التأكيد على ضرورة التهوين على الأبناء وليس التهويل الذي قد يؤدي إلى زعزعة ثقتهم في أنفسهم وتقليل تقديرهم لذواتهم. ويتجلى هذا الدعم بالأساس في عدم بث القلق والتوتر في أنفسهم والضغط الزمني عليهم، حيث نجد أن بعض التلاميذ يستعدون للامتحان قبل مدة طويلة من موعده، ويصبح التحضير للامتحان بالنسبة لهم تلك اللحظة المأساوية المبنية على توقف كل مظاهر الحياة، وهذا لا يشجع التلميذ على التركيز في الاستعداد للامتحان، لأن التركيز ليس مطلوبا فقط في يوم الامتحان، بل هو مطلوب أكثر في مرحلة الاستعداد، التي يجب أن يركز فيها أكثر ويستحضر كامل سيروراته المعرفية من ذاكرة وإدراك وفهم وتحليل وانتباه. ما هي الأخطاء التي يجب على الوالدين تجنبها خلال فترة التحضير للامتحانات ؟ إلى جانب التخويف والتهويل، من أكثر الأخطاء والضغوطات التي يمارسها الآباء والأمهات هي تسطيرهم بأنفسهم لبرامج أبنائهم استعدادا للامتحان ومطالبتهم إياهم بتنفيذه بحذافيره. وهذا خطأ كبير، لأنهم لا يأخذون بعين الاعتبار قدرات أبنائهم وما يتناسب مع طاقاتهم وعاداتهم اليومية. فلا يمكن مثلا أن أضع برنامجا لابني يرتكز على الاستيقاظ مبكرا، في حين أنه يحبذ مراجعة دروسه ليلا. كما أن كثرة توجيه الأبوين للملاحظات لأبنائهم من أجل عدم التوقف عن المراجعة والمتابعة اللصيقة لهم، تجعلهم بمثابة حارسين يترصدان خروج الابن من غرفته لأخذ قسط من الراحة، مما يزيد من توتر الأبناء ويخلق حالة من التشنج داخل الأسرة. يجب ترك الأبناء ليسيروا أنفسهم بأنفسهم ويضعوا برنامجهم الخاص بهم، في حين يمكن للوالدين إبداء ملاحظات وتقديم المساعدة في مادة معينة أو البحث عن من يراجع معهم. وفي السياق ذاته، لا يجب تطبيق قرارات قاسية على الأبناء، كالحرمان بشكل نهائي من التلفاز وعدم الخروج بتاتا من البيت. في مقابل ذلك، يمكن عقد اتفاق لتقنين استعمال الهاتف أو الانترنت مثلا في فترة الامتحانات. ما هي باقي النصائح التي تقدمها للآباء والأبناء، وكذا للمؤسسات التعليمية، لتمر هذه الفترة في أفضل الظروف ؟ من بين النصائح التي يمكن تقديمها للتلاميذ الم قبلين على الامتحانات الإشهادية هي اعتماد تغذية متوازنة، والابتعاد عن الليالي البيضاء، وضرورة تنظيم الوقت عبر وضع برنامج زمني لاستعماله بشكل يومي واحترامه. وفي هذا الصدد، لا يجب وضع برامج قاسية للاستعداد، فلابد من وضع فترات للترفيه والترويح عن النفس. ويجب كذلك تفادي اعتماد برامج تلاميذ آخرين ومحاولة تطبيقها لأنه لا يوجد برنامج دراسي نموذجي يليق للجميع. فكل تلميذ يستعد حسب قدراته الخاصة. كما يجب الابتعاد قليلا عن مواقع التواصل الاجتماعي في مرحلة الاستعداد، والاقتصار على الدخول للمواقع ذات الصلة بما هو دراسي، أي مشاهدة فيديوهات تشرح مواد معينة أو تصفح بعض المواقع الخاصة بالامتحانات الإشهادية. كما ي ستحسن اختيار مكان هادئ للاستعداد بشكل جيد، والتركيز على المواد التي يكون لها معامل كبير والتي تطرح للتلميذ بعض الصعوبات، وليس المواد التي يكون متمكنا فيها. وأنصح كذلك بعدم تناول بعض المكملات الغذائية ظنا بأنها تقوي الذاكرة، والابتعاد عن تناول المخدرات والسجائر، فضلا عن التركيز على المراجعة الفردية أكثر من المراجعة الجماعية لأن هذه الأخيرة تؤدي في غالب الأحيان إلى إضاعة الكثير من الوقت. وإلى جانب الظروف الجيدة والأجواء الهادئة التي يجب أن توفرها الأسر لأبنائها، تضطلع المدرسة بدور هام يرتكز على التقليل من المخاوف إزاء الامتحانات لأن التلاميذ لهم بنيات نفسية مختلفة، وبالتالي قد يكون لهذا التهويل تأثير سلبي على عطائهم في يوم الامتحان. كما تكتسي دروس الدعم المكثفة التي تبرمجها المدارس في هذه الفترة أهمية بالغة لأنها تترسخ في أذهانهم.