رحيل مؤرخ المملكة … عبد الحق المريني يُسدل الستار على حقبة من التاريخ الرسمي للمملكة    المغرب يصحح الانزياحات المفاهيمية داخل الأمم المتحدة    بيان جديد لهيئة رئاسة الأغلبية الحكومية    نقل سككي.. المكتب الوطني للسكك الحديدية يضع برنامجا خاصا بمناسبة عيد الأضحى 1446    الذهب يتراجع بعد اقترابه من أعلى مستوى في أربعة أسابيع    مجموعة "أكديطال" تضع حجر الأساس لأول مستشفى لها في دبي    بوانو: الحكومة صرفت 61 مليارا على القطيع دون نتيجة وينبغي محاسبتها على حرمان المغاربة من الأضحية    "الأمم المتحدة": مهاجمة إسرائيل للمدنيين بغزة ترقى إلى جرائم حرب    ألمانيا.. السجن مدى الحياة لسوري قاتل دعما لحكم الأسد بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية    35 ألف متفرج و520 كاميرا مراقبة.. مركب فاس جاهز لاستضافة المباريات الدولية    مروان سنادي: حققت حلمي بارتداء القميص الوطني وعندما سمعت اسمي ضمن اللائحة شعرت بفرح كبير    تصريحات نارية للاعبين والطاقم التقني للمنتخب التونسي قبل مواجهة المغرب    توقيف 6 أشخاص بينهم قاصرون بسبب سياقة متهورة ورفض الامتثال للشرطة    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    2769 حالة غش في امتحانات البكالوريا وإعلان النتائج في 14 يونيو    مصر.. وفاة الفنانة سميحة أيوب عن عمر 93 عاما    وفاة الفنانة سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن عمر 93 عاماً        الصحراء المغربية.. لامي يجدد أمام البرلمان البريطاني دعم المملكة المتحدة لمخطط الحكم الذاتي المغربي    الوزيرة بنعلي: المغرب يدخل عهد السيادة البيئية عبر استراتيجية 2035    المغرب والبيرو يجددان التزامهما بتقوية العلاقات البرلمانية    سقوط حكومة هولندا ووفيلدر يغادر الائتلاف    سلطات طنجة تمنع محلات تجارية من بيع لحوم أضاحي العيد    قبل ‬عيد ‬الأضحى.. ‬التهافت ‬على ‬شراء ‬اللحوم ‬رفع ‬أسعارها ‬بشكل ‬غير ‬مسبوق    بعض عرب يقودهم غراب    وفاة عملاقة المسرح العربي سميحة أيوب عن سنة ناهز ال 93 عاماً    نقابيو ‬شركة ‬‮«‬سامير‮»‬ ‬يصعدون ‬من ‬جديد ‬    المغرب يشهد تأسيس 29 ألف شركة في 3 أشهر.. والشرق يقتحم نادي الجهات الصاعدة    بودن ل"القناة": دعم بريطانيا للحكم الذاتي منعطف مفصلي في مسار قضية الصحراء المغربية    السينما المغربية تتألق في مهرجان روتردام    الساحة الفنية العربية تفقد سيدة المسرح الفنانة المصرية سميحة أيوب    "رهان" ديمبلي مع أصدقائه يكسبه ساعة بقيمة نصف مليون يورو    الناخب والمدرب الوطنيين لحسن واسو وجواد خويا يحرزان أعلى شهادة يمنحها الاتحاد الدولي للمواي طاي إيفما    كيوسك الثلاثاء | الاعتراف المتبادل لرخص السياقة بين المغرب وإيطاليا يدخل حيز التنفيذ    الإجهاض السري يوقف زوجين في تيكوين    محكمة بريطانية تدين طالب لجوء ملحد أحرق المصحف في لندن    مقتل 3 جنود إسرائيليين في قطاع غزة    أمريكا تبدأ تقليص قواتها في سوريا    اتحاد جزر القمر يجدد تأكيد دعمه الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي    وفاة "سيدة المسرح العربي" سميحة أيوب    هانزي فليك مدرب برشلونة يظفر بجائزة الأفضل في الدوري الإسباني    كأس العالم للأندية: تشلسي يدعم صفوفه بالبرتغالي إيسوغو    قائد الملحقة الإدارية الرابعة بطنجة يشرف على حملة ضد حراس السيارات بتنسيق مع الدائرة الأمنية الثانية    المغرب يطلق أكبر مشروع لتحديث حافلات النقل الحضري    الفيفا يكشف عن شعار النسخ الخمس القادمة لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    بوصوف يكتب: إجماع مغاربة العالم على عدم تأدية شعيرة الذبح... تضامن راقٍ يعكس وعيًا جماعيًا نادرًا    انطلاق اشغال الملتقى الاول للمكتبات الوطنية العربية    الناقد المغربي حميد لحمداني يفوز بجائزة العويس الثقافية    "وقفات مع العشر".. عنوان حلقة جديدة من برنامج "خير الأيام" عبر يوتيوب    السعودية: إخراج أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بدون تصريح    محمد الأمين الإسماعيلي في ذمة الله    الاتحاديات والاتحاديون سعداء بحزبهم    السعودية.. إخراج أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بدون تصريح    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيان الخارجية الجزائرية حول الصحراء: انسحاب خلفي في مواجهة التقدم البريطاني ودلالاته في ميزان العلاقات الدولية والقانون الدولي
نشر في برلمان يوم 01 - 06 - 2025


الخط :
إستمع للمقال
يشكل بيان وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية الصادر في فاتح يونيو 2025 محاولة جديدة لإعادة التموضع السياسي والدبلوماسي ضمن قضية الصحراء المغربية، في وقت يشهد فيه الملف تحولاً نوعياً بفعل الموقف المتقدم للمملكة المتحدة التي أكدت دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي باعتباره خياراً جدياً وذا مصداقية. ويأتي البيان ليجدد، بلغة انفعالية مبطنة، المواقف التقليدية للجزائر دون أن يتمكن من إخفاء انزعاج دبلوماسي واضح من التغيرات الجيوسياسية التي لم تعد تتيح لها نفس هامش المناورة الذي طالما استندت إليه. يظهر البيان إذن كخطاب دفاعي متأخر لا يقدم اقتراحاً بديلاً ولا يؤسس لمنظور واقعي قابل للتفاوض، بل يراهن على إحياء خطاب تجاوزته ديناميات السياسة الدولية والقانون الدولي نفسه.
من خلال قراءة تحليلية للبيان، يتضح أن الجزائر لا تزال تراهن على تشكيك متكرر في مشروعية المبادرة المغربية، دون أن تقدم في المقابل أي تصور عملي أو مبادرة تطرح على مائدة الحوار. إن رفض الجزائر الدائم لمقترح الحكم الذاتي ووصمه بكونه "مخططاً أحادي الجانب" يفتقر إلى مقومات التفاوض، يبدو متناقضاً مع روح القانون الدولي الذي يفتح مجالاً واسعاً للحلول التوافقية ضمن مبدأ تقرير المصير، خاصة إذا جاءت هذه الحلول ضمن مقترحات تقرها الأمم المتحدة وتعتبرها واقعية وجادة. ومن هذا المنظور، فإن توصيف الجزائر لمبادرة الحكم الذاتي بأنها "فاقدة للمحتوى" لا يبدو مرتكزاً على أسس قانونية، بل يعكس تمسكاً بموقف مبدئي جامد تجاوزته المعادلات السياسية الحديثة.
في ضوء التقدم البريطاني الأخير، تزداد عزلة الموقف الجزائري دبلوماسياً، حيث باتت العديد من الدول المؤثرة، خاصة ضمن مجلس الأمن، تنظر إلى مقترح الحكم الذاتي كحل قابل للتطبيق في ظل استحالة العودة إلى صيغ قديمة مثل الاستفتاء، الذي اصطدم منذ أكثر من عقدين باستحالة تحديد الهيئة الناخبة. يكتسي الموقف البريطاني أهمية استراتيجية ليس فقط بالنظر إلى الثقل السياسي والاقتصادي للمملكة المتحدة، بل أيضاً لما يعكسه من تأثير مباشر على توازنات المجلس الأمني وعلى مستقبل التوصيات الأممية، وهو ما يفسر محاولة الجزائر استباق نتائج هذا التحول من خلال بيان تسعى من خلاله لتثبيت سردية قانونية وسياسية لم تعد تجد لها دعماً مؤسسياً واسعاً.
البيان ذاته يكشف بشكل غير مباشر عن تحول في الخطاب الجزائري، إذ لم يتطرق إلى خيارات التفاوض أو المبادرات المشتركة، كما خلا من أي اقتراح بديل، ما يعكس قناعة ضمنية بأن الرهانات الدولية الكبرى بدأت تنحو نحو تثبيت خيار الحكم الذاتي كحل توافقي عملي. إن تحميل المغرب مسؤولية "الجمود" و"عرقلة" المفاوضات، في الوقت الذي تبادر فيه الرباط إلى طرح حلول على الطاولة وتحظى بدعم عدد متزايد من الدول، يبدو طرحاً أحادياً يعجز عن مجاراة الواقع الدبلوماسي المتغير، خاصة وأن الجزائر ترفض حتى اليوم الاعتراف بأنها طرف مباشر في النزاع، رغم أنها الممول والمحتضن السياسي لجبهة البوليساريو.
في السياق القانوني، تبرز مفارقة لافتة في بيان الجزائر؛ فبينما تدعو إلى احترام القانون الدولي ومبدأ تقرير المصير، فإنها تنكر في الوقت نفسه على مجلس الأمن حقه في اعتبار المبادرة المغربية أساساً جدياً للنقاش. هذا الموقف يفتح نقاشاً عميقاً حول حدود الشرعية الدولية، إذ أن قرارات مجلس الأمن، وإن كانت غير ملزمة في مجملها، إلا أنها تشكل مرجعية قانونية وأخلاقية ضمن بنية القانون الدولي العام، لاسيما حين تتعلق بقضايا السلم والأمن الدوليين. وبالتالي فإن استنكار الجزائر للدعم الدولي المتنامي لمقترح الحكم الذاتي لا يرقى إلى الطعن في شرعية هذا الدعم، بل يكشف عن تآكل خطابها القانوني التقليدي.
أما من زاوية العلاقات الدولية، فإن البيان الجزائري يأتي كإعادة إنتاج لخطاب متآكل في سياق دولي جديد لم يعد يتعامل مع النزاعات بنفس الثنائية القديمة: احتلال مقابل تقرير مصير. فالعالم ما بعد الحرب الباردة بات ينظر إلى التسويات الواقعية والحلول التوافقية باعتبارها أنجع السبل للحفاظ على الاستقرار الإقليمي والدولي. ومن هنا فإن إصرار الجزائر على خطاب "الاحتلال" و"الشرعية التاريخية" لا يجد له ترجمة في مواقف القوى الكبرى، بل يزداد انكشافه أمام منطق براجماتي يراعي ميزان المصالح والاستقرار في منطقة ذات أهمية استراتيجية.
ختاماً، لا يمكن قراءة بيان الخارجية الجزائرية إلا كتعبير عن ارتباك دبلوماسي واضح في مواجهة حركية دولية متنامية لصالح المقاربة المغربية. فالبيان، رغم حرصه على الظهور بلغة سيادية، يكشف عن شعور عميق بالانكشاف الاستراتيجي في ظل التغيرات المتسارعة لمواقف الدول المؤثرة، خاصة بعد الدعم البريطاني. وبذلك، فإن ما سعت الجزائر إلى تقديمه كخطاب دفاع عن الشرعية، ينقلب عليها كوثيقة إدانة رمزية لعجزها عن مواكبة التحولات الجارية في ميزان العلاقات الدولية والقانون الدولي المعاصر.
الوسوم
الجزائر الصحراء المغربية المغرب الملك محمد السادس بريطانيا فرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.