بريطانيا تدعم خطة الحكم الذاتي المغربية بشأن الصحراء    الملك محمد السادس: تمويل التنمية الإفريقية يستدعي الإصلاحات والتضامن    من الأمن إلى المناخ.. المغرب وبريطانيا يطلقان شراكة استراتيجية متعددة القطاعات    ماكرون يشيد بحكيمي في "الإليزي"    الشيبي والكرتي يتوجان بلقب دوري أبطال إفريقيا مع "بيراميدز" المصري    صم يحتفي ببرونزية في "الكوميتي"    السرقة توقف شخصين بمدينة وزان    مقتل امرأة يستنفر الدرك في السوالم    الماضي حاضر مُتجدد    بنشليخة والمجرد مقابل غراندي وسويفت..    برشيد تفوز بذهبية "جائزة التبوريدة"    مع العلّامة الفقيه المنوني .. زكاة العلم إنفاقه    سقوط غامض لفتاة من شقة بمجمع "الضحى البركة" يُفجّر قلق السكان بالعوامة    السعودية تعتبر منع إسرائيل زيارة وفد من الوزراء العرب للضفة الغربية "تجسيدا لرفضها مسلك السلام"    إغلاق فضاءات بيع المواشي بالأسواق الأسبوعية في اقليم الحسيمة    بيان الخارجية الجزائرية حول الصحراء: انسحاب خلفي في مواجهة التقدم البريطاني ودلالاته في ميزان العلاقات الدولية والقانون الدولي    كأس العرش: نهضة بركان يكمل عقد المتأهلين إلى ربع النهائي بانتصاره على الكوكب المراكشي    معرض "أخوة الروح بالألوان المائية" يجمع الإبداع والدبلوماسية الثقافية بالرباط    انتخاب عياش الزين كاتبا جهويا للمكتب الجهوي لأطر ومستخدمي مطار العيون الحسن الأول    "لا ميريديونال" تعزز أسطولها البحري بسفينة جديدة لتوسيع الربط مع المغرب    مندوبية السجون ترد على تصريحات السجين السابق عمر الراضي بشأن ظروف اعتقاله    بايتاس: كلميم وادنون جهة تجمعية بامتياز ومناضلو "الأحرار" يعتمدون نهج القرب في تواصلهم مع المواطنين    البنك الشعبي يستأنف خدماته الإلكترونية بعد خلل تقني أربك الزبناء    يوميات حاج (2): في الإحرام تتساوى الرتب وتسقط الأقنعة الزائفة    بنغلادش ترفع حظر الجماعة الإسلامية    لمنور "أفضل مطربة عربية" بألمانيا    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    الشرطي المغربي الذي فر إلى سبتة يتحرر من "الاحتجاز" ويُمنح حرية التنقل في التراب الإسباني    إسبانيا.. مدينة غافا تعيش على إيقاع الأيام الثقافية المغربية    نجيب أقصبي.. مثقف عضوي يناضل من أجل "السيادة" في كل المجالات    يوم احتجاجي ومراسلة المقررة الأممية وأخنوش.. ائتلاف حقوقي يحتج على حرمان الهيئات من وصول الإيداع    أكاديمي: قضية الوحدة الترابية للمغرب تثير وعيا متزايدا داخل المجتمع الدولي    مع اقتراب العيد.. المغاربة منقسمون بين المصلحة العامة وشعيرة الذبح    عطل تقني يظهر أرصدة زبناء البنك الشعبي ب"صفر درهم" والبنك يوضح    فرنسا.. مقتل شخصين واعتقال 559 عقب أعمال شغب إثر فوز سان جيرمان بدوري الأبطال    فرنسا.. مقتل شاب بأعمال شغب باحتفالات فوز سان جيرمان    "البوليساريو وإيران": كتاب جديد يفضح أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف    ترامب يُقدم نصيحة لماكرون بعد تلقيه صفعة من زوجته بريجيت    توقيف أربعيني بأكادير بتهمة تعنيف فتاتين في الشارع العام    الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    سبعة قتلى في انهيار جسرين بروسيا    طقس الأحد.. أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    الرباط.. تقديم كتاب "البوليساريو وإيران : أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف" للكاتب الصحفي الجزائري أنور مالك    "الفلاحي كاش" وشركتها الأم "القرض الفلاحي للمغرب" تتعاقدان مع "ريا لتحويل الأموال" لتوسيع أنشطتهم في مجال تحويل الأموال دوليا    بيع فندق "أفانتي" بالمحمدية ضمن مسلسل تصفية أصول "سامير"    سقوط قتلى وعشرات الجرحى بنيران إسرائيلية على نقطة لتوزيع المساعدات في رفح    طنجة تستقبل وفدًا اقتصاديًا من فالنسيا لتعزيز العلاقات الثنائية وفرص الاستثمار    لن تتخيلوا من هو أفضل مدافع في الدوري الانجليزي … !    فيتينيا يرد بقوة على ليونيل ميسي بعد تتويج باريس سان جيرمان بدوري الأبطال … !    كم تتخيلون تنقيط حكيمي في لقاء نهاية دوري أبطال أوروبا    استشهاد الدكتور حمدي النجار ملتحقا بأطفاله الشهداء ال9 في خان يونس    موسم الحج لسنة 1446 ه .. الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    يوميات حاج (1): في الطريق إلى مكة المكرمة .. رجفة القلب تسبق التلبية    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات حاج (1): في الطريق إلى مكة المكرمة .. رجفة القلب تسبق التلبية
نشر في هسبريس يوم 31 - 05 - 2025

قبل أن يُلبس الجسد الإحرام، يتهيأ القلب لرحلةٍ لا يشبهها شيء.
رحلة لا تبدأ بالخطوة، بل بالرجفة.
وقبل أن تُعلَن النيّة باللسان، هناك همس داخلي يبدأ في التصاعد:
"هل أنا مستعدٌ للمواجهة؟
هل أنا حقًا ذاهب إلى الله أم فقط إلى مكة؟"
الحج لا يبدأ من الميقات، بل من حيث تبدأ الروح في استعادة وعدها الأول.
من لحظة نادرة يستيقظ فيها الوعي ويقول: حان وقت التجرّد.
لا تجرّد الجسد، بل تجرّد النفس من كل ما ظنّته هي: من الصور، والتعريفات، والأدوار، والرغبات التي تشبّثت بها طيلة العمر.
في لحظة الاستعداد، يعيش الإنسان نوعًا من القلق النبيل.
هو لا يخشى الزحام، ولا الطقوس، بل يخشى أن يمرّ بكل ذلك... دون أن يتغيّر.
كأن الحاج يقول لنفسه:
"سأدخل هذه الرحلة بقلبي عاريًا.
فإما أن أعود منها مولودًا، أو أعود أكثر تشوّهًا مما كنت."
الجسد يستعد. يغتسل. يقصّ أظافره. يتخفف من الزينة.
لكن ما لا يُرى هو ما يهم:
هل اغتسل القلب من علله؟
هل قصّ الإنسان أظافر كبريائه؟
هل خفّف عقله من زينة التبرير والتبرّم والتخطيط الزائف؟
فالحج، في جوهره، ليس سفرًا إلى مكة، بل عودة إلى الحقيقة الأولى.
إلى الجواب الأول الذي قالته الأرواح حين سألها الله:
﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟﴾
ولأنّ الله لم يكتفِ بنداء الأرواح، بل نادى الأجساد أيضًا عبر التاريخ،
جاء النداء الإبراهيمي الخالد، نداءٌ ما زالت أصداؤه تعمل في الأعماق، وتوقظ الأرواح من سباتها:
﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ (سورة الحج – الآية 27).
إنه نداءٌ لا يُسمع بالأذن، بل يُستشعر برجفة القلب.
فإذا لبّاه القلب، بدأ الرجوع الحقيقي.
والاستعداد لهذا الرجوع لا يكون بالحقائب، بل بإفراغ الداخل.
أن يُخلي الإنسان قلبه من التكدّس، من التشتّت، من الأثقال التي علِقت به وهو يركض في الدنيا دون أن يلتفت إلى نفسه.
في لحظات ما قبل الإحرام، شيء ما يتغيّر في نبرة الصوت.
الصمت يصبح أكثر عمقًا، والخطوات أكثر بطئًا.
كأن الروح تتحسّس الطريق قبل أن تسير فيه.
كأن الإنسان يعرف، دون أن يقول، أنه مقبل على مقامٍ عظيم لا يصلح أن يدخل إليه بثقله القديم.
وهكذا، لا يكون الاستعداد للحج تجهيزًا، بل تخلّيًا.
تخلّيًا عن التوقّعات، عن السيطرة، عن الحسابات.
أن تمشي وأنت لا تعرف ما الذي سيحدث داخلك،
لكنّك تؤمن أن شيئًا ما سيحدث...
شيئا كبيرا، عميقا، نهائيا.
الحج لا يبدأ من التلبية،
بل من رجفة القلب التي تسبقها.
من تلك اللحظة التي تقف فيها وحدك، قبل أن تلبس شيئًا،
وتشعر بأنك على وشك عبور بابٍ لا يُفتح إلا مرة واحدة.
وتعلم حينها أن الطريق إلى مكة.. يبدأ من قلبك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.