حلت أمس الثلاثاء 19 أكتوبر الموافق ل 12 ربيع الأول، ذكرى عيد المولد النبوي الشريف، وهي مناسبة يستغلها المغاربة لإحياء ذكرى ميلاد خير البرية في المساجد، وتبادل الزيارات بين العائلات. ودأب السوسيون، منذ قرون على إحياء هذه الذكرى، حيث تقام في الغالب بالمساجد والمدارس العتيقة. موقع القناة الثانية، رصد بعضا من هذه العادات والتقاليد، من خلال الروبورطاج التالي: « أكلو » بتيزنيت : على غرار قبائل سوس، دأبت ساكنة منطقة أكلو، التي تبعد عن مركز تيزنيت بحوالي 12 كلم غربا، وتطل على المحيط الأطلسي، على الاحتفاء بهذا اليوم بطريقتها الخاصة. العادات والتقاليد، حسب تصريح لعبد الله أعراب، فاعل جمعوي بالمنطقة، أدلى به لموقع القناة الثانية، أغلبها تعرض للاندثار، غير أن بعضها مازال قائما، فالمسجد القديم للزاوية الوكاكية المعروف بكونه أول مدرسة عتيقة بالمغرب، وتفرد بتدريس علوم الفلك، تُقام به الأمداح، وتتلى به الأذكار يوما قبل عيد المولد، وتنتهي الليلة بتناول الأطعمة التي تهيئها الساكنة. من بين العادات المتوارثة كذلك حسب متحدثنا، أن الأسر ترسل « الإِدام » وهي مأكولات سائلة كالزيت والسمن والعسل، للمسجد وهي مناسبة يقول عبد الله، يتم فيها جمع بعضا من هذا الإدام خاصة الزيت لإمام المسجد، بحيث تقوم كل أسرة بمنحه كمية من السائل الغذائي، ويتحصل في الأخير على كمية قد تتجاوز العشرين لترا، وتوهب له. ومن بين العادات كذلك التي ارتبطت بأهل أكلو، أنهم يهيئون الأكل في المنازل من لحوم ودجاج، ويوجه نصيب منه للمسجد، مرفوقا بأكلة الفول « تالخشا »، واختيار هذه الأكلة الساخنة مرده ثلاثة أسباب حسب متحدثنا، أولها أنها رخيصة الثمن، ويسهل تهيئتها، ثانيها أنها مكملة للأكلات التي يتم إرسالها للمسجد وتحقق الشَّبَع للحاضرين، ثالثها أنها أكلة « كلاوية » بامتياز، ارتبط إسمها بالمنطقة، فإذا كان لأهل تفراوت « البسيس »، ولأيت بها « تومِّيتْ »، فإن لأهل أكلو « تالخشا » أو البيصارا بالعامية المغربية. « أضارْ ومان » بتارودانت: تبعد هذه المنطقة عن تارودانت بحوالي 30 كلم، وعن أكادير ب100 كلم، ولعل أهم مايميزها مؤخرا، كون مدرستها العتيقة، أصبحت ترتبط بتدريس الفتيات، وفي كل سنة ويوم عيد المولد النبوي، تستغل هؤلاء الطالبات الصغيرات المناسبة لترديد الابتهالات، وتلاوة البردة في مدح خير البرية بالطريقة السوسية. حسن أيت عدي عن جمعية تيويزي، قال في اتصال هاتفي بموقع القناة الثانية، بأن شباب المنطقة يحاولون الحفاظ على ماتبقى من العادات، و التي دأبت الأسر على القيام بها في هذه الليلة المباركة، خاصة الاجتماع في المسجد، وتلاوة الأذكار، وتناول العشاء جماعة، وموازاة مع ذلك يقول حسن، تستغل النساء المناسبة لإحياء الذكرى بالاجتماع في أحد المنازل، بل « وحتى المسنات أو مايسمى عندنا « تيفْقِّيرينْ » فلهن عادتهن الخاصة، بحيث أنهن أصلا يواضبن على عقد مجالس كل خميس، وفي يوم عيد المولد النبوي يجتمعن ويرددن الأذكار التي يكون أغلبها بالأمازيغية ». الليلة يطغى عليها الطابع الصوفي يقول حسن، وتستغل الأسر المناسبة للخروج يوم العيد، بعد أن تلبس الجديد، لتبادل التهاني والتبريكات بقدوم العيد. وكانت الأسر قديما خاصة الميسورة، تهب للمسجد معزا أو دِيَكة حسب المستطاع، فيتم ذبح هذه الصدقات وتهيئتها للطعام، لكن مع مرور الوقت، تغيرت العادة، خاصة بعد توالي سنوات الجفاف، فاتجت الأسر إلى جمع المال، لاقتناء اللحوم، ويتم تهيئتها لعشاء ليلة عيد المولد النبوي. « أغروض » باكادير إداوثنان: يبدأ الاحتفال بعيد المولد النبوي بمنطقة أغروض بالجماعة الترابية التامري، و التي تبعد عن مركز أكادير بحوالي 36 كلم، بتقسيم المهام بين « جْمَاعا » وهي لجنة يتم تكوينها من طرف ساكنة الددوار، تتولى مهام المسجد وترعى مصالحه. مهمة هذه اللجنة، حسب تصريح استقاه موقع القناة الثانية من حسن وناس فاعل جمعوي بالمنطقة، تتحدد في تهييء جميع الظروف المناسبة لإحياء الليلة المباركة. غير أن مايميز منطقة تامري عموما يقول متحدثنا، هو أن بعض الدواوير تستغل مناسبة عيد المولد النبوي الشريف، لتنظيم مواسمها السنوية، حيث تجتمع العلائلات وتذبح الشياه والأبقار. إحشاش باشتوكة: في صبيحة عيد المولد النبوي، تبدأ الزيارات العائلية، فيلبس أغلب ساكنة الدوار الجديد من الثياب، خاصة وأن جلابيب وبُلَغ عيد الأضحى مازالت تحافظ على أناقتها وبريقها، وداخل المنازل تنظم العائلات إفطارا جماعيا، في جو من الفرح والسرور بقدوم ميلاد المصطفى. حسن بركوز إعلامي وفاعل جمعوي وأحد أبناء دوار إحشاش ، قال في اتصال هاتفي بموقع القناة الثانية، بأن أغلب المساجد التي تتواجد بالدوار خاصة المسجد القديم الذي ارتبط اسمه بالشرفاء « إيكُورَّامْنْ »، تقام فيه ليلة صادحة بالصلوات والسلام على المصطفى، وتمتد حتى ساعات من صبيحة اليوم الموالي، وتتجه الساكنة نحو المسجد عشاء محملة بالصدقات، وهي عبارة عن أكلات وحلوى تقدم لضيوف الرحمن.